من الصحافة الإيرانية: هل تمد قطر يد العون لإيران لسد فجوات المفاوضات مع واشنطن؟

بالنظر إلى الدور الذي لعبته قطر سابقاً في المفاوضات بين إيران وأمريكا خلال إدارة جو بايدن، وكذلك في الوساطة بشأن تبادل السجناء، فمن المحتمل جداً أن تنشط قطر مجدداً إلى جانب دور سلطنة عُمان.

ميدل ايست نيوز: عُقد الاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية إيران وعُمان وقطر يوم الأحد على هامش منتدى حوار طهران في العاصمة الإيرانية طهران. ناقش في هذا اللقاء كلٌّ من عباس عراقجي، وسيد بدر البوسعيدي، والشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني آخر التطورات ومجريات المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، التي تُجرى بوساطة سلطنة عُمان.

وفي هذا السياق، صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، خلال مؤتمر صحفي يوم الإثنين، حول دور قطر وعقد الاجتماع الثلاثي في طهران، قائلاً: “إن دور قطر مهم وبنّاء، نحن نُقدّر هذا الدور، كما نُقدّر دور سلطنة عُمان. ويعكس هذا أحد مؤشرات نهج إيران الفاعل تجاه المنطقة واهتمامها بجيرانها بصفتهم شركاء مهمين في جهود حفظ وصون المنطقة من أي تهديدات أمنية أو تحديات محتملة قد تفرضها أطراف أخرى.”

كما أشار عباس عراقجي، في ختام منتدى حوار طهران، إلى هذا الدور القطري قائلاً: “أجرينا محادثات مطولة مع وزير خارجية عُمان حول استمرار المفاوضات، وانضم إلينا وزير خارجية قطر، الذي طرح أيضاً أفكاراً ومقترحات خلال الاجتماع الثلاثي. ويسعدني القول إن نظرة المنطقة، وخصوصاً منطقة الخليج الفارسي، تجاه إيران قد تغيّرت مقارنة بالماضي، ونرى دليلاً على ذلك في نظرتهم الإيجابية إلى المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة.”

ويأتي عقد هذا الاجتماع قبل وبعد تطورين بارزين: الأول: قُبيل الجولة الخامسة من المفاوضات، المتوقع عقدها خلال الأيام القليلة القادمة. والثاني: بعد زيارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات.

وتكتسب مشاركة وزير الخارجية القطري أهمية خاصة في ضوء تصريحات ترامب خلال زيارته إلى الدوحة. فقد التقى ترامب، في اليوم الثالث من جولته الخليجية التي استمرت 4 أيام، بالشيخ تميم بن حمد، أمير دولة قطر، وأدلى بتصريحات حول المفاوضات النووية.

ويوم الخميس 14 مايو الجاري، قال ترامب: “على إيران أن تشكر أمير قطر كثيراً، لأنه يعارض شن أي هجوم على إيران، في الوقت الذي يسعى فيه آخرون لتنفيذ هجوم قاسٍ عليها.” وأضاف: “إيران محظوظة بوجود أمير قطر، الذي يكافح من أجل التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران ومنع شن أي هجوم ضدها. أشكر أمير قطر على جهوده، فقد قدّم لنا دعماً كبيراً، ونحن نتطلع إلى تعاون اقتصادي واستثماري يخدم مصلحة البلدين. نحن قريبون جداً من التوصل إلى اتفاق مع إيران.”

ورغم أن هذه التصريحات ضاعت في زحمة الخطاب التجاري لزيارة ترامب، إلا أن السياق التفاوضي يبرز أهمية العودة إليها لكشف أبعاد مسكوت عنها. وفي هذا الإطار، هناك عدة نقاط مهمة:

النقطة الأولى:
بالنظر إلى الدور الذي لعبته قطر سابقاً في المفاوضات بين إيران وأمريكا خلال إدارة جو بايدن، وكذلك في الوساطة بشأن تبادل السجناء، والتي أدّت إلى الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية عبر البنوك القطرية، فمن المحتمل جداً أن تنشط قطر مجدداً إلى جانب دور سلطنة عُمان. ويبدو أن قطر قد تلعب دوراً مهماً في مرحلة ما بعد الاتفاق المحتمل، خاصة في مجالات رفع العقوبات والمسائل المالية والمصرفية.

النقطة الثانية:
هناك احتمال قوي بأن تكون المفاوضات بين إيران وأمريكا بشأن مسألة تخصيب اليورانيوم قد وصلت إلى طريق مسدود أو دخلت في تعقيدات كبيرة، مما فتح المجال أمام أطراف أخرى تملك مصلحة في هذه المفاوضات لطرح مبادرات أو اقتراحات تفاوضية جديدة.

وبالنظر إلى تصريحات ترامب في الدوحة، من الممكن أن تكون قطر قد قدمت أو بصدد تقديم مبادرة للخروج من هذا المأزق، لكن من غير الواضح حتى الآن ما هي تفاصيل هذه المبادرة، وما الدور الذي تنوي الدوحة أن تلعبه، وعلى أي مستوى. فهل يمكن اعتبارها شريكاً مساعداً في العملية التفاوضية؟

النقطة الثالثة:
في هذا السياق، يمكن فهم الأحاديث المتداولة حول تشكيل تحالف إقليمي من دول جنوب الخليج كجزء من هذه الجهود. وعلى الرغم من أن بعض التصريحات تشير إلى معارضة من بعض الدول العربية لهذه الفكرة، إلا أن قطر قد تكون قد كُلّفت من قِبل الأمريكيين بمهمة جديدة لدفع هذا المقترح إلى الأمام.

وإذا افترضنا أن الجانب الأمريكي قد توقف عن محاولة إقناع بقية الشركاء بالضغط باتجاه هذا المسار، فإن من الممكن تفسير مهمة قطر على هذا الأساس.

النقطة الرابعة:
من المحتمل أيضاً أن تكون قطر، بسبب احتمال فشل المفاوضات وتزايد التهديدات بعمل عسكري، ووقوع المنطقة في أتون حرب غير مرغوبة، قد شعرت بالخطر أكثر من غيرها في مجلس التعاون الخليجي، مما دفعها إلى محاولة إقناع كل من إيران وأمريكا بتفادي هذا السيناريو والسير على طريق الدبلوماسية.

وتتسق تصريحات ترامب بشأن قلق أمير قطر، وحضور وزير الخارجية القطري في طهران ولقاؤه بعراقجي ونظيره العُماني بدر البوسعيدي، مع هذا التوجه.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
ميدل ايست نيوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى