كيف تدير إيران ملفات المنطقة في عهد “رئيسي”؟

قد لا يؤدي التغيير في الرئاسة إلى تحولات في علاقات إيران مع الدول الإقليمية، أو في سياساتها الخارجية التي يرسم خطوطها العريضة المرشد الأعلى.

ميدل ايست نيوز: يستمد “إبراهيم رئيسي” قوته من خلال قربه من المرشد الأعلى الإيراني الذي يمتلك سلطات مطلقة في النظام السياسي الإيراني ودعم الحرس الثوري ونفوذه في الدولة الإيرانية.

وتسلم “رئيسي” منصبه رئيسا لإيران، الخميس 5 أغسطس/آب، في ظل أجواء توترات تشهدها البلاد في ملفات إقليمية عدة مثل حرب السفن في مياه المنطقة، وتبادل الهجمات بين إسرائيل وحليف إيران الأقوى حزب الله اللبناني.

وفي دلالة على أهمية الأذرع المسلحة الحليفة لإيران في عهد الرئيس الجديد “إبراهيم رئيسي”، وخلافا للأعراف الدبلوماسية في ترتيب جلوس الضيوف، خُصصت المقاعد الأمامية في حفل التنصيب لقيادات فصائل مسلحة مثل حركة حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين وجماعة الحوثي اليمنية وحزب الله اللبناني وقيادات في الحشد الشعبي العراقي.

وفي أكثر من مناسبة، ومنها زيارته إلى العراق قبل أسابيع من انتخابه، أكد “إبراهيم رئيسي” خلال اجتماعاته مع قادة الفصائل الحليفة لإيران، دعم بلاده لما يعرف باسم “محور المقاومة” في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغزة.

وخص الرئيس “إبراهيم رئيسي” قادة الفصائل المسلحة المحسوبة على ما يسمى “محور المقاومة” بلقاءات مع عدد منهم، أكد خلالها على مواصلة إيران دعمها لهذه الفصائل التي ينظر إليها على أنها الأذرع المسلحة للمشروع الإيراني في المنطقة.

وكرر “رئيسي” في خطاب القسم، تعهده بتفعيل الدبلوماسية لرفع العقوبات، وإعطاء الأولوية لتوسيع العلاقات مع دول المنطقة.

وإلى جانب أزمة المياه في جنوب غرب إيران والاضطرابات التي شهدتها مؤخرا، وتداعيات جائحة كورونا، واستمرار العقوبات الأمريكية وعقوبات الأمم المتحدة، ستظل مفاوضات فيينا تمثل التحدي الأكبر للرئيس الإيراني الجديد، الذي سيكون عليه خلق توازنات جديدة في علاقات بلاده مع الدول المعنية بالاتفاق النووي ودول عربية مثل السعودية، التي يعتقد مراقبون أن طهران ستحاول تطبيع علاقاتها معها كإحدى بوابات الوصول إلى واشنطن.

بالإضافة إلى مفاوضات فيينا “المتعثرة” حول الملف النووي واتهامات إسرائيل والولايات المتحدة ودول أخرى بمسؤولية إيران عن الهجوم على سفينة الشحن “ميرسر ستريت” المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي نهاية الشهر الماضي.

وتنفي إيران رسميا صلتها بالهجوم على السفينة الإسرائيلية على الرغم من أن وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية أعلنت فور وقوع الهجوم أنه جاء ردا على هجمات إسرائيلية على قاعدة عسكرية سورية يستخدمها الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في بلدة القصير بريف حمص قرب الحدود مع لبنان، وهي الهجمات التي أسفرت عن مقتل قيادي في حزب الله هو عماد الأمين، وقائد لواء فاطميون المرتبط بالحرس الثوري سيد أحمد قريشي.

ونقلت وسائل إعلام غربية أن الطائرات المسيرة التي نفذت الهجوم على السفينة الإسرائيلية انطلقت من اليمن من مناطق تخضع لسيطرة جماعة الحوثي الحليفة لإيران.

تصريحات السفير الإسرائيلي في واشنطن “جلعاد إردان” التي تحدث فيها “لأول مرة” عن رغبة بلاده بتغيير نظام الحكم في إيران، جاءت على خلاف السياسات الإسرائيلية طيلة سنوات والتي كانت تركز على حشد المجتمع الدولي لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي وفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية ووقف دعم الجماعات المسلحة الحليفة لإيران في سوريا والمنطقة.

ومع انفراد إسرائيل بصدارة الدول الداعية للرد العسكري على إيران وتردد الولايات المتحدة والدول الأخرى، فإن إيران ستجد نفسها أكثر اندفاعا في تنفيذ المزيد من الهجمات على السفن المملوكة لإسرائيل كإحدى وسائل الرد المتاحة على الضربات الإسرائيلية على مواقع تابعة للحرس الثوري في سوريا أو قوى حليفة له في لبنان.

وتشعر تل أبيب بخيبة أمل من تضامن الولايات المتحدة والدول الأخرى المعنية بقضية استهداف السفينة، ورغبة إسرائيل بالرد العسكري، ووقوف الولايات المتحدة ضد هذه الرغبة مفضلة “الرد الجماعي” الذي يبدو، حسب متابعين، أنه سيقتصر على الوسائل الدبلوماسية عبر مجلس الأمن الدولي.

واتهمت الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا ومجموعة الدول السبع، إيران بالمسؤولية عن الهجوم على السفينة الإسرائيلية، وهي الاتهامات التي ترفضها إيران.

كما يعتقد بتورط مسلحين إيرانيين باختطاف ناقلة نفط قبالة سواحل الإمارات.

وتبادلت إسرائيل وحزب الله الحليف الأقوى لإيران هجمات صاروخية عبر الحدود اللبنانية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.

قد لا تختلف التصريحات التي أعلنها إبراهيم رئيسي، عن سلفه “المعتدل” حسن روحاني في الرغبة بتخفيف حدة التوترات في المنطقة، وإعادة تطبيع علاقات إيران مع دولها، خاصة السعودية التي تغيبت عن حضور حفل تنصيب إبراهيم رئيسي.

وفي حفل تنصيبه في 5 أغسطس/آب، قال “إبراهيم رئيسي” إن أزمات المنطقة لا يمكن حلها إلا من خلال حوار حقيقي بين دول المنطقة وضمان حقوق شعوبها.

وكشف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية في 9 أغسطس/آب، عن جولات عدة من المحادثات مع السعودية للتوصل إلى رؤية مشتركة من خلال الحوار، معتبرا أنه ليس من الضروري حل جميع نقاط الخلاف، لكن التوصل إلى نتيجة سيكون ممكناً”.

ولم تحضر السعودية مراسم تنصيب “إبراهيم رئيسي”، لكنها ستظل حريصة على استمرار المحادثات مع إيران لإيجاد مخرج لها من الحرب في اليمن، والتوصل إلى تسوية سياسية بإشراف الأمم المتحدة، تلعب فيها إيران دورا في الضغط على جماعة الحوثي الحليفة لها والتي لا تزال تتهم بعرقلة جهود الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.

وشهدت الأيام القليلة الماضية خلال مراسم تنصيب “إبراهيم رئيسي” رئيسا لإيران، سلسلة من الحوادث التي ينظر إليها بأنها بداية عهد جديد من التصعيد الإيراني المباشر أو عبر القوى الحليفة له مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

ستواصل إيران سياساتها التي حظيت بتأييد المرشد الأعلى فيما يتعلق بفتح حوارات مع المملكة العربية السعودية برعاية العراق، ومفاوضات الملف النووي التي يتوقع مسؤولون غربيون أن تستأنف خلال هذا الشهر.

ويتوقع مراقبون أن تشهد السياسة الخارجية الإيرانية بعض التحولات باتجاه التهدئة مع دول المنطقة وإسرائيل لمعالجة الأزمات الداخلية التي تعاني منها إيران.

لكن هذه التوقعات تصطدم بسلسلة من الأحداث التي شهدتها المنطقة خلال هذه الأيام، وآخرها تبادل القصف المدفعي والصاروخي بين حزب الله وإسرائيل، واتهامات وجهتها المعارضة الإيرانية بمسؤولية جهاز المخابرات عن اغتيال معارض إيراني في أربيل بالعراق، السبت 7 أغسطس/آب.

قد لا يؤدي التغيير في الرئاسة إلى تحولات في علاقات إيران مع الدول الإقليمية، أو في سياساتها الخارجية التي يرسم خطوطها العريضة المرشد الأعلى. لكن سيكون للحرس الثوري نفوذ أوسع في مؤسسات الدولة ومؤسسة الجيش بعد وصول “إبراهيم رئيسي” المقرب من الحرس والداعم لتوجهاته ونشاطاته خارج الحدود الإقليمية للدولة الإيرانية من خلال فيلق القدس التابع للحرس.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الأناضول

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى