هل سوف نشهد توترا مباشرا بين إيران وإسرائيل؟

الوجود الإسرائيلي في المنطقة، الذي ولَّده تطبيع الإمارات والبحرين، كان أحد الدوافع المباشرة في إبراز إيران قلقها، حيث اقترب الإسرائيليون كثيراً من حدودها.

ميدل ايست نيوز: تحركات إيرانية في اتجاهات مختلفة شهدتها الأيام القليلة الماضية، تثير التساؤلات حول ما تنويه إيران في المنطقة، خاصةً الخليج، لا سيما مع تصريحات نارية يواصل قادة إيران إطلاقها بين حين وآخر، ينال دول مجلس التعاون نصيباً منها.

الوجود الإسرائيلي في دول مجلس التعاون، الذي ولَّده تطبيع الإمارات والبحرين، كان أحد الدوافع المباشرة في إبراز إيران قلقها، حيث اقترب الإسرائيليون كثيراً من حدودها، في وقت تتواصل فيه التهديدات، بشكل متبادل، بين “تل أبيب” وطهران.

وخلال شهر واحد أرسلت الولايات المتحدة ثلاث قاذفات من طراز “بي-52” إلى المنطقة، وهو ما اعتبره محللون تلويحاً واضحاً بالقوة في وجه إيران؛ لمنعها من الرد على اغتيال رئيس برنامجها النووي محسن فخري زاده، في السابع والعشرين من نوفمبر الماضي.

كما أعلنت الولايات المتحدة، في 21 ديسمبر 2020، إرسال غواصة نووية وسفينتين حربيتين إلى مضيق هرمز، بالتزامن مع عبور غواصة تابعة للبحرية الإسرائيلية قناة السويس، قاصدةً المضيق.

وجاء الإعلان عن عبور هذه الغواصات بالتزامن مع زيارة مفاجئة لدولة الاحتلال أجراها رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة (18 ديسمبر 2020)، حيث التقى رئيسَ الحكومة بنيامين نتنياهو، ورئيس الأركان أفيف كوخافي، ووزير الجيش بيني غانتس، وبحث معهم، في اجتماعين منفصلين، “سبل مواجهة التهديدات الإيرانية” بالمنطقة.

حافة الهاوية

الإيرانيون والأمريكيون يجيدون لعبة “سياسة حافة الهاوية”، بحسب وصف المحلل السياسي العراقي إياد الدليمي، الذي تحدَّث لـ”الخليج أونلاين”.

على مر السنوات الماضية شهدت المنطقة عديداً من مراحل التأزيم وحدَّة التصريحات بين طهران وواشنطن، لكنها -وفق الدليمي- غالباً ما كانت تنتهي إلى لا شيء، أو تهدئة غير معلنة بين الطرفين.

“كلتاهما -واشنطن وطهران- تستفيد على ما يبدو، من حدَّة التأزيم دون اللجوء إلى الصراع المباشر”، يواصل الدليمي، مستدركاً: “ربما المتغير الجديد هذه المرة هو دخول إسرائيل كطرف مباشر، في هذه التصريحات الكلامية والمواجهة اللسانية بين الطرفين”.

وأضاف: إن ما يزيد من هذه الحدة أن “إسرائيل أصبح لها وجود في المياه الخليجية من خلال حلفائها الجدد ممن طبَّعوا معها وتحديداً دولة الإمارات، التي ربما تقرر في وقت لاحق، إنشاء أول قاعدة إسرائيلية في الخليج العربي”.

تحركات إيرانية

القيادة الإيرانية، بدورها، اتهمت إسرائيل بأنها تبحث عن ذرائع لجرِّ المنطقة إلى توتر يثير الفوضى، مهدِّدة بردٍّ قوي وواسع في حال تعرضت لاعتداء.

ونقلت قناة “الجزيرة”، السبت (26 ديسمبر 2020)، عن مصدر رسمي إيراني لم تسمه، أن “إسرائيل” تبحث عن ذرائع لجرِّ المنطقة إلى الفوضى، في الأيام الأخيرة من رئاسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وأضاف المصدر: “يجب على إسرائيل معرفة أن ردَّنا على الاعتداء على أمننا القومي سيكون قوياً وواسعاً”.

في غضون ذلك زار قائد القوات البحرية في الحرس الثوري، الأدميرال علي رضا تنغسيري، جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى الإماراتيتين، اللتين تحتلهما إيران؛ لتفقُّد قواته هناك، داعياً القوات البحرية إلى اليقظة، مؤكداً جاهزيتها “للدفاع عن الأمن القومي الإيراني”.

وأوضح أن الهدف من تفقُّد الجزيرتين هو “الاطلاع على جاهزية القوات الإيرانية، والتأكد من القدرات القتالية والاستعدادات”.

وتابع: “قواتنا ومنظوماتنا الدفاعية والمعدات العسكرية على المستوى المطلوب وعلى أتمّ الاستعداد للدفاع عن حدودنا البحرية والمصالح القومية الإيرانية”.

كما شدد تنغسيري، خلال الزيارة، على “ضرورة الحفاظ على القدرات القتالية والإشراف الاستخباراتي للقوات الإيرانية في مياه الخليج”.

لكن المحلل السياسي إياد الدليمي، ورغم ما تردد من تقارير تحمّل “إسرائيل” مسؤولية اغتيال العالم النووي الإيراني فخري زاده، يستبعد مواجهة إيرانية.

وأوضح في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “إيران منهكة من جرّاء العقوبات الاقتصادية، وتدرك جيداً أن أي مواجهة مسلحة قد تؤدي إلى تدحرج رؤوس النظام وانهياره”.

من جانب آخر يرى الدليمي أن “طهران تعرف حدود جغرافية تحركها”، مفيداً بأنها تسعى أيضاً للتهدئة أكثر من أي وقت مضى، وهي تنتظر رحيل ترامب من البيت الأبيض ودخول خلَفه بايدن، الذي قد ترى فيه بارقة أمل للتوصل إلى اتفاق جديد أو العودة للاتفاق النووي الذي انسحب منه ترامب”، بحسب تعبيره.

مواقع الخطر

كان الجيش الإسرائيلي قال الجمعة (25 ديسمبر 2020)، إنه يراقب تحركات إيران في المنطقة، متوقعاً أن يأتي الخطر من العراق واليمن، ومؤكداً أن الغواصات الإسرائيلية تبحر إلى “أماكن مختلفة بعيدة وقريبة”.

وفتح القصف الذي تعرضت له السفارة الأمريكية في بغداد (20 ديسمبر 2020)، الباب واسعاً أمام احتمال التصعيد العسكري؛ بعدما أكدت واشنطن وقوف طهران خلف الهجوم الذي نُفذ بصواريخ إيرانية الصنع، وقالت إنها مستعدة للرد على أي تهديد محتمل.

ووجَّه الرئيس الأمريكي (24 ديسمبر 2020)، رسالة شديدة اللهجة إلى إيران في حال قتل أي أمريكي، وقال في تغريدات على حسابه بـ”تويتر”، إنه سيحمّل إيران المسؤولية في حال قُتل أي أمريكي، مطالباً إياها بـ”التفكير ملياً”.

يأتي ذلك فيما نقلت وكالة “رويترز”، الأربعاء 23 ديسمبر 2020، عن مصدر مطلع، أن مسؤولي الأمن القومي الأمريكي اتفقوا على عدة خيارات للتعامل مع إيران، لطرحها على ترامب قريباً.

في هذا الشأن استند إياد الدليمي إلى تصريحات القادة الإيرانيين بعدم مسؤوليتهم عن القصف الذي طال سفارة واشنطن في بغداد مطلع الأسبوع الماضي، ليبدي رأيه، قائلاً إنها كانت تبين موقف إيران بوضوح.

يضاف إلى هذا وفق قوله، أنه “تتردد أنباء عن معاقبة إيران للفصيل المتهم بإطلاق تلك الصواريخ، من خلال تخليها عنه وترك المجال أمام حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للقصاص منه دون توفير أي حماية له”.

لذلك يرى الدليمي أنه من المستبعد أن تلجأ إيران إلى المواجهة خلال هذا التوقيت، معتبراً أن كل ما تقوم به “محاولات لإثبات القدرة على فعل أي شيء في حال تعرضت مواقعها النووية تحديداً للقصف”.

وعن التهديدات للخليج، يقول الدليمي: إن “طهران ربما ترى في دول مجلس التعاون الحلقة الأضعف؛ لذلك لا تتردد في توجيه التهديدات لها، من وقت لآخر؛ على أمل أن تسهم تلك الدول في كبح جماح إسرائيل أو أمريكا إذا ما قررتا شن أي حرب أو حتى هجوم خاطف على مواقع إيران النووية”.

 

قد يعجبك:

كيف يمكن أن يكون انتقام إيران لاغتيال قادتها؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخلیج اونلاین

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة عشر + 19 =

زر الذهاب إلى الأعلى