هل تستطيع الجامعة العربية جذب سوريا بعيدا عن إيران؟

يبدو أن هناك تقاطعا في المصالح بين سوريا التي تحتاج إلى دعم إقليمي ودولي لإعادة الإعمار، ودول الخليج التي لديها ثروات ومصالح هائلة في سوريا.

ميدل ايست نيوز: علقت جامعة الدول العربية عضوية سوريا منذ عام 2011، وبالرغم أن الوصول إلى حل للصراع السوري ما زال أمرا صعبا، خطت العديد من الدول العربية خطوات لإعادة العلاقات مع نظام “بشار الأسد”.

وبعد 3 سنوات من انعقاد القمة الأخيرة في مارس/آذار 2019، تخطط الجامعة العربية للاجتماع مرة أخرى في نوفمبر/تشرين الثاني بالجزائر لمناقشة موضوع عودة سوريا. وبالرغم أن السبب المعلن للتأخير هو جائحة “كورونا”، إلا أن مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية “حسام زكي” أشار إلى أن الوقت الإضافي قد يسمح بـ”تحسين المناخ السياسي” في الشرق الأوسط.

وتبقى الأسئلة مطروحة حول متى وما هي الشروط التي يتم طرحها رسميا لعودة سوريا. وفي منتصف فبراير/شباط، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية “أحمد أبو الغيط” إنه “لا يوجد إجماع” على عودة سوريا إلى المنظمة.

ويرى البعض أن إعادة دمج سوريا سيساعدها جزئيا على الفكاك من النفوذ الإيراني الهائل. ولا يزال الشريكان الرئيسيان لسوريا (إيران وروسيا) يخضعان للعقوبات الدولية، ومن غير المرجح في هذه المرحلة أن يقدما الكثير من الدعم المالي فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية أو إعادة الإعمار في سوريا ما بعد الحرب.

وهناك جهد مماثل من قبل دول الخليج الثرية لكسب جارة إيران الأخرى، العراق.

وبالرغم أن روسيا تواجه انتكاسة دبلوماسية واقتصادية شديدة بسبب غزوها أوكرانيا، إلا إن الدول العربية بشكل عام تحافظ على علاقاتها مع موسكو، وبالتالي فإن روسيا في موقع يسمح لها بإنهاء عزلة “الأسد” في العالم العربي.

في غضون ذلك، هناك حالة من الجمود في المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة. وداخل نظام “الأسد”، يقال إن هناك أجنحة – مرتبطة بـ”أسماء الأسد” – تريد تقليل اعتماد دمشق على الدعم الإيراني. وتميل هذه الشخصيات إلى تفضيل موسكو وإعادة دمج سوريا في العالم العربي.

ويبدو أن هناك تقاطعا في المصالح بين سوريا التي تحتاج إلى دعم إقليمي ودولي لإعادة الإعمار، ودول الخليج التي لديها ثروات ومصالح هائلة في سوريا. ويزيد ذلك من فرص التطبيع بين سوريا والدول العربية. وبالرغم من ذلك لا تزال هناك دول عربية، أبرزها السعودية وقطر، متمسكة بعدم تطبيع العلاقات مع “الأسد”.

وبعيداً عن احتمالية عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، فإن مسألة إيران تمثل تحدياً صعباً. ومن المستبعد جدًا خروج سوريا من النفوذ الإيراني في أي وقت قريب. وقال الكاتب “ويل كريستو”: “يبدو أن نظرية (دق إسفين بين سوريا وإيران عبر إعادة دمج دمشق في العالم العربي) نشأت في واشنطن وليس في أبوظبي أو في أي مكان آخر في المنطقة”.

وأشار الخبراء إلى أنه إذا عادت سوريا بالفعل إلى جامعة الدول العربية، فمن غير المرجح أن يكون هناك أي تغيير حقيقي على الأرض فيما يتعلق بالنفوذ الإيراني في سوريا.

وتساءل مدير الأبحاث في المركز العربي بواشنطن “عماد حرب” قائلا: “ما الذي يمكن للعالم العربي أن يكسبه بشكل ملموس من إنهاء تعليق عضوية النظام السوري في جامعة الدول العربية؟ بعد كل شيء، لا تزال سوريا هي الجائزة التي فازت بها روسيا وإيران بعد عقد من الحرب والدمار”.

وقالت المحللة السياسية “روان رجولة”، المختصة بشؤون الشرق الأوسط، إن سحب سوريا بعيدًا عن إيران كان سبب التقارب الأخير بين الإمارات و”الأسد” والذي عززته الزيارات الرسمية المتبادلة بين دمشق وأبوظبي. ومع ذلك، فإن هناك أسباب أكثر تعقيدا.

وأضافت “روان”: “توسطت الولايات المتحدة في صفقة من شأنها توصيل الغاز الطبيعي من مصر إلى الأردن الذي سيستخدمه لتوليد الكهرباء ونقلها إلى لبنان عبر سوريا. على الأرجح، سيكون ذلك هو الغاز الطبيعي الإسرائيلي الذي تستورده مصر. كما خلق الغزو الروسي لأوكرانيا واقعًا جيوسيا جديدا وأصبحت أوروبا تبحث عن مصادر بديلة للغاز الروسي مثل الجزائر وقطر”.

وتابعت: “الجزائر في معسكر إعادة دمج الأسد وبالرغم أن لديها فرصة من خلال استضافة القمة المقبلة للجامعة العربية فإنها قد تعيد حساباتها بالنظر إلى الفرص الجديدة أمامها بمباركة أمريكية، ومن المحتمل ألا تكون إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية على جدول أعمال القمة هذا العام في ظل الوضع المتقلب وغير الواضح. ومع ذلك، لا يمكن أن تستمر حالة عدم اليقين هذه إلى الأبد، خاصة أن التغاضي عن بعض العقوبات الأمريكية سيكون ضروريا لعملية التطبيع”.

هناك مسار دبلوماسي موازٍ قيد التنفيذ في العالم العربي، حيث أقامت كل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان علاقات رسمية مع إسرائيل. وستحاول الولايات المتحدة والإمارات وإسرائيل – وإلى حد ما روسيا – العمل ضمن هذا الإطار لتقليص البصمة العسكرية لإيران داخل سوريا.

ويرى البعض أن التوصل إلى اتفاقية سلام بين سوريا وإسرائيل أمرا مستبعدا للغاية، لكن هناك بعض السوابق التاريخية. وقبل الحرب الأهلية السورية، يقال إن الدبلوماسيين الأمريكيين اقتربوا من إقناع “الأسد” بالتخلي عن العلاقات مع “حزب الله” وإيران مقابل استعادة مرتفعات الجولان من إسرائيل.

ولا يبدو أن سوريا أو لبنان أو العراق ستنضم إلى اتفاقيات “أبراهام”. ومع ذلك، فإن كل دولة تتعامل مع إسرائيل بشكل غير مباشر لأغراض الطاقة.

وأضافت: “سيعطي هذا فرصة للإمارات للعب دور وسيط سلام على المدى الطويل، أما جامعة الدول العربية فلن تغير موقفها ما لم تتخذ السعودية خطوات جادة نحو إضفاء الطابع الرسمي على علاقاتها مع إسرائيل. وينطبق هذا أيضا على سوريا”.

وقال “كريستو”: “لن نرى سوريا تنضم مجددًا إلى جامعة الدول العربية حتى تخفف السعودية وقطر موقفهما من النظام السوري. وإذا تم الاتفاق مع إيران، فسيكون هذا احتمالا واردا”. وفي أواخر مارس/آذار، التقى وزير الخارجية الإيراني “حسين أمير عبداللهيان” “الأسد” ورئيس مكتب الأمن القومي السوري اللواء “علي مملوك” في دمشق. وأشار الوفد الإيراني خلال الزيارة إلى ترحيب إيران بخطوات الإمارات نحو المصالحة مع دمشق.

لكن بالرغم من زيادة العلاقات العربية مع سوريا، فمن غير المرجح أن يكون “الأسد” على استعداد لتقليص العلاقات مع إيران أو قطعها تمامًا، نظرًا للمقدار الهائل من المساعدة التي قدمتها طهران لإنقاذ نظامه. وسوف يميل السوريون إلى فتح علاقات مع أكبر عدد ممكن من الدول العربية دون تقديم الكثير في المقابل.

وكما أشار “كريستو”، فإن التجربة تقول إن “الأسد” سيكون مرتاحا من لعب القوى الأجنبية مع بعضها البعض، ولن يشعر “الأسد” بأي ضرورة للانقلاب على “محور المقاومة” الذي يدعي أنه جزء منه، وبدلا من ذلك سيفضل الانتظار على السياج والاستفادة على الجانبين”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
الخليج الجديد
المصدر
Inside Arabia

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى