مساعٍ جديدة لإحياء العلاقات السياحية بين إيران ومصر بعد أربعة عقود من القطيعة
عدد سكان مصر يتجاوز 114 مليون نسمة، ولو أن 2% إلى 5% منهم زاروا إيران، فإن ذلك يعني استقبال ما بين 2 إلى 5.5 مليون سائح سنويًا من مصر فقط.

ميدل ايست نيوز: في عام 2023، وقّع القطاع الخاص في إيران مذكرة تفاهم مع نظرائه في مصر من أجل تبادل السياح، في سياق مساعٍ لإحياء العلاقات بين طهران والقاهرة بعد أربعة عقود من القطيعة، إلا أن هذه المبادرة لم تُثمر بسبب عدة عوامل. وبالنظر إلى الروابط الدينية والحضارية والثقافية المشتركة بين البلدين، فإن إقامة العلاقات يمكن أن تسهم في تنمية الطرفين.
في الوقت الراهن، هناك إرادة من المسؤولين الحكوميين والقطاع الخاص لإقامة العلاقات بين البلدين، علما أن المواطنين المصريين يمكنهم السفر إلى إيران دون تأشيرة لمدة تصل إلى 20 يومًا. وكان أحمد عيسى، وزير السياحة المصري، قد أعلن في مؤتمر صحفي في أبريل 2023 عن منح تأشيرات سياحية لمواطني الصين والهند وتركيا وإيران والمغرب والجزائر، لكنه شدد على أن المواطنين الإيرانيين يمكنهم دخول مصر فقط من خلال شركات السياحة. وبحسب تصريحاته وتأكيد رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية في القاهرة، فقد كانت زيارات المواطنين الإيرانيين تقتصر على “جنوب سيناء” و”شرم الشيخ”.
و4 مايو الجاري، وصل رضا صالحي أميري، وزير التراث الثقافي والسياحة والصناعات اليدوية في إيران، إلى القاهرة للمشاركة في الدورة الرابعة لاجتماع وزراء سياحة مجموعة الدول الثمانية الإسلامية (D-8). وتُعد هذه الزيارة استمرارًا للعلاقات الثقافية بين طهران والقاهرة على مسار التعقل والتقارب، ويمكن أن تكون بداية لمرحلة جديدة في علاقات إيران الإقليمية، قائمة على الثقة والتفاعل الحضاري والنخبوي.
ورغم عدم وجود حظر ظاهري على توسيع التعاون التجاري أو الشراكة بين قطاع الخاص الإيراني ونظيره المصري، وتُجرى المفاوضات تحت إشراف ومتابعة الجهات الحكومية ذات العلاقة، إلا أن بدء العلاقات السياحية رسميًا لا يزال مرهونًا بقرار سياسي ودبلوماسي مشترك بين طهران والقاهرة.
وكان حرمت الله رفيعي، رئيس جمعية مكاتب خدمات السفر والسياحة الجوية في إيران، قد بادر في عام 2023 إلى إجراء مباحثات تمهيدية بهدف تعزيز التعاون بين القطاعين الخاصين. وقال في حديث لوكالة “إرنا“: “بدعوة من نظيري المصري زرت مصر مرتين. الجولة الأولى من المفاوضات جرت في شرم الشيخ، المدينة الساحلية الواقعة في أقصى جنوب شبه جزيرة سيناء، والتي تُعقد فيها معظم الفعاليات الرسمية المصرية، أما الجولة الثانية فقد عقدت بطلب مني في القاهرة، وتم التوصل إلى مذكرة تفاهم بشأن تبادل السياح بعد مناقشة هواجس الجانبين. كما قمت بزيارة المعالم التاريخية والدينية والأسواق في مصر”.
وأضاف: “بعد توقيع الاتفاق، قامت وزارة الخارجية الإيرانية في ذلك الوقت بنفي الاتفاق والزيارة، وأبلغتني بأنه لا ينبغي للقطاع الخاص أن يتدخل في هذا الملف، رغم أنني كنت قد طرحت الموضوع مسبقًا في اجتماع مع نظرائي ومسؤولين حكوميين، وتوصلنا إلى تفاهم. إلا أن المشكلات الدبلوماسية كانت ولا تزال قائمة”.
وأشار رفيعي إلى أن الوزير صالحی أميري اصطحب نسخة من مذكرة التفاهم معه في زيارته إلى مصر، وقال: “هناك تشارك ديني وحضاري وثقافي بين إيران ومصر، ويجب العمل على إقامة العلاقات بين البلدين. هذه الرغبة ليست فقط من جانب الحكومة والقطاع الخاص، بل تعكس توجه النظام بأكمله”.
وتابع رئيس جمعية مكاتب خدمات السفر والسياحة الجوية قائلاً: “عدد سكان مصر يتجاوز 114 مليون نسمة، ولو أن 2% إلى 5% منهم زاروا إيران، فإن ذلك يعني استقبال ما بين 2 إلى 5.5 مليون سائح سنويًا من مصر فقط. مع الأخذ بعين الاعتبار أن كل سائح أجنبي يدخل البلاد يُدخل معه ما لا يقل عن ألف دولار من العملة الصعبة، ما يعني أن مجيء مليوني سائح سنويًا من مصر يمكن أن يحقق دخلًا يصل إلى ملياري دولار”.
وأوضح رفيعي أن المصريين يمكنهم دخول إيران بدون تأشيرة وبأقل التكاليف، لكن عدم وجود علاقات رسمية بين البلدين يفرض بعض القيود.
وبيّن أنه بسبب القضايا السياسية، لا توجد سفارات في كلا البلدين، بل مكاتب لرعاية المصالح فقط، ويُمنح الإيرانيون تأشيرات بصعوبة، إضافة إلى غياب الرحلات المباشرة، مما يُجبرهم على المرور عبر تركيا أو دبي أو الدوحة أو العراق قبل الوصول إلى مصر.
وشدد رفيعي على أنه في حال عادت العلاقات بين البلدين، فإن مسؤولية جذب السياح ستكون على عاتق القطاع الخاص، الذي سيبذل كل ما في وسعه لتعظيم عدد السياح بهدف تحقيق الفائدة الاقتصادية.