لماذا ينبغي أن يخاف العالم من تحركات ترامب في الأمم المتحدة ضد إيران؟

إن الخطة لن تحمل تأثيراً سلبياً على إيران أو منطقة الشرق الأوسط فقط، بل على النظام السياسي الدولي برمته.

ميدل ايست نيوز: تُشكل خطة إدارة ترامب لفرض عقوبات أممية على إيران رغم أنف مجلس الأمن خطراً على الأمم المتحدة والنظام السياسي الدولي، الذي ظهر منذ الحرب العالمية الثانية.

إذ إن الخطة لن تحمل تأثيراً سلبياً على إيران أو منطقة الشرق الأوسط فقط، بل على النظام السياسي الدولي برمته.

فقد أوضح المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية إلى إيران، بريان هوك، في حديثه في “مؤسسة التراث”، أن إدارة ترامب تسعى إلى إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران. ويعد مثل هذا الإجراء دليلاً إضافياً على أن مجلس الأمن الدولي ينهار، وذلك بفضل حملات إدارة ترامب المتعنتة والعقيمة، حسب وصف المجلة الأمريكية.

لطالما كان الهدف الأبرز لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في منصبه هو الدفع بانهيار أو استسلام الحكومة الإيرانية.

وبعد فشله في تحقيق هذا الهدف، رغم حملة “أقصى ضغط” الهائلة المستمرة منذ عامين، يريد بومبيو الآن استغلال الانتهاء الوشيك لصلاحية حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران لزيادة العقوبات.

ويعتزم بومبيو التعلل بالرفض الحتمي لفرض حظر جديد على الأسلحة من قِبل مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات الأمم المتحدة أحادية الجانب على إيران، عبر الادعاء بأن الولايات المتحدة مازالت عضواً في الاتفاق، وبالتالي فإن من حقها اللجوء لبعض بنود الاتفاق التي تتيح لأعضائه فرض عقوبات في حال عدم التزام إيران به.

هذه الخطوة تمنح بومبيو فرصة لوأد الاتفاق النووي الإيراني، وتعقيد إعادة تفعيله من جانب إدارة جو بايدن المحتملة.

ومناورة بومبيو لن تؤدي إلى الكثير من المخاطر من حيث تصعيد الأزمة مع إيران فحسب، بل ستشكل أيضاً اعتداءً غير مسبوق على مجلس الأمن الدولي.

قد يؤثر مقترح بومبيو على كل من الولايات المتحدة والنظام الدولي سلباً؛ إذ بمحاولته “إعادة فرض” عقوبات الأمم المتحدة على إيران فهو يسعى إلى القول إن الولايات المتحدة لا تزال “شريكاً” في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231، الذي أقر الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، رغم انسحاب إدارة ترامب من ذلك الاتفاق عام 2018.

وقد قال الاتحاد الأوروبي وروسيا بالفعل إنهما لا يعتبران الولايات المتحدة شريكاً في القرار 2231، وهي بالتالي لا يمكنها الدفع بإعادة فرض العقوبات. ويبدو أن الطريق أصبح ممهداً لنشوب معركة بشعة في مجلس الأمن الدولي، من شأنها زيادة حدة التوترات داخل حلف الأطلسي.

وحتى لو فشل بومبيو، فهو قد يعيق بمسعاه مصالح الولايات المتحدة؛ لأنه سيؤدي إلى زيادة انعدام الثقة فيها. إذ اعتُبرت آلية إعادة فرض العقوبات التي تفاوضت عليها إدارة أوباما إنجازاً دبلوماسياً كبيراً يسمح للولايات المتحدة بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة بسهولة إذا لم تلتزم إيران بالاتفاقية. 

وبتشويه واستغلال هذه الآلية بهذه الصفاقة، يمنح بومبيو إيران ذريعة قوية لعدم الموافقة على إجراء مماثل في أي اتفاق مستقبلي، وحرمان الولايات المتحدة من أداة تأثير قوية.

