كيف تفاعلت الصحافة الإيرانية مع المحادثات بين طهران وواشنطن في روما؟
رحبت صحيفة كيهان بإقصاء أوروبا عن مسار المفاوضات بين طهران وواشنطن وقالت إن هذا قرار واقعي وحكيم، لأن الأوروبيين لم يفعلوا سوى إثارة المتاعب لإيران منذ دخولهم هذا المسار.

ميدل ايست نيوز: بعد ساعات من انعقاد الجولة الثانية من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة في إيطاليا، لا تزال الصحف الإصلاحية تنظر إليها بنظرة «إيجابية»، فيما امتنعت صحيفة كيهان عن نشر مقال نقدي لاذع كما فعلت في الأسبوع الماضي.
واستخدمت العديد من الصحف في عناوينها الرئيسية عبارة «إلى الأمام» لوصف المحادثات، بشكل متطابق تقريبًا.
وفي هذا السياق، رغم أن صحيفة “إيران” الحكومية اختارت أيضًا عنوان «إلى الأمام» كعنوان رئيسي، إلا أنها في مقال آخر نقلت آراء بعض الخبراء بنبرة غير متفائلة، حيث أكدوا أن نجاح المفاوضات لن يحل بالضرورة المشاكل الداخلية.
ومع اختتام الجولة الثانية من المفاوضات بين إيران وأمريكا يوم السبت 19 أبريل، عبّر المسؤولون الإيرانيون عن رضاهم، وأعلنت سلطنة عمان، بصفتها وسيطًا، أن المفاوضات «اكتسبت زخمًا».
في يوم السبت ذاته، أعلنت السلطة القضائية في إيران أن النيابة العامة قد رفعت دعوى ضد اثنين من مديري وسائل الإعلام: «تصريحات مديري وسيلتين إعلاميتين حول المفاوضات غير المباشرة بين إيران وأمريكا أدت إلى رفع دعوى قضائية من قبل النيابة العامة في طهران ضدهما، وقد تم ذلك الأسبوع الماضي».
ولم تذكر السلطة القضائية اسميهما، لكنها وصفت تصريحاتهما في الفضاء الإلكتروني بأنها «مبتذلة».
هم ميهن: حان وقت المفاوضات المباشرة
نشرت صحيفة “همميهن” الإصلاحية صفحتها الأولى بصورة كبيرة لمكان المفاوضات، يظهر فيها الصحفيون المنتظرون خارج مبنى دبلوماسي عماني في روما.
وفي افتتاحية الصحيفة، طُرح أن استمرار المفاوضات الفنية من دون مواجهة مباشرة قد لا يكون ممكنًا: «الأمر المهم الذي قد يحدث هذا الأسبوع هو بدء مفاوضات مباشرة، لأن المرحلة القادمة هي مرحلة فنية، والاستمرار في الحوار بشكل غير مباشر لم يعد مجديًا أو منطقيًا».
وفي هذه الافتتاحية، التي لم تُنشر باسم كاتب محدد، وُصف الحوار غير المباشر في الشؤون الفنية بأنه مضيعة للوقت وغير دقيق.
واعتبر كاتب الافتتاحية أن التوقع العام من المفاوضات هو «أن نتقدم ليس فقط في المضمون، بل نأمل أيضًا في رؤية تحول في شكل وطبيعة المفاوضات».
كيهان: مطالب ترامب أقل من بنود الاتفاق النووي
في افتتاحية صحيفة كيهان، كتب سعد الله زارعي أن المفاوضات مع إيران أصبحت هدفًا بحد ذاته لترامب، وهو مستعد لتقديم تنازلات من أجل تحقيق هذا الهدف. وأضاف أن مطالب أمريكا خلال مفاوضات عمان «أقل بكثير» من بنود الاتفاق النووي: «الهدف الأساسي لترامب هو أن يسجل الاتفاق النووي باسمه، ولذلك هو مستعد لتقديم تنازلات».
وتوقعت افتتاحية الصحيفة، التي يُعيّن مديرها بأمر من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، أن يغير ترامب من لهجته.
ورحبت الصحيفة بإقصاء أوروبا عن مسار المفاوضات، وكتبت: «هذا قرار واقعي وحكيم، لأن الأوروبيين لم يفعلوا سوى إثارة المتاعب لإيران منذ دخولهم هذا المسار. كما أن بعض الدول الإقليمية التي كانت أمريكا تؤكد عليها لم تشارك في هذا المسار، وأصبحت المفاوضات تتركز في إطار اتصالات تمهيدية بقيادة دولة صديقة هي عمان».
وفي زاوية «الخبر الخاص» للصحيفة، فُسّر الموقف الأمريكي بأنه نتيجة لـ«القدرة العسكرية الإيرانية»، وجاء فيها: «الجميع اليوم يعلم أن إيران منذ عقود تستعد لليوم الذي قد تهاجمها فيه أمريكا، وإسرائيل ليست رقمًا يُعتدّ به في هذه المعادلة. حتى الأمريكيون أنفسهم يعلمون أن الهجوم على إيران سيكون مكلفًا جدًا. وقد يؤدي أي هجوم إلى سقوط آلاف الصواريخ الإيرانية على القواعد الأمريكية والمواقع الاستراتيجية الإسرائيلية. في الواقع، سبب ملاحقة الجميع لإيران هو هذه القوة الميدانية الإيرانية».
صحيفة إيران: «المفاوضات ليست طريق النجاة»
تناولت صحيفة “إيران” الحكومية المفاوضات بنظرة «إيجابية» في عنوانها الرئيسي. لكنها خصصت إحدى صفحاتها الداخلية لمقال تحليلي يحمل آراء عدد من الخبراء تحت عنوان: «يجب ألا ترتبط المفاوضات بالسياسة الداخلية».
وقال مصطفى هاشمي طبا، أحد الشخصيات الإصلاحية التي شغلت مناصب وزارية ونائب رئيس في عدة حكومات، للصحيفة إن مشاكل البلاد لن تُحل عبر المفاوضات فقط: «سواء بالمفاوضات أو بدونها، هناك مسائل داخلية لم تُحل بعد».
وأضاف أن مشاكل إيران الأساسية يجب أن تُحل من الداخل، وأن نجاح المفاوضات قد يساعد، لكنه ليس هو الحل: «للأسف، بسبب تقاعس الأجهزة الإدارية، أصبحت الأنظار كلها متجهة إلى الخارج، بينما طريق نجاة إيران هو من الداخل».
صحيفة شرق: السوق يتصرف بحذر
أفادت صحيفة “شرق” في تقريرها الاقتصادي بأن سوق طهران تصرّف بـ«حذر أكبر» خلال الجولة الثانية من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة. وذكرت أنه «خلافًا للجولة الأولى التي شهدت طوابير طويلة لبيع الذهب والدولار وهبوط الأسعار، لم تشهد الجولة الثانية تغييرات ملحوظة في الأسعار، بل تعامل المشترون والبائعون بحذر».
ووفقًا للتقرير، كانت حركة البيع والشراء في سوق الذهب والعملات محدودة، لكن أسعار السيارات شهدت ارتفاعًا.
مع ذلك، يرى سهراب أشرفي، خبير وناشط في سوق الذهب والعملات، أن «التفاؤل بنتائج المفاوضات ما زال قائمًا».