الغاز الإيراني مستمر.. هل تتحدى بغداد «الضغوط القصوى»؟

مع إعلان لجنة نيابية استمرار العراق باستيراد الغاز والكهرباء من إيران، حذر خبراء من مغبة تحدي العقوبات وسياسة الضغوط الأمريكية القصوى المفروضة على طهران.

ميدل ايست نيوز: مع إعلان لجنة نيابية استمرار العراق باستيراد الغاز والكهرباء من إيران، حذر خبراء من مغبة تحدي العقوبات وسياسة الضغوط الأمريكية القصوى المفروضة على طهران، وفيما أكدوا أن هذا الإجراء قد يضع البلاد في حرج، كشف مراقب للشأن السياسي أن العراق حصل على تفويض أمريكي باستيراد الغاز، عدا الكهرباء التي قطع خطوطها الواردة من إيران حاليا.

وكان عضو لجنة الكهرباء في مجلس النواب داخل راضي، كشف الأسبوع الحالي، عن استمرار العراق باستيراد الكهرباء والغاز من إيران دون أي توقف، على الرغم من العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، وقال إن “الحكومة العراقية تعمل حاليا على البحث عن بدائل للغاز الإيراني، من خلال استيراد الطاقة الكهربائية من مجلس التعاون الخليجي، والأردن، ودول أخرى”.

وفي هذا الصدد، يُذكّر خبير النفط والطاقة كوفند شيرواني، بمكالمة وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو في يوم 27 شباط فبراير الماضي، برئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وتأكيد الأول على “أهمية استقلال العراق في مجال الطاقة، وهو ما يعني التوقف عن استيراد الغاز والكهرباء من إيران، كما شدد على الإسراع في تشغيل أنبوب النفط العراقي التركي”.

ويضيف شيرواني، أن “اتصالا آخر جرى في 9 آذار مارس الماضي، من مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز بالسوداني، حيث تم التأكيد على إنهاء استثناء العراق من استيراد الغاز الإيراني، وأن ذلك مرتبط بسياسة الضغوط القصوى التي تعتمدها الإدارة الأمريكية تجاه إيران وصناعتها النفطية”.

ويتابع أن “هذه الاتصالات الرسمية تؤكد أن الولايات المتحدة جادة في هذا الأمر، وأن أي تغافل أو تجاوز لهذه التحذيرات والاتصالات سيعرض العراق الى موقف حرج لأن إيراداته النفطية تمر من خلال البنك الفيدرالي الأمريكي”، لافتا إلى أن “أي عقوبة تطول العراق ستجعله البلاد في مشكلة من الناحية المالية، لاسيما أن وزارة المالية تصرح الآن أن لديها مشكلة في السيولة النقدية”.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، قد قال، خلال شهر آذار الماضي، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب، أنهت الإعفاءات الممنوحة للعراق لشراء الكهرباء من إيران، ونقلت وكالة “رويترز” عن المتحدث قوله، إن واشنطن لن تسمح لطهران بأي قدر من الإغاثة الاقتصادية أو المالية.

وعن إمكانية استثمار الغاز العراقي، يشير خبير النفط والطاقة، إلى أن “وزارة النفط تؤكد أن استثمار الغاز المصاحب الذي يحرق منذ سنوات ويكلف مليارات من الدولارات سيصل الى 70 بالمئة في العام الحالي، وأن العام 2028 سيشهد التوقف عن حرق الغاز الطبيعي تماما، وعندها لن تكون هناك حاجة لاستيراد الغاز وبعدها يمكن تصدير الفائض”.

ويلفت شيرواني، إلى أن “صناعة الغاز متلكئة منذ عقدين وتركيز العراق كان منصبا على النفط الخام، لكن في الأعوام الأخيرة بدأ التركيز على الغاز تم عقد جولات تراخيص واستكشاف رقع غازية، فتوفير الغاز يعني معالجة جزء كبير من أزمة الكهرباء”.

ويخلص إلى أن “العراق يمتلك احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي تصل حسب وزارة النفط إلى 127 تريليون قدم مكعب ما يجعله في المرتبة 12 على مستوى العالم في احتياطي الغاز الطبيعي، لكن نسبة الاستثمار حتى الآن هي دون الاستحقاق”.

وسبق أن وجه رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي عطوان العطواني، رسالة إلى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية تفيد بأن إيقاف استيراد الغاز من ايران سيتسبب بانهيار منظومة شبكة الكهرباء خلال الصيف المقبل في العراق، في اشارة الى ضرورة تمديد الإعفاءات الممنوحة الى العراق في هذا الجانب بعد ايقافها رسميا من قبل ادارة رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب.

وفي نهاية الشهر الماضي، أكد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أن محطات الكهرباء كافة ستعمل على الغاز العراقي في نهاية العام 2027.

من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي مصطفى حنتوش، أن “العراق يلجأ لاستيراد الغاز من إيران، لأنه مناسب لمحطات الكهرباء العراقية، ولا يحتاج إلى مكثفات كالغاز القطري وغيره، فالأول مبرمج على المحطات الكهربائية في العراق”.

ويعتقد حنتوش، أن “مفاوضات ايران النووية مع الولايات المتحدة إذا سارت بشكل جيد، فيمكن أن يتم منح العراق استثناء في استيراد نسبة معينة من الغاز أو الكهرباء”، مشيرا إلى أن “إلغاء عقود الغاز مع إيران ليس من مصلحة الأخيرة خاصة أنها تصدر الفائض فقط، ولا تريد أن تخسر هذه العقود ليكون العراق زبونا لدول أخرى”.

ويفيد الخبير بأن “العراق لم ينجح حتى الآن في استثمار غازه الطبيعي على الرغم من أن الرخصة حصلت في 2015، لكن ربما يبدأ باستثمار الغاز المصاحب بعد 3 سنوات، غير أن هذا لن يكفي لحاجته، فالعراق يحتاج إلى أن يستورد 18 مليار متر مكعب في السنة”، مشيرا إلى أن “العراق يمتلك الآن استثمارات في الغاز لكنها غير كافية ويحتاج جولات تراخيص جديدة لاستثمار الغاز خاصة أن مكامنه كثيرة في العراق بالإضافة إلى الغاز المصاحب”.

ومنذ عام 2018، جددت الولايات المتحدة الإعفاءات عشرات المرات، ما مكّن العراق من مواصلة استيراد الغاز والكهرباء من إيران.

إلا أن العقوبات الأمريكية تمنع بغداد من دفع الأموال نقدا لطهران، حيث تُودع المبالغ في حساب مصرفي عراقي، ولا يُسمح لإيران باستخدامها إلا للأغراض الإنسانية، مثل شراء المستلزمات الطبية.

إلى ذلك، يجد المحلل السياسي غالب الدعمي، أن “العراق لم يتحدَّ الولايات المتحدة وملتزم بضوابط العقوبات التي فرضتها على إيران، فخطوط الكهرباء التي يستوردها توقفت كما أخبرني مصدر موثوق”.

أما استيراد الغاز، يشير الدعمي، إلى أنه “غير مشمول بالعقوبات ضد إيران حتى الآن، والجانب الأمريكي أبلغ الجانب العراقي أن بإمكانه الاستمرار باستيراد الغاز، ولكن إيران هي من أصبحت لديها مشكلة في شح الغاز، فالأخيرة بدت غير قادرة على تلبية حاجتها المحلية، لذلك خفضت تصدير الغاز لأكثر من النصف بحجج الصيانة وغيرها، ولكن في الحقيقة أن إيران لا تمتلك الغاز الذي يلبي حاجتها وحاجة العراق”.

وفي شباط فبراير الماضي، أكد الرئيس التنفيذي لشركة الغاز الوطنية الإيرانية، سعيد توكلي، أن تصدير الغاز إلى العراق متواصل في ظل عقد طويل الأمد تم توقيعه مؤخرا بين الجانبين.

وفي حديثه لوكالة أنباء “مهر” الإيرانية، أشار توكلي إلى أن القرار الأخير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإلغاء الإعفاء الممنوح للعراق لاستيراد الغاز والكهرباء من إيران يمثل تصعيدا للضغوط الأمريكية. وأضاف أن هذا القرار يهدف إلى تقليل اعتماد العراق على الطاقة الإيرانية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العالم الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

15 + ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى