لماذا أصبحت ألمانيا واجهة المواقف المعارضة للنظام الإيراني في أوروبا؟

بينما تشهد إيران في هذه الأيام فصلاً بارداً في علاقاتها مع بعض دول القارة الخضراء، إلا أن التوتر القائم بين طهران وبرلين يعد الأكبر والأكثر حساسية.

ميدل ايست نيوز: بينما تشهد إيران في هذه الأيام فصلاً بارداً في علاقاتها مع بعض دول القارة الخضراء، إلا أن التوتر القائم بين طهران وبرلين يعد الأكبر والأكثر حساسية.

وقامت وزارة الخارجية الإيرانية يوم أمس باستدعاء سفير ألمانيا في طهران “هانس أيدو موتسيل”، على خلفية قيام ألمانيا بعقد اجتماع خاص لمجلس حقوق الإنسان بخصوص الأحداث الأخيرة في إيران وتكرار التصريحات التدخلية للسلطات الألمانية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي لا أساس لها من الصحة، وسلمته احتجاجا شديد اللهجة.

وأبلغت وزارة الخارجية السفير الألماني إن القرار الأخير الصادر عن الاجتماع الخاص لمجلس حقوق الإنسان خطوة خاطئة تستند إلى نهج سياسي في موضوع حقوق الإنسان، وهو قرار مرفوض أساسا، مؤكدا ان طهران لم تتعاون مع الآليات المحددة على أساسه.

وصرحت أن تعاون ومواکبة ألمانيا ودول أوروبية أخرى مع الحظر الامريكي الاحادي الجانب المفروض على ايران والذي تسبب في انتهاكات جسيمة لحقوق الشعب الإيراني، تجعل هذه الدول فاقدة الصلاحية لرفع دعاوى حقوق الإنسان.

وهذا لم يكن نهاية الأحداث، فخلال مؤتمر صحفي، عقده يوم امس الاثنين، رد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، على سؤال حول دور الحكومة الألمانية في تصدير الأسلحة الكيماوية إلى العراق واستخدام صدام لها ضد الشعب الإيراني: “في الأيام القليلة القادمة سنشهد قدوم اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا الأسلحة الكيميائية، وإن هذه الكمامة تذكر الشعب الايراني والقوات المسلحة بالحرب التي فرضت من قبل النظام البعثي العراقي ضد إيران”.

وبحسب موقع شرق، أضاف المسؤول الإيراني: “أن وثائق الأمم المتحدة حمّلت نظام الرئيس العراقي الراحل صدام مسؤولية الحرب، ولكن خلال سنوات الحرب قدم عدد من الدول، ومنها ألمانيا، لصدام منتجات كيميائية، مع علمها بأنه يستخدمها في صنع أسلحة كيميائية.. ما تسبب بجرائم عديدة ضد المواطنين في ايران والعراق نفسه من قبل نظام صدام”.

وفي السياق ذاته، أوضح كنعاني أن “التقارير الصحفية و منها تقارير الإعلام الألماني تحدثت عن دور ألمانيا في تزويد العراق بأسلحة كيميائية.. ونتائج تقارير الأمم المتحدة أيضاً أشارت إلى ذلك وإلى دور الشركات الألمانية في هذا الأمر… ما تسبب بتوجيه عشرات المذكرات من قبل الأمم المتحدة إلى ألمانيا”.

وعن تصريحات الألمان تزامناً مع الاحتجاجات الأخيرة في أيران، قال كنعاني: “نشهد الآن ادعاءات ألمانيا بشأن حقوق الإنسان وحقوق المرأة وتبنيها قرار ضد إيران في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”. وأردف: “هذا البلد (ألمانيا) تسبب بحربين عالميتين راح ضحيتها ملايين الأشخاص، و تحملت إيران خسائر كبيرة آنذاك رغم إعلانها الحياد”.

حزب الخضر ودوره في تصعيد التوتر

وبالنظر إلى مواقف وتحركات طهران وبرلين ضد بعضها البعض، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا أصبحت ألمانيا مركزاً للمواقف ضچ إيران في القارة الأوروبية. بينما مثل هذه السياسة لا تتبع في دول أوروبية أخرى ولا حتى في فرنسا؟

وفي هذا السياق، يرى بعض المحللين أنه بعد تولي حكومة أولاف شولتس، التي تشكلت بالتحالف مع حزب الخضر السياسي، وتبنيها نهج اشتراكي يركز على شعارات حقوق الإنسان، وهو شعار هذين الحزبين. فقد تسبب في إيلاء التطورات الحالية في إيران اهتمامًا أكبر ببرلين أكثر مما كانت عليه في عهد ميركل.

حزب الخضر، الذي أظهر في كثير من القضايا حساسيات شديدة في مجالات حقوق الإنسان في فترات مختلفة. وبعد وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني، أظهرت حكومة شولتز، بقيادة وزيرة الخارجية من حزب الخضر، أنالينا بوربوك، مستوى غير مسبوق من ردود الفعل القاسية ضد طهران.

سلامي يتهم الولايات المتحدة وإسرائيل وفرنسا وألمانيا والسعودية بشن “حملة عالمية” ضد إيران

من ناحية أخرى، يعتقد العديد من المراقبين أن قضية الصراع الحالي بين برلين وطهران لا تقتصر فقط على قضية حقوق الإنسان. من وجهة النظر هذه، إذا كان يُعتقد أن الصراع الغربي مع إيران منسق، وإذا اعتبرناه نتيجة لتنسيق الولايات المتحدة مع حلفائها الأوروبيين، خاصة بعد توثيق العلاقة بين إيران وروسيا، فيمكن القول إن سيناريو “ضربة غربية لإيران من خلال البوابة الألمانية” يرجح أن يكون أحد أهداف هذا النهج؛ بالخصوص، لأن ألمانيا من الدول الأوروبية التي تتفاعل مع إيران وحتى في ذروة التوترات السياسية بين إيران وأمريكا في عهد دونالد ترامب، فقد حاولت الحفاظ على علاقاتها التجارية مع إيران.

تعد شركة سيمنز، وهي إحدى الشركات الأم في ألمانيا، واحدة من الشركاء التجاريين المهمين للشركات الإيرانية وما زالت لديها مشاريع مهمة في إيران.

وحتى بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، ظلت ألمانيا لفترة طويلة الشريك التجاري الأول لإيران بين الدول الأوروبية، وفي بعض الأحيان تجاوز مستوى التجارة بين البلدين المليار دولار.

ونتيجةً لذلك، ومن خلال التنسيق القائم بين الساسة في أوروبا يمكننا أن نفهم، لماذا يجب أن تتم “ضربة غربية لإيران من خلال البوابة الألمانية”. خاصة وأن ألمانيا تشعر بخيبة أمل من الاستفادة من قدرات إيران في توفير احتياجاتها من الطاقة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى