غاز الإقليم يوسع «الصدع» مع بغداد.. وتلويح بعودة أزمة الرواتب

يقول النائب السابق في البرلمان العراقي غالب محمد إن “العقود التي وقعتها حكومة الإقليم هي باطلة ومخالفة للقانون، وتسبب ضررا كبيرا لسكان الإقليم”.

ميدل ايست نيوز: أثار توقيع إقليم كردستان، اتفاقيات تخص استثمار الغاز مع شركات أمريكية، في واشنطن، من قبل رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، لغطا كبيرا، بين قانونية هذه الاتفاقيات ومخالفاتها لقرار المحكمة الاتحادية، وبين أصولها التي تعود لسنوات سابقة وتوقفت لأسباب مر بها البلد منها دخول تنظيم داعش.

وبين هذا الجدل، أجمع نواب ومراقبون من بعض القوى السياسية في الإقليم، على أن هذا التوقيع الجديد سيعيد أزمة الرواتب للواجهة، بعد توقعهم بامتناع الحكومة الاتحادية عن إرسالها لمستحقات الموظفين، نظرا لوجود عقود استثمار ستدر مليارات الدولارات للإقليم.

وحول هذا الأمر، يقول النائب السابق في البرلمان العراقي، غالب محمد، إن “العقود التي وقعتها حكومة الإقليم هي باطلة ومخالفة للقانون، وتسبب ضررا كبيرا لسكان الإقليم”.

ويضيف محمد، أن “العقود التي أبرمها مسرور بارزاني تخالف قرار المحكمة الاتحادية، وتعيد أزمة الرواتب للواجهة، لأن بغداد سترفض إرسال مبالغ الرواتب، لأن الاتفاق ينص على تسليم النفط بالكامل، ووضعه تحت إشراف شركة سومو”.

ويرى أن “حكومة الإقليم الحالية هي حكومة منتهية الولاية، وحكومة تصريف أعمال، ووجودها مخالف للقانون، كونها تجاوزت المدة القانونية، وبالتالي لا يحق لها إبرام العقود”، مضيفا أن “توقيع هذه العقود يؤكد حالة الفساد الذي تقوم به عوائل السلطة، وخاصة في الملف النفطي، وعلى الحكومة الاتحادية التحرك وإيقاف هذه العقود بشكل قانوني، والكف عن مجاملة الأحزاب الحاكمة في الإقليم، لأغراض انتخابية”.

وأشرف رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، في إطار زيارته الرسمية إلى واشنطن، على توقيع اتفاقيتين في مجال الطاقة مع شركتي النفط الأمريكيتين “HKN Energy” وWestern Zagros”، وذلك في مقر غرفة التجارة الأمريكية.

وتبلغ قيمة الاتفاقيتان، بحسب حكومة الاقليم، بعشرات المليارات من الدولارات، إلى تطوير قطاع النفط والطاقة وتعزيز البنية التحتية الاقتصادية في الإقليم.

ورفضت وزارة النفط الاتحادية هذه العقود، وأكدت في بيان لها، أن إدارة الثروات النفطية والغازية من اختصاص الحكومة الاتحادية فقط، استنادا إلى الدستور العراقي وقرارات المحكمة الاتحادية العليا، ووصفت العقود بأنها غير قانونية ومخالفة لأحكام القضاء، ورأت أن الثروات الطبيعية ملك لجميع العراقيين، ويجب أن يتم أي استثمار فيها بشفافية عبر الحكومة المركزية، لضمان تقاسم الإيرادات بما يخدم مصالح الجميع.

“العناد”

يذكر أن قرار المحكمة الاتحادية العليا، نص على إدارة الحكومة الاتحادية للنفط والغاز، وذلك عبر وزارة النفط الاتحادية، وفقا لأحكام القوانين النافذة، التي لا زال معمولا بها استنادا لأحكام المادة 130 من دستور جمهورية العراق لعام 2005، والقوانين التي شرعت لاحقا من قبل مجلس النواب العراقي .

كما قررت المحكمة الاتحادية العليا سابقا، ونظرا لمخالفة حكومة اقليم كردستان، الحكم للمدعي إضافة لوظيفته (وزارة النفط الاتحادية) بالحق في متابعة بطلان التعاقدات النفطية التي أبرمتها حكومة إقليم كردستان والمتمثلة بالمدعى عليه وزير الثروات الطبيعية مع الأطراف الخارجية دول وشركات بخصوص استكشاف النفط واستخراجه وتصديره وبيعه.

إلى ذلك، يبين الخبير المختص في الشؤون النفطية، والتدريسي في جامعة السليمانية، سالار عزيز، أن “استخراج وإنتاج النفط هو من اختصاص شركة سومو، فهي الملزمة بهذا الملف، والحديث عن عقود تخص الغاز، أبرمها إقليم كردستان فهو غير ممكن أيضا، لأن أغلب كميات الغاز تقع في محافظة السليمانية، وتحت سلطة الاتحاد الوطني الكردستاني، وبالتالي لا سيطرة لحكومة الإقليم على هذه الحقول”.

ويضيف عزيز أن “توقيع هذه العقود من قبل حكومة الإقليم مع الجانب الأمريكي، سيضر بالإقليم، وسيعرقل عملية تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي”، مبينا أن “تركيا تخشى من المحاكم الدولية، والقضايا المرفوعة ضدها، ولا تريد مخالفة قرار الحكومة العراقية أو تعاندها، وبالتالي موضوع التصدير عبر جيهان غير ممكن في الوقت الراهن، دون الاتفاق بين بغداد وأربيل”.

ويتابع أن “أزمة الرواتب ستعود للواجهة، وسترفض وزارة المالية الاتحادية إرسال مبالغ الرواتب، لآن حكومة الإقليم خالفت الاتفاقات، وخالفت قرار المحكمة الاتحادية، وتحدت القضاء واتجهت لإبرام اتفافيات بمفردها”.

يشار إلى أن وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كردستان، أكدت أن الاتفاقيتين ليستا جديدتين، بل نافذتان منذ سنوات، وجرى التعامل معهما وفق الأطر القانونية والدستورية، وشددت الوزارة على مشروعية العقود، مشيرة إلى أن هدفها الأساسي هو دعم قطاع الكهرباء في العراق عبر تعزيز إنتاج الغاز الطبيعي.

كما بينت في بيان لها، أن المحاكم العراقية سبق وأن أقرت بمشروعيتهما وقانونيتهما، ولا تشوبهما أي شائبة قانونية، وما طرأ من تغيير اقتصر فقط على الشركة المشغلة لهذه العقود والتي جرى التعاقد معها وفقا للإجراءات القانونية والتعاقدية المنصوص عليها في الاتفاقيات الموقعة سابقا.

“لا غبار عليها”

من جهته، يؤكد الخبير في الشأن الاقتصادي هيفيدار شعبان أن “اتفاقیة الطاقة بخصوص الغاز فی حقل میران تم التوقیع علیها عام 2015، ولیس بشيء جدید، وهي ضمن الأطر القانونية”.

ويتابع شعبان، المقيم في أربيل والمقرب من الحزب الديمقراطي الكردستاني، أن “العقد هو بقيمة 20 مليار دولار، لکن إذا تم الإنتاج بطاقة كاملة فی حقل غاز میران، فإن حجم إیراداته یساوي 110  مليار دولار، وما حصل هو سوء فهم ما بین حکومة إقلیم کردستان ووزارة النفط العراقية”.

ويوضح أن “الاتفاقية كانت في البدایة بین حكومة إقليم کردستان والشركة الأمريكية، وهذا سنة 2007، وتمت الموافقة علیها من قبل الحكومة العراقية، لكن بدأت الشرکة بإنتاج النفط عام 2015، حيث تم تجدید الاتفاقیة خصوصا في مجال إنتاج الغاز، لكن بسبب حرب داعش تأخر الموضوع، وهذا يعني أن الاتفاقية قانونية ولا غبار عليها”.

ويعد حقلا “ميران” و”توبخانه – كردمير”، ثروة كبيرة للعراق بالغاز، ومن المفترض أن يتم استثمار الحقلين لتعزيز الإنتاج المحل وتحسين قطاع الكهرباء، ويتراوح الغاز القابل للاستخراج في الحقلين بين 15 إلى 17 تريليون قدم مكعب، بينما يقدر الخزين الكلي (بما فيه الغاز غير القابل للاستخراج) بنحو 28 تريليون قدم مكعب.

“استهداف انتخابي”

إلى ذلك، يؤكد النائب في برلمان إقليم كردستان ريبوار بابكئي، أن “هذه الاتفاقيات ضمن الأطر الدستورية والقانونية”.

ويشدد على أن “أغلب من اعترضوا على هذه الاتفاقيات لم يقوموا أصلا بقراءة نص الاتفاقيات والإطلاع على تفاصيلها، وكان اعتراضهم لمجرد الاستهداف والتحريض ضد الإقليم”.

ويردف إلى أن “التحريض ضد الإقليم يزيد من شعبية الأحزاب والمرشحين للانتخابات، وبالتالي يحاولون استغلال الأمر، ولكن حكومة الإقليم لم تبرم هذه العقود إلا بعد استشارة مختصين في القانون، ومدى موافقتها مع الدستور العراقي، ولا توجد أي شائبة عليها”.

يشار إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية، أكدت بعد توقيع الاتفاقيات، على أنه “مثل هذه الشراكات من شأنها تعزيز إنتاج الغاز في العراق وتعود بالنفع على شعبينا”.

وسبق للخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، أشار في منشور له، أن هذه الخطوة تعد مخالفة لقرار المحكمة الاتحادية العليا، التي نصت على أن النفط والغاز من الأصول الاتحادية ويجب أن تتم إدارتهما من قبل الحكومة المركزية، وأكد أن هذه العقود الجديدة ستسهم في تأخير إعادة تصدير نفط الإقليم عبر خط جيهان التركي، الأمر الذي قد يؤثر سلبا على الإيرادات العامة.

ويقع حقل ميران، غرب مدينة السليمانية قرب الحدود الإيرانية، واكتشفته شركة “جينيل إنرجي”، ويقدر الغاز القابل للاستخراج منه بنحو 11.2 تريليون قدم مكعب، فيما يقع حقل توبخانه – كردمير، شمال شرق السليمانية، قرب حقلي خورملة وجمجمال، وقد شغلته شركة “جينيل إنرجي” قبل أن تتوقف الاستثمارات فيه لأسباب قانونية وسياسية، ويقدر الغاز القابل للاستخراج فيه بما بين 4 إلى 6 تريليونات قدم مكعب.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العالم الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 − خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى