ما صحّة السّيناريوات الدراماتكيّة للشّرق الأوسط في الشّهرين المقبلين؟

ثمة سيناريوات تحمّل كل ما يطرأ من حركة داخل الإدراة الأميركية الحالية برئاسة دونالد ترامب الكثير مما يمكن أن يحصل في المنطقة.

ميدل ايست نيوز: يتّسم الشّهران المقبلان على المنطقة بأعلى درجات الضبابية المقلقة، لا بل إن كل الإعلام الإقليمي، وحتى الدولي، يحفل بسيناريوات توحي بأن شيئاً دراماتيكياً سوف يحصل في الشرق الأوسط في المرحلة التي تفصلنا عن تاريخ الحادي والعشرين من كانون الثاني (يناير) المقبل، عندما يفترض أن يتسلّم الرئيس المنتخب جو بايدن مقاليد السلطة في الولايات المتحدة.

ثمة سيناريوات تحمّل كل ما يطرأ من حركة داخل الإدراة الأميركية الحالية برئاسة دونالد ترامب الكثير مما يمكن أن يحصل في المنطقة. فالزيارات التي يقوم بها مسؤولو الإدارة لدول الشرق الأوسط، وفي مقدمتهم وزير الخارجية مايك بومبيو الموجود اليوم في باريس للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ثم الجولة التي ينوي القيام بها لدول المنطقة الرئيسية (وجولات مسؤولين من البنتاغون) توحي بأن إدارة الرئيس ترامب تحضّر لشيء ما مهم في الفترة الزمنية حتى حفل التسليم والتسلم في واشنطن.

أكثر من ذلك، ثمة سيناريوات تتحدث عن حرب يجري التحضير لها في المنطقة، يكون لبنان وسوريا مسرحيها الأولين، بين إسرائيل مدعومة من أميركا ومعهما دول عربية رئيسية، والذراع الإيرانية في لبنان وسوريا، عنينا “حزب الله” الذي أعلن أمينه العام  حسن نصرالله عن وضع قوات حزبه في حال تأهب، في هذه المرحلة التي تتسم بخطورة كبيرة، مخافة قيام إدارة ترامب بعمل ما يستهدف إيران عبر أدواتها الرئيسية في المنطقة. و”حزب الله” هو المعني الأول بأي عمل كبير قد يجري التحضير له، هذا إذا صحّت التكهنات أو السيناريوات المتداولة.

وثمة من يرى أن ضربة ما ستوجهها أميركا وإسرائيل الى إيران مباشرة ضد منشآتها النووية السرية التي يعلم بها كل من “الموساد” الإسرائيلي و”وكالة الاستخبارات المركزية” الأميركية. في المقابل، ثمة من يعتقد أن جولات المسؤولين الأميركيين على دول المنطقة تهدف للتحضير لانسحاب أميركي شامل من العراق وسوريا، وأن ترامب لا ينوي ترك منصبه إلا وقد نفّذ وعده الانتخابي بأن يسحب القوات الأميركية من مسارح العمليات في الشرق الأوسط، مع كل ما سينتج من قرار كهذا من تبعات خطيرة على التوازن الإقليمي الدقيق القائم في جزء كبير منه على وجود عسكري أميركي ذي وزن في المنطقة لمواجهة خطر إيران على دول المنطقة، ولموازنة التمدد التركي المهدد لأمن أكثر من دولة في المنطقة.

انطلاقاً مما تقدم، تعجّ وسائل الإعلام ودوائر القرار الإقليمي بسيناريوات دراماتيكية، ذكرنا عيّنة منها، وتعيش دول المنطقة وحكوماتها على وقع تحركات مسؤولي إدارة ترامب، لا سيما بعدما أُقصي وزير الدفاع مايك إسبر في اليوم  التالي للانتخابات، وما شاع من أخبار في واشنطن عن أن إسبر يرفض تنفيذ قرار تصعيدي من ترامب في الشرق الأوسط.

فهل يصح الخوف من تطوّر دراماتيكي تقدم عليه إدارة ترامب بالشراكة مع رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في ربع الساعة الأخير الذي يفصلنا عن تغيّر الإدارة في واشنطن؟

مراقبون عرب مطلعون في واشنطن يقولون إن الخوف في غير محله، وإن ترامب لا يملك القوة المعنوية والسياسية في نهاية ولايته الرئاسية لكي يزج بالولايات المتحدة في مغامرة عسكرية قبل أن يرحل. ويقولون إن قراراً كهذا سيحتاج الى تشاور مع المؤسسة العسكرية التي يرجح أن تعارض أي عمل عسكري في هذه الفترة، وتجهض أي محاولة من ترامب للذهاب بعيداً في ممارسة صلاحياته الدستورية في الشهرين المقبلين، لا سيما شن عمليات عسكرية كبيرة تتجاوز الإطار القائم راهناً.

من ناحية أخرى، لا يتمتع رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بغطاء سياسي كاف، في ظل تقاسم السلطة مع زعيم حزب “أزرق أبيض” بنيامين غانتس الذي قد لا يسمح للأول بخوض مغامرة عسكرية في لبنان وسوريا، لأسباب سياسية داخلية تتعلق بتوازن اللعبة الحكومية بينهما، وخصوصاً إذا ما شعر الإسرائيليون بعدم  إمكان تحقيق انتصار واضح على “حزب الله”، وقلب المعادلة القائمة منذ عام 2006.

أكثر من ذلك، قد يشعر الإسرائيليون أنهم يحتاجون من الشركاء العرب في مواجهة إيران وأذرعها مثل “حزب الله” الى أكثر من خطوات انفتاحية سياسية، بل الى مشاركة عربية فعالة في أي حرب ضد التمدد الإيراني في المنطقة، لا سيما أن مسرح العمليات قد يكون واسعاً جداً، وقد يصل لبنان بالعراق مروراً بسوريا.

هذه بعض عناصر تدعو الى عدم التسرع في التّخوف مما يمكن أن يقدم عليه الرئيس دونالد ترامب. فالمرحلة ضبابية ولا شك، ولكن السيناريوات الكارثية المتداولة في المنطقة قد تكون من نسج الخيال، في مرحلة أفول نجم ترامب يوماً بعد يوم، وبدء التحضير لقيام إدارة أميركية جديدة لا يزال من المبكر  التكهن بسياستها الشرق أوسطية، أو البناء على تجربة إدارة الرئيس السابق باراك أوباما السلبية في المنطقة.

 

علي حمادة

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر + 17 =

زر الذهاب إلى الأعلى