العراق.. لماذا تخلت 12 شركة أجنبية عن الاستثمار في «ترانزيت الشرق الأوسط»؟

على بعد نحو 50 كلم شرقي ديالى تلوح أطلال مطار المنصورية العسكري الذي أنشئ في ثمانينيات القرن الماضي، ليشكل حلقة وصل بين مطارات عسكرية عدة قريبة من بغداد باتجاه الشرق.

ميدل ايست نيوز: على بعد نحو 50 كلم شرقي ديالى تلوح أطلال مطار المنصورية العسكري الذي أنشئ في ثمانينيات القرن الماضي، ليشكل حلقة وصل بين مطارات عسكرية عدة قريبة من بغداد باتجاه الشرق، كما يعد نقطة دفاعية وهجومية في آن واحد نظرا للمرونة العالية وإمكانية استقبال الرحلات الطارئة الخاصة بالقطاع العسكري بشكل عام، وفيما تعرض المطار بعد العام 2003 إلى عمليات نهب كباقي المواقع العسكرية، إلا أنه ما يزال يحافظ على المدرج والبنى التحتية التي تجعل من إعادة تأهيله ليست بالمعقدة.

ويقول عضو مجلس النواب السابق عبد الخالق العزاوي، إن “مطار المنصورية طرح كمشروع لتحويله إلى مطار مدني في العام 2012 مع تحسن الأوضاع الأمنية وانتقال ديالى من وضع إلى آخر أكثر انفراجة وتم بالفعل مفاتحة وزارة النقل التي أرسلت عدة فرق هندسية وفنية على مستوى عال مع خبراء من أجل إجراء تقييم ميداني”.

ويضيف العزاوي، أن “كل النتائج كانت تؤكد بأن تحويل المطار من عسكري إلى مدني وتطويره أمر ممكن لكن التمويل بقي حجر الزواية في القرار وتم إعلانه فرصة استثمارية وتقدمت 12 شركة أغلبها أجنبية ومن بينها أمريكية لاستثمار المطار، مما يدل على أهمية الموقع باعتباره يقع ضمن مسارات مرور مئات الرحلات الجوية من جنوب شرق آسيا باتجاه أوروبا وأفريقيا”.

ويشير إلى أن “المشروع توقف فجأة وكان هناك من يعرقل المضي به لأسباب غير معروفة على الرغم من أنه مشروع حيوي ويمكن أن يتحول إلى رديف لمطار بغداد الدولي نظرا لقرب المسافة مع العاصمة”.

وخلال السنوات الماضية، أعلنت العديد من المحافظات عن توجهها لإنشاء مطارات، ومنها محافظة كربلاء، ووفقا لهيئة الاستثمار، فإن من المخطط أن ينفذ على أربع مراحل، الأولى ثلاثة ملايين مسافر سنويا والثانية ستة ملايين مسافر والثالثة 12 مليون مسافر، والمرحلة الأخيرة 20 مليون مسافر، مبينة أن من المؤمل أن يفتتح أبوابه أمام المسافرين كمرحلة أولى في موعد أقصاه نهاية العام المقبل.

بدوره يقر النائب مضر معن، بأنه “تمت مفاتحة وزارة النقل عدة مرات حول ملف مطار المنصورية من أجل المضي في حل أي إشكالية تمنع تحويله إلى مطار مدني خاصة وأنه يتمتع بموقع مهم وفق الدراسات من قبل المختصين”.

ويؤكد معن، أن “المطار يمكن أن يتحول إلى ميناء جوي لنقل البضائع والمواد اللوجسيتية خاصة وأن ديالى تتحول إلى محافظة نفطية مع إحالة عدة حقول إلى شركات أجنبية وعربية وهناك خطط لبناء مدينة صناعية متكاملة قرب المنصورية أو ضمن حوض حمرين شرق ديالى وبالتالي يصبح المطار نافذة ديالى على العالم الخارجي”.

ويشير إلى أن “الجدوى الاقتصادية حاضرة في إنشاء المطار وعلى سبيل المثال بأن ديالى تستقبل سنويا قرابة نصف مليون زائر عبر منفذ المنذرية الحدودي مع إيران لأداء الزيارات الدينية وممكن أن يكون المطار نافذة للسياحة الدينية بشكل عام”.

ويشدد النائب في البرلمان، على “ضرورة أن تحسم وزارة النقل مصير مطار المنصورية باعتبارها الجهة المختصة لأننا نؤمن بأنه الأهم في قاطع شرق العراق وكل عوامل النجاح متوفرة”.

وكان وزير النقل السابق افتتح مطار كركوك الدولي، منتصف الشهر الماضي، ومن ثم بدأ المطار بتسيير الرحلات الدولية وخاصة مع تركيا.

وفي الأنبار تم وضع التصاميم الأساسية بالتعاون مع شركة تركية متخصصة في المطارات، واختيار موقع خارج مدينة الرمادي مركز المحافظة، بينما لم تكشف حكومة ميسان بعد عن التفاصيل المتعلقة بالمطار المقرر إنجازه في المحافظة.

إلى ذلك، يلفت عضو مجلس ديالى السابق صادق الحسيني، إلى أن “مطار المنصورية طرح في مناسبات عدة ولكون الأمر يتعلق بالحكومة الاتحادية ترك على عاتق وزارة النقل الاتحادية”.

ويشير الحسيني، إلى أن “التقارير التي أفرزتها اللجان الفنية في زياراتها المتكررة للمطار في السنوات الماضية كلها أشارت إلى أن تحويله إلى مطار مدني ليس أمرا مستحيلا وكل سبل نجاحه متوفرة خاصة المدرج وبعض البنى التحيتية الأخرى”.
وينوه إلى أن “مجلس ديالى دعم الملف أكثر من مرة ولكن القرار كان ضمن أسوار وزارة النقل في نهاية المطاف ولا نعرف أسباب تأخير إنجازه رغم أن ما سمعناه بأنه يقع ضمن جغرافية مهمة في خارطة مرور الخطوط الجوية العالمية من الشرق باتجاه أوروبا وأفريقيا”.

يذكر أن وزير النقل الأسبق كاظم فنجان الحمامي افتتح، في 10 آذار مارس 2017، مطار الناصرية الدولي وهبطت أول طائرة فيه، لكنه ما زال محليا فقط، ويشهد تعثرا في الرحلات بسبب ضعف إمكانياته، بينما انتهت أعمال إنشاء مطار كركوك الدولي في شباط فبراير 2021 ضمن خطة تشييد مطارات جديدة في البلاد، إلا أن المطار الذي يستهدف نقل نحو ثلاثة ملايين مسافر سنويا لم يعمل بسبب مشاكل فنية متعلقة بطلبات من سلطة الطيران المدني للشركة المستثمرة لإتمامها قبل السماح بعمل المطار كونها ملاحظات مهمة تتعلق بسلامة الرحلات.

من جانبه، يوضح رئيس مجلس قضاء المنصورية السابق راغب العنبكي، أن “وجود مطار في ديالى سيعزز من الآفاق الاقتصادية ويوفر فرص عمل، بالإضافة إلى أن المنصورية بيئة آمنة ومستقرة وإنشاء المطار نعتبره أولوية”.

ويردف العنبكي، أن “المنصورية بحاجة كبقية مناطق ديالى إلى مشاريع تنموية كبيرة مثل المطار ولا نعرف أسباب عدم المضي به طوال هذه السنوات”.

جدير بالذكر، أن العراق يمتلك خمسة مطارات دولية، هي بغداد والنجف وأربيل والسليمانية والبصرة، لكن محافظات ذي قار وكركوك والأنبار وميسان اتجهت إلى الإعلان عن مشاريع إنشاء مطارات جديدة، بعضها تمت الاستفادة فيها من مطارات عسكرية سابقة لتطويرها إلى مدنية.

وفي السياق، يشرح مصدر حكومي، فضل عدم ذكر اسمه، أن “الأوضاع الأمنية والسجالات السياسية عرقلت المضي في مشروع مطار المنصورية قبل العام 2014، وما بعدها بدأت الاضطرابات الأمنية المعروفة والتي ألحقت أضرارا واسعة بالمنصورية بسبب نشاط خلايا تنظيم داعش وبقي المشروع في أدراج المكاتب”.

ويختم بالقول إنه “حصل تحرك في العام 2021 من أجل المضي في دفع المشروع للأضواء، لكن أي جديد لم يحصل على الرغم من أن كل عوامل النجاح متوفرة، وهناك بالفعل جهود لطرحه على رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في زيارته إلى ديالى في أقرب فرصة من قبل بعض النواب”.

وكانت وزارة النقل قد أعلنت في كانون الثاني يناير 2018، أنها تسعى إلى إنشاء 8 مطارات جديدة عبر الاستثمار في ثماني مناطق هي ميسان والحبانية والكوت وديالى وبابل وصلاح الدين وكركوك والناصرية، على أن يستثنى مطار الموصل، الذي اعتبرت الوزارة تأسيسه من مسؤولية الدول المانحة لإعمار المدن المحررة من تنظيم داعش، لكن هذه المشاريع لم تر النور حتى الآن.

 

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العالم الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تسعة عشر − اثنا عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى