من الصحافة الإيرانية: بين التفاؤل الإيراني والعرقلة الإسرائيلية.. هل تنجح مفاوضات الملف النووي؟

رغم رغبة حكومة بزشكيان في مواصلة المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة، فإنها شديدة الحساسية تجاه التدخلات الخارجية، خاصة من قبل إسرائيل.

ميدل ايست نيوز: في 28 أبريل 2025، انتقد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بشدة محاولات بنيامين نتنياهو فرض شروط صارمة في المفاوضات النووية، قائلا في منشور على “إكس”: “ما هو صادم هو وقاحة نتنياهو في إملاء السياسة الخارجية على رئيس الولايات المتحدة في مفاوضاته مع إيران”. جاءت هذه التصريحات ردًا على كلام نتنياهو خلال مؤتمر في اليوم نفسه، حيث قال: “الاتفاق الجيد الوحيد هو الذي يقضي على كل البنية التحتية النووية لإيران”، مطالبًا بتفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل وإدراج الصواريخ الباليستية في الاتفاق، وهو ما وصفه عراقجي بأنه “محاولة لتقويض الدبلوماسية الأمريكية”.

الدبلوماسية الإيرانية وسط الضغوط الخارجية

وكتبت وكالة إرنا الحكومية في تقرير، أنه رغم رغبة حكومة بزشكيان في مواصلة المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة، فإنها شديدة الحساسية تجاه التدخلات الخارجية، خاصة من قبل إسرائيل. وقد جرت مؤخرًا مفاوضات في سلطنة عمان بوساطة وزير خارجيتها بدر البوسعيدي، بحضور كل من عراقجي والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، في محاولة لتوفير أجواء تفاوضية بعيدًا عن التأثيرات الخارجية.

وانتهت الجولة الثالثة من هذه المحادثات بتصريحات إيجابية من الطرفين. فقد قال عراقجي بعد المفاوضات: “كانت المحادثات جدية، ونحن متفائلون بحذر بإمكانية إحراز تقدم”. وفي 3 مايو، كتب وزير الخارجية الإيراني على “إكس”: “الخطاب التصعيدي والمواقف المتطرفة لا تثمر سوى تقويض فرص النجاح. إن اتفاقًا موثوقًا ومستدامًا في المتناول، وما يلزم هو إرادة سياسية حقيقية ونظرة عادلة”.

من جانبه، صرح مصدر أمريكي لـ”رويترز” أن ويتكوف أشار إلى أن “التقدم في طريق الاتفاق قد ازداد، وإن بقيت أمور كثيرة يجب إنجازها”. ورغم ذلك، فإن اللوبيات الموالية لإسرائيل داخل الكونغرس الأمريكي والجماعات المتشددة لا تزال تعرقل سير المفاوضات عبر فرض عقوبات جديدة أو ممارسة الضغوط على الإدارة.

وفي مقابلة مع مجلة تايم في 25 أبريل 2025، قال دونالد ترامب: “أنا مستعد للاستماع لوجهة نظر إيران حول برنامجها النووي السلمي. أعتقد أن المفاوضات تسير بشكل جيد”. هذه التصريحات تتعارض مع موقف نتنياهو المتشدد، لكنها تعكس استعداد ترامب للدبلوماسية، رغم تحذيره من أنه سيقود عملاً عسكريًا إذا فشلت المفاوضات، كما أوردت فوكس نيوز.

إسرائيل واستراتيجية التدمير الدبلوماسي

وصف محللون تصريحات نتنياهو التي طالبت باتفاق يقضي على قدرة إيران على التخصيب النووي بالكامل، بأنها دعائية أكثر من كونها عملية، وتهدف إلى كسب دعم داخلي وفرض ضغوط على إدارة ترامب. وأفادت جيروزالم بوست في 2 مايو 2025 أن إسرائيل تعتبر البرنامج النووي الإيراني خطًا أحمر، وقد سعت لعرقلته عبر اغتيال علماء وهجمات سيبرانية على مدى سنوات.

لكن آرون ديفيد ميلر من معهد كارنيغي صرح لـ”NPR” قائلاً: “المفاوضات النووية مع إيران ليست صفقة عقارية، بل تحتاج لدبلوماسية محترفة”. هذا يعكس وجود مقاومة داخل الولايات المتحدة لضغوط إسرائيل.

وفي 4 مايو 2025، قال ترامب في برنامج “Meet the Press” على شبكة NBC: “أريد لإيران أن تكون ناجحة وعظيمة، لكن لا يمكنها امتلاك سلاح نووي. إذا أرادت، هناك مسار ممكن لبرنامج نووي سلمي”. هذا الموقف دعمه وزير الخارجية ماركو روبيو في بودكاست “Honestly with Bari Weiss”، حيث قال: “يمكن السماح لإيران ببرنامج نووي مدني شريطة وجود ضمانات صارمة لمنع التسلح”.

وذكر ويتكاف في تقرير لـCBS News بتاريخ 26 أبريل أن “هناك تقدمًا ملموسًا” في مفاوضات عمان، ما يشير إلى توجه أمريكي نحو اتفاق أكثر واقعية.

مستقبل المفاوضات

يرتبط نجاح الدبلوماسية الإيرانية بجدية إدارة ترامب وقدرتها على مقاومة ضغوط اللوبي الإسرائيلي في الكونغرس. وذكرت بلومبرغ في 28 أبريل أن إيران تحاول تحفيز واشنطن عبر تقديم فرص اقتصادية، مثل إتاحة السوق الإيراني المحظور.

ومع ذلك، لا تزال الضغوط الخارجية والتعقيدات السياسية تعرقل مسار الاتفاق. ويبقى على إيران إدارة هذه التحديات بذكاء داخلي وانضباط استراتيجي.

التصريحات الإيجابية المتبادلة، وبينها تفاؤل عراقجي الحذر وتأكيد ويتكوف على التقدم، تمنح الأمل بإمكانية التوصل إلى اتفاق. لكنّ نجاح هذه العملية يتطلب دبلوماسية محترفة وصبرًا استراتيجيًا واستعدادًا لمواجهة العراقيل المحتملة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

12 − اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى