من الصحافة الإيرانية: تحديات المحادثات الإيرانية الأميركية.. هل الاتفاق ممكن؟

تحولت المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة إلى واحدة من أكثر المواضيع الدبلوماسية تعقيدًا على الساحة الدولية.

ميدل ايست نيوز: تحولت المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة إلى واحدة من أكثر المواضيع الدبلوماسية تعقيدًا على الساحة الدولية. بينما تمر حالياً نحو أسبوعين من المناقشات التي تشير إلى أن التحدي الرئيسي في هذه المفاوضات يتعلق بشكل البرنامج النووي الإيراني بعد الوصول إلى اتفاق محتمل، لم يتحدث أي من الطرفين بشكل صريح عن وجود عوائق أو تحديات في المفاوضات. هذا الصمت، جنبًا إلى جنب مع الرسائل المتناقضة من قبل حكومة الولايات المتحدة، أثار العديد من الأسئلة حول إمكانية الوصول إلى اتفاق وطبيعته.

التحدي الرئيسي: تخصيب اليورانيوم ومستقبل البرنامج النووي الإيراني

إحدى المسائل الأهم في المفاوضات النووية هي مصير برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني. اعتمدت الولايات المتحدة، خاصة في فترة رئاسة دونالد ترامب الثانية، موقفًا مزدوجًا. فمن جهة، اقترح بعض المسؤولين مثل ستيف ويتكوف أن الولايات المتحدة قد توافق على تقييد تخصيب إيران إلى مستوى 3.67% (المناسب للوقود النووي التجاري) وتطبيق عمليات تفتيش موسعة.

من جهة أخرى، شدد ماركو روبيو ووزير الخارجية ترامب على ضرورة تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل، وهو هدف يراه العديد من المحللين المستقلين والمسؤولين الإيرانيين “غير واقعي”.

وبما أن إيران طورت قدرة تخصيب اليورانيوم على مدار ما يقرب من عقدين، فإنها تصر على الحفاظ على هذه القدرة كجزء من حقوقها بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT). من وجهة نظر طهران، يعد التخصيب رمزًا للاكتفاء العلمي والصناعي، بالإضافة إلى كونه جزءًا من دورة الوقود النووي المدني.

ومع ذلك، تبقى المخاوف الغربية، خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل، من أن هذه التكنولوجيا قد تستخدم سراً لإنتاج المواد اللازمة للأسلحة النووية.

في هذا السياق، تعد القيود الواقعية والشفافية في الأنشطة النووية الإيرانية من العناصر التي يمكن أن تعزز الثقة المتبادلة.

الرسائل المتناقضة وتأثيرها على المفاوضات

من بين العوائق الرئيسية في مسار المفاوضات هي الرسائل المتناقضة من الحكومة الأمريكية. ففي حين يتحدث بعض المسؤولين عن إمكانية التوصل إلى تسوية، فإن التصريحات الحادة من ماركو روبيو وترامب بشأن تفكيك البرنامج النووي الإيراني جعلت أجواء المفاوضات أكثر تعقيدًا.

يرى المفاوضون الإيرانيون أن هذه المقاربة غير بناءة، ويعتقدون أن إيران لن توافق أبدًا على حذف كامل لقدرتها على تخصيب اليورانيوم. ووصفوا هذه الرسائل المتناقضة بأنها غير مفيدة. لا تضعف هذه التناقضات الثقة بين الطرفين فقط، بل قد تؤدي إلى سوء فهم دبلوماسي.

السيناريوهات المحتملة والعواقب

إذا استمر الجمود في المفاوضات، يمكن تصور عدة سيناريوهات:

  1. إعادة فرض العقوبات الدولية: إذا لجأت الولايات المتحدة إلى قرار مجلس الأمن 2231، قد تعود العقوبات الدولية، وقد يدفع ذلك إيران إلى الخروج من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية أو تقليص وصول الوكالة إلى المواقع النووية.
  2. تصاعد التوترات العسكرية: قد تؤدي المخاوف من تقدم البرنامج النووي الإيراني إلى اتخاذ إجراءات عسكرية من قبل إسرائيل أو حتى الولايات المتحدة. يحذر المحللون المستقلون من أن مثل هذه الهجمات لن تدمر البنية التحتية النووية الإيرانية بشكل كامل فحسب، بل قد تقوي عزم إيران على التوجه نحو الأسلحة النووية.
  3. اتفاق محدود وواقعي: في السيناريو المتفائل، قد يتمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق يقتصر فيه تخصيب إيران على مستوى منخفض (مثل 3.67%)، مع فرض تفتيشات أكثر صرامة، وخلق شفافية أكبر في الأنشطة النووية الإيرانية.

دور العوامل الخارجية

تشكل إسرائيل والكونغرس الأمريكي  أحد التحديات الرئيسية في المفاوضات، حيث يعارض بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، أي تفاوض مع إيران ويتبع نهجًا هجوميًا. في حين يحذر المفاوضون الإيرانيون والعديد من المحللين المستقلين من أن المصالح السياسية لنتنياهو قد تعرض المفاوضات للخطر.

أما في الداخل الأميركي، فمن المحتمل أن يدعم الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون أي اتفاق يتم التوصل إليه بوساطة ترامب. وقد يمارس بعض النواب ذوي المواقف المتشددة ضغطًا من أجل تشديد الشروط، مما قد يعقد المفاوضات.

الختام

وصلت المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة إلى مرحلة حساسة. فرغم إمكانية التوصل إلى اتفاق واقعي، فإن الرسائل المتناقضة من الحكومة الأمريكية والإصرار على مطالب غير عملية مثل تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل يزيدان من خطر حدوث جمود. أظهرت تجربة الاتفاق النووي السابق أن الدبلوماسية يمكن أن تكون فعالة، لكنها تتطلب مرونة وثقة متبادلة. يعتمد نجاح المفاوضات على قدرة الأطراف على تجنب الفخاخ السياسية والتركيز على الحلول العملية. وإلا، فإن خطر تصاعد التوترات وحتى نشوب صراع عسكري في المنطقة سيكون أكبر.

آرش رضائي
صحفي إيراني

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
ميدل ايست نيوز
المصدر
دبلوماسي إيراني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة عشر − ثمانية =

زر الذهاب إلى الأعلى