مفاوضات فيينا دخلت “أصعب مراحلها” و4 نصوص أمام المفاوضين

كشفت مصادر مطلعة مواكبة للمفاوضات، عن أن "المفاوضات دخلت أصعب مراحلها، والنقاشات باتت جوهرية".

ميدل ايست نيوز: تشهد مفاوضات فيينا، اليوم الثلاثاء، لقاءات مكثفة ثنائية ومتعددة الأطراف، على مستوى الخبراء ورؤساء الوفود، غير أنها تُعقد من دون منسق مفاوضات فيينا النووية، إنريكي مورا، الذي توجه اليوم الثلاثاء في زيارة إلى روسيا، فيما كشفت مصادر مطلعة مواكبة للمفاوضات، لموقع “العربي الجديد“، عن أن “المفاوضات دخلت أصعب مراحلها، والنقاشات باتت جوهرية”.

وعلى الرغم من أن مورا، الذي يشغل أيضاً منصب نائب مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبية، أكد في تغريدة أنه سيبحث العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، لكن ثمة توقعات أن زيارته لموسكو على علاقة بمفاوضات فيينا النووية، خاصة أن هذه الزيارة تأتي قبل يوم من زيارة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، روسيا للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وفي سياق الاجتماعات “المكثفة” لأطراف المفاوضات، عقد كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، مساء الثلاثاء، لقاء مشتركا مع مندوبي الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) وممثل الاتحاد الأوروبي. كما عقدت اللجان الثلاثة اجتماعين اليوم الثلاثاء، صباحا ومساء.

إلى ذلك أيضا، قال المندوب الروسي ميخائيل أوليانوف، إنه عقد مباحثات، اليوم، مع كبير المفاوضين الأميركيين، روبرت مالي. وأكد أوليانوف، في تغريدة، أن اللقاء أجري في مقر البعثة الروسية في فيينا، مضيفا أنهما استعرضا “الوضع في مفاوضات فيينا بشأن الاتفاق النووي مع التركيز بشكل خاص على بحث القضايا العالقة”.

وأوضح أن هذه المباحثات “في المرحلة المتقدمة الحالية من المفاوضات يتم القيام بها بأشكال أخرى”.

وتعليقا على هذه التطورات، يرى الخبير الإيراني بشأن الاتفاق النووي، هادي خسروشاهين، أن “مورا ليس مستبعداً أن يطلب من موسكو أن يناقش الرئيس الروسي مع نظيره الإيراني بحث حلول مرضية لحل بعض القضايا العالقة خلال المفاوضات مثل الضمانات ومصير أجهزة الطرد المركزي واحتياطات إيران من الوقود النووي”.

ويضيف خسروشاهين أن الاتحاد الأوروبي يلعب “دور الوسيط” خلال مفاوضات فيينا، لكن مورا، لكونه يمثل مؤسسة إقليمية، “لم يتمكن من لعب هذا الدور جيداً، ولو لم تكن هناك الجهود الروسية خلال الجولة السابعة لربما كنا قد واجهنا انسدادات جديدة في الوقت الراهن”.

ويوضح أن روسيا في المرحلة الجديدة من المفاوضات بعد استئنافها أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي “ظهرت كوسيط ومسهلة، وليس كطرف حيادي، بل صاحب المنفعة”، مشيراً إلى أنها “قد لعبت دورها الجديد بشكل جيد، لأنها تمتلك أدوات الضغط اللازمة لممارسته على طرفي المفاوضات”.

ويشرح خسروشاهين أن “روسيا بسبب علاقاتها الخاصة مع طهران، يمكنها في المواقع الحساسة والمتأزمة أن تعيد المفاوضات إلى نقطة تعادل، فمن هنا تكتسب زيارة مورا أهمية”.

وغرّد نائب مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي من روسيا، قائلاً إنه أجرى “لقاءً ممتعاً للغاية” حول الهندسية الأمنية الأوروبية والاتفاق النووي مع نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف.

ماذا يجري في المفاوضات؟

في ظل وجود روايات وتقارير متضاربة عن مخرجات المفاوضات حتى الآن، كشفت مصادر مطلعة مواكبة للمفاوضات في فيينا، يوم الثلاثاء، عن أن “المفاوضات فعلاً دخلت أصعب مراحلها والنقاشات باتت جوهرية بامتياز”.

وأضافت المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن “القضايا الأساسية الباقية من الجولة السادسة من المفاوضات” في يونيو/حزيران الماضي “ما زالت عالقة، ولم يحدث بعد اختراق كبير باتجاه حل هذه القضايا”.

غير أن المصادر أكدت أن “المفاوضات بشأن هذه القضايا تحرز تقدماً من خلال مناقشة حلول ومقترحات أكثر جدية من ذي قبل”، لافتة إلى أن القضايا العالقة تشمل الملفات الأربعة، هي رفع العقوبات، والموضوعات النووية، وآلية التحقق من تنفيذ التعهدات، والضمانات التي تطالب بها طهران.

وقالت المصادر إن “هناك أربع مسودات أمام المفاوضين للنقاش”، قائلة إن “المسودة الأولى هي نص الاتفاق المحتمل الرئيسي يشمل الخطوط العريضة للاتفاق، والمسودات الثلاث الأخرى هي عبارة عن ملاحق للاتفاق”.

وأضافت أن “الملحق الأول هو حول رفع العقوبات وأنواعها بالاسم والتفصيل وطريقة رفعها، والمسودة الثانية عن التعهدات النووية الإيرانية، والمسودة الثالثة عن آليات تنفيذ الاتفاق والإجراءات التمهيدية التي ينبغي أن يقوم بها كل طرف تطبيقاً لتعهداتهما”.

وعن مسألة رفع العقوبات، قالت المصادر إن “الخلافات بشأن هذا الملف بين إيران والولايات المتحدة تعود إلى الخلاف على نوعية العقوبات المرتبطة بالملف النووي أولاً، وطريقة إلغاء هذه العقوبات ثانياً”، مشيرة إلى أن “واشنطن قبلت برفع العقوبات المنصوص عليها بالاتفاق النووي، لكنها ليست مستعدة بعد لرفع أكثر من 1040 إجراء حظر قبلت بإنهائها خلال الجولة السادسة”.

وأوضحت المصادر أن “الوفد الإيراني مصرّ على رفع المزيد من العقوبات”، لافتة إلى أنه في ما يتعلق بالنقاط النووية الخلافية “ما زالت هناك قضايا مهمة عالقة، في مقدمتها مصير أجهزة الطرد المركزي المتطورة واحتياطيات اليورانيوم عالي التخصيب”.

وأكدت أن الإدارة الأميركية “تسعى جاهدة لزيادة فترة وصول إيران إلى العتبة النووية من أسابيع إلى نحو سنة، ولذلك تبدي تشدداً بشأن مصير هذه الأجهزة، من خلال تأكيد تدميرها لمنع إيران من العودة السريعة إلى تخصيب اليورانيوم عالي التخصيب لاحقاً بحال وقوع انتكاسة أخرى للاتفاق”.

أما بشأن ملفي التحقق من تنفيذ التعهدات في أي اتفاق محتمل، وخاصة التحقق من رفع العقوبات كما تطالب به إيران، والضمانات، قالت المصادر إن “تقدماً حصل في ملف التحقق من خلال الموافقة المبدئية على تنفيذ الاتفاق المحتمل بشكل مرحلي وتسلسلي”.

وفي السياق، أكدت أن “المطروح تنفيذ التعهدات بين إيران والولايات المتحدة على مراحل، لكن حتى الآن لم يحصل اتفاق على الفترة الزمنية التي تطالب بها إيران للتأكد من رفع العقوبات”.

وحول الضمانات “القانونية” التي تطالب بها إيران لعدم خروج واشنطن مرة أخرى من الاتفاق، قالت المصادر إن “هذا الملف يشكل عقبة في ظل إصرار إيران على الحصول على ضمانات قانونية ورفض الإدارة الأميركية ذلك، باعتبار أنها لا تستطيع تقديم ضمانات تمنع الإدارات الأميركية المقبلة من الانسحاب من الاتفاق”.

