السعودية وروسيا تستعدان لمواجهة نفطية جديدة.. هل ستعود حرب الأسعار؟

روسيا تفضل الزيادة التدريجية في الإنتاج مما يمكن معه استئناف حرب الأسعار مجددا مع السعودية.

ميدل ايست نيوز: بدأت دول اتفاق أوبك بلس حول خفض إنتاج النفط، استعداداتها لموعد 10 يونيو/ حزيران الذي سوف تختار فيه بين تمديد البنود الحالية للاتفاق أو مزيد من تشديدها.

وتقول الكاتبة أولغا سولوفيوفا في تقرير نشرته صحيفة “نيزافيسمايا” الروسية، إن بعض البلدان تفضل تمديد نظام الحصة القصوى القاضي بخفض كل دولة إنتاجها، ومواصلة العمل به حتى نهاية العام الجاري.

ولكن في المقابل فإن معارضي هذه الفكرة -ومن بينهم روسيا- يفضلون الزيادة التدريجية في الإنتاج، وهذا التناقض في المواقف يمكن أن يؤدي إلى تجدد حرب الأسعار بين الرياض وموسكو، بحسب المتابعين.

وتشير الكاتبة إلى أن أسعار النفط واصلت ارتفاعها يوم الخميس الماضي، حيث إن العقود الآجلة لخام برنت لشهر أغسطس/آب المقبل بلغت 35 دولارا للبرميل، ويعتقد أن هذا الدعم للأسعار جاء من تصريحات البلدان المشاركة في اتفاق أوبك بلس بشأن تمديد الاتفاق الحالي حول خفض الإنتاج حتى بعد موعد يونيو/حزيران المقبل.

وتذكر الكاتبة أن دول أوبك بلس كانت في أبريل/نيسان قد اتفقت على خفض إنتاج النفط مجددا لمدة عامين. وينص الاتفاق على تعميق حجم الخفض في مايو/أيار ويونيو/حزيران بمقدار 9.7 ملايين برميل يوميا، وفي النصف الثاني من العام سوف ينخفض بـ7.7 ملايين برميل، ويصبح 6 ملايين برميل يوميا اعتبارا من يناير/كانون الثاني 2021 وحتى مايو/أيار 2022.

وينص الاتفاق أيضا على أن روسيا والسعودية سوف تخفضان الإنتاج بكميات متساوية بينهما، هي 2.5 مليون برميل يوميا، ويفترض أن تصل حصة الخفض لكل منهما إلى معدل 2 مليون مع نهاية العام، وتتراجع أكثر في أبريل/نيسان 2022 إلى 1.5 مليون برميل.

وتؤكد الكاتبة أن هذا الاتفاق وضع حدا لحرب الأسعار بين البلدين، وساعد على التخلص من الفائض في الأسواق العالمية، وأدى لارتفاع سعر خام برنت ليصل إلى 37.5 دولارا في لندن يوم الأربعاء الماضي، أي بارتفاع بنسبة 70% مقارنة بالشهر السابق.

ولكن رغم وجود هذا الاتفاق، فإن من المنتظر أن يلتقي وزراء دول أوبك بلس في 10 يونيو/حزيران، بهدف اتخاذ القرارات الإضافية التي تدعو لها الحاجة من أجل تحقيق التوازن في السوق.

يشار إلى أن الجزائر -التي تتولى رئاسة أوبك- اقترحت عقد الاجتماع المقبل لأوبك وحلفائها في 4 يونيو/حزيران، بدلا من خطة سابقة لعقده في التاسع والعاشر من الشهر نفسه.

تقول الكاتبة إن من الواضح أن الأطراف ليست مجتمعة على رأي واحد بشأن مستقبل الاتفاق الذي يفترض أن يمتد لعامين. فعلى سبيل المثال، فإن السعودية كانت في بداية مايو/أيار الماضي قد أعلنت عن خفض طوعي لإنتاجها بداية من يونيو/حزيران المقبل، بواقع 1 مليون برميل يوميا، كما أعلنت الإمارات والكويت أيضا عن خفض إنتاجهما بواقع 100 ألف و80 ألف برميل.

