الانتخابات الرئاسية الإيرانية: الهجمات على ظريف تعطي زخما للحملات الانتخابية

شنَّ المرشحون المحافظون هجمات لاذعة على وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف، بعدما نسب مبيعات النفط إلى «سياسة جو بايدن، وليس الالتفاف على العقوبات».

ميدل ايست نيوز: في مستهل الأسبوع من حملة الانتخابات الرئاسية في إيران، شنَّ المرشحون المحافظون هجمات لاذعة على وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف، بعدما نسب مبيعات النفط إلى «سياسة جو بايدن، وليس الالتفاف على العقوبات».

وقال وزير الخارجية الأسبق، محمد جواد ظريف، في برنامج تلفزيوني مع المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان، بُثّ مباشرة على الهواء، الثلاثاء، إن الرئيس الأميركي جو بايدن كان ينوي العودة إلى الاتفاق النووي، لولا اغتيال المسؤول النووي السابق، محسن فخري زاده، وقانون «الخطوة الاستراتيجية لرفع العقوبات»، في إشارة إلى القانون الذي أقره البرلمان الإيراني، مطلع ديسمبر (كانون الأول) 2020، واتخذت طهران بموجبه خطوات متقدمة من انتهاك الاتفاق النووي لعام 2015، بما في ذلك رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60 في المائة.

ونسف ظريف الرواية الرسمية الإيرانية حول قدرة طهران على زيادة مبيعات النفط والالتفاف على العقوبات الأميركية. وقال: «لم تكن زيادة مبيعات النفط من عمل الأصدقاء (حكومة رئيسي)، بل عندما جاء بايدن، كانت سياسته أن يفتح صمام العقوبات».

وجاء الرد سريعاً من رئيس البرلمان ومرشح الرئاسة، محمد باقر قاليباف، الذي ساهم بشكل كبير في تمرير قانون «الخطوة الاستراتيجية للرد على العقوبات الأميركية». وقال قاليباف إن القانون «لم يمنع إحياء الاتفاق النووي»، ثم أشار إلى إشادة المرشد علي خامنئي بالقانون، وقال: «ألم يقل قائد الثورة قبل عام إن قانون العمل الاستراتيجي أنقذ البلاد، ووضح الأمور، وخلص الجميع من عدم اليقين؟ إذا كنا نعتقد ذلك، فلماذا تقولون إن القانون حال دون الاتفاق؟ أين هو اتباعكم للسياسات؟».

وجرى تمرير القانون المثير للجدل، بعد أقل من أسبوع على مقتل المسؤول النووي، محسن فخري زاده، في عملية معقدة، اتهمت طهران إسرائيل بالوقوف وراءها. وقالت طهران حينها إن القانون جاء رداً على الاغتيال. لكن قاليباف قال، في وقت لاحق، إنه أجرى اتصالات ومشاورات لمدة ستة أشهر من أجل صياغة القانون.

وأشار قاليباف إلى دور المجلس الأعلى للأمن القومي في تمرير القانون. وقال: «كنت عضواً في المجلس الأمن القومي، الذي كلف البرلمان وضع تشريعات بشأن الانسحاب من الاتفاق النووي. تمت الموافقة على هذا القانون وتنفيذه الآن، الآن يجب أن تقولوا: هل هذا القانون كان عائقاً؟».

وبدأ قاليباف حملته في المحافظات الإيرانية، من زيارة قبر رفيقه السابق في «الحرس الثوري»، قاسم سليماني، مسؤول العمليات الخارجية لـ«الحرس الثوري» الذي قضى في ضربة أميركية عام 2020. وتوجه من هناك إلى مقر حملته الانتخابية.

من جانبه، وجَّه المرشح المتشدد المحافظ، سعيد جليلي، انتقادات ضمنية لاذعة إلى ظريف، قائلاً: «سمعت أحدهم يقول اليوم إن هذه النجاحات ليست بجهودنا، بل لأن بايدن قرر تخفيف الضغط عن العقوبات: دعوا ترمب يعُدْ لتروا ما سيفعلون». وأضاف: «إذا كان بايدن لا يريد ذلك؛ فلماذا لم يحدث ذلك خلال الأشهر التسعة التي كنتم فيها في السلطة؟».

وعبر البرنامج الذي استضاف ظريف، سخر المرشح المحافظ أمير حسين قاضي زاده هاشمي من ظريف من دون أن يذكر اسمه: «كلما فتحت التلفزيون كان البعض يتجول ويلوحون بالأيدي في فندق فيينا». وقال مساعده قاضي زاد هاشمي، صالح اسكندري في البرنامج إنه «يخوفنا من ترمب لاعب القمار. القضية الأساسية للبلاد ليست الاتفاق النووي. لقد أخرجوا جثة الاتفاق مرة أخرى من القبر».

أما المرشح المحافظ وعمدة طهران، علي رضا زاكاني، فقد اتهم ظريف بـ«جحد حق» الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي. وتعهَّد بالرد على ظريف في برنامج تلفزيوني من المقرر بثه، مساء الخميس (اليوم). وقال: «إذا فتحت بعض الأمور فستواجهون مشاكل. السيد بزشكيان ومستشاره ينتظران الردود القوية مني في المناظرة». وقال: «بزشكيان لا يمكنه القول إنه ليس امتداداً لحكومة حسن روحاني، لأن حملته تضم جميع أفراد تلك الحكومة».

لكن المرشح المحافظ والوزير السابق، مصطفى بورمحمدي، واصل مواقفه الرمادية. وأعرب عن تأييده الضمني لتصريحات ظريف، إذا اقتبس قوله، وكتب في منشور على منصة «إكس»: «لا تتلاعبوا بالأرقام وتخدعوا الناس».

كما دخل قائد «الحرس الثوري»، حسين سلامي، على خط السجال الدائر، وقال: «إذا رأيتم في ذروة المواجهة أنكم تنعمون بالأمن، فهذا يعني أنكم أقوياء، عقيدة العدو قائمة على القوات والضربة الحاسمة في نقطة محددة… إذا فهم العدو أنكم قادرون على تجاوز العقوبات، فسيحاصركم، وإذا رأيتم، فإن إبطال مفعول العقوبات في هذا البلد سببه قوَّتكم. لقد أخذوا سفننا، وأخذنا سفنهم. أرادوا أن يحتجزوا ناقلتنا النفطية التي كانت في طريقها إلى فنزويلا، ولكنهم انسحبوا فور إجراء تدريبات أمام أعينهم. هاجموا بعض سفننا في البحر، ولكن عندما تعرضت سفنهم للهجوم، عرفوا أنهم لا يمكنهم التورط مع هذا البلد».

وقال: «اليوم، تتم صادراتكم ووارداتكم بأمان تام بفضل قوتكم، ولا فرق في هذا الشأن بين ترمب وبايدن. في عهد ترمب».

وتطرق سلامي إلى الضربة الصاروخية على قاعدة عين الأسد، دون الإشارة إلى مقتل مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني. وقال: «قمنا بضرب (عين الأسد) والمسيرة (غلوبال هوك)».

وتابع: «لقد فهموا أنه إذا أرادوا أن يتصدوا لإيران، فإن إيران بالتأثير الذي تملكه على الاقتصاد العالمي، يمكنها أن تؤثر على العالم بتحركاتها. ليس هناك مجال للتعبير عن بعض إجراءاتنا، لكن العدو على علم بها».

وأسقطت إيران طائرة مراقبة مسيرة من طراز «غلوبال هوك» في يونيو (حزيران) 2019. وقالت طهران حينها إن المسيرة كانت في مهمة تجسُّس فوق أراضيها، لكن واشنطن قالت إن الطائرة أُسقطت فوق المياه الدولية.

وقال وزير النفط الإيراني جواد أوجي، إن صادرات النفط الإيرانية ستستمر، بغض النظر عمن سيجري انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني).

وقال أوجي للصحافيين: «أياً كانت الحكومة التي ستصل إلى السلطة في الولايات المتحدة، فلن تكون قادرة على منع صادرات النفط الإيرانية»، حسبما أوردت «رويترز» عن وسائل إعلام رسمية إيرانية.

وانسحب ترمب في عام 2018 من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015، وأعاد فرض عقوبات عليها أضرَّت بقطاع النفط لديها، وأدَّت إلى انخفاض الإنتاج إلى 2.1 مليون برميل يومياً. وتولى بايدن منصبه في عام 2021، واستطاعت إيران منذ ذلك الحين رفع الإنتاج إلى 3.5 مليون برميل يومياً، وزيادة الصادرات إلى 3 أمثال، وفقاً لأوجي. كما وسَّعت إيران حجم تجارة النفط مع الصين.

أما وزير الاقتصاد، إحسان خاندوزي، فقد انتقد ما قاله ظريف عن تراجع التضخم، وزيادة النمو في العامين الأولين من إبرام الاتفاق النووي. وقال: «يجب أن نوضح ونسلط الضوء على الحقائق، لضمان عدم تحريف الوضع الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة». وقال: «لا يمكن الاكتفاء بتقييم أداء الوضع الاقتصادي خلال العامين الأولين من الاتفاق النووي».

إلى ذلك، حط بزشكيان ومستشاره ظريف رحالهما في جامعة أصفهان الأربعاء. وحذر ظريف من مقاطعة الانتخابات الرئاسية. وذكرت مواقع إصلاحية لأن أنصار بزشيكان رددوا هتافات تشيد بموقف ظريف من العقوبات.

وأظهرت مقاطع فيديو تناقلت في مواقع إصلاحية أن بزشكيان واجه أسئلة حول أزمة المياه في محافظة أصفهان. وردد الحاضرون شعار: «امنح أصفهان نفسنا، وأرجع إلينا زاينده رود»، في إشارة إلى النهر الذي يقسم المدينة إلى نصفين، ويعاني من شح كبير في موارد المياه.

وقال أحد الحاضرين إن جفاف النهر في أصفهان «نتيجة إجراءات حكومة الإصلاحات». ويتهم أهالي أصفهان إدارة الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي، بتحويل مجرى نهر زاينده رود إلى محافظة يزد التي يتحدر منها الرئيس الإصلاحي.

وفي فيديو آخر، يصرخ رجل بوجه ظريف الذي كان محاطاً بأنصاره: «اخجل»، ورد ظريف في المقابل: «أنتم أخجلوا».

ودعا ظريف إلى المشاركة المكثفة في الانتخابات، وقال: «شعب هذه الأرض دافعوا عن تاريخهم وسيادتهم، وهم أكبر فرصة. لا ينبغي أن تكون الفرصة محدودة وتهديداً». وحاول العزف على وتر المشاعر القومية الفارسية، قائلاً: «يجب ألا يُسمح لأي إيراني بأن يكون مرتبة أدنى من الآخرين أينما كان حاضراً… لا أحد بإمكانه تهديد أي إيراني».

وتابع في نفس السياق: «إيران أقدم دولة في العالم؛ لماذا بقيت؟ بقيت بسببكم. ابنوها من جديد». وقال: «28 يونيو يثبت مرة أخرى أن الشعب الإيراني لن يُحبط». وقال: «عدم التصويت ليس رسالة، وإنما إعطاء القوة للأقلية، وهذه الأقلية المتكبرة تقود إيران نحو ظروف غير مرغوبة». وأضاف: «أنا متأكد أن شعب إيران يرغب في أن تتم إزاحة أولئك الذين هم في صدد الحرب والعقوبات والضغوط ضد إيران، أينما كانوا، ويستخدمون التحقير والقنابل والعقوبات على رؤوسكم لتبقوا في المنزل ولا تستمعوا».

وبدوره، قال بزشكيان: «إذا قاطعتهم صناديق الاقتراع، فستصوتون لمن يؤمنون ويعتقدون بمزيد من القيود. شاركوا في الانتخابات لكي تسود نظرة ظريف ومن يشبهونه». وأضاف: «لن أسمح بتجاهل القوميات والأقليات الدينية وأتباع المذاهب».

وانتقد رئيس اللجنة المركزية لحزب «كاركزاران»، محسن هاشمي رفسنجاني، رفض أهلية مرشحين بارزين، مثل الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني. وقال لموقع «خبر أونلاين»: «الانتخابات الحرة ضرورة لمشروعية النظام»، وأضاف: «لو وافق مجلس صيانة الدستور على أهلية أحمدي نجاد ولاريجاني لرأينا نسبة مشاركة تصل إلى 80 في المائة».

إلى ذلك، أعلن الزعيم الإصلاحي مهدي كروبي تأييده لحملة مسعود بزشكيان. وأبلغ نجله، حسين كروبي، موقع «إنصاف نيوز» الإصلاحي أن والده الذي يقيم تحت الإقامة الجبرية من فبراير (شباط) 2011، يدعم ترشح بزشكيان لتحقق 3 أهداف أساسية لإنقاذ البلاد: «تخطي العقوبات، وإحقاق حقوق الشعب، ومكافحة الفساد».

وقال مهدي كروبي: «تسعى مافيا سياسية اقتصادية إلى تحويل الجمهورية الإسلامية إلى حكومة عسكرية تدمج المصالح المالية والسياسية من خلال توليها الرئاسة».

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 + تسعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى