العراق.. مراقبون يتهمون الحكومة بتعطيل البرلمان
يشهد البرلمان العراقي منذ أشهر، أزمات عدة، تهدد عمل السلطة التشريعية، أحدثها الخلاف الذي نشب بين الرئيس محمود المشهداني، ونائبه محسن المندلاوي.

ميدل ايست نيوز: يشهد البرلمان العراقي منذ أشهر، أزمات عدة، تهدد عمل السلطة التشريعية، أحدثها الخلاف الذي نشب بين الرئيس محمود المشهداني، ونائبه محسن المندلاوي، وعصف بالجلسة السابقة بالرغم من اكتمال نصابها، الأمر الذي جعل مراقبين يتهمون رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بالتدخل لإيقاف تمرير قوانين تضر طموحاته، وهو ما نفاه مقرب من رئيس الحكومة.
ويقول الباحث في الشأن السياسي، أحمد الخضر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “تعطيل البرلمان هو واقع حال، ولا يمكن أن ينكره أي طرف، وهناك من يريد أن يصل الى الانتخابات دون أي تشريعات أو قوانين قد تؤثر عليه في المعترك الانتخابي”.
وهاجم نواب رئيس مجلس البرلمان محمود المشهداني، يوم أمس، على خلفية تصريحات له، حذر فيها من خروج تظاهرات تزعزع أمن العراق، بالتزامن مع حديثه أيضا عن ضغوطات أمريكية لحل الحشد الشعبي، إلى جانب وصفه الهوية العراقية في الدستور بـ”السخفية”، ما أثار جدلا كبيرا بينه وبين نائبه محسن المندلاوي.
ويضيف الخضر، أن “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، هو المستفيد من عدم إقرار مجموعة من القوانين، من بينها قانون الحشد الشعبي، لأنه في حال إقراره سيحال رئيس الهيئة فالح الفياض على التقاعد، والفياض هو الحليف المهم للسوداني في الانتخابات”، مبينا أن “الحكومة بشكل عام لا ترغب باستمرار جلسات البرلمان، لكي لا يحرجها البرلمان بالمطالبة بإرسال قانون الموازنة، وأيضا إذا اجتمع البرلمان واستمر في جلساته، فمن الممكن أن يقوم بتعديل قانون الانتخابات، وهذا الأمر يسبب لها الحرج، فمن الواضح أن هناك عدم جدية من الحكومة في حث البرلمان على استئناف عمله والمضي بتشريع القوانين”.
ويشير إلى أن “الحكومة لم تكن راغبة بتشريع قانون الحشد الشعبي وقامت بسحبه خوفا من أن يؤثر على موضوع الانتخابات القادمة، ولا يستبعد أن هناك دفعا من كتل سياسية مرتبطة بالحكومة بعدم ممارسة البرلمان دورة التشريعي والرقابي، خصوصا في المرحلة المقبلة، لأنها مرحلة حساسة يمكن أن تلقي بضلالها على سير ونتائج الانتخابات القادمة”.
ومن المقرر أن يستأنف مجلس النواب، اليوم الأربعاء، جلساته بجدول خالٍ من القوانين الجدلية، جاء ذلك بعد الوساطة النيابية لإنهاء الخلاف بين رئيس البرلمان محمود المشهداني، ونائبه الأول محسن المندلاوي، حيث سيتضمن جدول جلسة اليوم، ست فقرات، وهي التصويت على قانونين، ومناقشة أربعة قوانين أخرى.
وكان عضو اللجنة القانونية النيابية، رائد المالكي، كشف، أمس الثلاثاء، عن وجود وساطة نيابية لحل الخلاف داخل هيئة رئاسة البرلمان.
يشار إلى أن النائب فراس المسلماوي، أعلن قبل أيام، عن تشكيل كتلة الإعمار والتنمية داخل مجلس النواب، المرتبطة بالسوداني، فيما أشار الى أنها تضم أكثر من 50 نائبا، وقد وصفها مراقبون في تقرير لـ”العالم الجديد”، بانها “ظهير صريح” للسوداني في البرلمان.
من جانب آخر، يرى المحلل السياسي نزار حيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “كل القوى السياسية لا تريد برلمانا قويا وفعالا، لأن كل كتلة لها أجندات خاصة بها، ولا تريد عدة قوانين”.
ويلفت حيدر، إلى أن “بعض القوانين لا تنسجم مع قوانين أخرى، ولا يمكن التصويت عليها بالسلة الواحدة، لذلك نرى عرقلة جلسات مجلس النواب، من آجل أن لا يجري التصويت على قوانين معينة”، مضيفا أن “رئيس الوزراء يعيش أزمة مستدامة مع البرلمان منذ قرار المحكمة الاتحادية بشأن خور عبد الله، فهو يريد أن تعود اتفاقية الخور الموقعة بين العراق والكويت، والبرلمان في حيرة من أمره، فهل يعود للتصويت على الاتفاقية، أم يتركها”.
ويتابع أن “هناك خلافات عديدة داخل البرلمان، وأيضا توجد يد خفية تعبث به، ولا تريد له المضي بالتصويت على القوانين”.
يشار إلى أن هناك 150 قانونا معطلا و23 استجوابا وسؤالا بانتظار حسمها من البرلمان خلال الفصل التشريعي الحالي والأخير من الدورة البرلمانية الخامسة.
وبدأ الفصل التشريعي الأخير، السبت الماضي، فيما دعا رئيس مجلس النواب، محمود المشهداني، مساء الثلاثاء الماضي 8 تموز يوليو الحالي، جميع النواب إلى تحمل مسؤولياتهم، والانتظام بحضور الجلسات النيابية المقبلة بغية إقرار القوانين.
وتسود حالة تخوف من ترحيل عدد من القوانين المهمة إلى الدورة النيابية الجديدة، في ظل اتهام رئاسة البرلمان بتسويف مطالب استجواب عدد من وزراء الحكومة.
إلى ذلك، يبين عائد الهلالي، المحلل السياسي المقرب من رئيس الحكومة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “في ظل التجاذبات السياسية الأخيرة داخل قبة البرلمان العراقي، تعالت بعض الأصوات باتهام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بعدم الرغبة في وجود برلمان فعّال، بل وذهبت إلى ربط هذه الرغبة، بملفات حساسة كالموازنة وقانون الحشد الشعبي، لكن عند تفكيك المشهد بموضوعية، يظهر أن هذه الاتهامات تفتقر إلى التوازن، وربما توظف سياسيا لتصفية حسابات أو للضغط على الحكومة”.
ويؤكد الهلالي، أن “السوداني ومنذ تسلمه المنصب، أبدى انفتاحا واضحا على جميع القوى السياسية، وتعهد مرارا بإعادة هيبة الدولة وتفعيل المؤسسات الدستورية، ومنها البرلمان، وتعامله مع القضايا الخلافية اتسم بالحذر والمسؤولية، خاصة في ملفات تمس الشارع مثل الرواتب، والخدمات، وحقوق الحشد الشعبي، فكيف يُتهم من يسعى لتحقيق هذه الملفات بأنه لا يريد برلمانا فاعلا”.
ويردف أن “ما يحدث داخل البرلمان -من انسحابات وصراعات ومشاهد فوضى- لا يتحملها رئيس الوزراء وحده، بل تقع مسؤوليتها أولا على الكتل السياسية التي تتعامل مع التشريع كأداة مساومة لا كأولوية وطنية، والسوداني نفسه عبّر أكثر من مرة عن ضرورة تشريع القوانين المتوقفة، وأكد أن الحكومة لا يمكن أن تعمل بكفاءة دون برلمان منتج ومتفاهم”.
ويستطرد أن “ما يخص قانون الحشد والموازنة، فلا توجد أي مؤشرات واقعية تدل على أن الحكومة تعرقل إقرارهما، بل العكس، فقد أكد رئيس الوزراء دعمه لقانون ينظم وضع الحشد ويعزز حقوق منتسبيه، كما أن الموازنة متأثرة بعوامل معقدة منها أسعار النفط والتوافقات السياسية، وليس فقط موقف الحكومة”.
ويعاني مجلس النواب من أزمات متكررة تتعلق بتأمين النصاب القانوني لعقد الجلسات، في ظل انقسامات سياسية حادة وتضارب في المواقف بشأن الأولويات التشريعية، كما أن العديد من مشاريع القوانين المرتبطة بملفات حساسة، مثل الحشد الشعبي وإصلاحات وزارة التربية، بقيت معلّقة دون حل.
وشهد البرلمان خلال الفصل التشريعي الأول، حالة من تعطيل الجلسات، حيث اكتفى بنحو 9 جلسات فقط، نتيجة لتغيب النواب عن حضور الجلسات، وسط انتقادات للرئاسة بعدم تطبيق النظام الداخلي للمجلس، واتخاذ إجراءات صارمة لضمان سير أعمال الجلسات وعدم تعطيل انعقاد البرلمان.
ومنذ بداية الدورة النيابية في كانون الثاني يناير 2022، عقد مجلس النواب العراقي 132 جلسة فقط، في حين ينص النظام الداخلي على عقد 256 جلسة سنويا، كما حدد النظام الداخلي عقد 8 جلسات شهريا، وفصلا تشريعيا يمتد أربعة أشهر، بواقع 32 جلسة في كل فصل.