من الصحافة الإيرانية: الدور العربي في المعادلة بين طهران وواشنطن

يبدو أن تفعيل جهات الوساطة واللجوء إلى تسهيلات من قبل أطراف أخرى بما في ذلك الحكومات العربية، أمر محتمل بالنسبة للمفاوضيين الإيرانيين.

ميدل ايست نيوز: ألقت سحابة التوتر مؤخراً بظلالها على الساحة الإيرانية والأوروبية وبعثرت الأوراق الدبلوماسية بين الطرفين. وفي وقت سابق، أدى دور الوساطة الذي لعبه الاتحاد الأوروبي، والتسهيل في العلاقات الإيرانية الأمريكية على مدى العقد الماضي، إلى تشكيل الاتفاقية النووية لعام 2015 والمفاوضات لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة على مدى العامين الماضيين.

وفي فترة ما بين تلك المدة، عارض خط المواجهة الذي اتبعته سياسة ترامب ضد طهران، وقلب موازين العلاقات الإيرانية الأمريكية التي تشهد في الوضع الراهن توتراً كبيراً.

وحسب تقرير لصحيفة “دنياي اقتصاد” الإيرانية أدى الجمود في المفاوضات النووية وظهور الاحتجاجات الشعبية في إيران، إلى المصادقة على قرارين سياسيين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقرارات قانونية في مجلس حقوق الإنسان تمحور حول دول الترويكا الأوروبية.

تغيير مسار الوساطة؟

وفي الوقت الذي تتضاءل فيه الآمال بشكل واضح بإحياء الاتفاق النووي، ووقوف أوروبا مرة أخرى إلى جانب الولايات المتحدة في اتخاذ القرارات كما في الفترة ما بين 2009 إلى 2012، يبدو أن تفعيل جهات الوساطة واللجوء إلى تسهيلات من قبل أطراف أخرى بما في ذلك الحكومات العربية، أمر محتمل بالنسبة للمفاوضيين الإيرانيين.

ومن هذا المنطلق، بالنظر إلى أولوية سياسة الجوار لحكومة ابراهيم رئيسي وتحسين علاقاتها مع الإمارات، وكذلك المفاوضات المعلقة بين إيران السعودية، فمن الممكن أن تكون ذلك طريقاً محتملاً لإرسال رسائل دبلوماسية إلى الغرب.

مهمة، قامت بها عمان قبل عقود وقطر والعراق على مدى السنوات القليلة الماضية، ويمكن أن تمتد إلى حكومات أخرى في مجلس التعاون، بما في ذلك الإمارات.

ومع ذلك، يطرح هذا السؤال، أنه وفقًا للاتباع الأمني لهؤلاء الفاعلين (الحكومات العربية) للولايات المتحدة، والتي أدت أحيانًا إلى انحيازهم إلى الطرف الأمريكي وتصعيد التوترات مع إيران، إلى أي مدى تمتلك الحكومات العربية القدرة على التوسط ورأب الصدع والتقريب بين وجهات النظر الإيرانية والأمريكية؟

من الصحافة الإيرانية: ما هو سر الصمت العربي تجاه أحداث إيران؟

سياسة الجوار الجيدة

مع برودة العلاقات الإيرانية مع أوروبا، تسعى طهران وجيرانها المقربون إلى الحفاظ على علاقة حيوية حذرة. فمن ناحية، عينت الإمارات والكويت سفيرين لدى إيران في سبتمبر الماضي بعد فترة طويلة من التوتر في العلاقات بينهما. كما عقدت مفاوضات بين إيران والسعودية في الفترة ما بين مارس 2021 إلى أبريل 2022 في خمس جولات استضافتها بغداد، ومن المقرر أيضًا عقد الجولة التالية في فترة ليست بالبعيدة. في الوقت نفسه، تقدمت علاقات عمان وقطر بشكل جيد مع إيران وحافظت على مركزها في السياسة الخارجية لفترة طويلة.

ومنذ استلام ابراهيم رئيسي سدة الحكم في مايو 2021، أعطت طهران الأولوية لسياسة الجوار باعتبارها محور علاقاتها الخارجية، مما أدى إلى تغيير في أجواء العلاقات مع الحكومات العربية. ومن هذه الزاوية، تسعى إيران إلى فصل العلاقات مع الحكومات العربية عن الاتفاق النووي والعلاقات السياسية والأمنية مع الغرب.

على الرغم من العلاقات المعقدة والمتشابكة بين الحكومات العربية والولايات المتحدة، وخاصة التعاون العسكري والأمني ​​بين هاتين الكتلتين، فإن هذه الجهات الفاعلة بذلت الكثير من الجهد على مدى السنوات الماضية لتنويع محفظة سياستهم الخارجية وتحقيق التوازن بين الاحتياجات العسكرية مع الولايات المتحدة والإبقاء على علاقاتها مع فرنسا وروسيا والصين وطيدة ومتينة. في الوقت ذاته، تلعب أمريكا دورًا بارزًا في الترتيبات الأمنية للحكومات العربية وحساباتهم السياسية للاقتراب من إيران.

الضغوط الغربية تقف عائق أمام العرب

وتفرض هذه المسألة مزيدًا من القيود على العواصم العربية، لا سيما في ظل حالة التوتر ودخول أجواء تصعيد الأزمة في العلاقات بين إيران والغرب، وتقلل بشكل كبير من قدرة هذه الجهات على الوساطة ورأب الصدع.

وفي حال أجبرت هذه الجهات الفاعلة على اتخاذ خيارات أكثر وضوحًا في العلاقات بين طهران وواشنطن، فإن أنماط سلوكها على مدار السنوات الماضية تظهر أنها تتجه نحو اتباع أمريكا.

في مثل هذه الأجواء، وبينما يجب وضع علاقات الجوار مع الحكومات العربية، وخاصة السعودية، على مسار أكثر تحديدًا لإدارة التوترات والعودة من العلاقات المسببة للتوتر إلى المنافسة التقليدية، ينبغي الافتراض أنه نظرًا للعلاقات التاريخية بين هذه الحكومات مع أمريكا ونقاط الضعف الأمنية لها، وخاصة الحرب النفسية التي لا تزال مهيمنة على صناع القرار في هذه الدول فيما يتعلق بتوسيع دور إيران في الشرق الأوسط، لا يبدو من المعقول جدًا توقع وساطة عربية في ظروف التوترات في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة وأوروبا.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى