هل تستغل واشنطن أوضاع لبنان لترسيم الحدود مع إسرائيل؟

رغم الأزمات السياسية والاقتصادية التي يعيشها لبنان، تسعى إسرائيل عبر وساطة أمريكية إنجاز المحادثات الجارية لترسيم الحدود البرية والبحرية بين بيروت وتل أبيب.

ميدل ايست نيوز: رغم الأزمات السياسية والاقتصادية التي يعيشها لبنان، تسعى إسرائيل عبر وساطة أمريكية إنجاز المحادثات الجارية لترسيم الحدود البرية والبحرية بين بيروت وتل أبيب.

وعبرت الكثير من الأوساط عن مخاوفها من ممارسة أمريكا ضغوطها على لبنان ودفعها لتوقيع اتفاق ترسيم للحدود مع إسرائيل لا يحفظ حقوق بيروت الحدودية.

وأعلن مسؤول أمريكي أن المحادثات التي تجري بوساطة واشنطن لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل تحرز “تقدمًا تدريجيا”، مبديًا أمله بتوقيع اتفاق إطار في غضون أسابيع يتيح للبنان وإسرائيل البدء في مفاوضات لحل هذا النزاع.

مفاوضات قائمة

وقال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر: “أعتقد أننا نحقق تقدما تدريجيا”، وفقا لـ”سكاي نيوز”.

وتابع خلال مؤتمر عبر الهاتف مع صحفيين لبنانيين: “أتطلع إلى الانتهاء من اتفاق الإطار لكي تتمكّنوا مع الإسرائيليين… من المضي قدما نحو التفاوض حول حدودكم”.

وأضاف مساعد وزير الخارجية: “آمل أن أتمكن من العودة إلى لبنان وتوقيع هذا الاتفاق في الأسابيع المقبلة”.

وأوضح شينكر أن “هذا الأمر سيعطي فرصة للبنان وإسرائيل للبدء بتحقيق تقدم فعلي”.

ورفض شينكر الإدلاء بتعليق حول العقبات التي واجهت الاتفاق، لكنّه قال إن جولات مكوكية أمريكية لأكثر من عام بين البلدين من أجل التوصل إلى تفاهم مبدئي كانت “للأسف مضيعة للوقت”.

وكانت قد أعلنت الحكومة الإسرائيلية في عام 2019 أنها وافقت على إجراء محادثات مع لبنان بوساطة أمريكية لحلّ النزاع القائم حول الحدود البحرية.

وفي مطلع أغسطس/آب، صرّح رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أن المحادثات مع الأمريكيين في ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل أصبحت “في خواتيمها”.

وكشفت حركة أمل في بيان يوم أمس حول العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على أحد أعضائها، أن “اتفاق ترسيم الحدود البحرية اكتمل مع واشنطن ووافقت عليه في تموز الماضي وحتى الآن ترفض توقيعه”.

ضغوط أمريكية

من جانبه قال أسامة وهبي، المحلل السياسي اللبناني، إن “الأزمة اللبنانية أصبحت متشعبة ومعقدة، وتدخل فيها ما هو داخلي وما هو متعلق بالأمور الدولية والإقليمية”.

وأضاف في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن “الضغط على الطبقة السياسية من أجل تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، والالتزام بالورقة الفرنسية، وإرسال إشارات للدول الخارجية من أجل مساعدة لبنان، خاصة صندوق النقد الدولي، ومن الطبيعي أن يكون موضوع ترسيم الحدود البرية والبحرية مطروحًا ضمن السلة”.

وتابع: “أمريكا تهتم بترسيم الحدود، وتعتبره مصلحة لإسرائيل، ومن المؤكد أن واشنطن تضغط في هذا الاتجاه، وتربط أي مساعدات من الخارج، وتدخل صندوق النقد الدولي لإخراج لبنان من أزمته بهذا الملف، وبالتالي الأزمة باتت معقدة جدًا”.

وأكمل: “بالتالي لا يمكن أن تحقق الحكومة أي إنجازات ولا اتفاق مع صندوق النقد الدولي، أو جلب مساعدات خارجية إلا إذا كانت أمريكا راضية أو وصلت إلى ما تريده في ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية”.

وأشار إلى أن “واشنطن تضغط على بعض الأحزاب والأطراف السياسية من خلال العقوبات التي اتخذتها على وزيرين، وهذا مؤشر على أن التهديدات الأمريكية بوضع عقوبات على أطراف سياسية قيد التنفيذ وهناك الكثير من الشخصيات منتظرة، وهذا يمثل ضغطًا إضافيًا في الاتجاه التي تريده أمريكا، خاصة بشأن الحكومة وترسيم الحدود البرية والبحرية مع إسرائيل”.

ثقة الشارع

من جانبه قال رياض عيسى، المحلل السياسي اللبناني، إن “من المفاجئ أن تعلن أمريكا عن إحراز تقدم بمفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، وأي طرف لبناني في الوقت الراهن يكشف أنه كان يتفاوض مع أمريكا من أجل ترسيم الحدود سيكون له تبعات خطيرة”.

وأضاف في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن “الشارع اللبناني لا يثق في السلطة الحالية، بأن تقوم بخطوات داخلية وخارجية، خاصة في ملف ترسيم الحدود”.

وتابع: “من ساهم بإفساد البلد وإغراقه بالديون، وتسبب في الانفجار الذي أودى بحياة المئات، لا يؤتمن على حدود وتراب”.

وأكد أن “المجتمع الدولي شريك في وصول لبنان لهذه الظروف المآساوية، فعلى مدى عقود طويلة من الزمن كان شريكًا للسلطة الفاسدة، وكان يغطيها دوليًا عبر عقد المؤتمرات الدولية”.

وأشار إلى أن “أمريكا سوف تستغل أي نقطة ضعف يعيشها لبنان لكي تمرر اتفاقيات أو مؤامرات خبيثة، لن تكون في صالح بيروت، فعندما كان لبنان في وضع أفضل وبإمكانه وضع شروطه ما قبلوا بترسيم الحدود، فكيف يقبلوا الآن في ظل الظروف اللبنانية”.

أزمة حدودية

وتعد قضية الحدود البحرية المشتركة مسألة شائكة، خصوصاً بسبب النزاع القائم حول حقوق التنقيب الساحلي.

ففي فبراير/شباط 2018، وقّع لبنان أول عقد له للتنقيب البحري عن الغاز والنفط في رقعتين في المتوسط مع اتحاد شركات يضم “توتال” و”إيني” و”نوفاتيك”.

وفي أبريل/نيسان، أعلنت بيروت أن عمليات الحفر الأولية في الرقعة الرقم أربعة أظهرت وجود غاز لكن ليس بكميات مجدية تجارياً.

ولم تبدأ عمليات استكشاف الرقعة الرقم تسعة التي تضم جزءاً متنازعاً عليه مع إسرائيل.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
سبوتنيك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى