علاقات إيران والصين بعد مرور عام على توقيع الاتفاقية الاستراتيجية

ثمّة مؤشّرات على أن هذه الاتفاقيّة بدأت تُؤْتِي ثماراً اقتصادية وسياسية، وعلى نحو يسمح بتحقيق النتائج المَرجوّة منها للطرفين.

ميدل ايست نيوز: بعد مُضيِّ عام كامل على إطلاق “برنامج التعاون الإيراني-الصيني” الذي يمتد لــ 25 عاماً انطلاقاً من مارس 2021، لمْ تَرِد أيّة تقارير رسميّة عن أداء هذا التعاون خلال السنة الأولى من الاتفاقيّة. لكنْ ثمّة مؤشّرات على أن هذه الاتفاقيّة بدأت تُؤْتِي ثماراً اقتصادية وسياسية، وعلى نحو يسمح بتحقيق النتائج المَرجوّة منها للطرفين.

تبحث هذه الورقة في حصيلة التعاون الاقتصادي بين إيران والصين بعد مرور عام على توقيع الاتفاقية. وتتضمّن تقييماً لتوقّعات حكومة إبراهيم رئيسي بخصوص الاستثمارات الصينية في قطاعي النفط والغاز الإيرانيين، ومدى استعداد المسؤولين في طهران لتوفير الدعم للصين بهذا الخصوص.

حصيلة عام من تطبيق الاتفاقية بين إيران والصين

لعلّ أكثر المجالات التي تظهر فيها نتائج تطبيق اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين إيران والصين بوضوح، هي ارتفاع صادرات النفط الإيرانية إلى الصين. وليس من الواضح ما إذا كان ثمة عوامل أخرى أسهمت في زيادة هذه الصادرات. وتُشير أحدث التقارير الرسمية المُتاحة إلى أن بيجين زادت واردات النفط الخام اليومية من إيران إلى 870.000 برميل في اليوم في الربع الأول من عام 2022. ويُمثّل ذلك زيادة بنسبة 30% بعد أن كانت تبلغ 668.000 برميل من النفط، كانت تتلقاها الصين من إيران في الربع الأول في عام 2021.

ونظراً لأن إيران تحافظ على سريّة الكثير من بيانات صادرات النفط الخاصة بها، من المُحتمل أن يكون الرقم الحقيقي لصادرات النفط إلى الصين أعلى من ذلك. وعلى سبيل المثال، تقوم إيران بتصدير النفط إلى الصين من خلال طرف ثالث، مثل عُمان، وماليزيا؛ حيث لا تُسجَّل تلك الصادرات. علاوة على ذلك، ليس لدى إيران أي عملاء نفط رئيسيين آخرين، ويجب أن يُنظر إلى أية زيادة في الصادرات على أنه ارتفاع في كميّات النفط التي تُرسَل إلى الصين؛ فعملاء النفط الآخرين لإيران هم سوريا وفنزويلا وهما يستوردان كميات نفط أقل من ذلك بكثير.

وقد يكون ثمة عاملان آخران يُبرّران أيضاً هذه الزيادة في صادرات النفط الإيرانية إلى الصين: أولاً، خفْض الصين وارداتها النفط من روسيا نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا، وفرض العقوبات على موسكو. وبحسب المصادر الأمريكية، فقد خفّضت الصين واردات النفط من روسيا بنسبة 14% في الربع الأول من عام 2022. وثانياً، ثمة افتراض شائع في واشنطن بأن إدارة جو بايدن لا تفرض عقوبات نفطية على إيران الآن، كما كان الحال من قبل؛ ما يُسهّل على الصينيين شراء النفط من إيران.

وذلك لأن إدارة بايدن أرادت منذ يناير 2021 منح إيران حافزاً للبقاء في المُحادثات النووية في فيينا. وأخيراً، تجدر الإشارة إلى أن إيران على الأرجح تمنح الصين خصماً على مشترياتها النفطية، على الرغم من أنه ليس من الواضح مدى أهمية الدور الذي يلعبه هذا الخصم في هذا السياق. مع ذلك، ومنذ غزو أوكرانيا، بدأت روسيا في منح الصين خصم مقداره 30 دولار للبرميل، مقارنةً بإيران، والتي تمنح بيجين خصماً بمقدار 20 دولار للبرميل. وما هو واضح حتى الآن، أن غزو روسيا لأوكرانيا ساعد إيران في بيع المزيد من النفط إلى الصين.

