ما العوامل الخارجية التي تعيق المفاوضات النووية بفيينا؟

أعلنت الخارجية الإيرانية -تعقيبا على تعليق المحادثات- أن أي عامل خارجي لن يؤثر على الرغبة المشتركة في التوصل إلى اتفاق.

ميدل ايست نيوز: بعد نحو شهرين من تأكيد أطراف المفاوضات النووية في فيينا، بأن التوصل إلى اتفاق بات وشيكا، أعلن مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل يوم الجمعة تعليق المفاوضات “نظرا لعوامل خارجية”.

من جانبها، أعلنت الخارجية الإيرانية -تعقيبا على تعليق المحادثات- أن أي عامل خارجي لن يؤثر على الرغبة المشتركة في التوصل إلى اتفاق.

وكتب المتحدث باسم الخارجية سعيد خطيب زاده -في تغريدة على تويتر- أن توقف المحادثات قد يشكل دافعا لحل أي مسألة متبقية والعودة النهائية لاتفاق 2015.

وعقب إعلان تعليق المفاوضات، اتجهت أنظار الإيرانيين إلى الجارة الشمالية روسيا، باعتبارها أبرز “العوامل الخارجية” التي أعاقت التوقيع على “النص النهائي الذي بات جاهزا تقريبا ومعروضا على الطاولة”، وفق بوريل.

ثالوث روسي أميركي إيراني

وفي السياق، يصنف أستاذ العلاقات الدولية في جامعة طهران محسن جليلوند، المطالب الروسية بأنها الضلع الأكبر في ثالوث العوامل الرئيسية التي جمدت المفاوضات مؤقتا، وأضاف “تقريبا لكل أطراف الاتفاق النووي الموقع عام 2015 مطالب لم تعلن في وسائل الإعلام، إلا أن العقوبات القاسية التي فرضت مؤخرا على روسيا أخرجت مطالب موسكو إلى العلن”.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد طالب بضمانات أميركية بعدم تأثير العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، على تعاونها مع طهران في إطار الاتفاق النووي.

وكشف جليلوند عن مطالب إيرانية عرضت مرة أخرى خلال زيارة كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني إلى فيينا، مضيفا أن مطالب طهران تركز على ضرورة رفع الجانب الأميركي العقوبات الاقتصادية التي تنضوي تحت عباءة قانون “كاتسا” (CAATSA) وهو قانون مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات.

ويعود ثالث العوامل الخارجية إلى الولايات المتحدة وامتناعها عن تقديم ضمانات شفافة بشأن رفع العقوبات عن صادرات النفط الإيراني، وفق جليلوند، الذي كشف كذلك عن ضمانات أميركية شفوية بغض البصر عن تصدير النفط الإيراني لا سيما عقب الأزمة الأوكرانية.

عوامل ثانوية مهمة

ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة طهران، بأن الإعلان عن احتجاز الولايات المتحدة شحنتي نفط إيرانية ساهم سلبيا في تعليق المفاوضات، موضحا أن واشنطن تريد استخدام العقوبات الاقتصادية كعصا لمعاقبة طهران حيث تشاء، وهذا ما يبرر الإصرار الإيراني على رفع العقوبات الاقتصادية بشكل شفاف مقرونا بضمانات.

وكعادتهم يبحث الإيرانيون عن الكيان الإسرائيلي أينما تحدث مشكلة تضر بمصالحهم الوطنية؛ إذ يرى جليلوند في زيارة رئيس الوزراء نفتالي بينيت إلى روسيا وتزامنها مع الهجوم الإسرائيلي الأخير على أهداف إيرانية في ريف دمشق، تنسيقا بين تل أبيب وموسكو.

وخلص إلى أن إطالة أمد مفاوضات فيينا تفتح الباب على مصراعيه لعرض مطالب من قبل الأطراف المشاركة فيها على غرار روسيا، وختم بالقول إن المحادثات المباشرة بين إيران والولايات المتحدة أثبتت جدارتها في حلحلة القضايا العالقة كما توجت في عام 2015 بتوقيع الاتفاق النووي.

رب ضارة نافعة

ورغم تأثير الشرط الروسي في تعثر مفاوضات فيينا، فإن شريحة من الإيرانيين تتفهم مطالب الحليف الروسي من الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية، مؤكدة أنه لا ضغوط روسية على طهران في المفاوضات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي.

وفي السياق، يقول الباحث الإيراني في الشؤون الدولية حنيف غفاري، إن الاتفاق النووي يشكل متغيرا مستقلا لإيران وليس تابعا للتطورات الإقليمية والدولية، موضحا أن المطالب الروسية ترمي إلى موازنة القوى في خلافها مع حلف الناتو والحرب في أوكرانيا.

ويرى غفاري أن السياسة الأميركية والأوروبية وتنسيقهما مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية للضغط على إيران في ملفها النووي، تشكل أبرز العوامل الخارجية التي أدت إلى تعليق مفاوضات فيينا.

وأضاف أن المماطلة الغربية في تلبية المطالب الإيرانية لا سيما رفع جميع العقوبات وتقديم الضمانات، إلى جانب المطالب الغربية الرامية إلى تقييد البرنامج النووي أكثر فأكثر، كادت تخرج المفاوضات من مسارها وتفقدها أهميتها، ما أدى إلى تعقيد المفاوضات وتراجع الحماس لإنجاحها.

ووصف الحديث عن جهوزية مسودة الاتفاق أنه يندرج في إطار الحملات الإعلامية والعمليات النفسية الغربية، وأوضح أن طهران باعتبارها طرفا رئيسا في المفاوضات تنفي حلحلة بعض القضايا الشائكة مع الجانب الأميركي.

قضايا لا تزال عالقة

وعبر غفاري عن أمله في أن يشكل تعليق مفاوضات فيينا دافعا لحلحلة القضايا التي لا تزال عالقة. وخلص إلى أن تحميل روسيا كامل مسؤولية تعليق المفاوضات أمر غير منطقي، وكان الأجدر بالجانب الغربي أن يتساءل عن سبب إطالة هذه المفاوضات التي انطلقت قبل نحو عام، على حد تعبيره.

ومن فیینا، علق مستشار الوفد الإيراني المفاوض محمد مرندي، على تعليق المفاوضات وكتب على تويتر أن “القرصنة الأميركية ومصادرتها سفينتي شحن نفط إيراني، وبقاء اللوائح الإرهابية، والمطالب الأميركية الجديدة، وكذلك عدم إخراج معظم الشركات والأفراد من نظام العقوبات الأميركية، هذه مشكلات أساسية يجب معالجتها”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة عشر + ستة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى