من الصحافة الإيرانية: إلى أي مدى ستقف موسكو إلى جانب إيران؟
ترى موسكو أن تحسين العلاقات بين طهران وواشنطن ورفع العقوبات الأميركية عن إيران، سيقلل من اعتماد إيران على روسيا سواء في المجال الدبلوماسي أو الدفاعي.

ميدل ايست نيوز: منذ تولّي دونالد ترامب الرئاسة، عبّرت روسيا مرارًا عن رغبتها في لعب دور الوسيط بين إيران والولايات المتحدة في الملف النووي. وفي مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في موسكو، أكّد وزير الخارجية الروسي: “نحن مستعدون للمساعدة والوساطة وللقيام بأي دور تراه إيران مفيدًا ويكون مقبولًا من الجانب الأمريكي.”
وكتبت صحيفة هم ميهن، أنه على الرغم من أن روسيا تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى أحد أبرز منتقدي انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وسياسات الغرب تجاه البرنامج النووي الإيراني، إلا أنها لا تزال تصرّ على أن الحل المقبول بالنسبة لها يشبه صيغة الاتفاق النووي الأصلي. وتؤكّد موسكو في تصريحاتها أنها تعترف بحق إيران في امتلاك برنامج نووي سلمي.
لكن هذه التصريحات تعكس، ولو ضمنيًا، وجود قلق روسي من احتمال تحوّل البرنامج النووي الإيراني إلى برنامج غير سلمي أو عسكري. وفي هذا السياق، صرّح ديميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، الشهر الماضي: “نحن نرحب بحل دبلوماسي وسلمي تمامًا للمسألة النووية الإيرانية. لإيران، كما لبقية دول العالم، الحق في برنامج نووي سلمي، وهي تسير في هذا الاتجاه.”
رغم مرور ما يقارب عقدًا على توقيع الاتفاق النووي، لا يبدو أن الموقف الروسي الجوهري قد تغيّر كثيرًا. فروسيا، بوصفها قوة نووية تمتلك أسلحة دمار شامل، وجارة قريبة جغرافيًا لإيران، لديها مصالح استراتيجية متشابكة ومتناقضة في هذا الملف.
فمن ناحية، ترى موسكو أن تحسين العلاقات بين طهران وواشنطن ورفع العقوبات الأميركية عن إيران، سيقلل من اعتماد إيران على روسيا سواء في المجال الدبلوماسي أو الدفاعي. ومن ناحية أخرى، تشعر روسيا بالقلق من تطور البرنامج النووي الإيراني وتحول إيران إلى “دولة على عتبة التسلح النووي”، وهو ما يمنحها هامش مناورة أوسع في مناطق النفوذ المشترك مثل آسيا الوسطى، جنوب القوقاز، وبحر قزوين.
كما أن احتمال نشوب حرب بين إيران والولايات المتحدة يقلق الروس بشدة، لما قد ينجم عنه من اضطرابات تطال مصالحهم الاستراتيجية، خصوصًا في علاقاتهم مع دول الخليج، إضافة إلى العواقب الأمنية غير المتوقعة التي قد تنعكس على الداخل الروسي، وخاصة مناطق القوقاز.
مقاربة روسية ثابتة رغم التصريحات السياسية
ورغم التصريحات التي قد تبدو داعمة لإيران، خصوصًا في سياق التنافس السياسي مع واشنطن، إلا أن الخط الاستراتيجي الروسي بقي ثابتًا. ففي عام 2012، كتب الباحث الأميركي جون دبليو. باركر في ذروة الأزمة النووية الإيرانية، أن: “نهج موسكو تجاه طهران سيظل مختلفًا عن نهج واشنطن، حتى عندما تلتقي السياسات الأميركية والروسية حول إيران في بعض القضايا الأساسية. موسكو لا ترغب في استفزاز إيران للتدخل في آسيا الوسطى أو القوقاز. كما أن طهران حريصة على عدم تجاوز الخطوط الحمراء الروسية.”
وقد أضاف باركر أن أحد أهم المصالح الأمنية المشتركة بين روسيا وإيران هو منع أي هجوم خارجي على إيران، ولهذا فإن الدبلوماسية الروسية سعت لسنوات إلى إقناع طهران بالتراجع عن برامج تخصيب اليورانيوم، لأن أي تدخل عسكري ضد إيران ستكون له تداعيات أمنية غير متوقعة يصعب على موسكو احتواؤها.