مفاوضات فيينا: “التقدم ليس عميقا” ومؤشرات لـ”طبخة” وتلويح أميركي بـ”مسار مختلف”

كشفت مصادر إيرانية عن أن التقدم الحاصل خلال المفاوضات "حتى هذه اللحظة ليس عميقا ولا يشكل اختراقا كبيرا".

ميدل ايست نيوز: بموازاة استمرار مباحثات فيينا لإحياء الاتفاق النووي واجتماعاتها المضغوطة، خرجت خلال الأيام الأخيرة، تصريحات من المشاركين فيها، اشتركت في الحديث عن وجود “تقدم”، لكنها اختلفت في تحذيرات غربية من نفاد الوقت وتأكيدات إيرانية بأنها لن ترضخ لـ”المهل المصطنعة”.

وكشفت مصادر إيرانية مطلعة لموقع “العربي الجديد“، اليوم الجمعة، عن أن التقدم الحاصل خلال المفاوضات “حتى هذه اللحظة ليس عميقا ولا يشكل اختراقا كبيرا”، مضيفة أن “ملف رفع العقوبات يتقدم بطء شديد وهذا التقدم ليس في مستوى يمكننا أن نبني عليه حتى الآن”.

وأشارت المصادر ذاتها، التي اشترطت عدم كشف هويتها، إلى “محاولات وخطوات محتملة لدفع المفاوضات إلى الأمام وبناء نوع من الثقة”، لافتة إلى أن “زيارة المسؤول الكوري الجنوبي لفيينا (نائب وزير الخارجية تشوي جونغ كان) يمكن أن تقرأ في هذا السياق وإن تم الإفراج عن الأرصدة الإيرانية، فذلك سيساهم في دفع المفاوضات إلى الأمام بشكل جيد”.

وعن إعلان سيول، الليلة الماضية، استعدادها للإفراج عن هذه الأموال “فورا”، قالت المصادر: “علينا أن ننتظر، فالكوريين الجنوبيين وعدوا كثيرا سابقا لكنهم لم ينفذوا وعودهم”. وعما إن كانت الخطوة تأتي في سياق “اتفاق” ثنائي أميركي إيراني غير مباشر وصفقة جزئية، أكدت أنها “لا تعلم بذلك لكنها بكل تأكيد ستكون مبادرة أميركية إن حصل الإفراج عن الأرصدة”.

لقاءات مكثفة

وتدخل الجولة الثامنة من مفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق النووي المترنح بين إيران والمجموعة الدولية، يومها التاسع اليوم الجمعة، وذلك بعد أن استؤنفت الجولة الإثنين الماضي إثر توقف لثلاثة أيام بسبب عطل رأس السنة الميلادية، فيما أجمعت أطراف المفاوضات على إحراز “تقدم” فيها، مع إعرابها عن أملها في أن يتوج ذلك باتفاق. لكن في الوقت ذاته، تعالت التحذيرات الغربية من أن الوقت على وشك أن ينتهي و”ليس أمامنا إلا أسابيع معدودة”، في حين أن هذه التحذيرات تظل مرتبطة بوعيد أميركي بـ”اتخاذ مسار مختلف” إن لم يحصل اتفاق.

إلى ذلك، تستمر اللقاءات والاجتماعات المضغوطة في فيينا على مستويات مختلفة، سواء على مستوى لجان الخبراء أو على مستوى رؤساء الوفود، وخاصة أن اجتماعات رؤساء الوفود الثنائية أو متعددة الأطراف، قد سجلت خلال الأيام الأخيرة زخما غير معهود.

وفي السياق، أجرى أعضاء الاتفاق النووي باستثناء إيران مباحثات جديدة، مساء الخميس مع المبعوث الأميركي روبرت مالي، فأكد مندوب روسيا ميخائيل أوليانوف في تغريدة على “تويتر” أن هذه المباحثات ناقشت “واحدة من أصعب القضايا” المدرجة على أجندة المفاوضات من دون الكشف عن طبيعتها.

وفي تغريدة أخرى، أعرب أوليانوف عن قناعته بأن إيران والولايات المتحدة الأميركية ستجلسان بشكل مباشر على طاولة التفاوض في إطار اللجنة المشتركة للاتفاق النووي المكونة من أعضاء الاتفاق بعد إحياء هذا الاتفاق.

ماذا عن الجولة الثامنة

ما يميز الجولة الثامنة، ليس فقط حديث جميع أطراف التفاوض بنبرة تفاؤلية، ولو شابها حذر وقلق لدى الأطراف الغربية، بل انضمام أطراف أخرى غير مشاركة أساسا بالمفاوضات إليها، وذلك بشكل غير رسمي. فتوجه نائب وزير خارجية كوريا الجنوبية الذي تجمد بلاده 8 مليارات دولار من الأرصدة الإيرانية بسبب العقوبات الأميركية، إلى فيينا الثلاثاء الماضي، وهو مازال فيها ويجري لقاءات مع جميع أطراف المفاوضات، بالذات مع الطرفين الأميركي والإيراني. كما عقدت خلال الأيام الأخيرة، لقاءات بين دبلوماسيين سعوديين مع بعض أطراف مفاوضات فيينا، منها لقاء مع مالي وكذلك مباحثات مع أوليانوف.

وفي السياق، غرد أوليانوف، الخميس، أنه التقى وفدا سعوديا في فيينا، مشيرا إلى أن مباحثاتهما تناولت “قضايا مختلفة منها أفق الحوارات الأمنية في الخليج”.

وفي مؤشر على أن هناك “طبخة ما” يجري الإعداد لها وراء الكواليس خلال المفاوضات، أكدت الخارجية الكورية الجنوبية، في بيان نشرته على موقعها، الليلة الماضية، بعيد لقاء بين كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني ووزير الخارجية الكوري الجنوبي تشوي جونغ كان، أن الطرفين اتفقا على “الإفراج فورا” عن الأرصدة الإيرانية المجمدة التي ظلت سيول ترفض الإفراج عنها خلال السنوات الثلاث الأخيرة بسبب الضغوط والعقوبات الأميركية.

لكن إعلان سيول عن اتفاق للإفراج عن هذه الأموال “فورا” وذلك بعد لقاءات فيينا، يكشف عن أن هذه المفاوضات بالفعل قد دخلت مرحلة جديدة، فضلا عن أنه يثير أيضا تساؤلات عن المقابل إيرانيا لهذه الخطوة الكورية الجنوبية التي هي أميركية بامتياز، في حال تم فعلا الإفراج عن الأرصدة الإيرانية.

ووصفت خارجية كوريا الجنوبية المفاوضات بين باقري كني وتشوي بأنها كانت “صريحة وبنّاءة، معربة عن أملها في أن تفضي مفاوضات فيينا إلى “نتيجة قريبا”.

ماذا تقول أطراف المفاوضات؟

في غضون ذلك، أوضح وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، اليوم الجمعة، أنه حدث تقدم في محادثات فيينا بهدف إحياء الاتفاق النووي، محذراً في الآن نفسه من أنّ الوقت ينفد، وفق ما أوردته وكالة “رويترز”.

وقال لودريان لتلفزيون “بي إف إم” وإذاعة “آر إم سي”: “ما زلت مقتنعاً بأنه يمكننا التوصل إلى اتفاق. لكن الوقت ينفد”.

كما نقلت وكالة “إرنا” الإيرانية الرسمية، اليوم الجمعة، عن باقري كني، قوله إن المباحثات “ماضية إلى الأمام والجهود مستمرة للتوصل إلى نتيجة واتفاق نهائي”.

إلى ذلك، نقلت الوكالة أيضا عن المفاوض الصيني وانغ كوان إن المفاوضات تمضي إلى الأمام وهي مستمرة، مشيرة إلى أن المندوب الروسي أكد أيضا قبيل توجهه إلى فندق “كوبورغ” حيث تنعقد المفاوضات بين إيران وبقية أطراف الاتفاق النووي أن تقديرات روسيا تشير إلى إمكانية حصول اتفاق نهائي قبل فبراير/ شباط المقبل.

كما قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في مقابلة مع شبكة “الجزيرة” إن المفاوضات خلال الجولة الثامنة دخلت “المسار الصحيح”، مؤكدا أن الأولوية بالنسبة لطهران هي رفع جميع العقوبات في أي اتفاق.

وربط أمير عبد اللهيان، الوصول إلى “اتفاق جيد” بضرورة أن تمتلك الأطراف الغربية “النية والإرادة”، داعيا إلى تقديم ضمانات لإيران بعد رفع جميع العقوبات لعدم إعادة فرضها أو فرض عقوبات جديدة.

كما كتب أمير عبد اللهيان في تغريدة على “تويتر”، أمس الخميس، أنّ “مفاوضات فيينا جارية في مسار طبيعي وجيد”، قبل أن يضيف وفق ما أوردته وكالة “فارس نيوز” الإيرانية، أنّ “مبادرات الجانب الإيراني هي التي حققت هذه الأجواء”.

أما بالنسبة للجانب الأميركي، فأكدت واشنطن إحراز “تقدم طفيف” خلال مباحثات فيينا مع إيران، حسب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، في مؤتمر صحافي، الخميس، مشيرا إلى أنه “شهدنا استمرار التقدم”، معربا عن أمله أن يشكل ذلك أساسا لحل القضايا المتبقية خلال الأيام المقبلة.

في الوقت ذاته، حذر المتحدث الأميركي من أن “الوقت ينفد حتما”، مضيفا أنها “مسألة بضعة أسابيع وليس بضعة أشهر”، متوعدا بأن بلاده ستتخذ “مسارا مختلفا” إن لم يحصل اتفاق “قريبا”.

وفي الإطار، كشف موقع “والاه” الإسرائيلي أن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أبلغ المسؤولين الإسرائيليين في زيارته الأخيرة لتل أبيب، أن واشنطن مستعدة للدفع نحو فرض عقوبات أممية ضد إيران، وتهديدها بخيار عسكري موثوق، بهدف ردعها عن تخصيب اليورانيوم بمستوى يمكنها من إنتاج سلاح نووي.

وقال الموقع في تقرير نشره الخميس إن سوليفان أكد أن الرئيس جو بايدن سينهي المشاركة الأميركية في مفاوضات فيينا في حال لم يتم التوصل لاتفاق في غضون الأسابيع المقبلة.

إلى ذلك، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، في تغريدة إنه ناقش في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، “أهمية الضغط على إيران لوقف مساعيها نحو النووي”، مؤكدا أن الوزير الأميركي جدد التزام الإدارة الأميركية تجاه أمن إسرائيل.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 + ثمانية =

زر الذهاب إلى الأعلى