المجلس الأطلسي: سياسة نتنياهو تجاه إيران ستفشل مرة أخرى

"نتنياهو" الذي يتولى منصب رئيس وزراء إسرائيل للمرة السادسة في التاريخ، أعلنت حكومته أن هدفها هو التركيز على كل جانب من جوانب التهديد الإيراني.

ميدل ايست نيوز: إلى أي مدى يمكن لرئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” إقناع العالم بنهجه الخاص تجاه إيران، والقاضي بضرورة “دحر” مشروع طهران النووي، وليس إحياء الاتفاق النووي مع طهران؟

سؤال تناوله الباحث في معهد آبا إيبان للدبلوماسية الدولية، “داني سيترينوفيتش”، عبر تحليل نشره بموقع المجلس الأطلسي، أشار فيه إلى أن تصريحات “نتنياهو”، وأفعاله، ومنها إرسال وزير الشؤون الإستراتيجية “رون ديرمر” إلى واشنطن في 9 يناير/كانون الثاني الجاري، تكشف أنه لم يغير أسلوبه في ملف إيران.

وذكر “سيترينوفيتش”، أن “نتنياهو” الذي يتولى منصب رئيس وزراء إسرائيل للمرة السادسة في التاريخ، أعلنت حكومته أن هدفها هو التركيز على كل جانب من جوانب التهديد الإيراني، خاصة برنامج طهران النووي.

ويعني ذلك، حسب الباحث، أن رئيس الوزراء ينوي الاستمرار في معارضة أي اتفاق نووي مع طهران وأنه يواصل التأكيد على أن إسرائيل لن تتردد في إحباط خطط إيران لبناء ترسانة نووية.

وفي هذا السياق، يبدو أن “نتنياهو” يركز بشكل أساسي على تعزيز العلاقات الإسرائيلية مع الولايات المتحدة، وبالتالي حشد القوى العالمية والإقليمية لزيادة الضغط السياسي والاقتصادي على طهران.

ومع ذلك، فإن ما كان يمثل مهمة صعبة لـ “نتنياهو” قبل بضع سنوات أصبح مهمة شبه مستحيلة في المناخ الدولي الحالي بسبب مجموعة من الأسباب، حسبما يرى “سيترينوفيتش”.

فأكبر مشكلة أمام “نتنياهو” اليوم هي حقيقة أنه سيواجه صعوبة في حشد إدارة “جو بايدن” على الرغم من أن البلدين يجتمعان عندما يتعلق الأمر بالتهديد الإيراني.

وتعهد “بايدن” بالفعل، بأنه لن يتردد في مهاجمة إيران “كملاذ أخير”، إذ لا تزال الفجوة بين إسرائيل والولايات المتحدة حول هذه القضية عميقة من الناحية العملية.

إيران ليست في قلب أولوليات إدارة “بايدن”، بل الحرب في أوكرانيا والارتفاع الدراماتيكي للتهديد الصيني، وهو ما يشي به سلوك إدارة “بايدن” إزاء الاحتجاجات الشعبية في إيران ومساعدة طهران لروسيا في حربها في أوكرانيا.

إذ لم تلجأ إلى الضغط الإضافي؛ لأنه يمكن أن يدمر التوازن الذي نشأ مع طهران ويمنع أي فرصة للتسوية السياسية في المستقبل.

وإزاء ذلك، سيكون من الصعب جدا على “نتنياهو” وفريقه إقناع أي شخص في واشنطن بأن نهجهم بشأن إيران هو الطريق الصحيح.

ويضيف “سيترينوفيتش” بأن كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية يفهمون أن فرص العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران منخفضة، ومع ذلك يبدو أنهم يفهمون أنه لا يوجد بديل لإطار سياسي يمنع إيران من تسريع برنامجها النووي.

وهذا يتناقض تماما مع سياسة “نتنياهو” التي تستبعد أي مفاوضات مع طهران. وحتى إذا قررت إدارة “بايدن” زيادة الضغط على إيران، فإنها ستفعل ذلك بهدف العودة إلى الاتفاق النووي، وليس القضاء على أي فرصة للمفاوضات.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن قدرة “نتنياهو” على حشد دعم اليهود الأمريكيين في الحملة ضد إيران، يمكن أن تتآكل إذا أقرت حكومته قوانين تمس مكانتهم في إسرائيل.

وحتى أصدقاء إسرائيل في الكونجرس الأمريكي سيجدون صعوبة في العمل لدعم سياسات نتنياهو.

كما أن المشكلة الفلسطينية تحدٍ أمني وسياسي كبير. وسيؤدي تدهور الوضع الأمني في الضفة الغربية إلى إجبار جيش الدفاع الإسرائيلي على تركيز مهامه هناك بدلاً من أي مكان آخر، ما سيؤدي على الأرجح إلى زيادة التوترات مع المجتمع الدولي.

وحتى لو تمكنت إدارة “نتنياهو” من إعطاء الأولوية الكاملة للمشكلة النووية الإيرانية، والتي تفاقمت في السنوات الأخيرة فقط ، فمن غير الواضح ما إذا كانت ستعيق تقدم طهران.

فمنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي بتشجيع من “نتنياهو” أحرزت إيران تقدمًا دراماتيكيًا في تخصيب اليورانيوم، وتغلبت على كل عقبة تكنولوجية كانت لديها في الماضي واقتربت جدًا من الحصول على ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية.

ويرى “سيترينوفيتش” أن هذه المعطيات تتحدى أي خطة تنفيذية لـ “نتنياهو”، متسائلا: “هل من الممكن محو المعرفة النووية المكتسبة في إيران حتى لو اختفت المنشآت في نطنز وفوردو غدًا؟”، في إشارة إلى استبعاد إمكانية إنهاء المشروع النووي الإيراني بضرب مفاعلاته.

ويشير الباحث إلى أن تعزيز العلاقات بين روسيا وإيران قد يجعل من الصعب على إسرائيل زيادة عملياتها السرية في طهران من الناحية السياسية وحتى الأمنية. فإيران التي عرفها نتنياهو، والتي ردت بالكاد على التخريب والهجمات الإلكترونية الإسرائيلية السابقة، ليست هي إيران اليوم.

فمن أجل التعامل مع حملة الضغط الأقصى لإدارة “دونالد ترامب”، رفعت طهران العائق من خلال “حملة المقاومة القصوى” لاستعادة الردع و “موازنة المعادلة” مع إسرائيل والغرب.

وإذا كان “نتنياهو” يعتقد أن حشد القوى الإقليمية – بقيادة السعودية سيضغط على إيران فعليه مراجعة نفسه، إذ بينما تنظر الدول العربية إلى إيران على أنها عدو، فإنها تفضل الإبقاء على قنوات الحوار والعلاقة الاقتصادية مع طهران، مدركة أن هذا هو السبيل الوحيد للحد من التصعيد مع إيران.

وهذه الدول تخشى بشدة صراعا عسكريا إقليميا، وستجد صعوبة في دعمه بسبب التأثير المحتمل على أمنها، حسبما يؤكد “سيترينوفيتش”.

كل هذه العقبات تزيد من الصعوبات التي يواجهها “نتنياهو” في حشد الجمهور الإسرائيلي لحملة ضد إيران، لا سيما عندما يُفترض على نطاق واسع أن تصرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي تصرف الانتباه عن محاكمته الجارية بتهم الفساد.

كما أن الشك والشرخ الآخذ في الاتساع بين اليمين واليسار في إسرائيل سيزيد من الشكوك حول أي إجراء يتخذه “نتنياهو” في السياق الإيراني.

ونتيجة لذلك، سيجد رئيس الوزراء الإسرائيلي صعوبة في الفوز بمساعدة تلقائية من المعارضة في توجهه إزاء طهران.

ويخلص “سيترينوفيتش” إلى أن التوقعات تشير إلى أن “نتنياهو” سيواجه العديد من المطبات في طريقه لإقناع العالم بالرد على التهديد الإيراني، وأن إيران ستواصل تحقيق تقدم دون عوائق تقريبًا في برنامج التخصيب اليورانيوم، وبطريقة تقضي على أي حل غير سياسي تقريبًا.

فالقدرة على دحر التهديد النووي الإيراني، بات أمرا مستبعدا للغاية وفق أي سيناريو، بالإضافة إلى أن إيران لديها إجماع داخلي فيما يتعلق بحقها في تخصيب اليورانيوم، وبالتالي لن تفكك منشآتها النووية في ظل أي سيناريو.

الحل الوحيد إذن هو الدبلوماسية، والذي يمكن أن يؤدي، في أفضل الأحوال، إلى اندفاع العالم لتوقيع اتفاق نووي جديد مع إيران، وفي أسوأ الأحوال، إلى اختيار التقاعس وترك إسرائيل معزولة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
الخليج الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى