ناشونال إنتريست: هل العلاقات بين روسيا وإيران استراتيجية حاليا؟

على الجبهة الاقتصادية، من المرجح أن يؤدي القرب الجغرافي وخطوط ربط النقل العابر إلى تدعيم التجارة والأعمال بين الدولتين.

ميدل ايست نيوز: في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة على كل من روسيا وإيران يزداد زخم العلاقات بين الدولتين، وقد بدا ذلك واضحا خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لروسيا، حيث أُعلنت عن عدد من الاتفاقيات مع شركات النفط والغاز الروسية تتعلق بنقل التكنولوجيا والمعدات التي تحتاجها إيران.

ويقول حسين موسويان الدبلوماسي الإيراني السابق والباحث المتخصص في شؤون السياسة الأمنية والنووية في الشرق الأوسط بجامعة برينستون الأمريكية إنه على الرغم من أن العلاقات القوية بين موسكو وطهران حيوية لاستقرار وأمن المنطقة، لم يتم التمعن فيما إذا كانت العلاقات الحالية تشبه شراكة استراتيجية أم تحالفا.

وأضاف موسويان الرئيس الأسبق للجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأمن القومي الإيراني في تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو أول رئيس روسي يزور إيران منذ زيارة جوزيف ستالين لها عام 1943. ومنذ عام 2007 توجه بوتين إلى طهران مرتين للمشاركة في قمة الدول المطلة على بحر قزوين، وفي كل زيارة كان يجتمع بالمرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية، آية الله علي خامنئي.

وفي عام 2007 قال المرشد الأعلى الإيرانية لبوتين إن “روسيا القوية في مصلحة إيران”، ورد بوتين قائلا “مصلحة الدولة الروسية تكمن في وجود إيران قوية ومؤثرة في المسرح الدولي”.

وقد أوضح المرشد أنه “يتعين على طهران وموسكو تعزيز تعاونهما لعزل الولايات المتحدة والمساعدة في الحفاظ على استقرار الشرق الأوسط”.

لماذا لن تصبح روسيا والصين المنقذين الاقتصاديين لطهران؟

ونتيجة لذلك وجهت طهران وموسكو سياساتهما في الشرق الأوسط نحو عزل الولايات المتحدة. فقد حال الدعم التام من جانب موسكو وطهران دون انهيار حكومة بشار الأسد، بينما دعمت الولايات المتحدة وحلفاؤها الحرب في سوريا التي استهدفت الإطاحة بالأسد.

ويضيف موسويان أن هناك العديد من المجالات التي يمكن أن تجد فيها إيران وروسيا أرضية مشتركة. فالدولتان تحاربان الجماعات السنية المتطرفة مثل داعش والقاعدة؛ وكلاهما تحذران من نفاق أمريكا فيما يتعلق بحقوق الإنسان، والإرهاب، والأحادية؛ وتسعى الدولتان جديا لمواجهة العقوبات الأمريكية.

وعلى الجبهة الاقتصادية، من المرجح أن يؤدي القرب الجغرافي وخطوط ربط النقل العابر إلى تدعيم التجارة والأعمال بين الدولتين. وبطرق ما، سوف يتم استعادة ممر الشمال- الجنوب التجاري، الذي يمر عبر مدن القوقاز التاريخية عبر الخليج والهند. وسوف يتحقق في القريب العاجل الحلم الروسي القديم لدخول مياه الخليج الدافئة.

ويقول موسويان إنه مع ذلك هناك أيضا نقاط اختلاف كبيرة بين إيران وروسيا بشأن قضايا مهمة. على سبيل المثال، لروسيا علاقات استراتيجية مع إسرائيل وتسعى لاجتذاب تركيا والمملكة العربية السعودية بعيدا عن أمريكا.

وبالنسبة لقضية الطاقة، هناك صراع بين روسيا وإيران حول تصدير الغاز إلى أوروبا. وهناك مثال آخر يتعلق بالاختلافات الإسلامية. فإيران دولة شيعية، بينما معظم المسلمين الروس يتبعون المذهب السني. كما أن روسيا وإسرائيل شريكان استراتيجيان بينما تعتبر إيران إسرائيل عدوا. والأكثر من ذلك، هو أن هناك مجالات تجد فيها روسيا وأمريكا مصالح مشتركة.

وأحد تلك المجالات النادرة إحياء الاتفاق النووي الإيراني لمنع تحول إيران إلى دولة نووية. وبالإضافة إلى ذلك، لا تريد روسيا أو أمريكا اندلاع حرب أخرى في الشرق الأوسط.

وحسب موسويان، الذي عمل سفيرا لبلاده في ألمانيا في الفترة من 1990 إلى 1997، هناك في الوقت الحالي وجهتا نظر متعارضتان بين الإيرانيين بشأن العلاقات بين طهران وموسكو.

وتستند وجهة النظر الأولى إلى التاريخ الطويل لسياسات روسيا ضد إيران في الماضي، مثل حروب روسيا ضد إيران، واحتلال روسيا نصف إيران، وفقدان 17 مدينة قوقازية إيرانية لصالح القياصرة، ودعم موسكو لعدوان صدام حسين ضد إيران.

ويرى هذا الرأي ضرورة عدم الثقة بروسيا، وأن اعتماد إيران على روسيا يمثل انتهاكا لمبدأ أساسي للثورة الإيرانية – وهو “لا شرق ولا غرب”.

وتستند وجهة النظر الثانية إلى المصالح المشتركة للدولتين في الوقت الراهن. ويؤيد كاظم جلالي، سفير إيران لدى روسيا هذا الرأي، مؤكدا أن زيارة رئيسي لروسيا “نقطة تحول” في العلاقات بين الدولتين.

وقال إن “الإيرانيين يبغضون روسيا القيصرية… لكن روسيا اليوم مختلفة عن روسيا القيصرية… فروسيا تواجه الغرب، وبوتين ورفاقه المقربون ينظرون بإيجابية لرئاسة رئيسي”.

وأكد موسويان أنه على الرغم من مصلحة موسكو وطهران الثابتة في العديد من المجالات، لا يعتبر هذا وحده كافيا لشراكة استراتيجية. فمن أجل تحقيق شراكة استراتيجية، تحتاج الدولتان إلى إطار قانوني، وتشريعي، وتنظيمي، وإلى آليات عملية للتعاون المستمر. ولكن في الوقت الحالي، هذه الأمور متخلفة للغاية في العلاقات الثنائية بين موسكو وطهران.

وعلى سبيل المثال، تصورت الدولتان في عام 2007 خططا كبيرة لزيادة حجم التجارة السنوية إلى 200 مليار دولار خلال 10 سنوات، ولكن الآن وبعد مرور 15 عاما، يبلغ حجم التجارة السنوية الحالي بين البلدين 4 مليارات دولار فقط!

وعلاوة على ذلك، تتطلب أي شراكة استراتيجية دعما شعبيا واسع النطاق من الجانبين ولكن قضايا الثقة بين شعبي روسيا وإيران، وخاصة الشعب الإيراني ما زالت تمثل عقبة. وعموما، يعتبر كل جانب الجانب الآخر ورقة مساومة في التعامل مع الغرب.

ويعتقد أندريه كوتونوف، مدير عام مجلس الشؤون الدولية الروسي أن العلاقات الروسية الإيرانية الحالية يمكن وصفها بدقة أكثر بأنها تحالف تكتيكي وليست شراكة استراتيجية. وفي حقيقة الأمر يخدم روسيا العداء المتزايد بين إيران وأمريكا، بينما يخدم إيران العداء المتزايد بين روسيا وأمريكا.

واختتم موسويان تحليله بالقول إن استراتيجية إيران الحالية بالنسبة لموسكو تعتمد على الرأي الثاني سالف الذكر وهو أن روسيا القديمة وروسيا الجديدة مختلفتان؛ وفي الوقت الحالي تتعامل إيران مع روسيا الجديدة. وعلى هذا الأساس، يتصور رئيسي والحكومة الإيرانية أن موسكو ليست مستعدة لتحالف استراتيجي رغم رغبة إيران في تحريك العلاقات قدما.

وقال رئيسي في اجتماعه مع بوتين “إن العلاقات بين طهران وموسكو في الطريق نحو علاقات استراتيجية”. ومع ذلك، فإن الحقيقة هي أنه رغم تعاون روسيا وإيران، وتمتعهما بعلاقات طيبة، فإن الشراكة بعيدة كثيرا عن أن تكون استراتيجية في حقيقة الأمر.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 − اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى