ارتفاع البطالة وإقفال الشركات وتدهور القدرة الشرائية.. لبنان أمام كارثة اجتماعية

الأزمة المالية اللبنانية تتهدد السلم الاجتماعي برمته، وهو ما ينذر بعواقب وخيمة قد لا تخلو من توترات أمنية تصيب السلم الأهلي الهش أساسا.

ميدل ايست نيوز: ارتفعت معدلات البطالة في لبنان بعد تزايد تسريح العمال والموظفين وإقفال مئات الشركات والمؤسسات دون سابق إنذار، وذلك بذريعة الحد من الخسائر المالية بعد تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد، وإخفاق السلطات المعنية في الحد من الخسائر ونزيف القطاعات الإنتاجية وطرد العمال والموظفين.

يقول خبير مالي للجزيرة نت -فضل عدم الكشف عن اسمه- إن الأزمة المالية اللبنانية تتهدد السلم الاجتماعي برمته، وهو ما ينذر بعواقب وخيمة قد لا تخلو من توترات أمنية تصيب السلم الأهلي الهش أساسا، ويضيف هذا الخبير أن “أزمة لبنان المالية تعود إلى إفلاس واضح للقطاع المصرفي اللبناني وسوء الإدارة المالية للدولة”.

انهيار سريع

أدى تسارع الانهيار المالي في لبنان خلال النصف الأول من العام الحالي، بعد أن كان يسجل -وفق قول الخبير المالي- تراجعا بطيئا بدءا من أوائل العام 2019، إلى انهيار اقتصادي شامل، بدأت سلبياته تظهر بوضوح مع تزايد عمليات إغلاق المؤسسات التجارية والصناعية والسياحية، والتسريح العشوائي والمنظم في آن واحد للعمال والموظفين، وهضم حقوقهم بحجة الإفلاس المالي.

وأفاد إحصاء للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بخروج 21 ألفا و450 أجيرا من سوق العمل، في حين تباطأت حركة التوظيف في العام 2020 بنسبة 71%.

وتفيد الأرقام الصادرة عن الصندوق بأن 37.5% من الأجراء المصرح بهم للضمان يعملون بأقل من مليون ليرة (حوالي 661 دولارا)، أي أقل من خط الفقر الأعلى المحدد بنحو 1.5 مليون ليرة (نحو 991 دولارا)، في حين يعمل 86% بأقل من 3 ملايين ليرة (1983 دولارا).

ومع انهيار سعر صرف العملة الوطنية خسرت الرواتب أكثر من 80% من قيمتها، لاسيما أن للدولار ثلاثة أسعار صرف في البلاد، إذ يبلغ حسب السعر الرسمي 1510 ليرات، ووفق سعر المنصة الرقمية التي نظمها مصرف لبنان مع الصيارفة يبلغ 3800 ليرة، وفي السوق الموازية يتجاوز 8500 ليرة.

من جهتها تقول المديرة العامة لوزارة العمل مارلين عطا الله إن وزارتها لاحظت ارتفاعا بمعدل الشركات التي تقدمت بطلبات تشاور لإنهاء عقود عمالها، وتضيف للجزيرة نت أن العدد تجاوز حتى اليوم 325 طلبا، مشيرة إلى أن هنالك أكثر من 6500 عامل تم تسريحهم، لكن هذا الرقم لا يعكس الواقع الفعلي لعدد الأجراء أو الشركات التي أقفلت، خصوصا وأن بعض الشركات لا تصرح بإغلاقها، والكثير من العمال المسرّحين لا يلجؤون إلى الوزارة للإبلاغ عن تسريحهم من العمل.

كارثة اجتماعية

إن تسريح العمال والموظفين من مؤسساتهم وإغلاق أخرى لأسباب مالية سيدخل لبنان في كارثة اجتماعية، كما يقول الباحث في المؤسسة الدولية للمعلومات محمد شمس الدين للجزيرة نت.

ويضيف أن 95% من القوى العاملة في لبنان يتقاضون رواتبهم بالعملة الوطنية، وأن تآكل القدرة الشرائية نتيجة انهيار سعر صرف الليرة أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار السلة الغذائية للأسرة المؤلفة من 4 أو 5 أفراد.

ويوضح شمس الدين أن قيمة السلة الغذائية كانت تبلغ لهذه الأسرة حوالي 450 ألف ليرة في يونيو/حزيران المنصرم، لكنها ارتفعت اليوم إلى حوالي مليون ليرة، أي بنسبة 122%.

ويبدي شمس الدين تخوفه من إغلاق المزيد من المؤسسات وتسريح العمال، مما سينعكس سلبا على حياة اللبنانيين، وعبّر عن اعتقاده بأن عدد العاطلين عن العمل قد يبلغ ما نسبته 65% من القوى العاملة في البلاد (حسب إحصاء سابق للإحصاء المركزي اللبناني صدر أواخر 2019 تبلغ القوى العاملة في لبنان حوالي مليونا و794 ألف عامل)، علاوة على عودة حوالي 200 ألف عامل لبناني يعملون في الخارج بعد أن فقدوا وظائفهم.

ويقول شمس الدين إن وصول عدد العاطلين عن العمل في لبنان إلى مليون سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الفقر.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الجزیرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 + ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى