تحليل: التقارب السعودي الإيراني يقلق تركيا.. وأنقرة تبحر في مشهد إقليمي جديد

إذا أدى الاتفاق إلى شراكة أوثق بين إيران والمملكة العربية السعودية بشأن قضايا الأمن الإقليمي، فقد تحتاج تركيا إلى إعادة تقييم موقفها من الصراع السوري.

ميدل ايست نيوز: تركت الصفقة السعودية الإيرانية الأخيرة، التي توسطت فيها الصين، تخوف تركيا من التحولات المحتملة في ميزان القوى الإقليمي، والآثار الاقتصادية، والتوترات الطائفية المتزايدة، ووسط هذه المخاوف تأتي الانتخابات الرئاسية التركية، لتواجه أنقرة تحدي تعديل سياستها الخارجية للحفاظ على نفوذها في مشهد الشرق الأوسط المتطور.

ما سبق كان خلاصة تحليل نشره “منتدى الخليج الدولي” عن آثار التقارب السعودي الإيراني على تركيا، حيث يرى أن العلاقات بين تركيا والسعودية وإيران، وهي ثلاث قوى إقليمية كبيرة بالشرق الأوسط كانت دائما متقلبة بين التعاون والتوتر، لكن كل ذلك كان يتم في إطار توازن حساس للقوى.

لهذا السبب، أثار الاتفاق السعودي الإيراني الأخير قلق تركيا، لأنه قد يؤثر على ميزان القوى في الشرق الأوسط.

وبصفتها لاعبًا إقليميًا رئيسيًا، تراقب تركيا بعناية التطورات الجارية بين إيران والسعودية في الوقت الذي تسعى فيه إلى الحفاظ على نفوذها وحماية مصالحها في المنطقة.

وبينما لا تريد تركيا أن تتخلف عن الركب في الاستفادة من الوجود الاقتصادي والسياسي القوي للصين في المنطقة، فإن علاقاتها التقليدية مع الغرب وعضويتها في الناتو تقيد بشدة قدرة أنقرة على الاستفادة من علاقاتها مع بكين بشكل كامل.

لكن ما هو القلق الأساسي لتركيا من التقارب السعودي الإيراني؟

يقول التحليل إن القلق الأساسي هنا يتعلق بالتحول المرتقب في ميزان القوى بالمنطقة، جراء الاتفاق، حيث يمكن ن يؤدي التعاون الجديد بين البلدين إلى إعادة تنظيم التحالفات الإقليمية ، مما قد يقوض موقع تركيا الاستراتيجي.

تعتبر التداعيات الاقتصادية المحتملة مصدر قلق آخر لتركيا، فقد تؤثر أي اتفاقية بين إيران والمملكة العربية السعودية على التجارة والاستثمار وموارد الطاقة في المنطقة ، وكلها مهمة لاقتصاد تركيا.

ووفقا للتحليل، قد يصبح هذا الأمر أكثر أهمية بالنظر إلى اعتماد تركيا على واردات النفط الإيرانية.

وقد يكون ارتفاع أسعار الطاقة أو قلة الوصول إلى الموارد في الأفق بالنسبة لتركيا إذا أدى الاتفاق إلى تعاون أوثق بين إيران والسعودية في مسائل الطاقة.

كما تشعر تركيا بالقلق من أن الاتفاقية ستعزز التعاون الإيراني السعودي على حساب اللاعبين الإقليميين الرئيسيين الآخرين، بما في ذلك هي ذاتها، ونتيجة لذلك ، قد تضطر تركيا إلى اختيار طرف في الخلافات الإقليمية أو تجد نفسها مهمشة في الجهود الدبلوماسية، على عكس المواقف السابقة حيث حافظت أنقرة على دورها كوسيط وفاعل مؤثر بدلاً من اختيار طرف في منطقة مستقطبة.

كما تشعر تركيا بالقلق من أن تحالفاتها الوثيقة مع الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة، قد تتضرر نتيجة للاتفاق الجديد بين طهران والرياض.

ولطالما كانت تركيا وسيطًا مهمًا بين الغرب والشرق الأوسط. قد تتغير هذه العلاقة إذا تصالحت إيران والسعودية، مما يثير مخاوف بشأن استمرار أهمية تركيا وربما يضر بعلاقاتها مع الحلفاء المهمين الآخرين.

وإذا استمرت الصين في لعب دور الوسيط الأقوى في النزاعات الإقليمية ، فسوف يتقوض موقف أنقرة التقليدي في المنطقة بشكل خطير، يقول التحليل.

السياسة الخارجية

وبالإضافة إلى هذه المخاوف الرئيسية، قد تكون تركيا قلقة بشأن تداعيات الاتفاقية على أهداف سياستها الخارجية الإقليمية، حث انخرطت أنقرة في عدد من الصراعات والأزمات الإقليمية، بما في ذلك الحرب الأهلية السورية، والصراع الليبي، والحصار المفروض على قطر.

وقد يؤثر الاتفاق بين إيران والسعودية على نفوذ تركيا ودورها في هذه القضايا وغيرها من القضايا الإقليمية، لا سيما تلك المتعلقة بأعضاء مجلس التعاون الخليجي.

ويرى التحليل أنه إذا أدت الصفقة الإيرانية السعودية إلى تعاون أوسع بين طهران ودول مجلس التعاون الخليجي ، فقد تحتاج تركيا إلى تعديل استراتيجيتها وإيجاد طرق جديدة للحفاظ على نفوذها في المنطقة – وهي مهمة معقدة وصعبة.

بالإضافة إلى ذلك ، كانت تركيا منتقدًا صريحًا لتورط إيران في الصراع الأهلي السوري، وكثيرًا ما انحازت إلى المعارضة السورية ضد نظام الأسد والفصائل المدعومة من إيران.

وإذا أدى الاتفاق إلى شراكة أوثق بين إيران والمملكة العربية السعودية بشأن قضايا الأمن الإقليمي، فقد تحتاج تركيا إلى إعادة تقييم موقفها من الصراع السوري والسعي إلى تحالفات جديدة للدفاع عن مصالحها.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر − أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى