من الصحافة الإيرانية: الخاسر والرابح في انهيار النظام العالمي

لم يكن النظام الدولي قريبًا من الانهيار بعد الحرب العالمية الثانية كما هو عليه اليوم. فالوضع هذا خطير ومخيف في عيون المطلعين على السياسة الدولية والترتيبات المتعلقة بالنظام العالمي.

ميدل ايست نيوز: لم يكن النظام الدولي قريبًا من الانهيار بعد الحرب العالمية الثانية كما هو عليه اليوم. فالوضع هذا خطير ومخيف في عيون المطلعين على السياسة الدولية والترتيبات المتعلقة بالنظام العالمي.

وبحسب مقال للسفير الإيراني السابق في بريطانيا محسن بهاروند في صحيفة اعتماد الإيرانية، لن يكون هناك أي طرف في العالم مستفيد من انهيار النظام الدولي، إلا أن أكبر الخسائر ستتكبدها الدول المتوسطة مثل إيران وتركيا والسعودية وماليزيا والقوى الأوروبية المتوسطة. ليس لدى البلدان الفقيرة الهامشية ما تخسره، وستتمتع البلدان الغنية والقوية بمرونة جيدة نسبيًا ضد الأزمة.

أما الدول المتوسطة، ستتكبد خسائر أكثر من غيرها، وقد ينهار نظامها الداخلي مع إضعاف النظام العالمي وعدم الاستقرار الدولي، فهذا النظام يمر بمرحلة انتقالية، إلا أن سرعة انتقاله سريعة جدًا بحيث يصعب للغاية التحكم في عواقبه.

يقع اللوم على الولايات المتحدة والنظام الصهيوني والدول الرئيسية في الاتحاد الأوروبي بشأن هذه الحالة. لقد تسبب الفكر اليميني المتطرف في أمريكا والذي روجه دونالد ترامب ومايك بومبيو وجون بولتون، في توجيه ضربة لا يمكن إصلاحها للهيكل العالمي والقواعد الدولية.

كان النظام الدولي ميثاقًا أنشأته أمريكا، وقد تم تقنينه بطريقة منهجية وقانونية إلى حد مقبول بجهود أعضاء المجتمع الدولي لمدة سبعين عامًا، إلا أن إدارة ترامب دمرت هذا المفهوم وأهانت القواعد الأساسية للقانون الدولي المناهضة للسلوك العدائي والكراهية، حيث كانت مسألة الاتفاق النووي إحدى تبعات هذه الخطوة، مع العلم أنه لا يمكن لأي شخص تصديق أو التنبؤ بحجم انتهاك القانون والأعراف والقواعد العرفية للنظام الدولي.

الحفاظ على الهيمنة الغربية هي أولوية أمريكا

يشعر أعضاء المجتمع الدولي الآن بحالة غير مستقرة وتحاول كل جهة منهم تحديد وجهة آمنة وموثوقة من أجل هجرة جماعية خوفاً على مستقبلهم. بالنسبة لأمريكا، الموقف الأكثر موثوقية هو الحفاظ على تفوق قوتها وإرساء الهيمنة الغربية، إلا أن هذا خطأ استراتيجي، إذ أن العالم لم يعد باباً مفتوحا للهيمنة كالسابق، لقد تحسن الوعي العام لشعوب العالم بشكل كبير وانتهى عصر الهيمنة الوطنية أو الدولية. الهيمنة؛ ماهي إلا طريقة قديمة عفا عليها الزمن.

تحدث العديد من المستجدات غير المتوقعة في الوقت الحاضر، إذ اكتسب النظام الصهيوني الكثير من القوة في التأثير على الدول الأخرى لتعطيل النظام العالمي، فالصهاينة هم المستفيد الأكبر من انهيار النظام العالمي أكثر من أمريكا، لأنهم يعتبرون أنفسهم تحت حماية الأسلحة النووية ويأملون أن تؤدي العاصفة في السياسة الدولية إلى انهيار النظام المحلي والوطني للدول غير القادرة على التعامل معها.

في هذا الحالة، فقد تضعف الدبلوماسية والتسامح والرصانة والقيم الدبلوماسية. وستتجنب الدول الغربية الدبلوماسية، علماً أنها كانت المكتشفة والحامية لهذا المصطلح في السنوات الأخيرة. من الغريب والمؤسف أن تتجنب أمريكا والدول الأوروبية التابعة لها طاولة المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي.

إن الحادثة القبيحة المؤسفة وغير المتحضرة المتمثلة في ترك الدبلوماسيين الغربيين مقاعدهم أثناء خطاب أحد وزراء الخارجية ، بالإضافة إلى كونها علامة على نفاق مزاعم الدول الغربية حول التفاعل والتسامح، يمكن أن تكون إحدى علامات ضعف الدبلوماسية والميل إلى القوة والصراع في عصرنا.

لن تفوز روسيا إذا احتلت أوكرانيا بأكملها

من ناحية أخرى، يعتبر الغزو الروسي لأوكرانيا تحت أي اسم وتحت أي ذريعة خطأ استراتيجيًا كبيرًا آخر أدى إلى تفاقم الوضع المتردي للنظام الدولي. لنفترض أن روسيا تمكنت من احتلال أراضي أوكرانيا بأكملها، فالتجارب تظهر أن معظم المشاكل والأضرار تبدأ بعد احتلال بلد ما وليس قبله. ولنا في تجربة احتلال الاتحاد السوفيتي لأفغانستان والولايات المتحدة لفيتنام والعراق وأفغانستان خير دليل.

إذا كانت هذه الحرب على حساب الأطراف الغربية، فأنا على يقين من أن العديد من الجهود الدبلوماسية كانت ستبذل حتى الآن لإيجاد حل سلمي لإنهائها. الآن، جمعت أمريكا وإسرائيل وإنجلترا والاتحاد الأوروبي كل مواردهم لجعل روسيا دولة ضعيفة وجريحة ومنهكة، فإن استمرار هذا الوضع ليس في مصلحة روسيا والدول النامية الأخرى. وعليه، بمساعدة أصدقائها، يجب أن تجد روسيا حلاً معقولاً للخروج من حالة الصراع هذه.

بيت القصيد، السبيل الأكثر منطقية لإنهاء الأزمة هي التوصل بشكل سريع إلى وقف لإطلاق النار. بعد ذلك، ستحاول روسيا وأوكرانيا التوصل إلى اتفاق سلام أو إنهاء النزاع المسلح. وقد يكون أصعب ملف في وسط هذا التوتر هو الأراضي المتنازع عليها في شرق أوكرانيا، فإذا وافقت الحكومة الأوكرانية، يمكن لشعوب هذه الأراضي إجراء انتخابات حرة تحت إشراف الأمم المتحدة وتحديد مصيرهم.

تمتلك روسيا إمكانات اقتصادية وسياسية كبيرة للغاية. فمنذ البداية كان على هذه الدولة أن تركز على تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع غرب آسيا وتعويض تصرفات الغرب الزاحفة نحو حدودها بطريقة أخرى حتى لا يخلق سلوكها فرصًا لأعداء المجتمع الدولي وتلك الدولة نفسها.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عشرين − 12 =

زر الذهاب إلى الأعلى