هل يزدهر التبادل السياحي بين إيران والسعودية بعد استئناف العلاقات؟

هل يعود التقارب واستئناف العلاقات بين إيران والسعودية بالنفع والتقدم عليهما وخصوصاً إن أردنا التحدث عن قطاع السياحة؟

ميدل ايست نيوز: عادت العلاقات الإيرانية السعودية إلى طبيعتها بعض الشيء بعد الاتفاق الأخير بين الجانبين. لكن يبقى السؤال هنا، هل يعود هذا التقارب واستئناف العلاقات بين الجارتين بالنفع والتقدم عليهما وخصوصاً إن أردنا التحدث عن قطاع السياحة؟

أضفت المناوشات خلال السنوات الماضية بين إيران والسعودية طابعاً سوداوياً على المنطقة في شتى الساحات والمجالات. إذ لم تسلم أي بلاد في المنطقة العربية والأطراف القريبة منها من تبعات الحرب الكلامية وصراعات الأدوار بين طهران والرياض. فهاتين الجارتين رغم التاريخ الحافل بينهما إلا أنهما دخلتا في حرب لم يتوقع أي أحد لها نهاية. المصالح والمنافع التوسعية والمطامع الاقتصادية إن صح القول والفجوات الدينية كانت من أهم العوامل في خلق صدوع وتشققات في العلاقات السعودية الإيرانية.

والجميل في السياسة أنه قلما يمتلك قادتها مبادئ ومواقف ثابتة، فتصريح الصباح يمحوه الليل، إذ سرعان ما عادت المياه لمجاريها بين طهران والرياض بعد وساطة صينية دخيلة جمعت الجارتين على طاولة حوار واحدة.

ضمنت الصين سلاماً أمنياً وسياسياً بين الجارتين وباركت العديد من دول العالم هذه الخطوة وشجعت على بذل المزيد من الجهود حيال كبح جائحة التوترات ورأب الصدوع بين جميع الأطراف المتصارعة في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج لما لها من دور حيوي في شريان العالم الاقتصادي.

وعلى وقع هذا الصلح الإقليمي الذي أعاد في بداياته للمنطقة بأسرها بريقها، توقع العديد من المحللين والخبراء عودة قوية لقطاع السياحة بين البلدين رغم وجود العديد من التحديات تقف أمام إيران بعد الأحداث الأخيرة خلال الأشهر الماضية وفرض المزيد من العقوبات على البنوك والشركات المالية مما يصعب قليلاً دوران عجلة السياحة بالنسبة لطهران.

هل تنشط السياحة بعد استئناف العلاقات كما كانت من قبل؟

تعد إيران واحدة من الدول النشطة في قطاع السياحة، فهي بلد غني دينياً وتاريخياً وثقافياً وطبيعياً، إلى جانب موقعها الجغرافي الممتد على أربعة مواسم، وهي موطن لأقدم الحضارات الكبرى في العالم ومستوطنة حضرية وتاريخية تعود إلى 7000 عام قبل الميلاد.

وعلى الضفة الأخرى، كانت جارتها السعودية من الدول الأوائل في السياحة الدينية إذ كانت ولا تزال تستقطب الملايين من المسلمين من جميع أنحاء العالم لأداء فريضة الحج والعمرة. ومع إطلاق رؤية المملكة 2030 الرامية إلى تقليل اعتماد الاقتصاد على النفط، اتجهت البلاد نحو تبني خطط واسعة لتطوير القطاع السياحي وزيادة مساهمته في الناتج المحلي، ليشهد القطاع تحولا كبيرا خلال السنوات القليلة الماضية.

ورغم توتر العلاقات السعودية الإيرانية على مدى العقود الأخيرة، وخاصة منذ الإطاحة بنظام الشاه، إلا أن هذا الأمر لم يمنع تزايد عدد السعوديين، الذين يذهبون إلى إيران في رحلات أسبوعية منتظمة للعديد من الأماكن والعتبات المقدسة في الجمهورية الإسلامية.

وقد يستغرب القارئ للحظة عند معرفته بأن السياح السعوديون لم يقتصروا على الطائفة الشيعية فحسب وزيارة المراقد المقدسة في مشهد وقم، بل إن السنوات الأخيرة شهدت توسعًا في برامج السياحة لمختلف السعوديين، لتشمل النزهة وقضاء شهر العسل للمتزوجين في الطبيعة الإيرانية والعلاج أيضًا.

وكانت مدينة مشهد المقدسة لدى الطائفة الشيعية أهم الوجهات السياحية والدينية بالنسبة لشيعة السعودية، إذ إنها تضم مرقد الإمام علي بن موسى الرضا، ثامن أئمة أهل البيت، إضافة إلى كونها مدينة جميلة يستهدفها السيّاح، وينطلقون منها إلى بقية المدن الإيرانية، مثل أصفهان وهمدان وأردبيل ومدن رامسر ورشت في الشمال الإيراني.

جدير بالذكر أن السياحة السعودية انعكست على اقتصاد المدن والقرى الإيرانية، التي يزورها السعوديون، إذ عمد بعض التجار هناك إلى افتتاح مطاعم تقدم الأكلات السعودية والعربية، وبعضها يحمل أسماءها الشهيرة نفسها في المملكة.

وقبل فترة انقطاع العلاقات بين الجانبين، نقلت جريدة الشرق الأوسط عن علي رحماني، محافظ طهران الأسبق ومسؤول السياحة الأول في إيران، قوله إن القطاع السياحي في إيران جعل العالم العربي خاصة السعودية على رأس أولوياته واهتماماته، آخذاً في الاعتبار العوامل المشتركة التي تجمع بلاده مع تلك الدول ومنها عاملا التاريخ والثقافة.

وعلى غرار السعوديين، فالآلاف من الإيرانيين بمختلف الطوائف يزورون السعودية للحج والعمرة، فالسعودية تمتلك عدة مميزات سياحية تجعلها تحتل الصدارة على مستوى العالم الإسلامي. فضلاً عن موقعها ومكانتها في قلب العالم وامتلاكها كنوز سياحية جذورها ضاربة في عمق التاريخ باعتبار التنمية السياحية ركيزة أساسية لدعم مسيرة الاقتصاد السعودي.

ومع تعزيز العلاقات بين إيران والسعودية والعودة إلى الاتفاقيات المبرمة سابقاً ورفع الحظر على سفر السعوديين ووضع خطط وبرامج سياحية تلائم الزائر الخليجي فإن هذا بالتأكيد سينعش القطاع السياحي في إيران ويزيد من عدد السياح السعوديين وشعوب دول مجلس التعاون الخليجي عامة، الذين سيختارون إيران لتمضية إجازاتهم، سواء في العاصمة أو في المناطق الشمالية، وقد يتجاوز عددهم عدد السياح الغربيين.

 

قد يعجبك

منها عرش سليمان.. خمسة من أجمل الوجهات السياحية في إيران

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى