واشنطن وطهران تتقدمان نحو اتفاق نووي لكن العقبات لا تزال قائمة
كانت ارتفعت التوقعات بحدوث انفراجة وشيكة مع استجابة واشنطن وطهران لاقتراح «نهائي» من الاتحاد الأوروبي من شأنه تخفيف العقوبات على اقتصاد إيران.
ميدل ايست نيوز: وفقا لمسؤولين مطلعين على المحادثات، فإن الولايات المتحدة وإيران لا تزالان على خلاف بشأن التفاصيل الرئيسية لاتفاق ناشئ لإحياء الاتفاق النووي التاريخي، وقد يستغرق حل خلافاتهما عدة أسابيع ــ حسب تقرير لصحيفة الشرق الأوسط.
وكانت ارتفعت التوقعات بحدوث انفراجة وشيكة مع استجابة واشنطن وطهران لاقتراح «نهائي» من الاتحاد الأوروبي من شأنه تخفيف العقوبات على اقتصاد إيران، بما في ذلك صادرات النفط، في مقابل تقليص برنامجها النووي المتقدم.
وقال مسؤول أوروبي رفيع المستوى إن الجانبين لم يكونا قط أقرب من الآن إلى إعادة صياغة اتفاقهما لعام 2015، مكررا تعليقات أحد كبار مستشاري إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
مع ذلك، قال مسؤولان آخران على علم بالمفاوضات إن الصدام مستمر حول تحقيق المراقبين الدوليين في الأعمال النووية السابقة لإيران، والتعويضات الاقتصادية التي طالبت بها طهران في حال انسحاب حكومة أميركية مستقبلية من الاتفاق، كما فعل الرئيس دونالد ترمب قبل أربع سنوات.
ويراقب تجار النفط والغاز المحادثات من كثب، ويواجه السياسيون ردود فعل شعبية عارمة، حيث تؤدي أسعار الطاقة المرتفعة إلى تصاعد التضخم حول العالم. ويمكن أن يؤدي الاتفاق إلى إطلاق ملايين البراميل من النفط والمنتجات المكررة التي خزنتها إيران منذ إعادة إدارة ترمب فرض العقوبات الأميركية عام 2018.
على الرغم من أن الأطراف المشاركة في المحادثات لم تُعلق علنا على تفاصيل التطورات الأخيرة، فإن هناك شعورا بأن طهران تواجه ضغوطا لتقديم المزيد من التنازلات. هذا، وقد رفضت الولايات المتحدة، الشهر الحالي، طلبا إيرانيا برفع قوات النخبة الإيرانية من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أول من أمس الجمعة أثناء زيارة إلى الجزائر: «الكرة الآن في ملعب إيران».
وأقر متحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض بأنه لا تزال هناك ثغرات في المحادثات، وقال إن الولايات المتحدة تواصل التفاوض. وأضاف المتحدث أن أجهزة الطرد المركزي الايرانية سوف تُزال، وأنه حتى إذا تخلت إيران عن الاتفاق فسوف تحتاج إلى ستة أشهر أخرى لمواصلة السعي لامتلاك سلاح نووي.
وأعلنت إيران يوم الأربعاء الماضي أنها تستعرض استجابة الولايات المتحدة لخطة الاتحاد الأوروبي، وسوف تُعلق عليها فور الانتهاء من التقييم. ولم تُفصح عن مزيد من التفاصيل سوى الإشارة إلى أنه من المحتمل استمرار المداولات جيئة وذهابا.
تعقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي يحقق مفتشوها في آثار اليورانيوم المكتشفة في عدة مواقع إيرانية غير مُعلنة منذ أكثر من ثلاث سنوات، اجتماعين رئيسيين في سبتمبر (أيلول) المقبل يحضرهما مسؤولون كبار من جميع الأطراف المعنية باتفاق عام 2015 الأصلي: الصين وفرنسا وألمانيا وإيران وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي إن إيران بحاجة إلى الإجابة عن أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإن الولايات المتحدة لا تتوانى في دعم استقلال الوكالة.
وبرز تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية كنقطة خلاف رئيسية، وربما عقبة، أمام إحراز تقدم خلال الأسابيع الأخيرة. لكن رافاييل ماريانو غروسي، المدير العام للوكالة، رأى هذا الأسبوع خلال مقابلة على قناة «بي بي إس» أن التوصل إلى قرار بشأن التحقيق أمر ممكن.
وقال الدبلوماسي الأرجنتيني: «سوف نصل إلى هناك»، مضيفا أن إحياء الاتفاق النووي من شأنه أن يسمح لمراقبي الوكالة باستئناف عمليات المراقبة الموسعة وتنفيذ إجراءات التفتيش المفاجئ.
تريد إيران أن ترى كيف يتعامل مجلس محافظي الوكالة مع التحقيق خلال اجتماع يستمر لمدة أسبوع ويُعقد بتاريخ 12 سبتمبر في فيينا. وقال مسؤولون في حين أنه من غير المرجح أن تتخلى الوكالة الدولية عن ذلك كليا، فقد يتمكن المحققون من إتمام عملهم في إطار الاتفاق النووي.
وكان مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة قد ارتفع حجم مواده بشكل مطرد منذ انسحاب الولايات المتحدة من «خطة العمل الشاملة المشتركة».
إذ إن إيران ردت على انسحاب ترمب بتوسيع تخصيبها لليورانيوم على نطاق كبير، فأنتجت مواد أقل بقليل من مستويات النقاء المطلوبة للرؤوس الحربية النووية. وتنفي طهران أن برنامجها النووي يهدف إلى إنتاج أسلحة، لكن تقدمها يثير قلق الخصوم في المنطقة بما في ذلك إسرائيل التي تعارض إبرام اتفاق جديد تقول إنه سوف يعزز طهران عسكريا في نهاية المطاف.
ونفذت الولايات المتحدة هذا الأسبوع ضربات جوية في شرق سوريا ضد جماعات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني إثر إطلاق صواريخ على قاعدتين تتمركز فيهما القوات الأميركية. جدير بالذكر أن إيران حليف رئيسي للرئيس السوري بشار الأسد.
نفت إدارة بايدن أن تكون ضرباتها الجوية ذات صلة بالمحادثات. وقد تصاعدت في الماضي الهجمات الإقليمية من قبل إيران ووكلائها خلال فترات من التوترات المتصاعدة بشأن المفاوضات النووية، على الرغم من أن الأسابيع الأخيرة كانت هادئة نسبيا.
حتى إن وافقت واشنطن وطهران على إحياء الاتفاق، فإن تنفيذه يشكل تحديا، وفقا للمسؤول الأوروبي، ما يعني ضمنا أن عودة إيران الكاملة إلى أسواق النفط سوف تستغرق شهورا.
هذه مشكلة بالنسبة إلى المسؤولين الأميركيين الذين يسيرون على حبل التفاوض المشدود. إن أي تنازلات إضافية يتم تقديمها لإيران تزيد من احتمال إثارة مراجعة جديدة بين أعضاء الكونغرس المشككين من الحزبين الكبيرين.
وقد تمتد هذه القضية إلى انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) حين تجازف إدارة بايدن بفقدان السيطرة على مجلس الشيوخ، وبصورة خاصة ما إذا كان من المفترض أن يسفر الاتفاق عن توصيل الغاز بأسعار أقل إلى المستهلك الأميركي.