صراع داخلي في ألمانيا حول مقاربة ملف إيران

يتسع الصراع الداخلي في ألمانيا حول التعاطي مع إيران التي تتكاثر فيها انتهاكات حقوق الإنسان على خلفية المظاهرات التي تشهدها البلاد منذ أسابيع.

ميدل ايست نيوز: يتسع الصراع الداخلي في ألمانيا حول التعاطي مع إيران التي تتكاثر فيها انتهاكات حقوق الإنسان على خلفية المظاهرات التي تشهدها البلاد منذ أسابيع. وبات هذا الملف يؤرق تحديداً وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، التي تعهدت عندما تسلمت منصبها نهاية العام الماضي، بأن تروج لسياسة خارجية مبنية على حقوق الإنسان والنساء. لكنها تجد نفسها اليوم عاجزة عن تقديم دعم ملموس للإيرانيين الذين تردد وصفهم بأنهم «شجعان».

وحسب تقرير لصحيفة “الشرق الأوسط” في 3 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، كتبت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، المنتمية إلى «حزب الخضر»، تعليقاً عبر «تويتر» على القمع الأمني ضد طلاب جامعة شريف في إيران، فقالت: «من الصعب تحمل ما يحصل في جامعة شريف في إيران. إن شجاعة الإيرانيين غير معقولة، واستخدام النظام القوة المفرطة دليل على الخوف من قوة التعليم والحرية».

وألحقت بيربوك تعليقها هذا بآخر اعترفت فيه بقدرتها المحدودة على التصرف، وكتبت: «من الصعب أيضاً أن نتحمل أن سياستنا الخارجية محدودة، ولكن بإمكاننا رفع الصوت وتوجيه الاتهامات وفرض العقوبات، وهذا ما نقوم به».

وقصدت بيربوك العمل على فرض عقوبات على إيران تتعلق بملف حقوق الإنسان ضمن الاتحاد الأوروبي، وهي ما تعمل عليه منذ تعليقها.

لكن بيربوك ترفض ربط ملف حقوق الإنسان بالمفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي، وهي تتمسك بهذه المفاوضات على الرغم من الرسالة المزدوجة التي يمكن أن ترسلها للنظام في إيران.

وعندما سئلت في مقابلة مع القناة الألمانية الأولى قبل يومين، عن الانتقادات الموجهة إليها؛ خصوصاً من معارضين إيرانيين، بأن رد فعلها بطيء وغير كاف، ردت بالقول: «بالطبع أتفهم انتقادات من لديهم أمهات وشقيقات وأقارب، اعتقلوا في إيران… ولكن في الوقت نفسه، فإن مسؤوليتي من موقعي وزيرة للخارجية تعني أنه لا يمكنني أن أقدم وعوداً لا يمكنني تنفيذها فوراً، وقد قلت منذ البداية إننا سنفرض عقوبات؛ وهذا سيحدث في إطار الاتحاد الأوروبي…».

وعندما سئلت عن رأيها في المطالبات بوقف التفاوض مع إيران حول برنامجها النووي، ردت بالرفض، وبررت ذلك قائلة: «حياة الأشخاص في إيران معرضة للخطر، ولكن أيضاً في المنطقة التي ستصبح أكثر خطراً بكثير في حال حصل النظام على قنبلة نووية. ولهذا السبب، ضمن المجتمع الدولي، أوضحنا في السنوات الماضية أن إيران يجب ألا تحصل على سلاح نووي. وكررنا في الأشهر الماضية مطالبنا بمعرفة ما الذي يحدث في المفاعل النووي في إيران».

وأضافت أن «النظام الإيراني ليس مستعداً للسماح للمفتشين بدخول المواقع النووية، ولذلك ليست هناك مفاوضات جارية الآن أصلاً».

ويتماشى موقف بيربوك مع موقف حزبها حول إيران؛ إذ يدعو الزعيم المشترك لـ«حزب الخضر» الذي يرأسه ألماني من أصل إيراني هو أوميد نوريبوري، إلى فرض عقوبات أوروبية على المسؤولين الإيرانيين من دون ذكر المفاوضات حول البرنامج النووي.

لكن دعوات بوقف التفاوض مع إيران حول برنامجها النووي صدرت عن سياسيين في الحزبين الآخرين المشاركين في الائتلاف الحكومي، مما يعكس الخلافات الداخلية بين الأطراف الحاكمة حول مقاربة إيران.

ودعت ساسكيا أسكن، زعيمة «الحزب الاشتراكي» الحاكم الذي ينتمي إليه المستشار الألماني أولاف شولتز، إلى وقف المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي. وقالت؛ في مقابلة مع القناة الألمانية الأولى، إنه يتوجب على ألمانيا أن «تعلن بشكل واضح: كفى! يجب على المحادثات أن تتوقف بسبب الطريقة التي يتم التعامل بها مع النساء والرجال في الشارع».

لكن حتى داخل «الحزب الاشتراكي»، لا يبدو أن هناك توافقاً حول هذه المقاربة؛ إذ صدرت تصريحات مناقضة عن المتحدث باسم السياسة الخارجية لـ«الحزب الاشتراكي»، نيلس شميت، الذي قال إن ما يحدث من قمع للمظاهرات في إيران «لا علاقة له بالمسؤولين عن السياسة الخارجية». وأضاف أن توقف المحادثات مع طهران قد يؤدي إلى زيادة التهديد الإيراني لإسرائيل ودول المنطقة ويفتح سباق تسلح.

وصدرت دعوة شبيهة لدعوة زعيمة الاشتراكيين عن «الحزب الليبرالي»، وهو الحزب الثالث المشارك في الحكومة الائتلافية. وقال أمين عام الليبراليين، بيجان دجير سراي، للقناة الألمانية الأولى إن «المفاوضات النووية مع إيران ليست فكرة جيدة في الوقت الحالي»، مضيفاً أنه يؤيد تعليق مفاوضات كهذه؛ «لأنه لا يمكن التفاوض مع نظام لا يمتلك أي شرعية في نظر شعبه».

وتعدّ المفاوضات النووية مع إيران متوقفة حالياً على الرغم من أن الأطراف الدولية لم تعلن انتهاءها رسمياً؛ بل يبدو أنها تنتظر انتهاء الانتخابات الفرعية في الولايات المتحدة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل لمعرفة ما إذا كان يمكن إعطاؤها دفعة جديدة أو وقفها بشكل كامل في حال سيطرة الجمهوريين على الكونغرس.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة عشر − 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى