من الصحافة الإيرانية: ما هو “الإعلان الكبير” الذي يخبئه ترامب؟
تفاجأ المسؤولون الإسرائيليون – بحسب مصادر إعلامية إسرائيلية – من تصريحات ترامب بشأن الاتفاق مع اليمن، ولم يتضح ما إذا كان وقف الهجمات الحوثية على إسرائيل جزءًا من هذا الاتفاق أم لا.

ميدل ايست نيوز: فاجأ الرئيس الأمريكي الجميع مرة أخرى اليوم، فخلال لقائه برئيس وزراء كندا، حيث كان من المتوقع أن يتحدث عن القضايا الثنائية، لكنه بدلاً من ذلك، أعلن بطريقته الخاصة عن اتفاق لوقف إطلاق النار مع الحوثيين، وأضاف أنه سيعلن عن “إعلان كبير” قبل سفره إلى الشرق الأوسط. وعندما يقول ترامب إنه سيُعلن خبراً قبل زيارته إلى الشرق الأوسط، فهذا يعني أن طبيعة هذا الخبر تتعلق بقضية حساسة في هذه المنطقة.
وفي أعقاب تصريحاته، أعلنت وزارة الخارجية العمانية أن مفاوضات قادها المبعوث الأمريكي “ويتكوف” في مسقط أسفرت عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة والحوثيين، يتم بموجبه وقف الهجمات المتبادلة، بما في ذلك على السفن الأمريكية في المياه الإقليمية.
ويبدو أن الهجوم الصاروخي الحوثي على مطار “بن غوريون” الدولي في إسرائيل قد وقع أثناء سير هذه المفاوضات، وهو ما يدعم ما ذُكر في مقالة سابقة بأن التحليل لا يجب أن يُبنى فقط على خبر أو واقعة واحدة. ففي حين رأى البعض في هذا الهجوم تمهيدًا لفشل المفاوضات بين طهران وواشنطن بل واحتمال توجيه ضربة أمريكية لإيران، استمرت واشنطن في مفاوضاتها مع الحوثيين دون أن تتوقف مؤقتاً حتى.
وحتى الآن، تفاجأ المسؤولون الإسرائيليون – بحسب مصادر إعلامية إسرائيلية – من تصريحات ترامب بشأن الاتفاق مع اليمن، ولم يتضح ما إذا كان وقف الهجمات الحوثية على إسرائيل جزءًا من هذا الاتفاق أم لا. ومن المستبعد جداً أن يوقف الحوثيون هجماتهم على إسرائيل قبل انتهاء حرب غزة، ولذلك هناك احتمالان لهذا الاتفاق. الأول أنه اتفاق أمريكي–يمني بحت، ولا يشمل إسرائيل. فإعلان وزارة الخارجية الأمريكية بأن الاتفاق يقتصر فقط على وقف الهجمات على السفن في البحر الأحمر مقابل وقف الهجمات الأمريكية، يدعم هذا الاحتمال.
في هذه الحالة، يكون ترامب قد تجاوز إسرائيل ووقع اتفاقًا ثنائيًا مع صنعاء، وهو ما يمثل ضربة قوية وخبرًا سيئًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
الاحتمال الثاني، أن الاتفاق يشمل وقف الهجمات على إسرائيل أيضًا لاحقًا، وهو ما قد يرتبط بوقف الحرب في غزة، إذ أن جماعة أنصار الله في اليمن من غير المرجح أن توقف هجماتها قبل إنهاء الحرب هناك. خصوصًا بعد إعلانهم أمس عن دخول مرحلة “الحصار الجوي” لإسرائيل عبر استمرار قصف مطار بن غوريون ردًا على نية حكومة نتنياهو توسيع الهجوم البري على غزة.
أما عن “الإعلان المهم” الذي ألمح ترامب إلى إعلانه قبل سفره إلى السعودية وقطر والإمارات وربما إسرائيل، فهناك عدة احتمالات. الأول: أن يكون الخبر إعلان وقف إطلاق النار أو نهاية الحرب في غزة. ولكن يُطرح هنا تساؤل: إذا كان ترامب يهدف إلى إعلان نهاية الحرب، فما الحاجة لتوقيع اتفاق مع الحوثيين؟ حيث من المتوقع أن تتوقف هجماتهم تلقائيًا بانتهاء الحرب. إلا إذا كان دافع ترامب هو حرصه على الترويج لإنجاز سياسي، حتى وإن حمل في طياته إقرارًا ضمنيًا بفشل سياسة الردع الأمريكية في اليمن.
الاحتمال الثاني: أن يكون الخبر متعلقًا بالتفاوض مع السعودية للانضمام إلى “اتفاقيات إبراهيم” وتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ولكن هذا التطبيع غير ممكن دون نهاية حرب غزة، لأن غياب شرط “قيام الدولة الفلسطينية” يجعل من الصعب على الرياض الدخول في التطبيع من دون “غطاء مشرف”.
وإذا ما أعلن ترامب نهاية الحرب في غزة، فقد يكون ذلك جزءًا من صفقة لتسهيل انضمام السعودية إلى الاتفاق.
الاحتمال الثالث: أن يكون الخبر متعلقًا بإيران ومفاوضاتها مع واشنطن. ففي هذه الحالة، ربما ينوي ترامب الإعلان عن تقدم أو اتفاق مبدئي معها، خاصة أن إيران طرف مؤثر في صنعاء، ومن غير المرجح أن يتم الاتفاق الأمريكي–الحوثي دون رضاها، أو على الأقل دون تنسيق معها.
بصورة عامة، حتى لو لم يكن الخبر المرتقب مرتبطًا مباشرة بإيران، فإن الاتفاق مع الحوثيين قد يسهل لاحقًا التوصل إلى اتفاق معها.
احتمال آخر أيضًا: أن يعلن ترامب عن خبر يراه مهمًا، لكنه قد لا يكون كذلك من وجهة نظر المراقبين. يبقى علينا الانتظار لمعرفة ما الذي سيعلنه ترامب قبل رحلته القادمة إلى الشرق الأوسط.
صابر غل عنبري
خبير في العلاقات الدولية