“عائدات مليارية من السياحة”.. مشهد تتنفس الصعداء مع استئناف العلاقات الإيرانية السعودية
شهدت العلاقات الإيرانية السعودية تحسنا واضحا بعد 7 سنوات من القطيعة بين البلدين، وعادت مدينة مشهد مرة أخرى لتتصدر الوجهات المفضلة للكثير من السياح السعوديين.
ميدل ايست نيوز: شهدت العلاقات الإيرانية السعودية تحسنا واضحا بعد 7 سنوات من القطيعة بين البلدين، وعادت مدينة مشهد مرة أخرى لتتصدر الوجهات المفضلة للكثير من السياح السعوديين وتستحوذ على النصيب الأكبر العائد من استئناف العلاقات هذه.
وفي الأسابيع الأخيرة، التقى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الرياض على هامش مؤتمر الدول الإسلامية. وتصدر هذا اللقاء عناوين الصحف ووسائل الإعلام المحلية العالمية، خاصة وأن هذه أول زيارة لرئيس إيراني للسعودية بعد تطبيع العلاقات وافتتاح السفارات في كلا البلدين.
وخلّفت العلاقات المتوترة بين طهران والرياض الكثير من التبعات السياسة والاقتصادية على شعوب واقتصادات وسياسات هاتين الجارتين الإقليميتين، لكن ما هو واضح في الإحصائيات والمؤشرات، فقد كانت التبعات السلبية على إيران أكثر منها على السعودية.
وذكرت وكالة إيلنا في تقرير يعود لعام 2016، أن محمد قانعي، رئيس اتحاد أصحاب الفنادق في مشهد آنذاك، كشف “عن انخفاض بمقدار مليون و500 ألف زائر من السعودية والبحرين والكويت إلى مشهد”، مؤكداً أن “هؤلاء كانوا ينفقون أكثر من متوسط السائح العادي ويقيمون 10 أيام على الأقل في هذه المدينة، لدرجة أن شركات السفر والمستثمرين السعوديين كانوا يضطرون لاستئجار الفنادق وحتى بناء فنادق 5 نجوم في مشهد لاستقبال هذه الأعداد الكبيرة من السياح”.
وتظهر تقارير نشرتها وسائل إعلام إيراني كيف غيرت زيارة رئيسي إلى الرياض المعادلة في محافظة مشهد وأدارت دفة الأوضاع لصالحها، لا سيما في قطاع السياحة، حيث أبدى الكثير من الناشطين الاقصاديين استعدادهم لاستقبال السياح الخليجيين وزوار “العتبات المقدسة” بعد 7 سنوات على غيابهم.
وكانت مدينة مشهد لدى الطائفة الشيعية أهم الوجهات السياحية والدينية بالنسبة لشيعة السعودية، إذ إنها تضم مرقد الإمام علي بن موسى الرضا، ثامن أئمة أهل البيت، إضافة إلى كونها مدينة جميلة يستهدفها السيّاح، وينطلقون منها إلى بقية المدن الإيرانية، مثل أصفهان وهمدان وأردبيل ومدن رامسر ورشت في الشمال الإيراني.
السائح الخليجي وأثره الاقتصادي على مشهد
ليس فقط الفنادق، بل ينتظر أيضاً أصحاب المتاجر والتجار السياح السعوديين والبحريين والكويتيين بلهفة لزيارة مشهد. يقول محمد أحمدي، الذي يملك مطعماً في مشهد، في حديث لرويداد 24: نحن المشهديون نتابع أخبار إيران والسعودية لحظة بلحظة وأكثر من أي شخص آخر في المنطقة، إذ لا يمر يوم دون أن تقدم القنوات الإخبارية في مشهد على تلجرام تقريراً عن هذا الشأن.
يضيف أحمدي: مع انخفاض قيمة الريال الإيراني، ازداد عدد السياح العراقيون بشكل ملحوظ لأن أموالهم تعادل 3 أضعاف أموالنا تقريباً، لكن يبقى لحضور السياح الخليجيين رونق آخر. لماذا؟ لأن الزائر العراقي مثلاً ينفق فقط على الفنادق والطعام، أما السعودي والخليجي عموماً، فهو يشتري الكثير من الهدايا التذكارية خلال الأيام العشرة أو الخمسة عشر التي يقضيها هنا، خاصة وأن قيمة أموالهم الآن باتت أعلى من ذي قبل وأصبحوا ينفقون بسهولة أكبر.
هل يقصد سياح الخليج مدينة مشهد بهدف “العتبات المقدسة” فحسب؟ يجيب إحسان كاظمي، وهو بائع ملابس في مشهد، على هذا السؤال فيقول: لا يذهب الزائر الخليجي إلى الأضرحة والأماكن الدينية فحسب، بل يقوم أيضاً بزيارة الوجهات الأخرى ذات الأهمية التاريخية والتراثية والطبيعية في المدينة.
وانعكست السياحة السعودية على اقتصاد المدن والقرى الإيرانية، التي يزورها السعوديون، إذ عمد بعض التجار هناك إلى افتتاح مطاعم تقدم الأكلات السعودية والعربية، وبعضها يحمل أسماءها الشهيرة نفسها في المملكة.
وقبل فترة انقطاع العلاقات بين الجانبين، نقلت جريدة الشرق الأوسط عن علي رحماني، محافظ طهران الأسبق ومسؤول السياحة الأول في إيران، قوله إن القطاع السياحي في إيران جعل العالم العربي خاصة السعودية على رأس أولوياته واهتماماته، آخذاً في الاعتبار العوامل المشتركة التي تجمع بلاده مع تلك الدول ومنها عاملا التاريخ والثقافة.
محمد مقيميان، وهو عضو مجلس إدارة اتحاد أصحاب الفنادق في مشهد، يقول في هذا الصدد: تضررت الكثير من الفنادق الفاخرة وفنادق 5 نجوم خلال جائحة كورونا، لأن زبائن هذه الأصناف من الفنادق كانوا أكثر حذراً من غيرهم وأوقفوا السفر بشكل تام إلى مشهد حتى بعد تراجع حدة الفيروس في مشهد.
وتابع: رغم أن الفنادق ودور الضيافة العادية لم تخل إلا في فترات وجيزة من السياح والزبائن، إلا أن الفنادق الفاخرة لازمتها حالة ركود شبه دائمة وكانت على أمل أن تتحسن أوضاعها مع استئناف العلاقات بين إيران والسعودية.
ووفقاً لمقيميان، فإن مجيء السائح السعودية إلى إيران كفيل بحد ذاته بأن يسلط الضوء على طبيعة العلاقات بين طهران والرياض ويشجع السياح الخليجيين الذين يتأثرون بالسياسات السعودية بالنظر في قراراتهم والقدوم إلى مشهد وباقي المحافظات الإيرانية، وهو بدوره سيخلق تغييرات جذرية في اقتصاد مشهد ويعوضها عن الخسائر التي لحقها فيها خلال فترة الجائحة.
14 فندق سعودي في مشهد
وفيما يتعلق بالاستثمار السعودي والكويتي في مشهد، يوضح عضو مجلس إدارة اتحاد أصحاب الفنادق في مشهد: قبل حادثة الهجوم على السفارة والقنصلية السعودية، كان الاستثمار السعودي في أوجه. على سبيل المثال، قام الشيخ عبد الحي، وهو شيعي سعودي من القطيف، بالتواصل مع الاتحاد وطلب بناء 14 فندقًا من فئة 5 نجوم، والمثير في الأمر أنه بمجرد حصولها على الترخيص بدأ العمل بسرعة غريبة وأكمل 3 فنادق حتى الآن.
وأضاف: لو استمرت العلاقات بين البلدين حينها لاكتملت كل هذه الفنادق الآن، فآخر فندق تم افتتاحه من بين هذه الفنادق هو فندق “ضيافة الرضا”. أضف على ذلك، بعد أن تم إغلاق فندق كوثر الكويتي لفترة طويلة، قام القائمون عليها مؤخراً بإعادة افتتاح وهم يقومون بالأعمال التحضيرية وإعادة إعمار بعض أقسامه.
من ناحية أخرى، ذكر مقيميان أن الخلافات الأخيرة بين نادي سباهان والاتحاد السعودي تسببت في تعليق الوكالات السعودية جميع أعمالها في الوقت الحالي.
واعتبر مسؤول بوزارة الخارجية الإيرانية أن الظروف مهيأة لبدء الاستثمارات السعودية في إيران، معربا عن أمله في تسريع التقدم في هذا المجال مع بدء مهام السفير الإيراني الجديد بالسعودية.
ولفت مهدي صفري، مساعد شؤون الدبلوماسية الاقتصادية في وزارة الخارجية الإيرانية إلى الزيارة التي قام بها وزير الاقتصاد الإيراني إحسان خاندوزي إلى السعودية ولقاءاته ومحادثاته هناك، قائلا “من وجهة نظرنا فإن الأجواء مناسبة جدا ونأمل في تسريع التقدم.
عائدات مليارية من السياحة
وبحسب إحصائيات جلس إدارة اتحاد أصحاب الفنادق في مشهد، فقد دخل ما يقرب من 1.5 مليون سائح خليجي إلى مشهد في الـ 12 شهر الماضية، وأنفق كل منهم ما لا يقل عن ألف دولار، أي نحو مليار ونصف المليار دولار.
إقرأ أكثر
من الصحافة الإيرانية: كيف يمكن لإيران أن تغتنم من الاتفاق مع السعودية؟