فرص لتعزيز الاستثمارات بين إيران ودول الخليج

آفاق اقتصادية جديدة أصبحت سانحة، خاصة لدول الخليج، بعد الإعلان عن اتفاق لاستئناف العلاقات بين السعودية وإيران خلال شهرين.

ميدل ايست نيوز: آفاق اقتصادية جديدة أصبحت سانحة، خاصة لدول الخليج، بعد الإعلان عن اتفاق لاستئناف العلاقات بين السعودية وإيران خلال شهرين، وتداول أنباء عن محادثات سرية تجري خلف الكواليس بين طهران والمنامة، وزيارة رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني لأبوظبي، وإعلان طهران بدء إجراءات عودة سفيرها إلى الإمارات.

وترتبط تلك الآفاق بشكل رئيسي بتراجع المخاوف الأمنية في منطقة الخليج، ما يعزز العلاقات الاقتصادية بين إيران من جانب، والإمارات وقطر والسعودية والبحرين وغيرها من جانب آخر، حسبما أفاد خبراء اقتصاد وبيانات رسمية اطلعت عليها “العربي الجديد”.

العلاقات الاقتصادية بين إيران والإمارات ظلت قائمة حتى في فترة انقطاع العلاقات الدبلوماسية بينهما، وفي يناير/ كانون الثاني 2022، قام وزير الصناعة والتجارة الإيراني رضا فاطمي أمين بزيارة رسمية إلى أبوظبي، معلنا تطوير العلاقات بين البلدين، كما أشار إلى أهمية دور دولة الإمارات في تطوير التجارة في المنطقة.

ويؤشر ذلك إلى تنام أكبر في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، خاصة بعد إعلان طهران عن قرب تعيين سفير إيراني جديد لدى الإمارات. الأمر ذاته ينطبق على علاقات إيران وقطر، ففي فبراير/ شباط 2022، وقعت إيران وقطر عدة اتفاقيات تعاون ثنائية خلال زيارة للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى الدوحة، حيث أعرب عن أمله في أن تساعد هذه الزيارة في تعزيز العلاقات مع دول الخليج الأخرى.

وخلال فترة حصار قطر، استخدمت الدوحة مسارات الشحن والأجواء الإيرانية بين عامي 2016 و2017، وزادت صادرات إيران إلى قطر بنسبة 181% آنذاك، حسبما أورد موقع “مؤسسة المجلس الأطلسي” البحثية.

وحسب مراقبين، ستكون هناك فرص قوية أيضا لتعزيز التعاون الاقتصادي بين إيران والسعودية في ظل التقارب السياسي الكبير بين البلدين.

نظام اقتصادي جديد

من هنا بدا أن الاتفاق السعودي الإيراني الأخير برعاية صينية ينعكس أثره إيجابا على العلاقات الإيرانية الخليجية بأكملها، حسبما صرح الخبير الاقتصادي محمد الناير، لـ”العربي الجديد”، وهو مؤشر إيجابي كبير بالنسبة لتلك العلاقات، وأهم دلالاته تتمثل في أن حرب اليمن أوشكت على الانتهاء تماما بحكم التنسيق التام بين دول الخليج وإيران، وبالتأكيد هناك عائد مقدر سيعود على الطرفين، عبر إيقاف استنزاف الموارد، سواء نتيجة خسائر الحرب، أو نتيجة الإنفاق على التسلح.

وتتمتع إيران بخصائص تتشابه مع دول الخليج العربية بالنسبة لإنتاج النفط والغاز الطبيعي، إذ لديها إنتاج مقدر، يصل إلى 3.8 ملايين برميل يوميا من النفط، ولذا لا يتوقع الناير أن يكون هناك تبادل تجاري في هذه الموارد.

ومن المتوقع أن تسفر نتائج المصالحة الخليجية الإيرانية المزمعة عن زيادة إنتاج إيران من النفط والغاز، على التوازي مع تطويرها استعمال الطاقة النووية في توليد الكهرباء، ما يعني توفير كمية كبيرة من النفط والغاز للتصدير، حسبما أورد تسجيل صوتي للخبير في اقتصادات الطاقة أنس الحجي، في نشرة عبر تويتر.

ويتوقع الحجي أن يراوح إنتاج النفط الإيراني مستقبلا بين 4.5 و5 ملايين برميل يوميا، ما يعني توسعا محدودا في الإنتاج، على خلفية توازنات خاصة بسوق الطاقة، تتعلق بالسماحية الروسية من جانب، والأميركية من جانب آخر.

غير أن التوقعات تصب في احتمال تعاون إيران مع دول الخليج في إطار مجموعة الأوبك أو تكتل منظمة الدول المصدرة للنفط وحلفائها (أوبك+)، وهو ما يمكن أن يشكل “قوة اقتصادية ضاربة على مستوى العالم”، حسب تعبير الناير.
وفي حال تحقق ذلك فالعالم سيكون على موعد مع تشكل “نظام اقتصادي جديد”، يختلف عن النظام السابق، الذي ظل سائدا منذ اتفاقية “بريتون وودز” في 1944 حتى اليوم، وهي الاسم الشائع لمؤتمر النقد الدولي الذي انعقد من 1 إلى 22 يوليو/ تموز 1944 في غابات بريتون في نيوهامبشر بالولايات المتحدة الأميركية، وحضره ممثلون لـ44 دولة، وضعت خططا لاستقرار النظام العالمي المالي، وتشجيع إنماء التجارة بعد الحرب العالمية الثانية.

ويرى الناير أن المصالحة الخليجية الإيرانية يمكن أن تعزز تشكل هذا النظام الجديد، خاصة لما تتمتع به إيران من موقع استراتيجي متميز على مضيق هرمز، فضلا عن اشتراكها مع باقي دول الخليج في الثروات الأحفورية.

وإمكانيات إيران في مجال البحث العلمي يمكنها أن تفيد دول الخليج أيضا، خاصة في القطاعين الزراعي والتقني، بحسب الناير.

استثمارات مشتركة

ومن زاوية أخرى، تحتاج دول الخليج إلى استثمارات خارجية سواء لضمان أمنها الغذائي، عبر شراء المزارع وتنميتها، أو لزيادة ثروتها السيادية، عبر الاستثمارات في القطاعات الصناعية والتجارية، ولذا يلفت الناير إلى أن عودة العلاقات مع إيران يمكن أن تمثل فرصة اقتصادية لهذه الدول عبر تنفيذ استثمارات مشتركة في بلدان أخرى، مثل السودان.

بل إن جزءا من هذه الاستثمارات يمكن أن يوجه إلى الداخل الإيراني، باعتبار أن إيران بلد غني بالموارد الطبيعية، إذ لديها احتياطيات كبيرة من المعادن، خاصة الذهب والحديد والنحاس والفضة والزنك والرصاص والنيكل واليورانيوم، ما يعني أن ضخ رؤوس أموال خليجية من الدول الصغيرة، التي تفتقر إلى المساحة الجغرافية، سيمثل فائدة تعم على المنطقة بأكملها، حسبما يرى الناير.

ويعزز من إطار كهذا تسجيل ميزانيات الدول الخليجية الصغيرة فوائض مالية خلال العام الماضي، إضافة إلى مؤشرات استقرار حركة الملاحة الدولية نتيجة المصالحة، وبالتالي نشاط الحركة التجارية البحرية.

ويشير الناير إلى أن دول الخليج، خاصة الإمارات، لديها باع كبير في قطاع تشغيل الموانئ، ويمكنها، بالتشارك مع إيران، تنشيط العمل بالموانئ الحالية وإنشاء موانئ جديدة وترشيد حركة الملاحة البحرية بصورة كبيرة، خاصة بعد ضمان أمن الخليج بصورة كبيرة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 − 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى