“كلوب هاوس” في إيران.. إقبال واسع تحت تهديد الحظر

الحظر الذي يطاول الكثير من شبكات التواصل الاجتماعي يدفع المستخدمين الإيرانيين الانتقال إلى المنصات الاجتماعية الأخرى، بحثاً عما هو الأسهل للتواصل مع بعضهم البعض.

ميدل ايست نيوز: الإيرانيون هم من الشعوب الأكثر تفاعلاً على مواقع شبكات التواصل الاجتماعي، لكن هذا التفاعل ليس سهلاً، بل تعتريه صعوبات على خلفية الحظر الذي يطاول الكثير من هذه الشبكات، وهو ما يدفع المستخدمين الإيرانيين، وهم يقدّرون بعشرات الملايين إلى الانتقال إلى المنصات الاجتماعية الأخرى، بحثاً عما هو الأسهل للتواصل مع بعضهم البعض. هنا يحضر تطبيق “كلوب هاوس” الحديث.

بين الحوارات والحظر

“كلوب هاوس” هو منصة اجتماعية جديدة للدردشة الصوتية تأسست عام 2020. وعلى الرغم من أن وقتاً كثيراً لم يمض على تأسيسه، لكنه بات ينتشر في إيران على نطاق واسع (على غرار انتشاره حول العالم هذا العام)، ليشهد إنشاء الإيرانيين ووسائل الإعلام الإيرانية غرفاً حوارية على هذه المنصة التي تواجه إقبالاً متزايداً، خاصة بعد انضمام شخصيات رسمية بارزة إلى هذه الغرف والمشاركة في الحوارات التي تجري فيها.

من هذه الشخصيات، وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، ورئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، ونائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري، الذي شارك في برنامج حواري على غرفة موقع انتخاب بـ”كلوب هاوس”، السبت الماضي.

يشارك الإيرانيون من مختلف التوجهات الفكرية والسياسية، الإصلاحية أو المحافظة أو المعارضة، من الداخل والخارج في هذه البرامج الحوارية المهمة التي تتناول القضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية الساخنة، فيتبادلون الآراء ويطرحون أسئلتهم على الضيف من دون رقابة أو وساطة.

وفي معظم هذه البرامج، يكون وزير الاتصالات الإيراني، محمد جواد آذري جهرمي ضيفاً ثابتاً، وهو من المسؤولين الأكثر دعماً لهذه المنصات ويتعرض لانتقادات واسعة من أوساط محافظة متشددة تدعو إلى تشديد القيود على شبكات التواصل الاجتماعي.

توقعات بحظر كلوب هاوس في إيران بعد الانتخابات

لكن هذا التطبيق، بعد ما سجّل إقبالاً واسعاً بين الإيرانيين، يتهدده الحظر، وهو ما يشي به الخلل الذي تسببت به بعض المشغلات في الوصول إلى “كلوب هاوس” خلال الأسابيع الأخيرة، الأمر الذي اعتبرته وزارة الاتصالات الإيرانية “تصرفًا غير قانوني”.

وعليه، فرضت الحكومة الإيرانية غرامة على هذه الشركات تصل إلى 50 مليار تومان (أكثر من مليوني دولار) يوميا مع إجبارها على رفع الخلل. لكن وكالة “إرنا” الإيرانية، كشفت في تقرير لها أنّ محكمة “العدل” الإدارية التابعة للسلطة القضائية، أوقفت بشكل مؤقت تنفيذ قرار الحكومة، ما يعني أن الإخلال في الوصول إلى هذا التطبيق سيستمر مع وقف تنفيذ الغرامة على المشغلات.

ورفع قرار محكمة “العدل” الإدارية نسبة احتمال لجوء السلطات لحظر هذه المنصة الجديدة مستقبلاً، لكن ثمة مراقبين يستبعدون أن يتم ذلك قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية، المزمع عقدها يوم 18 يونيو/حزيران المقبل. وما يشير أيضاً إلى احتمال حظر “كلوب هاوس” هو تصريحات لمسؤولين معنيين في أجهزة الرقابة على العالم الافتراضي بشأن وجود إمكانية لتوطين هذه المنصة.

شعبية متزايدة

عن تجربته في تأسيس الغرف الحوارية على منصة “كلوب هاوس”، يقول مدير موقع “انتخاب” الإيراني الإصلاحي، مصطفى فقيهي، وهو المستشار الإعلامي للرئيس الإيراني الراحل هاشمي رفسنجاني، إن الموقع أسس “طاولة مستديرة” على المنصة ونظّم ثلاث جلسات حوارية مع كبار المسؤولين في الحكومة، فضلاً عن جلسات أخرى مع الناشطين الإعلاميين والسياسيين والمواطنين العاديين.

كانت أول جلسة حوارية لغرفة “انتخاب” على “كلوب هاوس” مع رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، قبل نحو شهر، بحسب فقيهي، الذي يشير إلى أن الطاقة الاستيعابية للغرفة، امتلأت بعد انضمام 8 آلاف شخص، ما دفعهم إلى فكرة تأسيس غرف موازية لمتابعة الحوارات.

يقول فقيهي إن صالحي واجه لأول مرة في هذا الحوار العام الذي استمر لأربع ساعات، وابلاً من الأسئلة من المراسلين الإيرانيين والأجانب والمواطنين العاديين، سواء من المؤيدين للبرنامج النووي الإيراني أو المنتقدين له. ويضيف أنه لم يسبق أن واجه المسؤول الإيراني أسئلة صريحة كتلك التي واجهها خلال هذا الحوار في انتقاد البرنامج النووي، وهو رد على كلها “بصبر وأدلة”. فإجابات صالحي، أثارت إشادات له على شبكات التواصل الاجتماعي، كما يقول فقيهي، الذي يضيف أن البعض بعدها طرح فكرة ترشيحه للانتخابات الرئاسية في إيران، المزمع عقدها خلال الشهر المقبل.

الحوار الآخر لغرفة “انتخاب” على “كلوب هاوس” كان مع فائزة هاشمي نجلة الرئيس الراحل هاشمي رفسنجاني، والذي أثار جدلًا كبيرًا في البلاد لانتقاداتها الحادة للسياسات الرسمية. وبحسب مدير موقع “انتخاب”، فإن 110 آلاف شخص تابعوا هذا الحوار على “كلوب هاوس” و”تويتر” و”إنستغرام”. كان لمقابلة فائزة صدى كبير في وسائل الإعلام الإيرانية والأجنبية، وأثارت هجمات بين التيار المحافظ ضدها، وجرى بينها وبين عدد من السائلين نقاش حاد.

ويوضح فقيهي أن غرفة “انتخاب” نظمت “حوارا ناجحا” آخر قبل عدة أيام مع نائب الرئيس الإيراني، إسحاق جهانغيري، تحول ما ورد فيها إلى مانشيتات الصحف ووكالات الأنباء الإيرانية.

وعن سرّ إقبال الإيرانيين على المنصة الجديدة، يقول مدير موقع “انتخاب” لـ”العربي الجديد” إن “كلوب هاوس” يوفر فرصة لإجراء حوار متعدد الأطراف تتضارب فيه الآراء أكثر من غيرها، مشيرًا إلى أن ذلك يأتي “بعدما تحولت الإذاعة والتلفزيون الإيرانيان إلى منبر من جانب واحد”.

ويضيف أن “العمل من خلال كلوب هاوس أسهل والمستخدم بإمكانه إنجاز أعماله وفي الوقت نفسه الاستماع إلى الحوار في الغرف الحوارية بالمنصة، كما أن ما يميزها عن بقية المنصات أنها دردشة صوتية وهذا جعلها الأكثر جذابية والأقل استهلاكا للإنترنت”.

ويوضح فقيهي أن السبب الآخر وراء إقبال الإيرانيين على “كلوب هاوس” هو أنه يمكن وضع الهاتف النقال جانبًا والاستماع إلى الدردشة الصوتية، خلافاً لـ”تيليغرام” الذي يعتمد على النصوص المكتوبة و”إنستغرام” المعتمد على الصور والمقاطع المصورة، فالمتابعة في كلتا المنصتين، تستدعي أن يكون الهاتف أمامك ومشاهدته، بينما في “كلوب هاوس” الأمر مختلف تماماً.

وفي معرض الرد على سؤال بشأن احتمالات حظر “كلوب هاوس” في إيران، يربط فقيهي الأمر بنتائج الانتخابات الرئاسية وهوية الرئيس القادم، مرحجاً أن يتم حظره وفق وجهة نظره، ومشيراً إلى قيام ثلاثة مشغلات في البلاد بحظر “كلوب هاوس” بشكل أو آخر في معارضة لقرار صادر عن الحكومة، الذي علّقت محكمة “العدل” الإدارية تنفيذه مؤقتا لصالح تلك المشغلات.

تطبيقات محظورة

بحسب بيانات “نفين هاب” لرصد شبكات التواصل الاجتماعي في إيران، فإن تطبيقي “واتساب” غير المحظور و”تيليغرام” المحظور في إيران منذ 2018 هما الأكثر شعبية بين الإيرانيين، حيث يصل عدد المستخدمين الإيرانيين للتطبيقين إلى أكثر من 47 مليون شخص لكل منهما وذلك من أصل 85 مليونا عدد الإيرانيين. ومنصة “إنستغرام” هي الثالثة في الشعبية في البلاد بـ 44 مليون مستخدم إيراني، والتي تتصاعد الدعوات لحظرها. كما أن “فيسبوك” و”تويتر” المحظورتين تليان قائمة الشبكات الاجتماعية الأكثر انتشارًا في إيران بعد المنصات الثلاث المذكورة.

شكّلت السلطات الإيرانية مجموعة “تحديد المضامين الجرمية” التي تشرف على العالم الافتراضي والمضامين التي تنشر من خلاله عام 2009، على أعقاب إقرار مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في إيران قانون “الجرائم الإلكترونية”، وفق المادة الـ22 من القانون. ويشرف على المجموعة المدعي العام الإيراني.

وتتكون مجموعة “تحديد المضامين الجرمية” من 13 عضواً، هم 6 من السلطة التنفيذية (وزراء)، وبرلمانيّان، والمدعي العام ورئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، وقائد قوات الأمن الداخلي (الشرطة) ورئيس “منظمة الإعلام الإسلامي” ومندوب الأمانة العامة للمجلس الأعلى للثورة الثقافية في البلد.

وبالإضافة إلى مجموعة عمل “تحديد المضامين الجرمية”، يرسم “المجلس الأعلى للعالم الافتراضي” السياسات العليا في البلد في ما يتعلق بهذا العالم، وضمنه شبكات التواصل الاجتماعي، وقد شكّله المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي عام 2011. ويتكون المجلس من أعضاء اعتباريين وأعضاء حقيقيين، ومن بينهم رؤساء السلطات الثلاث في إيران، بالإضافة إلى رؤساء مؤسسات سيادية أخرى.

 

قد يعجبك:

تطبيق Clubhouse، عامل مؤثر جديد في الانتخابات الرئاسية الإيرانية

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

10 − ثمانية =

زر الذهاب إلى الأعلى