وأوضحت المصادر أن واشنطن “مستعدة لتقديم ضمانات سياسية” لإيران، مشيرة إلى أن “هناك مقترحات قيد النقاش في هذا السياق، مثل ضمانات لوزارة الخزانة الأميركية لشركات للتجارة مع إيران، فضلاً عن ضمانات من الأمم المتحدة”.

وفي الإطار، دافع المندوب الروسي في المفاوضات عن مطلب إيران في الحصول على ضمانات، قائلاً في تغريدة إن “بعض الناس لا يريدون استخلاص الدروس من سياسة الضغوط القصوى الفاشلة. الإيرانيون محقون تماماً عندما يطلبون ضمانات لكي لا تتكرر هذه المغامرة الكارثية”.

هل سيحصل اتفاق؟

وعمّا إذا كانت المفاوضات ستتوج باتفاق قريب، قالت المصادر المواكبة لها إن “الآفاق ما زالت ضبابية، وحتى المفاوضون لا يعرفون ماذا سيحصل، لكن جهوداً مركزة تجري للوصول إلى حل، وهي مدفوعة بوجود إرادة لدى الطرفين”، مضيفاً أنه “ربما إذا وصل الطرفان إلى نقطة تؤكد أنه لا يمكنهما الحصول على المزيد من التنازلات من الآخر، حينئذ يمكن أن تحصل الانفراجة الحقيقية على طريق التوصل إلى اتفاق”.

ويرى الإعلامي الإيراني المحافظ المعتدل، محمد مهاجري، أن “الاتفاق سيحصل خلال الجولة الثامنة من المفاوضات، لكن قد لا يحصل بتلك السرعة الكبيرة التي يتوقعها البعض”.

ويضيف أنه “خلال المفاوضات الدبلوماسية، ربما مجرد كلمة في أثناء التفاوض تثير خلافات، لكنني كما أعلم أن إيران لا تريد إطالة أمد المفاوضات، وأتوقع أن يحصل الاتفاق خلال شهر أو شهرين”.

وعن طبيعة الاتفاق الذي يُتوقع أنه سيبرم، يقول رئيس التحرير السابق لموقع “خبرأونلاين” الإيراني إن العقوبات التي سترفع “ستكون مقتصرة على العقوبات المنصوص عليها بالاتفاق النووي”. ويرجح مهاجري أن “تحصل اتفاقيات عبر الأمم المتحدة بشأن التحقق من رفع العقوبات والضمانات”.

وفي معرض رده على ما إذا كان الاتفاق مؤقتاً أو دائماً، يقول الخبير الإيراني إن طرح فكرة الاتفاق المؤقت يعود إلى الصعوبات في حل مسألتي التحقق والضمانات، “لكن إن حُلّ الموضوعان، تلغى فكرة الاتفاق المؤقت، غير أنه ينبغي ألا ننسى أن الاتفاقيات دائما قابلة للنقض من قبل أطرافها، ولكي يدوم أي اتفاق، لا تلزم الضمانات الشفهية والمكتوبة، فإن حقق الاتفاق مصالح الطرفين، فلن يكون هناك أي سبب للانسحاب منه”.

ويوضح مهاجري أن نص الاتفاق المحتمل “هو نفسه” الذي توصل إليه كبير المفاوضين الإيرانيين السابق عباس عراقجي خلال الجولة السادسة، “لكن مع تعديلات جزئية للغاية، كما سمعت بذلك”.

ويضيف أن “ذلك لا يعني أن الحكومة الجديدة (الإيرانية) لم تستطع أن تحقق أكثر مما فعلته الحكومة السابقة، لأنه لم يكن مقرراً أن نطرح أكثر مما ينص عليه الاتفاق النووي، فيجب أن نفصل بين ما تطرحه التيارات السياسية في الأوساط السياسية والإعلامية، والذي له استهلاكات أخرى، وما يجري على طاولة التفاوض والدبلوماسية”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى