كيف تغيرت مقاربات دول مجلس التعاون تجاه النظام السوري؟

تغيرت حسابات دول مجلس التعاون تجاه النظام السوري واتجهت هذه الدول نحو إعادة العلاقات مع سوريا.

ميدل ايست نيوز: خلال الأشهر الأخيرة، تم تسليط الضوء على دول مجلس التعاون وهي تتحرك لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ومع ذلك، كان هناك نوع آخر من التطبيع يحدث في المنطقة، وهو إعادة العلاقات مع النظام السوري.

علقت جامعة الدول العربية في عام 2011 عضوية سوريا لتعبيرها عن معارضة الحملة العنيفة ضد المتظاهرين.

وسحبت دول مجلس التعاون سفراءها من دمشق، واعترف مجلس التعاون بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بصفته “الممثل الشرعي” للشعب السوري، على أمل أن يؤدي ذلك إلى انتقال سياسي سريع للسلطة.

وبينما دعمت بعض دول العربية المعارضة السورية في وقت مبكر من الحرب، فقد غيرت مسارها بعد أن ظهر أثر الدعم الروسي للنظام في معركة حلب عام 2017، ما ساعد “بشار الأسد” على استعادة السيطرة العسكرية على جزء كبير من البلاد.

وقد كانت هذه نقطة تحول بالنسبة لسوريا لأنها أثبتت أن جماعات المعارضة لن تكون قادرة على تغيير النظام بالقوة، فيما لم تعد الولايات المتحدة مهتمة بالضغط من أجل مثل هذا التغيير.

وبمجرد أن ساعد الروس النظام السوري في السيطرة على المراكز السياسية والاقتصادية الرئيسية، مثل دمشق والمنطقة الساحلية وحلب، لم تعد فكرة إسقاط “الأسد” سياسة عملية في نظر معظم دول مجلس التعاون.

نبعت معارضة دول مجلس التعاون الأولية لـ”الأسد” من رغبتها في تقليص نفوذ إيران، التي دعمت النظام السوري، لذلك، مع تحول الأحداث في عام 2017، بدأت العديد من دول مجلس التعاون في النظر إلى النفوذ الروسي على أنه أقل إثارة للقلق من تأثير إيران.

وفي غضون ذلك، كان هناك توتر متزايد بين الإمارات والسعودية من جهة وتركيا من جهة أخرى، وقد تجلى ذلك في سوريا، ما دفع الدولتين للوقوف إلى جانب نظام “الأسد” ضد النفوذ التركي المعروف بصلاته القوية بالإسلام السياسي.

كما ترى هذه دول فرصًا اقتصادية للمشاركة في جهود إعادة الإعمار في سوريا، تقدر ما بين 250 مليار دولار وتريليون دولار.

مقاربات خليجية مختلفة تجاه سوريا

قطعت الإمارات العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وأغلقت سفارتها في دمشق عام 2011، وخلال السنوات الأولى من الصراع، كانت الإمارات واضحة في معارضتها للنظام السوري، ولكن ذلك تغير في عام 2015، عندما دعمت الإمارات التدخل العسكري الروسي.

ومع مرور الوقت، تغيرت حسابات الإمارات مع تزايد النفوذ التركي وتنامي دور الجماعات الإسلامية، ثم نجاح روسيا في تعزيز قبضة “الأسد” على السلطة، وفي عام 2018، أعادت الإمارات فتح سفارتها في دمشق.

على خطى الإمارات، أعادت البحرين فتح سفارتها في دمشق عام 2018، زاعمة أنها هي الأخرى تدعم سيادة سوريا، ونتيجة لذلك، ستستأنف التعاون مع ما تسميه “الدولة الشقيقة”، وتعتبر سياسة البحرين شبيهة بالإمارات في إعطاء الأولوية لمعارضتها لدور إيران في المنطقة والحد من نفوذ تركيا.

وفي يونيو/حزيران الماضي أعاد وكيل وزارة الخارجية البحرينية للشؤون الدولية التأكيد على أهمية حماية أراضي سوريا وسيادتها، وقال إن تسوية النزاع لا يمكن أن تتم إلا من خلال وسائل غير عسكرية، وجاء ذلك في الوقت الذي واصل فيه النظام السوري، بدعم من روسيا وإيران و”حزب الله”، القتال لاستعادة السيطرة على البلاد.

وكانت سياسة عمان الأولية فيما يتعلق بالصراع السوري تتماشى مع موقف دول مجلس التعاون، لكن عمان عادت تدريجيا إلى سياستها الخارجية التقليدية المتمثلة في عدم التدخل، وبالرغم من أن عُمان اعترفت بالائتلاف الوطني السوري في عام 2011، لكنها حافظت على علاقات دبلوماسية مع النظام السوري.

وكانت مسقط واضحة بشأن نهجها الإنساني والدبلوماسي تجاه الحرب السورية ولم تمول الجماعات المتمردة، وحتى في ذروة المواجهة العسكرية عام 2015، التقى وزير الخارجية العماني مع “الأسد” في دمشق، حيث أكد مجددًا “التزام عمان بسيادة سوريا ودورها في القضاء على الإرهاب”، ومؤخرا أعادت السلطنة سفيرها إلى سوريا.

وبالنسبة للكويت، فقد كان موقفها واضحا منذ بداية الحرب حيث قامت تمويل جماعات المعارضة السورية في مواجهة التدخل الإيراني، ووفقًا لمسؤولين أمريكيين في عام 2013، جاء الكثير من التمويل لجماعات المعارضة السورية من مواطنين خليجيين، خاصة من الكويتيين.

وفي عام 2017، أعادت الكويت تأكيد موقفها تجاه الصراع السوري وأكدت أن التوصل لتسوية لا يمكن تحقيقه إلا من خلال حل سياسي.

وعندما أعادت الإمارات فتح سفارتها في دمشق، أكدت الكويت أنها لن تتخذ مثل هذه الخطوة دون موافقة جامعة الدول العربية، ولكنها في ذات الوقت بدأت في إعادة العلاقات التجارية والاقتصادية إلى المستوى الذي كانت عليه قبل اندلاع الحرب.

أما قطر، فقد سحبت سفيرها من سوريا ولا تزال مصرة على معارضتها للتطبيع مع دمشق حيث قدمت الدوحة تمويلًا كبيرًا لجماعات المعارضة السورية، يقدر بما يتراوح بين مليار دولار و3 مليارات دولار بحلول عام 2013.

وفي ذلك العام، أكد وزير الخارجية القطري دعم بلاده للائتلاف الوطني السوري والجيش السوري الحر، وفي عام 2016، قال إن قطر مصممة على مواصلة دعمها المالي لجماعات المعارضة.

وتواصل قطر دعم تغيير النظام في سوريا، بالرغم من علاقات “الأسد” الوثيقة مع إيران واعتماد الدوحة المتزايد على طهران منذ الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات ضد قطر في عام 2017.

وفيما يخص السعودية، فقد سحبت سفيرها من سوريا عام 2011 ودعت “الأسد” إلى إنهاء العنف ضد الشعب السوري، وكان رد السعودية على الانتفاضة السورية استراتيجيًا حيث ركزت على سياسة خارجية استباقية من خلال التحالفات الخليجية التي تهدف إلى قمع النفوذ الإيراني.

وفي محاولة للإطاحة بـ”الأسد” وتأكيد نفسها على أنها القوة المهيمنة في المنطقة، مولت السعودية جماعات المعارضة، بما في ذلك “جيش الإسلام”، وفي عام 2017، أعادت السعودية تأكيد معارضتها لدور “الأسد” في مستقبل سوريا.

وحتى الآن، لا يزال موقف السعودية العلني تجاه سوريا كما هو، بعد أن أعلنت معارضتها للتطبيع مع نظام “الأسد” في عام 2019.

وفي حين يبدو الآن أن دول مجلس التعاون تتخذ سياسات مختلفة تجاه الحرب السورية، فقد عارضوا جميعًا “الأسد” في البداية.

وبعد التدخل الروسي ومعركة حلب، أصبح من الواضح بشكل متزايد لدول مجلس التعاون أن النظام السوري سيحافظ على قبضته على السلطة، وقد دفع ذلك العديد من دول مجلس التعاون إلى تغيير سياساتها، وإعطاء الأولوية لمخاوفها بشأن تنامي النفوذ الإيراني والتركي في سوريا بدلاً من السعي إلى نقل السلطة أو تحسين ظروف الشعب السوري.

والآن، يبقى أن نرى ما إذا كانت دول مجلس التعاون العربية ستحقق أيًا من هذين الهدفين.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخلیج الجدید

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرين − 9 =

زر الذهاب إلى الأعلى