تكديس الحاويات والإجراءات البيروقراطية وغياب الرقابة.. ماذا وراء انفجار ميناء رجائي؟

تُشير الدراسات إلى أن تكديس الحاويات في الموانئ الإيرانية يُسبِّب خسائر اقتصادية تقدر بأكثر من 1.5 مليار دولار سنويًا. وتُظهر المقارنات أن تخليص البضائع في ميناء الشهيد رجائي يستغرق من 6 إلى 60 يومًا.

ميدل ايست نيوز: ظهر يوم السبت سمع صوت انفجار في ميناء الشهيد رجائي بمدينة بندر عباس الواقعة جنوب إيران في محافظة هرمزغان، انفجار ألحق أضرارًا جسيمة في الأرواح والممتلكات، ولا يزال عدد القتلى والمفقودين جراء هذا الانفجار غير معروف. ناهيك عن الخسائر المالية الكبيرة.

وكتبت صحيفة هم ميهن، أن ميناء رجائي يوصف بأنه قلب التجارة البحرية في إيران، حيث يُعتبر أحد النقاط المحورية التي تربط إيران بـ 80 ميناء دولي و 35 خطًا ملاحيًا عالميًا. كما يدير نصف التجارة البحرية في البلاد، ويغطي مساحة 2400 هكتار مع قدرة استيعابية سنوية تزيد على 100 مليون طن من البضائع. من هذا المنطلق، يمكن القول إن الاقتصاد الإيراني قد تعرَّض لصدمة، ومن المحتمل أن نلاحظ تغييرات في الوضع الاقتصادي للبلاد في المدى القريب.

يوم الأحد 27 أبريل الجاري، زار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ميناء الشهيد رجائي، حيث انتقد تراكم الحاويات، وقال: “هل من الضروري أن نقوم بتخزين 120 إلى 140 ألف حاوية هنا لمدة 3 إلى 4 أشهر؟ ألسنا قادرين على تخليص البضائع عند وصولها؟ تم الاتفاق على أن يقوم المحافظ ووزارة الطرق بدراسة مقارنة مع الدول المتقدمة لمعرفة الإجراءات التي يتخذونها، وماذا يجب أن نفعله نحن.”

وأضاف: “أعتقد أنه من غير الممكن أن نقرر أن تبقى 130 ألف حاوية في موانئنا، نحن لن نتمكن من الاحتفاظ حتى بواحد من عشرها. نحن مستعدون لتقديم أي تعاون لحل هذه المشكلة.” والسؤال الرئيسي هنا هو: هل القوانين الخاصة بالموانئ هي المشكلة، أم أن العملية تجري هنا على هذا المنوال بشكل عام؟

تشير الدراسات إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه الموانئ الإيرانية لا يتعلق بالقوانين أو الوضع التنظيمي في الموانئ، بل يكمن في مشكلة تراكم الحاويات واحتجاز البضائع لفترات طويلة في الموانئ بسبب الإجراءات المعقدة والبيروقراطية. على سبيل المثال، يُعتبر تسجيل الطلبات التجارية من أبرز هذه المشاكل. في العديد من الحالات، عندما تصل الشحنة إلى أي ميناء إيراني، يكون الطلب التجاري لم يتم تسجيله بعد من قبل المتقدم، أو لم يتم إصدار التصاريح اللازمة من قبل الجهات المختصة. هذه المشكلة، التي تتعلق بأداء وزارة الصناعة والمناجم والتجارة، تؤدي إلى تأخير في تخليص البضائع، وفي النهاية تراكمها في مناطق الموانئ.

تُشير الدراسات إلى أن هذا الوضع يُسبِّب خسائر اقتصادية تقدر بأكثر من 1.5 مليار دولار سنويًا. وتُظهر المقارنات أن تخليص البضائع في ميناء الشهيد رجائي يستغرق من 6 إلى 60 يومًا، في حين أن الأمر يستغرق 48 ساعة فقط في شنغهاي بالصين و12 ساعة في سنغافورة.

وبحسب تصريحات الجمارك الإيرانية، فإن الشحنة المستوردة التي انفجرت واشتعلت النيران فيها في ميناء رجائي يوم السبت لم تكن قد حصلت على تصريح من قبل الجمارك حينها، حيث لم يكن هناك أي رقم بيان أو إشعار بأنها قد تم تقديمها للجمارك. هذه الشحنة لم تُعلن للجمارك بعد، رغم أنه عند وصول أي شحنة إلى الميناء، يتم تقديم البيان المبدئي (مانيفيست) للشحنة، وبعد ذلك يتم تقديم الشحنة إلى الجمارك للبدء بالإجراءات الجمركية، لكن الشحنة التي انفجرت في ميناء رجائي لم تُعلن بعد.

هذه القضية تشير إلى أن بعض البضائع المستوردة لا يتم فحصها في الجمارك الإيرانية. بمعنى آخر، يُعاني أكبر ميناء في البلاد من مشكلة غياب الرقابة، ويتحمل المواطنون العبء الناتج عن هذه المشكلة. الجدير بالذكر أن الانفجار وقع في منطقة تتبع لشركة النقل البحري “سينا” وشركة “تأمين سينا”، وهما تابعتان لمؤسسة المستضعفين. وتتمثل المشكلة الرئيسية هنا في أن غياب الرقابة سمح بدخول شحنة خطيرة إلى الأراضي الإيرانية تحت اسم آخر.

بمعنى، قام بعض المستوردين والمصدرين بإدخال بضائعهم إلى إيران تحت أسماء مختلفة ولأسباب متعددة، ما يثير الاستغراب حيال غياب الرقابة الكافية على عمليات الاستيراد والتصدير في إيران. فكيف يمكن أن تجري هذه العمليات في أهم ممر تجاري في المنطقة دون إشراف مناسب؟

يظهر انفجار يوم السبت بوضوح أن المشكلة الأساسية في الميناء الإيراني هي ضعف الرقابة، وهي مشكلة يمكن إرجاع جزء كبير منها إلى غياب تطوير البنية التحتية في البلاد، وهو ما يتحمل المواطنون في النهاية تبعاته.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة عشر − 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى