رسالة ترامب، تصعيد في اليمن، والرد الإيراني في مسقط؟
تشير العقوبات الأخيرة من الاتحاد الأوروبي إلى أن الإجراءات التي قام بها الحوثيون أصبحت إحدى الذرائع لفرض عقوبات على إيران، وهو ما يعزز من التحديات التي تواجهها إيران في هذا السياق.

ميدل ايست نيوز: أثار التزامن بين الهجوم العسكري الأمريكي على اليمن و تهديد ترامب لإيران وزيارة عراقجي المفاجئة إلى سلطنة عمان تساؤلات متعددة بين المراقبين الدوليين.
وحسب تقرير لصحيفة “هم ميهن” الإيرانية، تشير المعطيات إلى أن رسالة رئيس الولايات المتحدة التي تم إرسالها الأسبوع الماضي إلى المرشد الأعلى الإيراني قد وصلت إلى طهران عبر أنور قرقاش، مستشار رئيس الإمارات، ما أثار فرضية بأن هذه الرسالة كانت سبباً في زيارة عراقجي المفاجئة إلى مسقط. وهو احتمال لم يتم تأكيده أو نفيه بشكل رسمي حتى الآن.
زاوية أخرى تشير إلى أن عمان تعتبر واحدة من أقدم القنوات الدبلوماسية بين إيران وأمريكا، وبالتالي يُحتمل أن يكون عراقجي قد زار مسقط للتشاور حول التطورات الأخيرة، حيث يمكن أن تكون هذه الزيارة مرتبطة بنقل رسائل تحذير إلى الطرف الأمريكي أو لتبادل رسائل معينة. فالهجوم الأمريكي على اليمن ورد فعل الحوثيين يمكن أن يكون مؤشرًا على بداية أزمة جديدة، وهو ما دفع وزارة الخارجية الإيرانية للإعلان عن أن زيارة عراقجي كانت بهدف التشاور حول التطورات في اليمن والهجوم العسكري الأمريكي، بالإضافة إلى بحث العلاقات الثنائية بين إيران وعمان.
هجوم ورسالة
أما بشأن ما قاله ترامب الذي أثير حوله الكثير من الجدل، فقد شن الرئيس الأمريكي ما قد يُعد أكبر هجوم عسكري على اليمن في الأشهر الأخيرة، باستخدام قنابل ثقيلة ضد مواقع في صعدة وصنعاء، مما أسفر عن سقوط ضحايا من المدنيين. الهجوم الذي شاركت فيه القوات الجوية البريطانية، لم يكن مجرد عملية عسكرية، بل كان يحمل أيضًا رسالة تهديد إلى إيران، متهماً إياها بدعم الحوثيين بشكل صريح.
وكان في أحد أجزاء الرسالة الموجهة إلى إيران، قد كتب ترامب قائلاً: “يجب أن يتوقف دعم الإرهابيين الحوثيين فوراً! لا تهددوا خطوط الشحن العالمية، وإذا فعلتم ذلك، فكونوا مستعدين لأن الولايات المتحدة ستعتبركم مسؤولين تماماً عن ذلك، ونحن في هذه الحالة لن نتسامح مع أحد.”
أهمية هذه التطورات لإيران
لإيران موقف خاص تجاه الجماعات التي تُسمى “المقاومة”. فإيران على عكس المعتاد، تُعلن دعمها الكامل لهذه الفصائل في المجالات السياسية والعسكرية بشكل علني، ما كلفها الكثير على مختلف الأصعدة. وفي الوقت نفسه، تؤكد طهران على أنها لا تعتبر هذه المجموعات مجرد قوات بالوكالة.
ورغم أن إيران كررت مرارًا هذا الموقف، إلا أن الأطراف الأخرى دائمًا ما تصف إيران بأنها الداعم “للمقاومة”، التي تعتبرها إرهابية، وأنها سبب في زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط. في بعض الأحيان، تستغل الأطراف الأخرى هذه التصريحات لأغراض سياسية، وأحيانًا أخرى لتبرير أفعالها.
أما في ما يتعلق بما حدث في اليمن، فهو ذو أهمية من ثلاثة جوانب. أولاً، بما أننا أصبحنا على علم بشخصية ترامب، فإن هذا الهجوم يذكر إيران بالثنائية المعروفة: التفاوض أو العمل العسكري، وهي الثنائية التي استجاب لها كبار المسؤولين الإيرانيين بأعلى المستويات، محذرين من أن أي تصعيد عسكري سيواجه برد قوي من إيران.
الجانب الآخر هو تصريحات ترامب التي قال فيها إنه يعتبر إيران مسؤولة عن الأحداث في اليمن، مما يثير التساؤلات حول الإجراءات التالية التي قد تتخذها الولايات المتحدة إذا استمرت العمليات العسكرية للحوثيين. أما الجانب الثالث فيتعلق بالتهديد الذي قد تطرحه عمليات الحوثيين، ففي حال استهدافهم القواعد الأمريكية في المنطقة استجابة لهذه التهديدات، قد يؤدي ذلك إلى نشوب أزمة واسعة النطاق، وهي أزمة تخشى إيران حدوثها. القواعد الأمريكية في جنوب مياه الخليج هي الأهداف المحتملة التي قد تؤدي إلى تصعيد الأزمة.
وفي حال تجدد الهجمات على إسرائيل، فإن أزمة البحر الأحمر قد تدخل في مرحلة جديدة. في الوقت الحالي، تركز إيران على حل عقد ملفها النووي الذي أصبح أكثر تعقيدًا بعد أحداث السابع من أكتوبر والحرب في أوكرانيا، بينما تضاعف أزمة البحر الأحمر تعقيد الوضع.
وفي ظل تلك التطورات، تشير العقوبات الأخيرة من الاتحاد الأوروبي إلى أن الإجراءات التي قام بها الحوثيون أصبحت إحدى الذرائع لفرض عقوبات على إيران، وهو ما يعزز من التحديات التي تواجهها إيران في هذا السياق.