منطق التقارب الاقتصادي مع الصين

لطالما أثارت اتفاقية التعاون الاستراتيجي الإيراني الصيني علامة استفهام من المنظور التجاري. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن ثمّة عاملين سياسيين مُهميّن ساعدا على ولادة هذه الصفقة: أولاً، احتاج الإيرانيون إلى مُنقذٍ اقتصادي بعد أن بدأت الولايات المتحدة الضغط على البلاد بعقوبات اقتصادية أدّت إلى انخفاض تجارة إيران مع الدول الغربية منذ أوائل عام 2010، وثانياً، حوّلت التوتّرات بين الصين والولايات المتحدة إيران إلى خط مواجهة في المنافسة الأمريكية-الصينية.

ومع دخول الاتفاق الاستراتيجي بين البلدين حيّز التنفيذ، كان الاختبار الكبير يكمُن فيما إذا سيلتزم الصينيون بوعودهم، والاستثمار في حوالي 100 مشروع مُختلف مذكور في الاتفاقية الموقعة بين البلدين، والتي تسرّب معظم تفاصيلها في منتصف عام 2010. وتتحدّث الاتفاقية في جوهرها عن توفير إيران للصين كميّات ثابتة من النفط بسعر مُخفّض على مدار 25 عاماً، على أن تستثمر بيجين حوالي 400 مليار دولار في مشاريع مُختلفة في إيران.

ولم يُشِر المسؤولون في طهران في أيّة مرحلة، إلى أن هذا الاتفاق يستهدف بأي حال من الأحوال الشُركاء الاقتصاديين الآخرين للصين في الشرق الأوسط، وفي مقدمتهم الشركاء الخليجيون. مع ذلك، وبناءً على طبيعة المشاريع التي ستستثمر فيها الصين، يُمكن أن يُنعِش هذا الاتفاق آمال إيران في أن تُصبح مركزاً إقليمياً للطاقة والشحن التجاري. ويبقى أن ننتظر لنرى فيما إذا كانت الصين ستلتزم بمشاريع البنية التحتية الكُبرى في إيران، والتي ستمنح البلاد دوراً رئيساً في مُبادرة الحزام والطريق الصينية.

ويُشير ما تسَرَّب حول محتوى هذه الاتفاقية، إلى أن المجالات الأساسية للتعاون، ستُركّز على صناعات النفط والغاز، ومشاريع البنية التحتية، مثل بناء المطارات، والموانئ، والسكك الحديدية الجديدة، والاتصالات. كما ستدخل الصين في شراكة مع طهران لإنشاء عدد من مناطق التجارة الحرة في إيران.

ولا توجد تفاصيل كافية حول المشاريع المُخططة، باستثناء بعض العموميات. وعلى سبيل المثال، نشرت المصادر الإيرانية أرقاماً مُتضاربة حول مقدار ما تُخطّط الصين لاستثماره في المشاريع في إيران مقارنةً ببساطة مع حجم التجارة مع إيران، والتي تقدّر بـــ 400 مليار دولار على مدار 25 عاماً المقبلة. وستكون الاستثمارات في المشاريع بهذا المستوى مهمّة. واستناداً إلى أحد المصادر الإيرانية، استثمرت الصين 18 مليار دولار في إيران بين عامي 2010 و2020، وذلك أقلّ بكثير مما استثمرته بيجين في دول خليجية مثل السعودية في الفترة الزمنية نفسها.

وستكون للتجارة الثنائية، بما في ذلك شراء الصين للنفط والغاز الإيراني على مدى 25 عام، تبعات أقل بكثير على الاقتصاد الإيراني. وعلى سبيل المثال، بلغت قيمة التبادل التجاري بين إيران والصين 15 مليار دولار في عام 2021 وحده، على الرغم من العقوبات الأمريكية.

وفي الواقع، وخلال العقد الثاني من الألفية الجديدة، بلغ حجم التبادل التجاري بين إيران الصين حوالي 30 مليار دولار سنوياً. وإذا أخذنا هذه الأرقام بالاعتبار، فإن 400 مليار دولار من التجارة البينية على مدى 25 عاماً لا يُعدّ في حدّ ذاته إنجازاً كبيراً بالنظر إلى حجم التجارة بين إيران والصين في السنوات الأخيرة. ووفقاً لذلك، لا يزال الإيرانيون أكثر حرصاً على الاستثمارات الصينية في المشاريع المُهمة على الأراضي الإيرانية.

وفي قطاعي النفط والغاز، من الواضح أن طهران تُحب الترويج لنفسها أمام بيجين كمركز لطموحات الطاقة الأوسع للصين في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. ولكي يتحقّق ذلك، من المتوقع أن تستثمر الصين في السلع الرأسمالية، مثل محطّات الغاز الطبيعي المسال، ومصافي النفط. وبمعنى آخر، فإن المشاريع التي تحتاج إلى رأس مال كبير، ستتطلّب التزاماً صينياً طويل الأجل بسوق الطاقة الإيراني. ونظراً لابتعاد الشركات الغربية والمستثمرين الأجانب عن إيران، فإن ذلك يمنح الصين أيضاً ميزة إضافية في السوق الإيرانية.

إن أحد أكبر مصادر القلق التي يُعبّر عنها الجانب الإيراني، هو مدى قدرة أو استعداد الصين لنقل التكنولوجيا المُتطوّرة إلى إيران، كجزء من استثماراتها في البلاد. ومرة أخرى، ثمّة القليل من التفاصيل المُحدّدة على هذا الصعيد. مع ذلك، ومن غير المفاجئ، أن تروّج حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي للاستثمارات الصينية الوشيكة في مشاريع النفط والغاز (الاستكشاف) بمليارات الدولارات.

ويزعم وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، أنه كجزء من الاتفاقية الإيرانية-الصينية التي تمتد لـ 25 عاماً، ستستثمر بيجين ما بين 15-20 مليار دولار في مشاريع النفط والغاز على مدار السنوات الثماني المقبلة. ويزعم أوجي أن ذلك أصبح مُمكناً بعد تولي فريقه شؤون الوزارة، وتغيير شروط عقود النفط والغاز المُقدّمة للشركات الصينية. وحتى لو كان ذلك صحيحاً، فإن حجم تلك الاستثمارات أقل بكثير مما ذكره المسؤولون الإيرانيون في السنوات الأخيرة من حيث مدى حاجة البلاد للاستثمار الأجنبي.

فقد صرّح مُحسن خجسته مهر، رئيس شركة النفط الوطنية الإيرانية، مؤخراً أن إيران تحتاج إلى 160 مليار دولار على الأقل من الاستثمارات: 90 مليار دولار في قطاع النفط، و70 مليار دولار في قطاع الغاز. ومع ضخ هذا المقدار من الاستثمارات، يُمكن أن تزيد إيران من إنتاج النفط إلى 5.7 مليون برميل في اليوم، ويُمكن أن يزيد إنتاج الغاز من 1 مليار متر مكعب إلى 1.5 مليار مكعب في 4 سنوات. وبالنظر إلى ضخامة الاستثمارات المطلوبة، وعدم رغبة الدول الغربية بالاستثمار في إيران، تُعدّ الصين الخيار الواقعي الوحيد لإيران.

وما يُثير الاهتمام عند مُقارنة جواد أوجي بصانعي السياسات الآخرين من المُعسكر المُتشدّد، هو أنه يعترف صراحةً، بحاجة إيران للاستثمار أجنبي، والتعامل مع البنوك الأجنبية، لتكون البلاد قادرة على الحفاظ على إنتاج النفط في مستوياته الحالية. وأنه سوف يتعيّن على طهران جذب المزيد من الاستثمارات من أجل زيادة إنتاج النفط والغاز.

وقد ذكر أوجي مراراً حاجة إيران للعمل مع “ائتلاف من الشركات الأجنبية” بهذا القطاع، وهو مفهوم رفضه المسؤولون في الجمهورية الإسلامية في الغالب منذ عام 1979. ويبدو أن الإيرانيين الآن على استعداد لتطويع قواعدهم الأيديولوجية لجذب الاستثمارات الصينية الكبيرة.

دفاع المسؤولين الإيرانيين عن العلاقات الاستراتيجية مع بيجين

ثمة أصوات في طهران تُطالب البلاد بأن تكون أكثر وضوحاً مع الصينيين بشأن الشروط والأحكام ذات الصلة بالاستثمار في إيران. والحقيقة أن ذلك الوضوح لا يتعلّق فقط بالعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، والتي تُشكّل مصدر قلقٍ لبيجين. وبشكل أكثر تحديداً، يحتاج الصينيون إلى ضمانات بأن السياسات الاقتصادية الوطنية التي دعا إليها آية الله علي خامنئي -والتي ترتكز على مفهوم “الاكتفاء الذاتي”- لا تُشكّل خطورة على حرّية الصين في الاستثمار، وجنيها الفوائد المالية من مثل هذه الاستثمارات.

وعلى سبيل المثال، في عام 2005، طلب آية الله خامنئي من مجلس تشخيص مصلحة النظام، ومن البرلمان، وضع خطة تنمية لإيران ضمن إطار زمني يمتد لعشرين سنة مُقبلة (2005-2025). ويُعدّ “الاكتفاء الذاتي” في الإنتاج والبحث والإدارة في مجموعة من مجالات الاقتصاد جزءاً أساسياً من خطة التنمية تلك. وتتعلّق الخطة أيضاً بتنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على صادرات النفط الخام والمزيد من التركيز على إنتاج البتروكيماويات.

ويُعدّ ابتعاد إيران عن صادرات النفط الخام والغاز في أحسن الأحوال احتمالاً بعيداً في الوقت الحالي. كما أنه من المُمكن أن تُشارك الصين في إنتاج البتروكيماويات بدلاً من مُجرّد استخراج النفط الخام والغاز في إيران. مع ذلك، فإن مفهوم “الاكتفاء الذاتي”، والسياسة الفوضوية في طهران، ستجعل المستثمرين الصينيين يطلبون إيضاحات إضافية، وضمانات لكي تكون استثماراتهم آمنة في إيران.

وقد يكون أحد أكبر شواغل الصين حول الاستثمار في إيران المُعارضة المحلية التي قد تواجهها من عامة الشعب، والمُعسكر السياسي المُعتدل داخل النظام. وفقاً لذلك، يتعيّن على المُعسكر المُتشدّد في طهران السعي بجد للدفاع عن منطق الاتفاق الاستراتيجي الذي يمتد لــــ 25 عاماً، لأنه بالضبط هو الفصيل السياسي الذي كان يُشدّد بقوة خلال السنوات الأخيرة على حاجة البلاد إلى “الاكتفاء الذاتي” الاقتصادي.

إن مُقاربة المُعسكر المُتشدّد بشأن هذه القضية، هي القول بأن الاتفاقية عبارة عن صفقة يربح فيها الطرفان: بيجين وطهران. فحقيقة خضوع إيران للعقوبات، واستهدافها من قبل الأمريكيين، يوفّر منصّة طبيعية للتعاون مع الصين في قطاعي النفط والغاز. وإحدى المسائل التي يُكرّرها المسؤولون المُتشدّدون باستمرار، هو أنه يُمكن لإيران أن تضمن من خلال هذه الاتفاقية حصول الصين على الكثير من النفط والغاز حتى لو قرّر الأمريكيون في مرحلة ما في المستقبل، الحدّ من وصول الصين إلى أسواق النفط والغاز العالمية من خلال العقوبات، وغيرها من الوسائل.

علاوة على ذلك، فإن الحجة التي يطرحها هذا الفصيل المُتشدّد الذي يحمل وجهة نظر متفائلة للغاية، أن الصين ستعتبر في النهاية إيران مركزاً طبيعياً لمشاريع الطاقة والشحن التجاري في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، والتي تمتد من منطقة الخليج إلى آسيا الوسطى، وصولاً إلى منطقة القوقاز. وفي الوقت الحالي، ليس لدى الصين بديلاً آخر أفضل من إيران كشريك، لأن جميع الدول الأخرى في المنطقة لها علاقات قوية مع الأمريكيين؛ ما يعني أن تلك الدول لا تستطيع تقديم الولاء السياسي الذي يقدّمه لها النظام الإيراني اليائس في طهران. لكن حتى مُعظم المُتفائلين في طهران يُقرّون أنه لضمان وصول الاستثمارات الصينية، وبشكل واسع النطاق إلى قطاعات النفط والغاز الإيرانية، فإنه ينبغي تخفيف العقوبات على طهران، لضمان تنفيذ المُعاملات التجارية بشكل طبيعي وأكثر سلاسة.

إن شركات الطاقة الصينية ليست مُستقلّة تماماً في أنشطتها، ولديها مقاولين غربيين يُقدّمون لها الدعم اللوجستي، والأشكال الأخرى من الدعم. ومن المُتوقّع أيضاً أن ترغب بيجين في رؤية إيران تلتزم بمعايير مجموعة العمل المالي الدولية؛ حيث إن طهران مُدرجة الآن على قائمتها السوداء. وثمة عدد من العوامل حالياً تُعطي الزخم للاتفاق الاستراتيجي بين إيران والصين، والذي يمتد لــــ 25 عاماً، والذي من المُحتمل أن يظل يُركّز على مشاريع الطاقة والبنية التحتية.

وينبغي أن نتوقع أن تظل الكثير من الخطط ذات الصلة بالتعاون الإيراني-الصيني سريّةً، لإخفاء ما يحدث في هذا السياق عن الأمريكيين.

الاستنتاجات

يعدُّ الاقتصاد مكوّناً رئيساً في الاتفاقية الإيرانية-الصينية التي تمتد لـــــ 25 عاماً. ويشكل النفط والغاز أمران أساسيان لنجاح هذه الاتفاقية على المدى البعيد. وعلى الرغم من أهمية الدوافع السياسية للتقارب الصيني-الإيراني، والتي هي بلا شك الأسباب الرئيسة وراء ولادة هذه الاتفاقية، فإن الواقع يشير إلى أنه لم يتم إطلاق أية مشاريع كُبرى في مجال النفط والغاز وفق هذه الصفقة حتى يومنا هذا.

وقد لا يكون ذلك بالضرورة بسبب عدم قدرة إيران والصين على تفعيل الاتفاقية من خلال إطلاق المشاريع الاقتصادية الملموسة. وقد يعود ذلك أيضاً إلى أن طهران وبيجين تسعيان للحفاظ على سرية جهودهما بهذا الخصوص، كوسيلة لتجنُّب جلب انتباه الأمريكيين غير المرغوب فيه. ولكن مُجدداً، تُشير تصريحات المسؤولين الإيرانيين، وتحليلات الخبراء الإيرانيين المُتوافرة، إلى أن الإعاقة الأمريكية المُحتملة للصفقة، ليست هي العامل الوحيد الذي يؤخّر تنفيذ هذه الاتفاقية.

إن التحليلات المُتوافرة في إيران بشأن هذا الموضوع يطرحها مُعسكران مُختلفان؛ فالمعسكر الأول يضم مسؤولين وخبراء من الفصيل المُتشدّد في النظام الإيراني، والذين هم مُصمّمون على إرساء علاقات وثيقة مع الصين، ويرغبون في تقديم تنازلات كبيرة للصينيين من أجل دفع الاتفاق الاستراتيجي إلى الأمام. ويواجه طرح هذا الفصيل تحفّظات كبيرة من قبل الشعب الإيراني، ويتركز الجدل عادةً على كون الصين مُخلِّص اقتصادي لإيران.

ويتكون الفصيل الثاني من المُعتدلين الذين يعتقدون أنه لا ينبغي المبالغة في تقدير دور الصين في الاقتصاد الإيراني، وأن الصين لا يمكن أن توفّر “حلاً سحرياً” لجميع مشاكل إيران الاقتصادية. وعلى أي حال، يعتقد هذا الفصيل أنه من أجل أن تستثمر الصين بشكل جدّي في إيران، يجب تلبية شرطين: أولاً، تحتاج إيران إلى صفقة نووية جديدة، وإعادة تأهيل سمعتها بين الشركات الدولية والمستثمرين. وثانياً، يجب أن تكون التشريعات والسياسات ذات الصلة بالاستثمارات الأجنبية ثابتة، وأكثر وضوحاً من أجل مساعدة الصينيين على الشعور بالأمن عندما يتعلق الأمر بالاستثمار في إيران؛ وبعبارة أخرى، فإن الكرة الآن في ملعب إيران.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
مركز الإمارات للسياسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر − ستة =

زر الذهاب إلى الأعلى