لقاءات وشراكات متواصلة.. ماذا تهدف الإمارات من التحالف مع اليونان؟

التحالف مع خليفة حفتر ضد حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دولياً، وكذلك الموقف من مسجد آيا صوفيا، العاملان اللذان جمعا الإمارات واليونان ضد تركيا.

ميدل ايست نيوز: في خضم التوترات السياسية بين تركيا واليونان، سارعت الإمارات إلى تقوية علاقاتها مع أثينا من باب الاقتصاد والتعاون الاستراتيجي والتنمية، وذلك لتشكيل تحالف جديد مع هذه الدولة الأوروبية، للبحث عن دور إقليمي لها في هذه المنطقة.

وتشترك الإمارات واليونان في عدد من القضايا ضد تركيا، خاصةً تحالفها الأخير مع حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دولياً، ودعمها على الأرض ضد اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وتحقيقها عديداً من الانتصارات.

وبشكل واضح بعد توسُّع التحالف اليوناني الإماراتي، ذهبت أبوظبي إلى انتقاد ما سمَّته انتهاك تركيا للمياه القبرصية والمجال الجوي اليوناني، وهو ما يعكس الهدف السياسي من تقربها لليونان.

كذلك، سبق أن أصدرت أبوظبي ومصر بياناً مشتركاً مع اليونان وقبرص وفرنسا، الاثنين (11 مايو)، يندد بـ”التدخل العسكري التركي في ليبيا”.

ودائماً تؤكد الإمارات، خلال استقبال محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، كيرياكوس ميتسوتاكيس، رئيس وزراء اليونان، في فبراير الماضي، أن “العلاقات مع اليونان تتسم بالعمق والتميز والخصوصية، وتستند إلى إرادة سياسية قوية وقاعدة صلبة من المصالح المشتركة وتوافُق الرؤى والتوجهات”.

وخلال اللقاء تم الاتفاق على تشكيل لجان عمل مشتركة، بهدف تطوير أوجه التعاون بين البلدين وصولاً إلى هذه الشراكة الاستراتيجية الشاملة خلال الفترة القادمة، إضافة إلى سبل تطوير وترقية العلاقات بين البلدين في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والثقافية والاجتماعية والتعليمية، إلى جانب البنية التحتية والسياحة والطاقة وغيرها من المجالات الأخرى.

شراكة جديدة 

وكانت آخر الشراكات الإماراتية اليونانية عقد اجتماعات الجولة الثانية لمنتدى التعاون الاستراتيجي الإماراتي اليوناني، لبحث سبل تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين، وتنمية مجالات التعاون الثنائي في عدد من المجالات.

المنتدى الذي عُقد (السبت 25 يوليو) تضمَّن عدداً من جلسات النقاش والحوار على المستوى الوزاري وعلى مستوى اللجان الفنية، والتي شملت الاهتمامات المشتركة بين البلدين، ومن ضمنها التعاون السياسي والإنمائي، والتجارة والاستثمار، والثقافة، والطاقة، والتحول الرقمي، والزراعة.

المنتدى اليوناني الإماراتي خرج بتوقيع عدد من مذكرات التفاهم في عدة مجالات، أبرزها التعاون الإنمائي، وتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة والابتكار، والتعاون الرقمي، والتعاون الثقافي والصناعات الثقافية والإبداعية، بالإضافة إلى إطلاق الخطة الإماراتية اليونانية المشتركة للسياحة.

هذا الاجتماع والنتائج التي خرجت عنه جاءا في الوقت الذي تشهد فيه اليونان وتركيا خلافات حادة حول “آيا صوفيا” الذي أعادته تركيا مسجداً من جديد، وهو الموقف نفسه الذي تشترك فيه الإمارات مع اليونان.

تهديد مصالح تركيا 

التقارب اليوناني الإماراتي كانت أقوى صوره من خلال دعم أبوظبي لمشروع “إيست ميد”، وهو خط أنابيب للغاز بين “إسرائيل” وقبرص واليونان، ويزود أوروبا بالغاز الطبيعي من منطقة شرق المتوسط.

وسيمتد الخط المعروف باسم “إيست ميد” من قبالة سواحل “إسرائيل” وقبرص واليونان ليصل إلى جنوب إيطاليا، حيث ساهمت حكومة أبوظبي في المشروع بمبلغ 100 مليون دولار خلال الأشهر الماضية، حسب الإدارة القانونية في الوكالة التنفيذية للابتكار والشبكات بالمفوضية الأوروبية.

وتريد الإمارات من دعم المشروع التأثير على تركيا التي تلعب دوراً مهماً في تزويد أوروبا بالغاز، وتمتلك شبكة واسعة من أنابيب الغاز الطبيعي.

معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي يرى أن الإمارات تعتمد على حقيقة أن علاقات تركيا التقليدية مع حلفائها في “الناتو” متوترة بسبب مجموعة من القضايا، من ضمنها التدخل العسكري التركي في ليبيا، ومصير ملايين من اللاجئين السوريين الذين تستضيفهم تركيا، وعلاقة تركيا بروسيا وشرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية “إس-400”.

وتعمل الإمارات، وفق تقرير للمعهد نشره (الأحد 19 يوليو)، على وضع اللبنات الأساسية لتعزيز تأثيرها في شرق المتوسط، وتشكل العلاقات الوثيقة المتزايدة مع (إسرائيل)، التي لها علاقات معقدة مع تركيا، حجر الزاوية في ذلك.

كذلك، تريد الإمارات تقوية علاقاتها مع اليونان، حسب المعهد الإسرائيلي، من خلال مشاركتها في المناورات العسكرية السنوية التي تقودها اليونان، والتي تشارك فيها (إسرائيل) وقبرص وإيطاليا والولايات المتحدة.

المعهد يوضح أن الدول الأوروبية تشعر وضمنها فرنسا واليونان وقبرص، بالتهديد من استخدام تركيا لليبيا لتوسيع قبضتها على المياه الإقليمية الغنية بالغاز، ونتيجة لذلك، أصبحت نزاعات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مشكلات أوروبية.

ومن ضمن جهودها لزيادة التحالف مع اليونان، ناقشت الإمارات التعاون على المستوى العسكري ضد الوجود التركي في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

ويرى مراقبون للشأن اليوناني، أن أثينا ذهبت بعد الربيع العربي للبحث عن حليف في منطقة الشرق الأوسط، واختارت السعودية والإمارات، لكونها تعلم أنهما تعارضان تركيا، وتبحثان عن أي مناهضين لها.

وتريد اليونان من التحالف مع شركاء لها خاصةً الإمارات، مواجهة الدور التركي المتصاعد بالنسبة لليونان، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وجذب استثمارات جديدة.

محاولات فاشلة 

المحلل السياسي التركي، حمزة تكين، يؤكد أنَّ تقارب الإمارات مع اليونان، وعقدها تحالفات معها، يأتي ضمن محاولات التضييق على تركيا، وإزعاجها، ولكنها “محاولات فاشلة، هدفها تسجيل نصر ما ضد أنقرة دون أي مكاسب سياسية”.

وتأتي المحاولات الإماراتية، حسب حديث تكين لـ”الخليج أونلاين”، ضمن أهداف قديمة لأبوظبي استهدفت تركيا، من خلال ضرب الليرة التركية، وضرب الاقتصاد المحلي والأمن التركي، إضافة إلى المحاولات العسكرية، وجميعها لم تتحقق.

ويأتي التقارب الإماراتي اليوناني الجديد، كما يؤكد تكين، ضمن محاولة جديدة من إدارة أبوظبي لاستهداف تركيا، بعد الفشل في عدة محاولات سابقة كبرى.

كما شدد في هذا الصدد على أن اليونان “لن تستطيع تحقيق أي من أهداف الإمارات ضد تركيا؛ لكونها بلداً منهاراً سياسياً، واقتصادياً، وعسكرياً، وقائماً فقط بدعم من الاتحاد الأوروبي”.

ويستدرك بالقول: “هذا التقارب لن يكون له أي شيء ملموس على الأرض إلا مزيداً من الحرب الإعلامية على تركيا، ولن تؤثر عليها سلباً، وستكون محاولة يائسة جديدة من إدارة الإمارات لاستهداف أنقرة”.

وأضاف: “ولو كانت اليونان قادرة على المس بتركيا لكانت أوقفت عمليات التنقيب التركية، بشرق المتوسط، عن الغاز أو النفط، في الجرف القاري التركي”.

وخلال الفترة الماضية، اجتمعت الإمارات واليونان، وفق المحلل السياسي التركي، في ملف واحد، وهو الاعتراض بشكل شديد على إعادة “آيا صوفيا” مسجداً، وكذلك الملف الليبي، بعد تدخُّل تركيا بشكل جزئي من خلال شراكتها مع الحكومة الشرعية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخلیج اونلاین

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 − 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى