بلومبيرغ: محادثات فيينا تتجه إلى طريق مسدود والتركيز يتحول إلى مؤتمر ميونيخ الأمني

الجهود الدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي تتجه إلى "طريق مسدود" في فيينا، مع عدم استعداد أي من الجانبين حتى الآن لاتخاذ "قرارات سياسية صعبة".

ميدل ايست نيوز: مع وصول محادثات فيينا الرامية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني إلى “مرحلة نهائية وحاسمة” وفقاً لما صرحت به العديد من الأطراف المشاركة في المفاوضات، يتحوّل التركيز الآن إلى اجتماع أمني “بالغ الأهمية”، يعقد في ميونيخ بحضور وفد أميركي وإيراني رفيعي المستوى، حيث من المقرر أن يبحث أيضاً تطورات المفاوضات النووية، بحسب ما أوردت وكالة “بلومبروغ”.

ويأتي هذا التطور، فيما أعلن أعضاء جمهوريون في الكونجرس معارضتهم العودة إلى الاتفاق القديم، أو تقديم أي ضمانات لإيران، ما يهدد بعرقلة الجهود الدبلوماسية لإدارة الرئيس جو بايدن.

وذكرت “بلومبرغ” الأميركية، أن الجهود الدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية تتجه إلى “طريق مسدود” في فيينا، مع عدم استعداد أي من الجانبين حتى الآن “لاتخاذ قرارات سياسية صعبة مطلوبة لتحقيق تقدم كبير”، على الرغم من وجود تلميحات بـ”تفاؤل متزايد” بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق.

وأشارت إلى أنه لا تزال هناك خلافات كبيرة واضحة بشأن ما يتطلبه الأمر، للحد من التقدم النووي الذي أحرزته إيران، والذي سمح لها بتخصيب اليورانيوم قرب مستويات تصنيع الأسلحة، مقابل تخفيف العقوبات.

مؤتمر ميونيخ

وينصب التركيز في الوقت الراهن، بحسب الوكالة، على “مؤتمر ميونيخ للأمن” في ألمانيا، الذي سيحضره وفد أميركي رفيع المستوى بقيادة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، وفقاً لما ذكره مسؤول أوروبي مشارك في المحادثات.

وقل منظمو المؤتمر الذي يعقد بين 18 و20 فبراير، إن احتمالات التوصل إلى اتفاق مع إيران مدرجة على أجندة المؤتمر.

وأشارت “بلومبرغ” إلى أن بيلوسي، سبق أن وصفت الاتفاق النووي الإيراني بأنه إنجاز “دبلوماسي عظيم”، لكن سيطرة حزبها على مجلس النواب “مهددة” بانتخابات التجديد النصفي، التي تجرى في نوفمبر المقبل.

ويشارك في مؤتمر ميونيخ أيضاً، معارضو الاتفاق بقيادة السيناتور الجمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية ليندسي جراهام، والذي سبق أن أشار إلى أن غالبية النواب من الحزبين يعارضون دعم إحياء الاتفاق.

وقال جراهام في مقابلة، هذا الأسبوع، مع صحيفة “جيروزاليم بوست”، إن “الاتفاق، في حال وجوده، لن يكون له أثر قانوني يتجاوز الإدارة الحالية”.

وأضاف أنه سيطرح في مؤتمر ميونيخ “اقتراحاً أميركياً بديلاً لإنهاء جميع عمليات تخصيب اليورانيوم الإيراني، مقابل تخفيف العقوبات وإمدادات الوقود”، وهو اقتراح من المرجح أن يفشل في طهران، التي تصر دائماً على أنه ينبغي ضمان حقها في التخصيب في ظل أي اتفاق.

كما غادر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان طهران متجها إلى ألمانيا للمشاركة في مؤتمر ميونيخ.

“استياء” في طهران

في المقابل، ظهرت في طهران، مؤشرات على أن “المتشددين، وهم الفصيل السياسي المهيمن على السلطة، بدأوا يسأمون من وتيرة وقلة التقدم المحرز في المفاوضات”، بحسب “بلومبرغ”.

وقال المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي، الخميس، إن طهران “ستواصل تطوير قدرات نووية سلمية للحفاظ على استقلالها”.

وأضاف في كلمة نقلها التلفزيون: “سنحتاج عاجلاً أم آجلاً إلى طاقة نووية سلمية. إذا لم نسع لتحقيق ذلك.. فسيتضرر استقلالنا”. ومضى يقول إن “إيران لم تسع أبداً لحيازة أسلحة نووية مثلما زعم أعداؤنا”.

والشهر الماضي، قالت صحيفة “شرق” الإصلاحية، إن كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين السابق، سعيد جليلي، كتب رسالة مطولة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي “ينتقد فيها المفاوضين الإيرانيين في فيينا”، ويدعو على ما يبدو إيران إلى “الانسحاب من اتفاق 2015 بالكامل”.

ولفتت الوكالة إلى أن جليلي كان “معارضاً صريحاً للاتفاق، وقاد جهداً فاشلاً للتوصل إلى حل وسط مع الغرب بشأن أنشطة إيران النووية”، قبل 10 سنوات في عهد الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد.

على نحو مماثل، قال علي شمخاني، القائد السابق للقوات البحرية في “الحرس الثوري”، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي، على “تويتر”، الأربعاء، إن الاتفاق النووي ليس أكثر من “صدفة خاوية”، وأعرب مجدداً عن اعتقاده، بأن الولايات المتحدة وأوروبا “لا يمكن الوثوق بهما للالتزام باتفاق”.

