هل تتجه العلاقات بين دول خليجية وإيران نحو انفراجة حقيقية؟

برزت في الآونة الأخيرة دلائل عديدة تؤكد وجود رغبة للتقارب بين إيران ودول مجلس التعاون، وذلك من خلال التصريحات المتبادلة وبعض الزيارات والمباحثات السرية والعلنية.

ميدل ايست نيوز: برزت في الآونة الأخيرة دلائل عديدة تؤكد وجود رغبة للتقارب بين إيران ودول مجلس التعاون، وذلك من خلال التصريحات المتبادلة وبعض الزيارات والمباحثات السرية والعلنية.

وعلى غرار قطر وعمان اللتين تحتفظان بعلاقات جيدة مع إيران، بدأت السعودية والكويت والإمارات باتخاذ خطوات متسارعة نحو التطبيع مع طهران بعد سنوات من التوتر، حسب تقرير لموقع “الخليج أونلاين“.

وأقدمت معظم دول الخليج على خفض تمثيلها الدبلوماسي في إيران عام 2016 بعد اقتحام محتجين إيرانيين للسفارة السعودية في العاصمة طهران وإحراقها وإنزال العلم السعودي، إثر إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر في المملكة.

بداية الخلاف

يرى أستاذ العلوم السياسية أسعد كاظم أن هذا التوتر ابتدأ منذ السنوات التي تلت غزو الكويت من قبل نظام العراق السابق، ومنذ مجيء القوات الأجنبية واستيطانها في عدد من دول الخليج وبالتحديد في السعودية والدول المجاورة لإيران.

ويبين، في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن إيران أخذت تتوجس من حجم هذا الوجود الأجنبي، ثم زاد هذا التوتر فيما بعد عند سقوط النظام العراقي وغزو القوات الأمريكية للعراق، حيث استغلت إيران خلو الساحة العراقية وهو ما تسبب أيضاً في ردة فعل غاضبة من قبل دول الخليج.

ويتابع: “مثل ذلك صدمة لدول الخليج، ولكنها أدركت فيما بعد أن ترك الساحة العراقية لإيران يمثل معضلة، حيث أرادت أن تضع نقاطاً من التفاهم لا سيما مع التمدد الإيراني في دول أخرى مثل اليمن وسوريا، ومن ثم أدركت دول الخليج أنه لا بد من وضع تفاهمات مع إيران لكن بشرط احترام سيادة كل الدول”.

ويؤكد كاظم أن هذا التقارب ينعكس على بناء علاقات ودية وسليمة، مشيراً إلى أن “هذا التقارب قد يفتح آفاقاً لعودة للعلاقات الدبلوماسية ما بين دول الخليج من جانب وإيران من جانب آخر، على الرغم من وجود علاقات طيبة ما بين إيران مع الكويت وقطر، وهناك عودة إلى العلاقة -ولو بصورة بطيئة- ما بين إيران والإمارات”.

ويضيف: “وربما نشهد عودة للعلاقات ما بين السعودية وإيران، لا سيما أن هناك مفاوضات تجري منذ عدة أشهر في العراق، والقمة التي عقدت في مدينة جدة قبل ما يقارب شهرين تضمنت إشارات لتفاهمات لفتح آفاق مع إيران”.

ويأتي التقارب الجديد مع تطورات إقليمية ودولية تخص المنطقة، أبرزها قرب توقيع اتفاق نووي بين إيران والغرب، من شأنه أن يعطي طهران حرية أكبر في المنطقة، فيما تستمر هدنة في اليمن بين الحوثيين المدعومين من طهران والحكومة المدعومة من السعودية والإمارات.

الكويت.. عودة السفير

وفي خطوة جديدة باتجاه عودة علاقاتها مع إيران، أعلنت الكويت، في 14 أغسطس الجاري، تعيين سفير لها لدى إيران، بحسب ما أعلن البلدان، وبذلك تكون أبرز خطوة منذ سحب سفيرها عام 2016.

وقالت وكالة أنباء “إرنا” الإيرانية الرسمية، في 14 أغسطس الجاري، إن سفير الكويت الجديد لدى طهران، عبد الله المنيخ، قدم نسخة من أوراق اعتماده لوزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، ليبدأ أداء مهامه الدبلوماسية.

وكان السفير الإيراني لدى الكويت، محمد إيراني، قد رحب بعودة مندوب الكويت على مستوى السفراء إلى طهران، وقال: إن “اختيار المنيخ سفيراً لدولة الكويت لدى طهران أمر طبيعي لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، ولا سيما في المجال السياسي”.

وبيّن إيراني، في مقابلة مع صحيفة “الراي” الكويتية، في 24 يوليو الماضي، أن وزير الخارجية الإيراني يعتزم إجراء زيارة رسمية إلى الكويت قريباً.

وأكد أن “وجود سفير كويتي في إيران يعد فرصة ممتازة لتطوير العلاقات الثنائية في المجالات كافة، بشكل أسرع، بما يخدم مصلحة البلدين”، وتوقع زيارة بعض المسؤولين الكويتيين لطهران خلال الفترة المقبلة.

الإمارات.. مباحثات رفيعة

وتأتي عودة السفير الكويتي إلى طهران بعد أسابيع من إعلان الإمارات أنها تدرس إعادة سفيرها إلى العاصمة الإيرانية، وأجرى مسؤولون إماراتيون زيارات عديدة إلى طهران بهدف تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي والتمهيد لعودة العلاقات.

وناقش وزيرا الخارجية الإماراتي والإيراني، في 27 يوليو الماضي، باتصال هاتفي، سبل تعزيز العلاقات بين البلدين، فيما تدرس أبوظبي إرسال سفير إلى طهران، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية.

وبالرغم من تخفيض الإمارات تمثيلها الدبلوماسي في إيران عام 2016 تضامناً مع السعودية، فقد أبقت على علاقاتها الاقتصادية مع طهران، وتسعى منذ شهور للتقرب منها وحل المسائل العالقة بين البلدين.

هذا وكان المستشار الرئاسي الإماراتي أنور قرقاش قال، في وقت سابق، إنّ بلاده تدرس إعادة سفيرها إلى إيران، داعياً إلى التعاون الاقتصادي الإقليمي كوسيلة لتخفيف التوترات السياسية.

وشدد قرقاش على أنّ “الإمارات لن تكون جزءاً من محور ضد إيران، وهي لا تتبنى نهج المواجهة معها”.

السعودية.. جولات الحوار

ويأتي التحرك الإماراتي الكويتي بالتزامن مع جولات من المباحثات أجراها مسؤولون سعوديون مع إيرانيين بوساطة عراقية في العاصمة بغداد.

وعقد البلدان خمس جولات من الحوار في بغداد، بدأت في أبريل 2021، وكان آخرها في أبريل الماضي، بحضور مسؤولين من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ورئاسة الاستخبارات السعودية، ومشاركة عمانية، وفق تقارير إخبارية.

من جانبه، أجرى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في 25 يونيو الماضي، جولة مكوكية بين السعودية وإيران، ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) حينها، عن مصادر لم تسمها، أن “جولة الكاظمي إلى السعودية وإيران تهدف إلى تقريب وجهات النظر بين البلدين، في إطار مشاورات الوساطة التي جرت في العاصمة العراقية بغداد”.

وكانت صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية قد نقلت، في 8 يونيو الماضي، عن الكاظمي قوله إن بلاده ترعى حواراً بين 5 دول، بينها السعودية وإيران، لكنه رفض الإفصاح عن الدول الثلاث الأخرى التي تجري حوارات على أرض العراق، مؤكداً أن الحوار الجاري بين الرياض وطهران قطع مراحل جيدة.

وفي مطلع مارس الماضي، دافع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عن سياسة “التعايش” مع إيران، ولقي تصريحه ترحيباً من وزير الخارجية الإيراني الذي رأى فيه “استعداداً” من الرياض لإعادة العلاقات مع بلاده.

وعبّر ولي العهد السعودي، في 28 أبريل الماضي، عن رغبة بلاده في أن تتمتع بـ”علاقات جيدة ومتميزة” مع إيران بصفتها “دولة جارة”.

وكشف وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، في 23 يوليو الماضي، أن “ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان طلب استضافة لقاء بين وزير الخارجية السعودي ونظيره الإيراني في بغداد”.

وأكد حسين أن “الاجتماعات التي كانت سرية وعلى المستوى الأمني ستصبح علنية بوساطة عراقية، وأن وزيري خارجية السعودية وإيران سيجتمعان في بغداد”.

 

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 + أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى