الاحتجاجات في إيران: اتهامات للغرب باستهداف قطاع التعليم ووعيد بإجراءات ضد أي عقوبات أوروبية

لا يزال التوتر يتصاعد بين إيران والغرب على خلفية مواقفه الأخيرة من الاحتجاجات الواسعة المندلعة منذ 17 سبتمبر/أيلول الماضي.

ميدل ايست نيوز: لا يزال التوتر يتصاعد بين إيران والغرب على خلفية مواقفه الأخيرة من الاحتجاجات الواسعة المندلعة منذ 17 سبتمبر/أيلول الماضي إثر وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني بعد أن أوقفتها الشرطة بسبب حجابها.

ويوم الأربعاء، أكد الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في مقابلة تلفزيونية أفاد بها موقع “العربي الجديد“، أنه أصدر بعد وفاة مهسا أميني أوامر للأجهزة المعنية بمتابعة الموضوع “بشكل جاد ودقيق”، مضيفاً أنّ لجنة برلمانية درسته وخلصت إلى أنها “لم تتعرض لضرب وأن مضاعفات في جسمها سببت وفاتها”.

وتابع رئيسي أنّ أميني “خضعت لعمليتين جراحيتين في السابق وكل الوثائق تؤكد ذلك”، مشيراً إلى أنّ “الطب الشرعي أيضاً أكد ذلك”، مع قوله إنّ السلطة القضائية هي المخولة في الإعلان عن الرأي النهائي.

وفي سياق السجال الإيراني الغربي المستمر، انتقد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، الأربعاء، في مباحثات هاتفية مع نظيره الإيطالي لويجي دي مايو، مواقف الاتحاد الأوروبي من الاحتجاجات، واصفاً إياها بأنها “متسرعة وغير محسوبة”، معلّقاً على التهديدات الأوروبية بفرض عقوبات على طهران بالقول إنّ “على الاتحاد الأوروبي أن ينتظر إجراء مؤثراً ومماثلاً من إيران إذا ما أراد اتخاذ إجراءات متسرعة وغير محسوبة”.

وأضاف أمير عبد اللهيان أنّ بلاده متعهدة بالبت “العادل والجاد” في حادثة وفاة الشابة مهسا أميني على أساس قوانينها.

وفي مباحثات هاتفية مساء اليوم الأربعاء مع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، كرّر وزير الخارجية الإيراني، ما قاله لوزير الخارجية الإيطالي بشأن حادثة وفاة مهسا أميني والمواقف الأوروبية، محذراً بوريل من أنه إذا ما أقدم الاتحاد الأوروبي على “خطوة سياسية متسرعة” بناءً على اتهاماته حول الاحتجاجات، سترد عليه إيران بالمثل.

من جهته، قال بوريل إن الاتحاد لا يسعى لتوتير علاقاته مع إيران.

وكان بوريل، قد أعلن، أمس الثلاثاء، أنّ الاتحاد ينظر في فرض عقوبات على إيران، على خلفية مقتل الشابة مهسا أميني، وقمع التظاهرات في أنحاء البلاد.

وقال بوريل للبرلمان الأوروبي: “سنواصل النظر في جميع الخيارات المتاحة، بما في ذلك إجراءات تقييدية، رداً على مقتل مهسا أميني، والطريقة التي تعاملت بها قوات الأمن الإيرانية مع التظاهرات”، موضحاً أنه يعني بعبارة “إجراءات تقييدية” فرض عقوبات.

من جهته، وفي ظل استمرار المواقف الأميركية والأوروبية المنددة بسلوك السلطات الإيرانية في التعامل مع المحتجين واتهامها بقمع الاحتجاجات، أدلى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، اليوم الأربعاء، بتصريحات جديدة رافضة لما وصفه بأنه “تدخل ودعم سافر لبعض الدول الغربية لأعمال الشغب” في إيران، قائلاً إنّ “الأعداء لا يعارضون فقط الجمهورية الإسلامية بل يعادون إيران”.

في الأثناء، انتشرت خلال الساعات الأخيرة، المزيد من مقاطع الفيديو عن تجمع احتجاجي محدود، أمس الثلاثاء، وسط طهران، وتجمعات مماثلة في بعض الجامعات والمدارس الإيرانية، فضلاً عن تداول مقاطع مصورة عن إيرانيات يمشين في الشوارع من دون الحجاب، وأيضاً إضراب لبعض المعلمين والطلاب في يوم المعلم العالمي، في مدينتي سقز وسنندج.

وفيما شهدت مدارس بنات إيرانية، أمس الثلاثاء، تجمعات شهدت خلع بعض المشاركات الحجاب، وفق فيديوهات منتشرة على شبكات التواصل، قال وزير التعليم والتربية الإيراني، يوسف نوري، اليوم، إن “العدو” بعد تجاوز جائحة كورونا وفتح المدارس والدوام الحضوري فيه “يوظف كل طاقاته لاستهداف التعليم والتربية والطلاب” في إيران، حسب وكالة “فارس” للأنباء.

وفيما برز الشباب الأصغر سناً في الاحتجاجات خلال الأسبوعين الأخيرين، قال نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني، علي فدوي، إن معدل أعمار الكثير من المعتقلين في الاحتجاجات هو 15 عاماً، عازياً السبب إلى “إهمال مجالات التربية والمعرفة والدعاية”، وأضاف أنّ ذلك جعل هؤلاء “ضحية العالم الافتراضي ولقمة سائغة للعدو”، على حد تعبيره.

إلى ذلك، لم تعلن السلطات الإيرانية بعد حصيلة المعتقلين والقتلى والمصابين، لكن بعدما أفادت وكالة “فارس” الإيرانية المحافظة، الإثنين، بأن ّعدد القتلى بلغ 79 قتيلاً من بينهم 19 من قوات الأمن والحرس، ذكرت منظمة “حقوق الإنسان في إيران” ومقرها أوسلو، الليلة الماضية، أنّ عدد القتلى بلغ 154 شخصاً كحد أدنى، مشيرة إلى أن من بينهم 9 أطفال دون الثامنة عشرة من العمر.

في غضون ذلك، ما زالت ملابسات وفاة الشابة مهسا أميني محل تجاذب في إيران، واليوم الأربعاء، انتقد المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري، تصريحات المحامي صالح نيكبخت المكلف من قبل عائلة أميني لمتابعة ملفها، قائلاً إنه “يطرح كلاماً غير علمي وقبل إعلان الطب العدلي رأيه، يقول (المحامي) إنه لن يقبل هذا الرأي”.

وأضاف منتظري أنّ المحامي نيكبخت طالب بتشكيل لجنة تقصي الحقائق، متابعاً أنه “من الآن أي شخص يتعرض لحادثة، يمكن أن يطالب بتشكيل هذه اللجنة”، وداعياً المحامين من “الباسيج” (تتألف من متطوعين مدنيين وتنشط في أنشطة أمنية واجتماعية) إلى “نشاط أكثر”، وفق ما أوردت وكالة “إيسنا” الإيرانية.

وكان محامي عائلة أميني قد قال، الأحد، في مقابلة مع صحيفة “اعتماد” الإصلاحية، إنّ فريق المحاماة سيرفض التقرير الذي سيصدره الطب العدلي ما لم تضم لجنته أطباء موثوقين من الفريق، مضيفاً أنّ خلاصة آراء أطباء موثوقين وأشخاص شاورهم، تؤكد أنّ مهسا “تعرضت لضرب من ناحية الرأس”، وذلك بعد اعتقالها في الشارع وقبل نقلها إلى مقر الشرطة.

وكانت “شرطة الأخلاق” في العاصمة الإيرانية طهران، قد أوقفت الشابة مهسا أميني في 13 سبتمبر/أيلول الماضي، وهي آتية من محافظة كردستان إلى طهران للسياحة برفقة أسرتها، لكنها بعد ساعتين من اعتقالها دخلت حالة غيبوبة في مقر الشرطة إلى أن توفيت في 16 منه. أطلقت وفاتها احتجاجات في إيران في اليوم التالي وتحولت إلى قضيّة رأي عام في إيران.

وأعلنت الشرطة الإيرانية أنّ وفاة أميني كانت نتيجة “نوبة قلبية مفاجئة” خلال “جلسة إرشاد”، ناشرة مقطعاً مصوراً يصور لحظة وقوف سيارة الشرطة أمام المقر ونزول الفتاة منها ودخولها المقر إلى أن سقطت أرضاً داخل قاعة بحضور أناس آخرين وتم نقلها بعد ذلك إلى المستشفى، حسب رواية الشرطة، لكن المحتجين وأسرة أميني شككوا في صحة الرواية، متهمين الشرطة بتعنيفها.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة عشر − ثلاثة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى