وفاة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم

توفي المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم أثر سكتة قلبية مفاجئة عن عمر 85 عاماً.

ميدل ايست نيوز: توفي المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم أثر سكتة قلبية مفاجئة عن عمر 85 عاماً.

وتوفي المرجع الراحل في مستشفى الحياة في مدينة النجف الأشرف.

وهو السيد محمد سعيد نجل آية الله السيد محمد علي بن السيد أحمد بن السيد محسن بن السيد أحمد بن السيد محمود بن السيد إبراهيم (الطبيب) بن الأمير السيد علي الحكيم ابن الأمير السيد مراد الطباطبائي.

يرقى نسبه الشريف إلى إبراهيم طباطبا(6) بن إسماعيل الديباج(7) بن إبراهيم الغمر(8) بن الحسن المثنى(9) بن الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام).

وهو السبط الأكبر لسيد الطائفة ومرجعها الإمام السيد المحسن الحكيم (أعلى الله مقامه) كما أن السيد المعظم (قدس سره) خال والد المرجع الراحل {قدس}.

وولد في مدينة النجف الأشرف، في الثامن من شهر ذي القعدة الحرام عام 1354هـ الموافق 1936م.

لقد حظي منذ نعومة أظفاره برعاية والده رعاية واهتماماً بالغين، وذلك لما وجده في ولده الأكبر من الاستعداد والقابلية على تلقي العلم والتعمق و التنظير لمباحثه ، فوجهه والده نحو ذلك، وهو بعد لم يتجاوز العقد الأول من عمره، وزرع في نفسه من سجايا الخلق المرضي والشمائل النبيلة ما انعقدت عليها سريرته وبدت بارزة في شخصيته.

وكان مما امتازت به مراحل الشباب عند السيد الحكيم صحبة الأفذاذ من الشخصيات العلمية ممن كان والده يعاشرهم ويجالسهم أمثال الأستاذ الكبير آية الله العظمى الشيخ حسين الحلي (قدس الله نفسه الزكية)، الذي كان له أستاذا وأباً روحياً، وخاله الورع آية الله السيد يوسف الطباطبائي الحكيم (قدس سره) وآخرين من العلماء الاعلام.

وقد أدرك السيد الجليل من خلال تجربته الاجتماعية القاسية ما حلّ بالنجف الأشرف وحوزتها العلمية من التحديات والمصاعب، والفقر الشديد، ووعى المسؤوليات التي ينبغي تحملها لصد الهجمات العنيفة التي وجهها الاستعمار الحديث وفي طليعته الاحتلال البريطاني، ومن يتعامل معه من الحكومات التي كانت تحكم العراق يومذاك، وأذنابهم واتباعهم الذين جاءوا بالمفاهيم المستوردة وكانت غايتهم إلغاء الدين ومحاربة القيم العليا والمقدسات.

وفيما كانت الحوزة العلمية في النجف تعيش المعاناة والاضطهاد فقد وجدنا المرجع الحكيم قد نذر نفسه ليخطو في مسيرة قاسية، يذلل فيها الصعاب لخدمة مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، وعرف في الأوساط العلمية في النجف بمناقشاته الجادة وآرائه ومبانيه المستقلة من دون أن يكون ظلاً وتابعاً لقناعات أساتذته ونظرياتهم ،الأمر الذي جعله متميزاً بين أقرانه، بسبب استحكام أسس البناء العلمي الرصين الذي هيأ له المكانة السامية التي بلغها بجدارة وكفاءة.

أساتذته

ومن هذا المنطلق يمكننا أن نعد أساتذته ـ الأساسيين ـ بالترتيب التالي:

1 ـ والده المعظم سماحة آية الله السيد محمد علي الطباطبائي الحكيم {قدس}، حيث باشر تدريسه من أول المقدمات في اللغة والنحو والمنطق والبلاغة والاصول والفقه حتى أنهى على يديه جلّ دراسة السطوح العالية.

2 ـ جده مرجع الطائفة الأكبر الإمام السيد محسن الطباطبائي الحكيم، حيث حضر لديه جملة وافرة من أبواب الفقه، وكتب من ذلك ما يأتي في تعداد مؤلفاته.

3 ـ أستاذ الفقهاء والمجتهدين آية الله العظمى الشيخ حسين الحلي، حيث حضر لديه في علمي الفقه والأصول، (كما تقدم وكتب تقريرات درسه).

4 ـ مرجع الطائفة الراحل آية الله العظمى المحقق السيد الخوئي، حيث حضر لديه في علم الأصول لمدة سنتين، وكتب من ذلك ما يأتي عند الحديث عن مؤلفاته.

وللمرجع الراحل محمد سعيد الحكيم {قدس} عشرات المؤلفات في أصول الفقه والعقائد والتأريخ وغيرها.

وتعرض المرجع الراحل للاعتقال في عام 1991 من قبل زمرة البعث وقبلها وكان يواجه بصلابة ضغوط النظام آنذاك على العلماء والأفاضل لإظهار تأييد الحوزة العلمية له، بل كان يشجع على مواجهة تلك الممارسات الاجرامية مهما كلف من ثمن.

تنوع نشاط المرجع الراحل بين تدريس فضلاء السادة خاصة انّ العديد من المعتقلين من السادة آل الحكيم كانوا طلاّب درسه ـ البحث الخارج ـ قبل الاعتقال فابتدأ سماحته درسين على مستوى البحث الخارج احدهما في الفقه والآخر في علم الأصول.

كما اهتم بإحياء المناسبات الدينية بإلقاء المحاضرات الثقافية العامة التي كان لها تأثير كبير في تلك الظروف القاسية، وكذلك تصديه للإجابة على المسائل العلمية المتنوعة.

وعزى رئيس الجمهورية برهم صالح، اليوم الجمعة، بوفاة المرجع الكبير آية الله العظمى السيِّد محمد سعيد الحكيم.

وقال الرئيس صالح في بيان: “بمزيدٍ من التسليم والرضا بقضاء الله تعالى وقدره، تلقينا نبأ وفاة المرجع الكبير آية الله العظمى السيِّد محمد سعيد الحكيم (قدَّس الله نفسه الزكية).

وأضاف: “لقد كان سماحة السيِّد الحكيم علماً من أعلام الأمَّة الإسلامية الذين قرنوا العلمَ بالعمل في ترسيخ قيم العدل والإيمان والمحبَّة والسلام، بصبرٍ جميل وجهادٍ طويل، برغم المحن العسيرة التي أحاطت به، عبرَ مسيرته العلمية الجهادية الشريفة”.

وتابع الرئيس صالح: “بهذا المصاب الجلل نعزِّي الأمة الإسلامية والمراجع العظام وأسرة آل الحكيم الكرام، سائلين الله عزَّ وجل أن يُعظِّمَ أجرهم ويُحسنَ عزاءَهم، وأن يتغمَّده بواسع رحمته ويُسكنه فسيحَ جنَّاته، وأن يحشره مع سلفه من المراجع العظام والعلماء الأعلام والأئمة الأطهار، وحَسُن أولئك رفيقا”.

من جانبه عزى رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، اليوم الجمعة، بوفاة المرجع الكبير آية الله العظمى السيِّد محمد سعيد الحكيم، فيما أكد أن المرجع بذل سنوات عزيزة من عمره بالجهاد ضد الطاغية.

وقال الكاظمي في بيان تلقته وكالة الأنباء العراقية (واع): “بقلوب يعتصرها الألم، وتلوذ بالرضا والقبول بقضاء الله جلّ وعلا الذي لا رادّ له، ننعى إلى الأمة الإسلامية وأبناء الشعب العراقي كافة، رحيل سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم، فإنا لله وإنا إليه راجعون”.

وأضاف: “إلى مقام المرجعية الرشيدة والحوزة العلمية المباركة وآل الحكيم الكرام، نرفع كلمات العزاء والمواساة وسؤال اللطف بهم في هذا المُصاب”.

وتابع الكاظمي: “لقد فاضت روح العالم الجليل إلى خالقها بعد عُمرٍ قضاه في خدمة العِلم والفقه والدرس والاجتهاد والتوفيق بين قلوب المسلمين، وقد بذل سنوات عزيزة من عمره المبارك في الجهاد ضد الطاغية وتعذّب في سجونه أشد عذاب، وبذل جهده ومضناه في جمع الأمة إلى كلمة سواء كما أرادت الرسالة المحمدية السمحاء، مثلما ترك فينا تراثاً غنياً من التسامح والمحبّة وخدمة جميع العراقيين، يدعونا للاعتزاز والاستذكار الطيّب لقادم الأجيال، وهو خير مصداق لما قاله أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: “الْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ، أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، أَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ”.

وختم الكاظمي: “دعاؤنا أن يتقبل الباري صالح أعمال الراحل الكبير، وأن يهيئ له من أمره رشداً، وأن يلهم ذويه ومحبيه وسائر المسلمين الصبر والسلوان”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر − 7 =

زر الذهاب إلى الأعلى