وكتب في تغريدة أخرى، أن مطالب إيران بالتحقق من رفع العقوبات، وضمانة ملزمة ضد الانسحاب الأميركي المستقبلي من الاتفاقية كانت “متكاملة”، مشيراً إلى أن المؤسسة الأمنية في طهران لن تتراجع عن مطلب قالت واشنطن مراراً إنه “سيكون من المستحيل تلبيته”.

تحركات جمهورية بالكونجرس

في غضون ذلك، يواصل الجمهوريون في الكونجرس تحركاتهم الحثيثة، لمنع إدارة بايدن من منح إيران أي ضمانات بشأن برنامجها النووي.

وحذّر قرابة 200 عضو جمهوري بمجلس النواب، في رسالة إلى الرئيس الأميركي أوردها موقع “أكسيوس”،، من أن أي اتفاق نووي مع إيران دون موافقة الكونجرس “سيواجه نفس المصير” مثل اتفاق 2015 الذي توصل إليه الرئيس السابق باراك أوباما، والذي انسحب منه لاحقاً خلفه دونالد ترمب.

ودعا وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الكونجرس، الأربعاء، إلى إصدار “بيان سياسي” لضمان عدم انسحاب الولايات المتحدة مجدداً من أي اتفاق محتمل.

وقال عبد اللهيان في مقابلة مع صحيفة “فاينانشيال تايمز”: “نحن بحاجة إلى مستوى جاد من الضمانات، بدلاً من الضمانات القانونية، ربما تكون إيران مستعدة لقبول إعلان من الكونجرس يضمن الالتزامات السياسية الأميركية بالعودة إلى الاتفاق وتنفيذها، إيران حصلت على دعم قوي في المحادثات من روسيا والصين”.

ورسالة الحزب الجمهوري تحمل توقيعات معظم أعضاء الحزب، والذي تقول استطلاعات الرأي إنه سيدير مجلس النواب العام المقبل.

شروط “صعبة”

وكتب نواب الحزب الجمهوري إلى بايدن: “سننظر إلى أي اتفاق يجري التوصل إليه في فيينا، دون عرضه على مجلس الشيوخ الأميركي للتصديق عليه على أنه معاهدة، وعلى أنه غير مُلزم، ويشمل ذلك سائر الاتفاقات السرية المبرمة مع إيران بشكل مباشر، أو على هامش المحادثات الرسمية”.

ووفقاً للموقع، حدد الجمهوريون في رسالتهم شروطاً “من المحتمل ألا يوافق عليها قادة إيران أبداً”، فيما تعهدوا “بمعارضة أي اتفاق يرفع العقوبات الأميركية عن إيران، إذا لم تبدأ أولاً بتفكيك جميع قدرات التخصيب بشكل كامل”.

وطالب النواب طهران بـ”تدمير صواريخها، ووقف كل عمليات رعاية الإرهاب، ودفع التعويضات المستحقة للضحايا الأميركيين للإرهاب الذي ترعاه إيران”، بموجب الأحكام التي أصدرتها المحكمة الفيدرالية الأميركية.

وأشار الموقع إلى أن 175 من الجمهوريين في مجلس النواب، بينهم أنصار متشددون لترمب، وقعوا على الرسالة بعد جهود قادها النائب الجمهوري عن ولاية ويسكونسن مايك جالاجر، ومايكل والتز من فلوريدا، كما وقعها زعيم الأقلية في مجلس النواب كيفن مكارثي، وكذلك “عدوته السياسية”، النائبة الجمهورية عن ولاية وايومنج، ليز تشيني.

وفي وقت سابق من فبراير، اتخذ 33 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين نفس الموقف، وحذروا في رسالة من أنهم يعتزمون “عرقلة” تنفيذ الاتفاق النووي، إذا لم يعرضه بايدن للتصويت في مجلس الشيوخ.

رسالة لإيران

ونقل موقع “أكسيوس” عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، لم يذكر اسمه، قوله إن “إدارة بايدن لا تتفاوض بشأن العودة إلى الامتثال المتبادل لخطة العمل الشاملة المشتركة على أساس من يوجد في السلطة في إيران اليوم أو غداً، ونتوقع نفس النهج من إيران”.

ورجح الموقع أن رفض الحزب الجمهوري تلبية شرط إيران بشأن الضمانات، والتعهد بالانسحاب من أي اتفاق مقبل، عندما يسيطر على البيت الأبيض مجدداً، ربما ينتهي “بالتأثير على صنع القرار الإيراني”.

ومن الواضح أن الجمهوريين يبعثون “رسالة قوية وواضحة إلى الإيرانيين والقطاع الخاص برسالتهم” إلى بايدن، وفقاً لما قاله للموقع، ريتشارد جولدبرج، المسؤول البارز السابق عن الشأن الإيراني في مجلس الأمن القومي في إدارة ترامب، الذي يعمل الآن مستشاراً في مؤسسة “الدفاع عن الديمقراطيات”.

والأربعاء، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، إن الولايات المتحدة “في خضم المراحل النهائية” من المحادثات غير المباشرة مع إيران.

وفي نفس السياق، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، في إفادة صحافية، الأربعاء، إن تركيز الولايات المتحدة منصب “على صفقة تعالج النقاط الأساسية التي تهم جميع الأطراف”.

وجاءت تصريحات مسؤولي الإدارة الأميركية بعد ساعات من تأكيد كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، على “تويتر”، الأربعاء، أن المفاوضات أصبحت قريبة من الوصول إلى اتفاق.

وبدأ الاتفاق يتداعى عام 2018، عندما انسحب منه الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب، وأعاد فرض عقوبات صارمة على إيران، التي بدأت بعد ذلك في انتهاك القيود المفروضة على أنشطتها لتخصيب اليورانيوم.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
الشرق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

11 − إحدى عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى