موسكو تتحدث عن “ضوء ضعيف في جدار المفاوضات” وإيران ليست على عجلة من أمرها

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، الاثنين، إن بلاده ليست في عجلة من أمرها فيما يتعلق بمحادثات فيينا.

ميدل ايست نيوز: بعد توقف الجولة السابعة من محادثات الاتفاق النووي، ساد الهدوء قصر كوبورج في العاصمة النمساوية فيينا، لتتشاور وفود الدول المشاركة بشأن مقترحات الوفد الإيراني الجديدة، فيما يسيطر القلق على المسؤولين الغربيين بسبب “تعنت طهران”.

وقدمت إيران خلال المحادثات خططها على شكل نصين مقترحين أحدهما رفع العقوبات كافة والآخر بشأن الملف النووي، الأمر الذي وصفه مسؤولون أوروبيون بأنها “مطالب مبالغ بها، قد تؤدي إلى تلاشي الحلول الوسط” التي يمكن من خلالها التوصل إلى اتفاق.

وكان المفاوضون استأنفوا الجولة الجديدة من المحادثات بين مجموعة (4+1) وإيران من دون مشاركة مباشرة للولايات المتحدة، بعد توقف دام أشهر عدة، إذ بدأت الجلسة بتوافق على تشكيل لجنتين من الخبراء لبحث ملفي رفع العقوبات والشؤون النووية.

وألقت طهران المسؤولية على الولايات المتحدة وحلفائها هذه المرة، إذ قالت على لسان كبير مفاوضيها علي باقري: “بما أن واشنطن ⁧‫⁩هي التي انسحبت من الاتفاق في عام 2018، فيجب عليها اتخاذ الخطوة الأولى”.

وفي ظل الاتهامات المتبادلة بشأن التعقيدات الجديدة أمام سير المحادثات، قال ⁧باقري، إن “مقترحات طهران موثوقة ومنطقية، وبالتالي يمكن أن تشكل أساساً للمفاوضات”.

“لسنا في عجلة من أمرنا”

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، الاثنين، إن بلاده ليست في عجلة من أمرها فيما يتعلق بمحادثات فيينا، مؤكدا أن الهدف الرئيسي بالنسبة لطهران هو “الحفاظ على مصالح الشعب الإيراني”.

ونقلت قناة “العالم” الإيرانية عن خطيب زاده قوله إن بلاده أبدت “ليونة” خلال المحادثات التي أجراها فريق العمل الإيراني مع الأطراف الأخرى، مشيراً إلى أن “الطرف الآخر” لم يكن يتوقع على ما يبدو مشاركة طهران بشكل جاد في محادثات فيينا وتقديمها مسودة مقترحين للمشاركين.

وتابع: “منحنا الفرصة للأطراف الأخرى للعودة إلى عواصمها للتشاور، ومن ثم إبداء موقفها بشأن المقترحين الإيرانيين لدى استئناف محادثات فيينا”، لافتا إلى أن المباحثات لم تتوقف وإنما هناك “استراحة للوفود”.

“خيبة أمل” أوروبية

وفي بيان مشترك، عبر المسؤولون الأوروبيون عن “خيبة أمل” إزاء التغييرات الإيرانية المقترحة على النص الذي تم التفاوض عليه خلال الجولات الست السابقة من المحادثات، مشيرين إلى احتمالية فشل المفاوضات “إذا استمر تعنت طهران، ولم تقدم مرونة فيما يتعلق بطلباتها”.

من جهتها، ترى الولايات المتحدة أن إظهار الجدية في العودة للاتفاق النووي تعد مسألة أكثر أهمية من استنئاف المحادثات التي غلب عليها طابع “الطلبات اللا معقولة”، وفقاً لما صرح به مسؤول أميركي خلال إحاطة صحافية.

وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية، قبل أن يغادر الوفد الأميركي برئاسة روب مالي فيينا، إن “الحكومة الإيرانية الجديدة لم تأتِ إلى فيينا بمقترحات بناءة، وإن مقاربتها هذا الأسبوع لم تكن لحل ما تبقى من قضايا عالقة”.

ولفت المتحدث إلى تصعيد إيران تخصيب اليورانيوم بموازاة العودة إلى طاولة التفاوض، كما أظهر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وجدد المتحدث تأكيد بلاده على التزامها العودة للاتفاق النووي، وقال إنه “إذا أظهرت إيران التزاماً مشابهاً فإن الحل في متناول اليد، وإلا لن يكون لدينا خيار غير البحث عن خيارات أخرى”.

وفي إجابة على سؤال “الشرق” عما لمسه من الجانب الأميركي بعد توقف الجولة السابعة، قال المنسق الأوروبي للمحادثات إنريكي مورا، إن “التواصل مستمر مع الوفد الأميركي، إذ لديهم نفس التوقعات التي كانت هناك في الماضي، وهي القدرة على التفاوض لضمان عودتهم للاتفاق”.

وأفاد المبعوث الصيني لدى فيينا وانج كون في تصريح للصحافيين بعد توقف الجولة، بأنه “لا يوجد سوى نص واحد فقط، وهو النص الذي تم التوصل إليه في يونيو، أما ما يتم الحديث عنه فهو يتعلق بتعديلات ستبحثها بين الأطراف المتفاوضة لاحقاً”.

أمل روسي

وعلى الرغم من الأجواء التشاؤمية التي تحيط بالمحادثات النووية، فإن المندوب الروسي ميخائيل أوليانوف، اعتبر في تغريدة على تويتر، الاثنين، أن هناك “ضوءاً ضعيفاً في جدار المفاوضات”، ويرى أملاً في استكمال المباحثات.

ووصف التعليقات المصاحبة بعد توقف هذه الجولة السابعة الجمعة الماضي، بأنها “توضح أن هناك متسعاً لمزيد من المفاوضات”، مطالباً “بالصبر لوجود لغة مشتركة”.

كما أضاف: “كما قلت مراراً لجميع المشاركين على طاولة التفاوض في فيينا، الصبر ثم الصبر هو مفتاح الوصول إلى لغة ونقاط مشتركة”، داعياً الجميع إلى التوقف عن القفز لاستنتاجات متسرعة.

وكانت الجولات الست السابقة من المحادثات خلصت إلى مسودة اتفاق قدمت فيها تنازلات لكنها اصطدمت بمسائل معقدة تتطلب تنازلات من الجانبين الأميركي والإيراني.

حلول وسط

الباحث في الشأن الإيراني البروفيسور هاينز جارتنر، قال لـ”الشرق”، إن “مطالبة إيران برفع العقوبات كافة قبل أن تتخذ بنفسها الخطوات اللازمة، غير مقبول لدى الأطراف الغربية”.

وأضاف: “مع ذلك، فإن تخفيف العقوبات المتعلقة بخطة العمل الشاملة المشتركة، والتي تم فرضها بعد انسحاب واشنطن في 2018 سيكون بمثابة حل وسط”.

وأشار جارتنز إلى أن “طلب إيران بضمان أن الرئيس الأميركي المقبل لن يتراجع مرة أخرى عن الاتفاق أمر مفهوم ولكنه غير واقعي”، لافتاً إلى أنه “يمكن للأوروبيين تقديم هذه الضمانات، ويمكن أيضاً لإيران استخدام الوقت المتبقي لإدارة بايدن للتفاوض على عقود اقتصادية وتقنية طويلة الأجل مع الشركات التي تتجاوز مدة الرئيس المقبل”.

وقال إنه في المقابل، يمكن لطهران “إما أن توقف أجهزة الطرد المركزي الجديدة أو أن تستبدل بعضها مقابل فترات أطول بدءاً من عام 2015 مرة أخرى”.

وتقول مصادر مطلعة على سير الجولة الحالية المتوقفة إن المقترح الإيراني فيما يتعلق برفع العقوبات يتجاوز بكثير ما يمكن قبوله، إذ تطلب طهران رفع العقوبات دفعة واحدة مع تقديم نوع من التعويضات والضمانات، وتشمل عدم ربط العقوبات بالامتثال للالتزامات المتعلقة بالبرنامج النووي.

وفي يونيو الماضي، تحدثت تقارير عن مبادرة أميركية لرفع بعض العقوبات قد يدرج فيها عدد من تلك المفروضة على المرشد الإيراني علي خامنئي، ومن يعملون معه في حال أظهرت طهران التزاماً بالتوقف عن التقدم في برنامجها النووي.

لكن ذلك لم يكن مطلب الوفد الإيراني الجديد، بل تقدمت طهران بمقترحها لرفع جميع العقوبات التي فُرضت بعد انسحاب واشنطن، وشملت كيانات وأفراد ومؤسسات حكومية وغيرها.

ورغم الاتهامات الغربية بأن إيران جاءت بفريق جديد يحمل بنوداً جديدة للمفاوضات، قال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الإيرانية في تصريحات صحافية، إن “مسودة مقترحاتنا مبنية على مسودة الجولات الست السابقة.. مقترحاتنا ليست متطرفة وتمتثل بشكل كامل لخطة العمل المشتركة الشاملة”.

ضغوط أميركية

وبينما تضغط إيران بمقترحاتها الجديدة، ثمة أحاديث عن تحرك أميركي للضغط عليها فيما يتعلق بالتزاماتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي لم تتوصل بدورها إلى تفاهمات بشأن سير عمل مفتشيها في المنشآت النووية الإيرانية.

وهو الأمر الذي قد تستخدمه واشنطن للضغط دولياً عبر عقد اجتماع استثنائي لمجلس محافظي الوكالة نهاية الشهر الجاري، بناءً على تضاؤل التوقعات بإحراز تقدم عبر المسار السياسي في فيينا، بحسب مسؤولين.

وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أظهرت في تقرير، زيادة وتيرة أنشطة التحقق في محطة فوردو لإثراء الوقود، بعد أن بدأت إيران في تلقيم السلسلة التعاقبية في المنشأة التي تحوي 166 جهاز طرد مركزي بسادس فلوريد اليورانيوم المثرى بنسبة 5% من اليورانيوم، لإنتاجه بنسبة تصل إلى 20%.

وأثّر توقف المحادثات النووية على العملة الإيرانية إذ تراجعت إلى مستوى 300 ألف مقابل الدولار، وهو لايزال فوق أدنى مستوياتها التاريخية بعد التوقف الذي وصف بالفشل.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الشرق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

14 − 8 =

زر الذهاب إلى الأعلى