أما إذا نجح بومبيو في مسعاه وتمكّن من إعادة فرض العقوبات، فستكون العواقب وخيمة على المدى القصير والطويل. 

فعلى المدى القصير، من المرجح أن تخرق إيران بشكل حاسم حدود الاتفاق النووي، وأن توسع برنامجها النووي بشكل كبير. وستسعى إلى تعزيز ورقة المساومة النووية: زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب، ومستوى التخصيب، وعدد ونوع أجهزة الطرد المركزي التي تملكها لتخصيب اليورانيوم.

وقد تُقلص إيران بشكل كبير من مقدار الوقت الذي ستحتاجه لتجميع ما يكفي من المادة الانشطارية لصنع قطعة سلاح نووي، إذا قررت التعجيل بصنعها.

وهددت إيران أيضاً بأن تؤدي إعادة فرض العقوبات إلى انسحابها من معاهدة حظر الانتشار النووي، التي تُلزمها بعدم تطوير أسلحة نووية. 

والجدير بالذكر أن هذا هو الطريق الذي سلكته كوريا الشمالية في تطوير أسلحتها النووية. ولن تبقى إيران خاضعة للقيود القانونية التي تمنعها من صنع القنبلة النووية، وستعود الأزمة النووية الإيرانية بقوة، ودون ظهور أي مخرج دبلوماسي في الأفق.

إن سبب وجود مجلس الأمن هو منع الدول من استخدام القوة من جانب واحد. إذ يعتمد المجلس في اتخاذ قراراته على الإجماع بين الأعضاء الخمسة الدائمين، وهو ما يضمن أن تنخرط أقوى دول العالم في حوار دائم حول المسائل الأمنية الملحة. وموافقة هذا المجلس ضرورية لشن الحروب، والقرارات التي يُصدرها مُلزمة لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

واحتمال تنفيذ قرار عقابي من مجلس الأمن الدولي (عودة عقوبات الأمم المتحدة على إيران) ضد إرادة معظم أعضاء المجلس سيُشكل نقطة تحول للنظام العالمي الحالي. وسيصبح المجلس الذي يأخذ قراره بالإجماع في مواجهة الالتزام بعقوبات يعارضها معظم أعضائه. وستشكك العديد من البلدان في صلاحيتها، وستواصل تجارتها المنفصلة مع إيران.

وقد تشوّه الولايات المتحدة مصداقية مجلس الأمن الدولي، ما سيدفع بالنظام الاقتصادي والسياسي الذي أعقب الحرب العالمية الثانية إلى منطقة خطرة ومجهولة. وقد يساعد ذلك في تعزيز الهدف الأكبر لترامب وأتباعه “أمريكا أولاً”، لكن ذلك سيؤدي إلى أن يحل قانون الغابة الجديد محل قواعد التعاون العالمي.

إن حدوث خلل في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيزيد من صعوبة معالجة الأزمات الكبرى التي تواجه العالم، مثل جائحة فيروس كورونا الحالية، وبرنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، وتغير المناخ. وبدلاً من ذلك، في وقت تزداد فيه المنافسة بين الولايات المتحدة وروسيا والصين، سيصبح العالم مجرّداً من مؤسسة فعّالة وقوية تساعد على إصلاح نزاعات هذه الدول.

يقول تقرير المجلة الأمريكية إن إدارة ترامب تتلذذ بالسلطة الهائلة التي تملكها الولايات المتحدة لكنها لا تستطيع التفرقة بين السلطة والتأثير. وقد تجلت غطرسة ترامب وكبار مسؤوليه في السعي لتحقيق أهداف تضر بالمؤسسات متعددة الأطراف، التي تؤدي دوراً رئيسياً في ضمان السلام والاستقرار العالميين.

ولا ينبغي للكونغرس وحلفاء الولايات المتحدة التقليديين في أوروبا أن يدعموا ترامب في مساعيه المزعزعة للاستقرار، بالتقاط طُعم زيادة الضغط على إيران.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
National Interest

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 − 7 =

زر الذهاب إلى الأعلى