كما أشارت الكاتبة إلى أن بعض الدول الأخرى في أوبك بلس تناقش بجدية فكرة الحفاظ على نظام الحصة القصوى، من أجل خفض الإنتاج بواقع 9.7 ملايين برميل يوميا حتى سبتمبر/أيلول المقبل، أو حتى نهاية 2020.

إلا أن مقترح روسيا يبدو غير واضح، إذ إن الرئيس بوتين وولي العهد السعودي محمد بن سلمان أشارا إلى أهمية الجهود المشتركة للتوصل لاتفاق أوبك بلس وتعزيز التعاون حول هذه المسألة، ولكن آراء الطرفين حول مستقبل هذه العملية تبدو متعارضة.

وتوضح الكاتبة في هذا السياق أن الموقف الروسي لا يزال مجهولا. وبحسب مصادر في وكالة الأنباء الروسية، فإن وزير الطاقة ألكسندر نوفاك ناقش هذه المسألة في اجتماع مع الشركات النفطية، ولا يوجد إلى الآن موقف موحد فيما بينها.

وبحسب وكالة إنترفكس، فإن بعض هذه الشركات وافقت على تمديد الاتفاق شهرين إضافيين، فيما تعتقد أخرى أن الوقت حان للشروع في رفع الإنتاج في يوليو/تموز المقبل، وقد أكدت مصادر إعلامية أخرى أن روسيا عازمة على تقليص خفض الإنتاج في الفترة المقبلة، طبقا لما تنص عليه بنود اتفاق أوبك بلس الموقع في أبريل/نيسان الماضي.

ويرى بعض الخبراء أن هذه الأخبار بشأن غموض الموقف الروسي تزعج السوق، وفي وقت تبرز فيه الحاجة للحفاظ على مستويات الخفض الحالية، لأنه في حال تواصل تعافي الطلب على النفط في المستقبل المنظور، فسيتم خلق حالة نقص في السوق خلال النصف الثاني من العام، وهو ما سيمكّن من “هضم” الكميات التي تم تكديسها في الفترة الماضية.

هذا السيناريو الذي سيتحقق في حال موافقة دول أوبك بلس على المواصلة في خفض للإنتاج لأقصى حد ممكن، سوف يؤدي لتسريع تعافي السوق.

الرئيس بوتين وولي العهد السعودي أشارا إلى أهمية الجهود المشتركة للتوصل لاتفاق أوبك بلس وتعزيز التعاون حول هذه المسألة

وتذكر الكاتبة أن السعودية من جهتها سوف تواصل التأكيد على تمديد العمل بالاتفاق إلى نهاية 2020، بما أنها تعتبر أن الحفاظ على مستويات الإنتاج منخفضة سوف يكون الحل الأقل ضررا بالنسبة لها، بالنظر للتقنيات المستخدمة لديها في الإنتاج وحالة تكدس النفط الخام في الموانئ والخزانات، وهو ما سيمكن المملكة من الاستجابة للطلب المتزايد دون رفع الإنتاج.

وبحسب بعض الخبراء، فإن الحسم بشأن هذا الاتفاق سوف يكون قرارا سياسيا بحتا، إذ إن الضغوط التي تواجهها روسيا من السعودية والولايات المتحدة من أجل تمديد العمل بالاتفاق سوف تتزايد بشكل ملحوظ.

وسيكون من الصعب على بوتين أن يقاوم هذه الضغوط ويرفض مواصلة التعاون، لأن هذا سيؤدي لموجة تذبذب جديدة في السوق وانخفاض في الأسعار.

لذلك، فإن روسيا يمكن أن توافق على سبيل المثال على جعل حصتها من خفض الإنتاج عند مستوى 1.5 مليون برميل يوميا، رغم أن التزامها الحالي ينص على أن الخفض يكون بواقع 2.5 مليون.

وهذا الفارق المتمثل في المليون الواحد من البراميل يوميا الذي ترفض روسيا اقتطاعه من إنتاجها، يمكن أن تتشارك في تغطيته دول أخرى مصدرة للنفط، من بينها الولايات المتحدة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى