ما هي الملفات التي يواجهها “رئيسي” خلال العام الإيراني الجديد؟

حلّ العام الإيراني الجديد على إيران في وضع يكافح فيه الإيرانيون لتجاوز التحديات والمعاناة والمشاكل التي أنهكت كاهلهم.

ميدل ايست نيوز: حلّ العام الإيراني الجديد على إيران في وضع يكافح فيه الإيرانيون لتجاوز التحديات والمعاناة والمشاكل التي أنهكت كاهلهم.

وأما حكومة “رئيسي” فعلى عاتقها تقع العديد من المسؤوليات المهمة والتي يجب أخذها بجدية أكثر لإدارة شؤون البلاد في خضم تراكم الأزمات والقضايا المتبقية من العام الماضي. فالرئيس الإيراني ورجال دولته لم يتخيلوا قط وضعاً مثل هذا عندما استولوا على سدة الحكم في سبتمبر 2021، بل ربما رأوا أن قطار التقدم والحكم لا يمكن وقفه، على الأقل داخليًا، دون التعرض لعقبات وتحديات عديدة.

وبحسب موقع فرارو الإيراني، جلب العام الإيراني الجديد لرئيسي ووزرائه العديد من المستجدات والمعطيات في وضع مضى فيه ما يقرب من 19 شهرًا على شروع الحكومة الثالثة عشرة عملها. فعلى عكس الماضي، فإن إلقاء اللوم بشأن مشكلات البلاد على عاتق حكومة روحاني لم يعد مقبولاً ولا مقنعاً للرأي العام في إيران.

هذا، ولم تتحقق الوعود الواحدة تلو الأخرى التي كان يطلقها رجال الدولة في الحكومة الثالثة عشرة. ولكن الآن، مع بداية العام الجديد، فقد أتيح المجال في العام الجديد أكثر من العام الماضي لتقييم أداء هذه الحكومة بجرأة كبيرة بشتى المجالات والتخصصات.

يواجه أصحاب القرار في حكومة “رئيسي” العديد من التحديات والمهمات الكبيرة والتي قد لا يمكن من اليوم إدارتها بالشعارات والوعود المتكررة.

1. السيطرة على التضخم ونمو الإنتاج

“التضخم” هو أكثر الاصطلاحات تداولاً هذه الأيام في الدوائر العامة والخاصة في إيران. إذ وصلت موجة الارتفاعات المفاجئة في الأسعار في السنوات القليلة الماضية إلى ذروتها في العام الإيراني الجديد، والذي بالطبع، زاد من حالة الاستياء بشكل كبير لدى الأوساط الإيرانية.

إن أهمية هذه القضية كبيرة لدرجة أن المرشد الأعلى للثورة قد أطلق على العام الجديد عام “السيطرة على التضخم ونمو الإنتاج”. لذلك، أهم طلب قدمها الرأي العام هو أن يأخذ معدل التضخم في العام الجديد اتجاهاً تنازلياً بأدنى حد ممكن.

مما لا شك فيه أن التضخم سيكون أكبر تحد لإيران في العام المقبل. حيث يعتقد العديد من الاقتصاديين أن أصغر خطأ ترتكبه الحكومة يمكن أن يتسبب في مواجهة التضخم قفزة لا يحمد عقباها، بالإضافة إلى تأجيج مشاكل المعيشة، فإنه سيؤدي إلى تحريض مجتمعي كبير واحتجاجات شعبية واسعة النطاق.

وأصبحت هذه المسألة مصدر قلق عندما أشارت التوقعات إلى استمرار النسبة المئوية للتضخم في البلاد لمدة 8 أشهر قادمة على الأقل. حتى أن بعض المحللين الاقتصاديين حذروا من التضخم المفرط أو ظاهرة مشابهة للتضخم في فنزويلا في السنوات الماضية.

وفي ظل هذه المعطيات، تتمثل المهمة الرئيسية للفريق الاقتصادي لحكومة رئيسي، برئاسة محمد مخبر، النائب الأول لرئيس الجمهورية، في بذل أقصى الجهود والإجراءات الخاصة للحد من التضخم. فلا شك أن كبح جماح التضخم سيكون الخطوة الأولى وربما الأهم في فتح آفاق للرأي العام على طريق عودة الأمل والحياة إلى المجتمع.

2. المضي قدماً في قضية خفض التصعيد في المنطقة

بعد أن وقعت إيران والسعودية اتفاقية لاستئناف العلاقات في 10 مارس 2023، أصبح تخفيف التوترات مع الجيران العرب مهمة رئيسية أخرى لفريق السياسة الخارجية للحكومة الإيرانية.

وفي البداية، سيكون تنفيذ الاتفاقية مع السعودية المهمة الأولى لوزير الخارجية أمير عبداللهيان. كما يعد وقف التصعيد مع الإمارات والبحرين وحتى مصر من الحالات المهمة الأخرى التي من المتوقع أن يتخذ النظام الدبلوماسي خطوات إيجابية بشأنها.

3. حل مسألة الملف النووي والمفاوضات في فيينا

كما جرت العادة في السنوات القليلة الماضية، ستكون المباحثات النووية أهم مسألة بالنسبة للسياسة الخارجية للبلاد. وفي منتصف العام الإيراني الماضي، كان تعليق المفاوضات النووية بين إيران وأطراف الاتفاق النووي نذير شؤم، حيث تزامن هذا التعليق مع الاضطرابات الداخلية والاحتجاجات الشعبية، فيما مهدت مسألة دعم إيران لروسيا في حرب أوكرانيا الأرضية عملياً لتقليص الآمال في إحياء الاتفاقية. والأهم من هذا كله، شدد الساسة في أمريكا وأوروبا مرارًا وتكرارًا في الأشهر القليلة الماضية على أن إحياء الاتفاقية ليس من أولوياتهم.

والشيء الذي يجب مراعاته حول قضية خطة العمل الشاملة المشتركة هو أنه قد ثبت الآن للحكومة والرأي العام أن القضايا الداخلية لها علاقة عميقة بمجال السياسة الخارجية. فعلى عكس ما قاله رجال دولة “رئيسي” عندما وصلوا إلى مناصبهم لأول مرة، بآن مشاكل البلاد لن تحل بالاعتماد على الداخل فقط. لذلك ، سيظل الملف النووي من الأولويات المهمة لحكومة إبراهيم رئيسي في العام الجديد؛ لأن غالبية المراقبين السياسيين والاقتصاديين يعتقدون أن إحياء الاتفاقية يمكن أن يكون الخطوة الأولى لتحسين وتنظيم وضع البلاد.

4. تنظيم سوق العملات الأجنبية والذهب

كان الاضطراب في سوق العملات والذهب من أهم المشكلات التي تعين على حكومة رئيسي التعامل معها في الأشهر الأخيرة من العام الماضي. فقد تسبب تسجيل أرقام قياسية جديدة في سعر الصرف والذهب في الأشهر الأخيرة الماضية في موجة من الانتقادات لأداء الفريق الاقتصادي الحكومي، لدرجة أن تغيير رئيس البنك المركزي وقرارات وزارة الاقتصاد الجديدة برئاسة احسان خاندوزي، لم يكن لها تأثير عميق على ضبط الأسعار في سوق الصرف. وعليه، في العام الجديد، ستصب الأوساط في البلاد تركيزها على الفريق الاقتصادي للحكومة وقراراتهم في مجال تنظيم سوق العملات والذهب.

5. إدارة ملف العلاقات مع أوروبا

بالإضافة إلى قضية خطة العمل الشاملة المشتركة والتوترات مع أمريكا، أصبحت العلاقات مع الأوروبيين مؤخرًا تحديًا جديدًا للسياسة الخارجية للبلاد. فإذا كانت معظم الدول الأوروبية في الماضي قد لعبت دور وساطة بين إيران والولايات المتحدة، فالآن قد تغيرت هذه السياسات وقد تواجه إيران هذه التحديات بشكل مستقل دوم أن تحظى بدعم أوروبي.

وأدى جر إيران إلى وسط الصراع الروسي الأوكراني للفت انتباه الأوروبيين فيما يتعلق بالمفاوضات النووية، إذ قام الاتحاد الأوروبي وعلى رأسهم المملكة المتحدة في الأشهر الأخيرة الماضية بفرض عقوبات من المستوى الكبير على إيران حيث وصفها مراقبون بأنها عقوبات فريدة من نوعها وغير مسبوقة.

دفع جر إيران إلى وسط الحرب الأوكرانية وضع الأوروبيين أمام طهران فيما وراء قضية خطة العمل الشاملة المشتركة. في الأشهر الأخيرة من العام الماضي ، فرض الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة مستوىً كبيرًا من العقوبات على إيران ، وهو مستوى غير مسبوق من نوعه. وعليه، يبدو أن فريق السياسة الخارجية للحكومة الثالثة عشرة سيحتاج إلى إعداد خارطة طريق استراتيجية لإدارة وتوطيد العلاقات مع أوروبا.

6. تنظيم سوق البورصة

على عكس ما اعتقده المقربون من الرئيس الإيراني في الأيام الأولى لتولي الحكومة السلطة، فإنه لم يتم حل مشاكل سوق الأوراق المالية في ثلاثة أيام فقط، بل أصبحت تحدياً كبيراً ألقت بثقلها على أكتاف الحكومة، والشيء الذي طغى للمشهد في العام الماضي أن سوق الأسهم كان مظلماً للغاية ويعاني من العديد من المشاكل. إذ كان معدل العائد في هذا السوق مقارنة بالأسواق الأخرى مثل العملات والسيارات والإسكان والذهب يحتل مستوى متدني للغاية.

وفي البال، فإن الواقع الاقتصادي للدولة، الذي كان أهم مؤشر له يعاني من التضخم، لم يتطابق مع معايير سوق البورصة، حيث حقق أدنى عائد بين الأسواق المالية، والذي كان بحد ذاته عاملاً لتدفق رأس المال إلى الخارج. والنقطة التي لا يمكن إنكارها هي أنه في السنوات الأخيرة، كان سوق الأسهم ضحية للاقتصاد الموجه وافتقر إلى الديناميكيات المستقلة. حيث يمكن أن تكون دروس الماضي أساسًا جيدًا لتحديد دور البورصة من قبل الحكومة في العام الجديد. ويجب على خاندوزي، بصفته القائم بأعمال وزارة الاقتصاد، أن يتحمل أكبر قدر من المسؤولية في هذا الشأن.

7. أزمة المياه والجفاف

“أزمة المياه والجفاف في إيران” هي إحدى القضايا المغيّبة والتي لا تحظى بتغطية إعلامية جديرة بحقها، إذ يمكن أن تكون أزمة كبيرة في المستقبل القريب تصيب المجتمع الإيراني.

وفي العام الإيراني الماضي، واجهت محافظات مثل خوزستان وهمدان وكهكيلويه وبويراحمد وأصفهان مشاكل وخيمة في قطاع إمدادات مياه الشرب.

واتخذت إحصاءات نقص المياه في البلاد أبعادًا مقلقة ووصلت حتى إلى العاصمة الإيرانية طهران. وبالمقارنة مع السنوات الخمس الماضية، يُظهر معدل مدخلات السدود الإيرانية انخفاضًا بنسبة 30 ٪، فيما تقول الإحصائيات الرسمية أن 500 مدينة في البلاد تعاني من أزمة مياه، و101 مدينة تصنف في “الحالة الحمراء لإمدادات المياه”.

من ناحية أخرى، تعاني قرابة 300 مدينة في إيران من الإجهاد المائي وأكثر من 8 آلاف قرية يتم إمدادها بالمياه بواسطة الصهاريج، لدرجة جعلت خبراء مستجمعات المياه والجيولوجيا المائية أن يحذروا من كارثة إفلاس مائية. وقالوا “إن احتياطي المياه في إيران سينفد في السنوات الـ 36 المقبلة”. وتظهر هذه الإحصائيات بوضوح أن قضية نقص المياه يمكن أن تشكل تحديًا كبيرًا للحكومة الثالثة عشرة.

8. تنظيم سوق السيارات

سوق السيارات، مثل الأسواق الأخرى، هو أحد القطاعات التي، على عكس الوعود الأولية لقادة حكومة رئيسي، لم تكن مصحوبة أبدًا بإدارة وتنظيم مواتيين. في العام الماضي، على الرغم من تقديم خطط مثل حذف اليانصيب (أو بالأحرى تخفيفها)، والاستيراد المحدود للسيارات الأجنبية وعرض السيارات للبيع في سوق البورصة، إلا أن المشاكل في هذا القطاع قائمة وتتمدد.

وفي الأشهر القليلة الماضية، شهدت أسعار السيارات في إيران واحدة من أكثر الزيادات غير المسبوقة في الأسعار في العقود الماضية. وبهذا، أصبحت الفجوة بين الحد الأدنى للأجور وسعر أرخص السيارات المحلية مشكلة لانتقاد وزارة الصناعة وأداء سيد رضا فاطمي أمين. وحتى الآن، يبدو أن تنظيم سوق السيارات لا يزال من أولويات حكومة رئيسي هذا العام.

9. أزمة الطاقة (الكهرباء في الصيف والغاز في الشتاء)

زادت أزمة نقص الكهرباء في الصيف ونقص الغاز مؤخرًا في الشتاء من مشاكل الحكومة في إيران. وفي الشتاء الماضي، أصبحت قضية نقص الغاز وانقطاع إمدادات الغاز في بعض المدن سببًا لتزايد الانتقادات لأداء الحكومة. كما تحدث وزير النفط جواد أوجي بصراحة عن نقص إنتاج الغاز مقارنة بمعدل الاستهلاك. كما أعلن “أننا سنحتاج إلى استثمارات كبيرة في البنية التحتية لحل النقص”.

وتجدر الإشارة إلى أنه في صيف هذا العام كما في السنوات السابقة، يمكن أن تشكل قصة الحرارة وزيادة استهلاك الكهرباء تحديًا كبيرًا للحكومة، وبالتالي يبدو من الضروري أن تفكر السلطات الحكومية في طرق إدارة احتياجات الطاقة في المواسم الباردة والساخنة.

10. تلوث الهواء

ستكون مسألة تلوث الهواء في المدن الصناعية والمكتظة بالسكان في البلاد تحديًا مهمًا آخر للحكومة الثالثة عشرة في العام الجديد. حيث تفاقمت هذه الكارثة أكثر فأكثر كل عام. وفي العام الماضي، تسبب تلوث الهواء في إغلاق معظم المدارس، فيما كانت اجتماعات لجنة طوارئ تلوث الهواء أكثر بكثير من المستوى المعتاد، وواجهت العائلات العديد من التحديات الذي تبعها اضطراب في نظام حياتها اليومي. في غضون ذلك، أثيرت مسألة استخدام المازوت في المصانع الصناعية أكثر من ذي قبل، وتأكدت أنباء عن استخدام زيت الوقود والديزل عالي الكبريت غير القياسي في بعض المدن كوقود بديل للغاز.

كما أن عدد أيام الطقس “غير الصحي” و”الضار و”الخطير للغاية” في العاصمة حطم الرقم القياسي العام الماضي. وشهد عدد أيام الهواء غير الصحي في طهران في السنوات الخمس الماضية اتجاهاً تصاعدياً وانخفض إلى ستة أيام في عام 2021؛ لكن في العام الذي بعده، وصل هذا الرقم إلى 34 يومًا. تُظهر هذه إحصائيات العام الماضي إلى أي مدى يجب على الحكومة اتخاذ قرارات بشأن البنية التحتية لإدارة تلوث الهواء.

11. مسألة الحجاب

بالنظر لأحداث العام الماضي، فإن إحدى القضايا المهمة التي يمكن أن تشكل تحديًا كبيرًا للحكومة في العام الجديد تتعلق بمسألة “الحجاب”. فمنذ منتصف العام الماضي عندما بدأت الاحتجاجات في البلاد، لوحظت هذه القضية باعتبارها تحديًا مهمًا من قبل الفعالين في الساحة الاجتماعية والثقافية وحتى رجال دولة رئيسي. وقد أظهرت أحداث الأشهر الماضية بوضوح أنه لن يكون من الممكن الاستمرار في مواجهة قضية الحجاب كما كان من قبل. ونتيجة لذلك، اهتم المراقبون السياسيون وحتى العديد من المسؤولين السياسيين الحاليين بمراجعة تنفيذ قرار الحجاب.

وفي الأشهر الماضية، بذل البرلمان والحكومة الإيراني جهودًا مكثفة لصياغة وتنفيذ خطة جديدة للحجاب. وفي الأشهر الأولى من العام الجديد، من المتوقع أن يكون تجميع التفاصيل وتنفيذ خطة الحجاب الجديدة تحديًا مهمًا للحكومة.

12. فرص العمل على الإنترنت وإلغاء الحظر على مواقع التواصل

مع بداية الاحتجاجات الشعبية في البلاد في سبتمبر الماضي، فرضت الحكومة الإيرانية قيوداً عديدة على الإنترنت وحظرت جميع منصات التواصل الاجتماعي الأجنبية بما فيها إنستغرام وواتساب، مما تسبب في خسائر كبيرة للشركات التي تعتمد على الإنترنت في مجالات التسويق والبيع والتجارة. وخلال النصف الثاني من العام الماضي، ظلت مسألة قيود الإنترنت والفلترة قضية حساسة. أما في العام الجديد، يمكن أن يكون هذا الموضوع هو التحدي الأهم لـ عيسى زارع بور، وزير الاتصالات في إيران.

خبیر اقتصادي إيراني: نحتاج إلى نمو 12 بالمائة لـ10 سنوات ليكون لنا حضور قوي في المنطقة

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة عشر + ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى