من الصحافة الإيرانية: هل يمكن للدبلوماسية أن تحل محل الضغط الأقصى؟

تبرز إشارات على وجود رغبة في التفاعل والتفاوض بين بعض الكيانات والجهات الفاعلة الرئيسية في إيران والولايات المتحدة وحتى لو كانت متفرقة وهشة.

ميدل ايست نيوز: على الرغم من أن العلاقات بين طهران وواشنطن تحولت في السنوات الأخيرة إلى ساحة صراعات لا تنتهي وانعدام ثقة عميق، إلا أنه في خضم هذا المشهد الفوضوي، تظهر أحيانًا بوارق أمل. تبرز إشارات على وجود رغبة في التفاعل والتفاوض بين بعض الكيانات والجهات الفاعلة الرئيسية وحتى لو كانت متفرقة وهشة.

وكتب موقع فرارو في مقال له، أن المسؤولون والمحللون الغربيون يرون أن هذه البوارق تمثل فرصة استثنائية إذا ما عادت الأطراف إلى طاولة المفاوضات، والتي يمكن للولايات المتحدة من خلالها استخدام أدوات الدبلوماسية بدلاً من لغة القوة للسيطرة على البرنامج النووي الإيراني. فهم يحذرون من أن أي تأخير أو فشل في هذا المسار قد يشعل نيرانًا تهدد المنطقة وتعرض مصالح واشنطن للخطر.

الدبلوماسية في مواجهة التصعيد: هل سيتعلم ترامب من أخطاء الماضي؟

يُطالب ترامب، الذي وعد خلال حملته الانتخابية بتجنب النزاعات المكلفة في الشرق الأوسط، بإثبات أن الدبلوماسية يمكن أن تكون بديلاً فعالاً للنهج التصادمي. فاستئناف المفاوضات مع طهران يتطلب تقييمًا واقعيًا للمخاوف الأمنية للطرفين، بالإضافة إلى تقديم ضمانات كافية لتعزيز الثقة المتبادلة. تجاهل هذه الفرصة لن يؤدي فقط إلى تعقيد البرنامج النووي الإيراني، بل قد يدفع الولايات المتحدة إلى مواجهات عسكرية تتعارض مع وعود ترامب السابقة بتقليص الحضور العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط.

كان قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي في عام 2018 تحولًا جذريًا في العلاقات بين طهران وواشنطن. هذا القرار، الذي اتُخذ رغم المعارضة الدولية، جاء كجزء من سياسة “الضغط الأقصى” لعزل إيران اقتصاديًا ودبلوماسيًا. وفي هذا الإطار، فرضت إدارة ترامب أكبر حزمة عقوبات اقتصادية في تاريخ الولايات المتحدة على إيران، مما أدى إلى تراجع صادرات النفط الإيراني إلى أدنى مستوياتها منذ عقود.

إضافة إلى العقوبات الاقتصادية، تبنت إدارة ترامب نهجًا عسكريًا عدائيًا. وبلغت هذه السياسة ذروتها باغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، في يناير 2020، وهو ما اعتبر أحد أكثر الخطوات تصعيدًا خلال فترة رئاسته. مع ذلك، لم تؤدِ هذه السياسة إلى تغيير جوهري في مواقف إيران النووية أو الإقليمية، بل عززت من مقاومتها للضغوط الدولية.

عقبتان للدبلوماسية بين إيران وأمريكا: سياسات واشنطن وانتهاكات إسرائيل

لا تزال هناك عقبتان رئيسيتان أمام استئناف المفاوضات بين إيران وأمريكا. الأولى تتعلق بالعقلية السائدة في واشنطن، التي تنظر إلى إيران باعتبارها تهديدًا يتجاوز واقعها. هذا التصور، الذي يمتد لعقود من السياسات الأمريكية المعادية لإيران، يدفع صناع القرار الأمريكيين نحو التصعيد بدلاً من استغلال فرص التفاوض.

أما العقبة الثانية، فهي المعارضة الإسرائيلية الصريحة لأي اتفاق لا يقلص نفوذ إيران في المنطقة. فإسرائيل تعمل على تعطيل مسار الدبلوماسية باستخدام الأدوات الدبلوماسية والاستخباراتية والعسكرية، بما في ذلك الهجمات السيبرانية والغارات الجوية على الأهداف الإيرانية. هذه التحركات لا تزيد من تعقيد المشهد فقط، بل تضغط على الدول الغربية لاتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه طهران.

البديل للدبلوماسية هو الانزلاق نحو مواجهة عسكرية، قد تكون نتائجها كارثية على المنطقة والمصالح الاستراتيجية الأمريكية. فالهجمات الاستباقية على المنشآت النووية الإيرانية، التي يروج لها بعض الأطراف في واشنطن وتل أبيب، لن توقف البرنامج النووي الإيراني تمامًا. بل على العكس تماما، إذ أثبتت التجارب السابقة أن مثل هذه الهجمات قد تدفع الدول المستهدفة إلى تسريع برامجها النووية كإجراء دفاعي.

خلاصة

رغم التوترات العميقة، تظل هناك فرصة لتجنب كارثة أكبر في المنطقة. أظهرت سياسات الضغط الأقصى والهجمات التصعيدية أنها لم توقف فحسب البرنامج النووي الإيراني، بل عززت من مواقف المتشددين وزادت من المقاومة الداخلية في إيران. لذلك، تبقى الدبلوماسية رغم صعوبتها وتعقيدها أفضل طريق لتخفيف التوترات وتحقيق اتفاق مستدام وضمان استقرار المنطقة. فاليوم وأكثر من أي وقت مضى، تحتاج طهران وواشنطن إلى اتخاذ قرارات واقعية لتجنب التصعيد العسكري وحماية مصالحهما المشتركة والمنطقة من تداعيات كارثية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

7 + 12 =

زر الذهاب إلى الأعلى