خبراء أميركيون يفككون دور إسرائيل في مفاوضات نووي إيران

تؤمن واشنطن أن مهاجمة إسرائيل للمنشآت النووية الإيرانية قد تحقق بعض الأهداف على المدى القريب، إلا أنها تلحق ضررا بالهدف الأكبر.

ميدل ايست نيوز: نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) عن مسؤولين مطلعين القول إن المسؤولين في واشنطن حذروا الإسرائيليين من أن “الهجمات المتكررة على المنشآت النووية الإيرانية قد تكون مرضية من الناحية التكتيكية، لكنها في النهاية تأتي بنتائج عكسية”. وتؤمن واشنطن أن مهاجمة إسرائيل للمنشآت النووية الإيرانية قد تحقق بعض الأهداف على المدى القريب، إلا أنها تلحق ضررا بالهدف الأكبر، وهو وقف البرنامج النووي الإيراني.

ويقول وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس “إننا نجري تقييما للموضوع الإيراني، ولدينا اتصال دائم مع الأميركيين في هذا الموضوع. الولايات المتحدة صديقة كبيرة لإسرائيل على مرّ السنوات، ونحن سنجد الطريق الملائم من أجل تبادل الآراء، وإدارة تباين وجهات النظر كلما وجدت”.

ومع اقتراب موعد الجولة السابعة من مفاوضات الملف النووي، التي تستضيفها العاصمة النمساوية فيينا، يزداد الحديث عن نفوذ إسرائيلي واسع على فريق التفاوض الأميركي خاصة بعدما انضم إليه السفير السابق لدى إسرائيل دان شابيرو، المعروف عنه القرب الشديد من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.

موقع “الجزيرة نت” تحدثت إلى عدد من أهم الخبراء الأميركيين بخصوص طبيعة دور إسرائيل في مفاوضات الملف النووي الإيراني، ومدى اقترابها أو ابتعادها عن مواقف إدارة الرئيس جو بايدن.

أليكس وطن خواه: باحث متخصص في الشأن الإيراني بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن

“الانقسامات عميقة ومرهقة للجانبين، ومع ذلك يتعين على الجانبين أن يحاولا التغلب عليها، لا يريد أي من الطرفين تحمل تكاليف عدم النجاح ومواجهة بدائل التصعيد وصولا إلى احتمال نشوب حرب. أعتقد أن كلا الجانبين لديه مجال لتعديل مواقفه لإيجاد حيّز مشترك للوصول إلى حد أدنى من الاتفاق بينهما، وهذا هو أفضل ما يمكن أن نأمله. ويمكن لمثل هذا الاتفاق أن يتطور ويصبح أكثر شمولا في الوقت المناسب إذا أظهر الجانبان اهتماما سياسيا لدفع هذه العملية الدبلوماسية إلى الأمام”.

وأضاف فاتنكا “يتعين على فريق بايدن أن يُطمئن إسرائيل باستمرار بأن واشنطن لن تتسامح مع سلاح نووي إيراني، ولكن على إسرائيل أن تمنح بايدن المساحة اللازمة لإنجاح الدبلوماسية. ومن المرجح أن تقبل الحكومة الإسرائيلية بأنه لا يوجد حل عسكري يمكن لإسرائيل أن تقوم به لوقف البرنامج النووي الإيراني. وفي الوقت الحالي، فإن أفضل رهان لإسرائيل هو دعم جهود المسار الدبلوماسي الأميركي مع إيران”.

ديفيد بولوك: مسؤول سابق بوزارة الخارجية وخبير بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى

“أعتقد أن الانقسامات واسعة بين الطرفين، ولكن كلا الجانبين يتفق على إبقائها هادئة وعلى التشاور باستمرار لتضييقها أو على الأقل لاحتوائها، فإسرائيل تميل إلى النظر إلى إيران باعتبارها تقترب من الوصول إلى السلاح النووي في وقت قريب، في حين لا تزال الولايات المتحدة ترى مجالا أكبر للمناورة. ولكن كلما تأخرت إيران في التوصل إلى اتفاق ظهر مزيد من الاتفاق بين الولايات المتحدة وإسرائيل في هذا الشأن”.

وأشار بولاك إلى أنه “بمجرد استئناف المحادثات، أعتقد أن الولايات المتحدة ستعمل مع إسرائيل لتجنب تعطيلها، وقد يكون الحل هو دعم الضربات الإسرائيلية ضد إيران في الساحة غير النووية، في سوريا أو في المياه الدولية، وهذا فرق رئيسي بين نهجي باراك أوباما وبايدن في هذا المجال”.

جورجيو كافيرو: مدير مؤسسة دراسات دول الخليج

“ربما لا يوجد بلد في العالم يعارض خطة العمل الشاملة المشتركة مثل إسرائيل، لقد أمضى المسؤولون الإسرائيليون سنوات في التعبير عن معارضتهم للاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وكان لدى إسرائيل مخاوف كبيرة بشأن الكيفية التي يمكن بها حلّ الأزمة النووية بين الولايات المتحدة وإيران على حساب المصالح المتصورة لتل أبيب”.

و”كما كانت الحكومة الإسرائيلية مختلفة عن إدارة أوباما عندما يتعلق الأمر بالموقف تجاه إيران، فإن القيادة في تل أبيب ترى قضية الملف النووي الإيراني بالاختلاف نفسه في عهد إدارة بايدن، وذلك يعني أن هذه القضية تشكل مصدرا واحدا للتوتر بين الجانبين. ولكن في إسرائيل تفهم أن الولايات المتحدة سوف تتخذ قرارها بشأن كيفية التعامل مع القضية النووية الإيرانية استنادا إلى تقييم الحكومة الأميركية لمصالح واشنطن، حتى لو كان ذلك يعني اتخاذ واشنطن موقفا يتعارض مع موقف إسرائيل، فلن يكون أمام الإسرائيليين خيار سوى قبول هذا الأمر على أنه حقيقة واقعة، تماما كما كان عليهم أن يفعلوا مع أوباما في عام 2015. ومن المحتمل أن تكون الجهود الرامية إلى إقناع الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة بعدم العودة إلى الاتفاق غير مجدية، وسيكون من الحكمة أن تتجنب تل أبيب صداما كبيرا مع إدارة بايدن في ما يتعلق بهذا الملف الحساس”.

ولكن كافيرو يرى أنه “مع ذلك، قد لا يكون لدى إسرائيل أي شيء يدعو للقلق على الإطلاق عندما يتعلق الأمر بإعادة العمل بالاتفاق النووي. فهناك سبب وجيه جدا لافتراض أن الأطراف التي وافقت على خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2015 لن تتمكن من الحصول على الاتفاق النووي لأسباب لا علاقة لها مباشرة بإسرائيل. وبدلا من ذلك، تنبع هذه العوامل في معظمها من عدم قدرة إيران على الثقة بالولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بضمانات واشنطن بأنها ستبقى ممتثلة للاتفاق المتعدد الأطراف”.

سينا عضدي: خبير في المجلس الأطلسي وباحث بمؤسسة دراسات دول الخليج

“أعتقد أن لديهما هدفا مشتركا يتمثل في معالجة ما يعدّانه تقدما تكنولوجيا لإيران في المجال النووي، ويتفق كلاهما على أن التقدم النووي الإيراني لا يمكن أن يمرّ من دون رادع، ولكنهم يختلفون في كيفية معالجة هذه المعضلة. وفي حين تبدو الولايات المتحدة ملتزمة بحل دبلوماسي، فإن الثقافة الأمنية الإسرائيلية تقودها إلى اتخاذ إجراءات أكثر قسوة بما في ذلك التخريب والاغتيالات وحتى الهجمات العسكرية المباشرة”.

وأشار أزودي إلى أنه “عندما تم التوقيع على خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2015، باعت إدارة أوباما طائرات مقاتلة من طراز (F-35) لإسرائيل لتهدئة مخاوفها، وهذه المرة يمكن لإدارة بايدن أن تتبع السياسة ذاتها. وفي الوقت نفسه، ومع استمرار المحادثات النووية، يمكن لبايدن إصدار ضمانات أمنية أكثر وضوحا للإسرائيليين أو تقديم خطط بديلة إذا فشلت الدبلوماسية مع إيران”.

جودت بهجت: بروفيسور بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني الأميركية التابعة للبنتاغون

“على مدى وقت طويل، ناقش العديد من المعلقين ما إذا كانت الولايات المتحدة وإسرائيل متفقتين بخصوص البرنامج النووي الإيراني. ويعتقد العديد من المحللين أن إسرائيل كانت تحثّ الولايات المتحدة دائما على ضرب إيران، على أن القدرات العسكرية الأميركية تفوق قدرات إسرائيل، وفي هذا السياق يعتقد بعض المحللين أن إسرائيل تبالغ في التهديد الإيراني من أجل إقناع واشنطن بمهاجمة طهران”.

وأشار بهجت إلى أن “هناك تقارير تفيد بأن الحكومة الإسرائيلية أرادت مرتين على الأقل ضرب إيران عسكريا، لكن القادة العسكريين عارضوا مثل هذه الهجمات خوفا مما قد يحدث في اليوم التالي للهجوم. وهناك تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة وإسرائيل كانتا معا وراء الهجوم الإلكتروني المعروف باسم الألعاب الأولمبية، في منشأة نطنز النووية الإيرانية في الفترة 2008-2010، كما تزعم بعض التقارير أن الولايات المتحدة رفضت لفترة طويلة تزويد إسرائيل بأسلحة متطورة يمكنها ضرب المنشآت الإيرانية تحت الأرض”.

وبوجه عام، يعتقد كثير من المحللين أن الولايات المتحدة تفضل الدبلوماسية، أي إن الرأي العام الأميركي قد سئم الحروب الأبدية في الشرق الأوسط، وإسرائيل أكثر تأييدا لعمل عسكري لأن القادة الإسرائيليين يشعرون بأن بلادهم ستكون مهددة بإيران نووية أكثر من الولايات المتحدة. ويقول بهجت “ينظر القادة الإسرائيليون، والقوى الإقليمية الأخرى، إلى الولايات المتحدة في ظل إدارتي ترامب وبايدن على أنها تركز على التهديد من الصين كأولوية رئيسية للأمن القومي الأميركي”.

وأخيرا، لا يمكن استبعاد أن تكون الولايات المتحدة وإسرائيل يتقاسمان الأدوار بينهما للضغط بسبل مختلفة على إيران. ويؤكد البروفيسور بهجت أن “كبار المسؤولين الأميركيين يجتمعون دوريا مع نظرائهم الإسرائيليين (والعرب) لمناقشة البرنامج النووي الإيراني، كما أن هناك قدرا كبيرا من تبادل المعلومات الاستخبارية بين جميع هذه الأطراف المعادية لإيران”.

باربرا سلافين: خبيرة في الشؤون الإيرانية ومديرة مبادرة مستقبل إيران في المجلس الأطلسي

“أعتقد أن هذه الحكومة الإسرائيلية ستبذل قصارى جهدها للعمل مع إدارة بايدن وعدم إحراجها. بصراحة، ومع عدم ظهور إيران بصورة الطرف المتعاون في الوقت الحاضر، من الأسهل على الولايات المتحدة وإسرائيل أن تظهرا كجبهة موحدة ضد طهران”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر − خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى