الصحافة الإيرانية: هل يمكن للعراق أن يصبح مصدرا للبضائع المستوردة التي تحتاجها إيران؟

تشير إحصاءات التجارة الخارجية الإيرانية لعام 2024 إلى وجود عجز واضح في العلاقات الاقتصادية مع العراق.

ميدل ايست نيوز: تشير إحصاءات التجارة الخارجية الإيرانية لعام 2024 إلى وجود عجز واضح في العلاقات الاقتصادية مع العراق. فقد صدرت إيران خلال هذا العام نحو 33 ألفًا و45 طنًا من السلع بقيمة 11 مليارًا و940 مليون دولار إلى العراق. يشير أيضًا إحصاء التجارة للنصف الأول من عام 2025 إلى استمرار هذا العجز في التبادلات التجارية بين البلدين. ووفقًا للبيانات التي نشرتها الجمارك مؤخرًا، بلغت صادرات إيران إلى العراق 4 مليارات و589 مليون دولار، أي ما يعادل 17.69% من إجمالي الصادرات الإيرانية.

وتظهر البيانات الرسمية، التي أوردتها صحيفة دنياي اقتصاد، أن العراق لم يكن ضمن أكبر عشرة مصادر للواردات الإيرانية، كما أن مساهمته في تلبية احتياجات إيران من السلع ضئيلة. ففي عام 2024، بلغت قيمة واردات إيران من العراق حوالي 570 مليون دولار. وبالفعل، يُنظر إلى العراق في الغالب كسوق استهلاكية لإيران أكثر من كونه شريكًا تجاريًا متبادلًا. وعلى الرغم من أن هذا العجز يبدو في ظاهر الأمر مفيدًا لإيران، حيث يحقق دخلًا كبيرًا من العملة الأجنبية عبر الصادرات، إلا أنه من منظور استدامة العلاقات الاقتصادية يمكن اعتباره نقطة ضعف. فالاعتماد العراقي على السلع الإيرانية مقابل الحصة الصغيرة للعراق من واردات إيران يشكل معادلة قد تواجه العلاقات الاقتصادية بين البلدين بتحديات طويلة الأمد.

في الأسابيع الأخيرة، طُرحت فكرة زيادة واردات إيران من العراق كخيار لموازنة التجارة بين البلدين. وأكد القطاع الخاص على أن العراق يمثل أفضل خيار لإنشاء قناة جديدة للواردات، مطالبًا بتسهيل القواعد المصرفية والمالية للاستفادة من عائدات الصادرات في دعم الواردات من هذا البلد. وأوضح الأمين العام للغرفة التجارية المشتركة بين إيران والعراق في مقابلة صحفية أن العراق يستورد سنويًا أكثر من 60 مليار دولار، ويغطي أقل من 20% من احتياجاته الاستهلاكية داخليًا، مما يعني أن 80% من السوق العراقي يعتمد على الواردات، ويمكن لإيران الاستفادة من حصة كبيرة فيه.

وأضاف الأمين العام أن إيران لديها القدرة على التصدير إلى العراق في 592 نوع من السلع، إلا أنها تتواجد فعليًا في السوق العراقي بـ298 نوع فقط. وهذا يعني أن بقية الأنواع لم تشهد أي صادرات إيرانية بعد، ويجب معالجة هذا الفارق من خلال تخطيط دقيق. وأوضح أن إقصاء السوق العراقي من قائمة الأسواق التصديرية الإيرانية سيجعل فقط 54 عنصر من السلع تتمتع بميزة تنافسية في الأسواق العالمية.

وأشار الأمين العام إلى أن دخول الدول الأوروبية، خاصة بعد زيارة الرئيس الفرنسي إلى بغداد، يمثل بداية “حرب اقتصادية جديدة”. وقال إن مهمة الأوروبيين في العراق تهدف إلى زيادة حصة الدول العربية الحليفة وتقليص حصة إيران في التجارة العراقية، مؤكدًا أن الأوروبيين ينفذون هذه المهمة نيابة عن الولايات المتحدة لتقييد النفوذ التجاري الإيراني وتعزيز موقع الغرب وحلفائه، وهو ما يجعل الوضع أكثر من مجرد منافسة اقتصادية بل حربًا اقتصادية شاملة.

بديل للإمارات؟

تطرح العديد من الأسئلة حول ما إذا كان زيادة الاعتماد على العراق في الواردات الإيرانية قد يؤدي إلى تقليل حصة دول مثل الإمارات من سلة واردات إيران. وتشير البيانات إلى أن الإمارات اكتسبت خلال السنوات الأخيرة موقعًا مهمًا في التجارة الخارجية الإيرانية. فبينما يُنظر إلى العراق غالبًا كوجهة للتصدير، تُعد الإمارات مقصدًا للصادرات الإيرانية ومصدرًا رئيسيًا للواردات أيضًا. ففي عام 2024، صدّرت إيران نحو 7 مليارات و199 مليون دولار من السلع إلى الإمارات، وهو رقم أقل من الصادرات إلى العراق، بينما كانت واردات إيران من الإمارات أكثر بكثير، حيث بلغت أكثر من 21 مليارًا و925 مليون دولار. وهذا يجعل الإمارات ليست مجرد شريك تصديري مهم، بل البوابة الرئيسية للواردات، مع فارق كبير عن باقي الشركاء التجاريين لإيران.

وتشير بيانات عام 2024 إلى أن العراق والإمارات يمثلان شريكين تجاريين رئيسيين لإيران، لكن مع أدوار مختلفة تمامًا. فالعراق يُعد الوجهة الرئيسية لصادرات إيران، بينما تُعتبر الإمارات المورد الأساسي للسلع المستوردة.

اقرأ المزيد

انخفاض صادرات إيران للعراق.. قرارات وطنية أم رضوخ للعقوبات؟

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

12 − 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى