كيف تفاعلت النخب السياسية في إيران مع خطاب المرشد الأعلى بشأن المفاوضات مع واشنطن؟
بعد تصريحات المرشد الأعلى الإيراني يوم الجمعة حول المفاوضات مع الحكومة الأمريكية الجديدة، شهدنا تحولاً في الأجواء السياسية والإعلامية في إيران حول هذا الموضوع.

ميدل ايست نيوز: بعد تصريحات المرشد الأعلى الإيراني يوم الجمعة حول المفاوضات مع الحكومة الأمريكية الجديدة، شهدنا تحولاً في الأجواء السياسية والإعلامية في إيران حول هذا الموضوع.
وفي هذا السياق أكدت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني في منشور على منصة “اكس”: إن استراتيجية الحكومة تتمثل في سماع صوت واحد من ايران.
وتابعت: نحن بحاجة اليوم مقارنة بالأمس إلى المزيد من الوئام والتعاضد لتجاوز المشكلات. إن المحادثات مع الدول الاوروبية ستستمر والكل يعرف جيدا أن إيران لن لترضخ للمحادثات إن كانت هذه المحادثات في ظروف غير مشرفة.
وفي إطار هذا، أشار محمد باقر قالیباف، رئيس مجلس الشورى الإسلامي، إلى استمرارية المفاوضات مع أوروبا كحل بديل، قائلاً: المرشد الأعلى ذكر أن التفاوض أمر طبيعي، ألم تكن هناك مفاوضات مع أوروبا في حكومة الشهيد رئيسي؟ يجب ألا نغلق الأبواب. المرشد قال إننا لا نتفاوض مع [أمريكا]؛ وهذا واضح وقد انتهى الأمر، لكن هذا لا يعني أننا لا نتفاوض مع الآخرين.
وأضاف قالیباف: الموضوع لم يعد نووياً، قالوا النووي والصواريخ والأسلحة التقليدية وغير التقليدية؛ هذا يعني نزع سلاح الجمهورية الإسلامية، ويعني أنهم وضعوا مسبقا نصاً من جانب واحد، لكن عندما لم يكن من جانب واحد مزقوا النص وذهبوا، ثم يقول إنه (ويقصد ترامب) لا يحب تنفيذ هذه العقوبات، عليك قبولها طوعاً.
المرشد لم يرفض التفاوض، مما يعني أنه لا يوجد مانع من تجربة ذلك مرة أخرى
أكد وزير العدل في حكومة روحاني والمرشد الرئاسي للانتخابات الرئاسية لعام 2024 مصطفى بور محمدي، في سياق تصريحات مهاجراني وقالیباف، على نفس الرؤية الوسطية. وأوضح في تصريحات له، بأن “المرشد الأعلى لم يرفض التفاوض، مما يعني أنه لا يوجد مانع من تجربة هذا الأمر مرة أخرى. لا ينبغي لأحد أن يخطئ ويعتقد أن الجمهورية الإسلامية ستغضب أو تقول إنها لا تتحدث. لا؛ السيد قال إنه لن نتفاوض مع أي منتهك للعهود، لكن هذا لا يعني أننا سنقول بسهولة ‘بسم الله’ ونتعانق مع بعضنا البعض، بينما لا نحقق شيئاً. هذا ليس منطقياً أن تقبله إيران ومرشدها، والذي أكد منذ فترة غير بعيدة مخاطبا الساسة الإيرانيين أنه عندما تتحدثون إلى طرف أجنبي يجب أن تفكروا جيدا وتتأملوا”.
قراءات متباينة أو استقطاب حول المفاوضات
وفي هذا السياق، ظهرت تفسيرات مختلفة حول تصريحات المرشد الأعلى بشأن التفاوض بين السياسيين. حيث كتب مهدي فضائلي، عضو مكتب حفظ ونشر آثار قائد الثورة، مقالاً في صحيفة خراسان تحت عنوان “خطاب للمروجين للتفاوض”، موضحاً أن “الموضوع الرئيسي في البلاد ليس العقوبات، بل وجود مسؤولين ذوي إرادة وعزيمة قوية.”
وأضاف فضائلي: في أي علاج أو حل لمشكلة، ما يهم هو تحديد المشكلة الأساسية أو سبب الألم والمرض. بشكل أساسي، جزء كبير من القدرة والكفاءة يعود إلى القدرة على التشخيص الصحيح، وبعد ذلك إلى القدرة على معرفة العلاج والحل المناسب.
وأشار إلى أن “لدينا اليوم مشكلة لا يمكن إنكارها تحت عنوان ‘الاقتصاد’، وهي مشكلة مزعجة تؤثر على قطاعات واسعة من المجتمع. وهي مشكلة ليست محصورة في بلادنا، ولكن يجب أن نجد لها حلاً على الأقل للتقليل من آثارها.”
وأكمل قائلاً: “بعض الأشخاص يقترحون حل مشكلة الاقتصاد الحقيقية عن طريق ‘التفاوض مع أمريكا’، ويصرون على أن هذه الطريقة ستحل المشكلة. ولكن يجب أن نكون حذرين من أن الوصفة الخاطئة قد لا تؤدي فقط إلى عدم العلاج، بل أحياناً قد تؤدي إلى وفاة المريض!”
وأكد فضائلي أن “المروجين للتفاوض يعتبرون أن العقوبات هي السبب الرئيسي لمشاكل الاقتصاد، ويعرضون التفاوض كحل لإلغاء العقوبات، في حين أن مشاكلنا الاقتصادية لا تعود أساساً إلى العقوبات، رغم تأثيرها في تفاقم الوضع. فليس كل دولة تخضع للعقوبات تتدهور أوضاعها مثلنا.
وفي ختام حديثه، أشار إلى نقطتين: الأولى هي أن مشاكل البلاد لها حلول مؤكدة ولا توجد طريق مسدودة، والثانية هي أن الحلول داخلية، وتتطلب مسؤولين حاذقين وقادرين على العمل الجاد والتضحية، الذين يتكلون على الله ويملكون إرادة قوية، ويعرفون أعداءهم ويثقون بشعبهم.
وفي هذا الوضع الذي نشهد فيه تحولاً في الأجواء بشأن مستقبل المفاوضات بين إيران وأمريكا، أصبحت مواقف المرشد الاعلى الإيراني بشأن التفاوض مع أمريكا مصدر استهداف من قبل المتطرفين ضد الحكومة الرابعة عشر.
وفي هذا السياق، كتبت صحيفة “جوان”: كشف قائد الثورة عن موقفه بشأن المفاوضات مع أمريكا بأوضح العبارات والكلمات والمفاهيم، حتى يتم إغلاق الطريق أمام التفسيرات والتأويلات. ومع ذلك، ورغم أن من المنطقي والعقلاني أن تتخذ الحكومة موقفاً يتماشى مع هذا الموقف دون إضاعة الوقت للحفاظ على الوحدة الداخلية، إلا أنه يمكن توقع أن تبدأ المعارضات الضمنية أو حتى العلنية ضد الحكومة، وقد يطلبون حتى من لزشکیان الاستقالة!”